يناير ...!!

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

الحوار المتمدن-العدد: 5055 - 2016 / 1 / 25 - 19:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يناير ...!!
من الصعب التصديق، بأنه قبل 5 سنوات ، كانت الأجواء غير الأجواء الحالية في عالمنا العربي .. أجواء مشبعةٌ بفيض من المشاعر الملتهبة والأدرينالين ، بالأمل والحلم الوردي الجميل ، أجواءٌ كان "محركها" الشباب برومانسيته الثورية أو ثوريته الرومانسية ..
كان الحلم في قبضة اليد ، وكانت العدالة تسير في الساحات ، و"سبارتاكوس" ينهض من جديد محطماً أغلاله .. ها هو المستقبل بكل ما يحمله من وعد بحياة جديدة ،ليست كسابقتها، سيعم الخير ، الرخاء، التحضر والعمل الجاد ،بدل الفساد ،الفقر ، التخلف والخمول ،البلادة والخنوع، التجهيل والإستحمار ..
نعم ،عني شخصيا ،وصلت النهار بالليل وأنا أتنقل من محطة تلفزيونية الى أُخرى ،بحثاً عن المستجدات ، بنشاطٍ لا يعرف الكلل ولا الملل ، سعيداً كنتُ بالشباب الذي لم يخيب الظنون ، الذي خرج عاري الصدر متحديا الات القمع العسكرية ..
وما أن سقطت الاوثان ، حتى حلّ محلها أوثان جديدة ، بلبوس جديد .. وأعادت إحكام قبضتها على "روح" التمرد الرومانسي ..
ومع أن الأماني لم تتحقق ، فقد كشف يناير (الرمز) القناع عن العورات التي كانت مغطاة بورقة التوت ..
رفعت الطائفية الدينية رأسها ، فهذا مسيحي وذاك مسلم، واشتدت الخلافات والصراعات بين السنة والشيعة، بين السلفية والصوفية ، وخرجت طوائف تُنزه نفسها ، وتدعو لاستحلال دم المخالف والمغاير ، وبلغت بالوحشية طورا جديدا، لم يخطر على بال أحد من قبل ..
ودبت الحياة في العظام الرميم للقبلية ، فكل قبيلة تريد اقامة دولتها المستقلة على جزء من هذا الوطن .. !!
واستعرت الخلافات بين مكونات البلد الواحد ، وتشكلت الجيوش الطائفية والمذهبية ، فجيش للإسلام ، وجيش لمحمد ، مليشيا سنية وأخرى شيعية ، عصابات تستبيح الحرمات دون وازع من ضمير ..
ذهب الزعماء السابقون الى حيث ألقت .. ومن نجح بالبقاء على كرسيه ، دفعت البلاد ودفع العباد ثمناً باهظا ، والشعب ينوء تحت وطء التشريد ..
النائمون في خيمة ، تجتاحهم السيول ، ويلسعهم البرد . وأصحاب المليارات ازدادوا ثراءً ، ولا يُلقون لهؤلاء المنكوبين ولو بالفتات ..
أه ، يا يناير كم حملت من أحلام وردية ، تحولت الى كوابيس ..!!

#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل