قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 5057 - 2016 / 1 / 27 - 15:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين نظامين ..
إعترافٌ مسبقٌ : أعترفُ بأنني أتناولُ اللحوم ، ومع ذلك لا أُطيق رؤية عملية الذبح . وذات عيد أضحى ، صحبة صغيرتي التي تُرافقني في "معايدة" أخواتي يوم العيد ، وصلنا الى بيت أختي الكُبرى ، ويا "للصدمة" ، فقد كان زوجها في أوج عملية ذبح خروف العيد ، فلم نتمكن من الدخول رغم الإلحاح ، سلمتُ عليها وانقلبنا على اعقابنا راجعين ..فقد كان المشهد صعبا ،قاسيا ومؤلماً... ومع ذلك ، فأنا من "الحيوانات" اللاحمة...!! وكذا صغيرتي ...
وأتذكر بإجلالٍ وتقدير ، الكاتب اليهودي ، الحائز على نوبل ، والناجي من الهولوكوست ، يتسحاق بيشبيس - زينغر ، الذي وصف ما يجري للحيوانات على ايدي البشر بأنه هولوكوست .... رغم ما في المقارنة بين الهولوكست اليهودي ، وهولوكوست الحيوانات ، من استفزاز .. وبشبيس- زينغر كان منسجماً مع ذاته ومع أفكاره ، لذا كان نباتيا ..
تذكرتُ ذلك العيد ، وذاك الأديب ، عندما قرأتُ نبأ الحكم على الاستاذة فاطمة ناعوت ،بالسجن ثلاث سنوات ، بتهمة إزدراء الأديان ... والغريب في الأمر هو إعتبار الدفاع عن الحيوانات إزدراءً ..
بيشبيس – زينغر ، حصل على نوبل في الأداب ، وفاطمة تحصل على "سجن " ، لنفس السبب تقريباً ..!!
الفرق يكمن في اختلاف الأنظمة السياسية والمنظومة الفكرية التي تعتمدها مرجعية .. المشكلة ليست في المحامي الذي تقدم "ببلاغ" ضد الاستاذة فاطمة ، بل في النظام السياسي والقضائي ، الذي يزود كل فرد "بمسدس" يُطلق منه النار على رأس من يشاء ..
النظام القضائي العصري ، يضمن حق كل مواطن بالتقدم بشكوى ضد من ألحَقَ الضرر به شخصيا ، ولا يسمح لكائن من كان أن يكون "حارساً" للنظام العام أو للأخلاق العامة أو سمِّهِ ما شئت ..!!
النظام القضائي في الدول التي تحترم نفسها ، لا يُحاسَبُ الأفراد فيه على مواقفهم الأخلاقية ...!! بل وحتى لو كان الأمر كذلك ، فالمدعي العام أو مكتب المدعي العام هو المُخول الوحيد بتوجيه الإتهام ضد الأفراد ، وليس نتيجة نزوة من أحد ، أو تصفية حسابات مع آخر ..
الاستاذة فاطمة ، والاستاذ اسلام البحيري ، فرج فودة ، نصر حامد أبو زيد ، وغيرهم كثر، هم ضحايا النظام السياسي والقضائي ، قبل أن يكونوا ضحايا للمؤسسة الدينية ..!!
وأخيرا ، أتمنى ان تقوم محكمة النقض بإلغاء الحكم ، وأُعلنُ تضامني مع الاستاذة فاطمة والتي قالت بأن ما كتبتهُ كان على سبيل المزاح البريء، (هكذا فهمتُ على الأقل )، فحتى لو كانت جادة ، فمن حقها أن تدعو لعدم تناول اللحوم ...
لا يكفي تغيير رأس النظام ، بل تغيير النظام برمته ..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟