أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - النخبة السياسية والمأساة العراقية! 1 - 2














المزيد.....

النخبة السياسية والمأساة العراقية! 1 - 2


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1375 - 2005 / 11 / 11 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما نتأمل ظروف وحالة العراق بعد سقوط الصدامية، فان كل ما فيه يبدو مأساة بمعايير السياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق. والأتعس من ذلك بمعايير الدولة. حقيقة أن كل ما يجري هو الوجه الآخر لزمن الخراب السابق، إلا انه لا ينبغي تحميل الماضي جريرة كل ما يجري الآن، انطلاقا من أن لكل مرحلة مصاعبها ومصائبها، ومن ثم لكل مرحلة رجالها. وبالتالي، لكل مرحلة مهماتها كما ان لكل رجال مسئولياتهم. في حين نقف الآن أمام حالة معبرة عن قدر مزري للنخب السياسية في العراق وعجز تاريخي يلازمها عن تفعيل السياسة بالشكل الذي يجعلها قوة اقتصادية وثقافية قادرة على تذليل حالة البؤس الشامل فيه.
بل يمكننا القول، بان ظروف العراق الحالية بعد سقوط الصدامية تكشف عن إمكانية السير في نفس طريق الابتذال الذي ميز زمنه في مجرى النصف الثاني من القرن العشرين. وهو زمن يكشف عن استمرار حالة الابتذال لفكرة المقدس (الوطنية والحق والعدالة والنزاهة الاجتماعية وأولية المصالح العامة وما شابه ذلك). بل إننا نرى استفحال متوسع لهذا الانتهاك على خلفية الشعارات والإعلانات والدعاوى التي رافقت تاريخ الأحزاب السياسية التي صعدت إلى سدة الحكم بقوة الغزو الأجنبي والاحتلال. وهي نتيجة تمثل الوجه الآخر لحالة الانحطاط الشامل في العراق، التي جعلت من الاحتلال أسلوبا لبلوغ وتحقيق الديمقراطية!
بعبارة أخرى، إننا نقف أمام حالة من الانحطاط جعلت وما تزال تجعل من المغامرة أسلوب التفكير والممارسة السياسية. ذلك يعني أن النتيجة سوف تكون محكومة هنا بأسبابها أيضا. بمعنى أن النتيجة سوف لن تكون شيئا غير الاستمرار في زمن الخراب والانحطاط. فمن الناحية المجردة، يمكننا القول، بان إدراك حقيقة التاريخ الكلي للعراق الحديث والنتائج التي أدت إليها التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية، كان ينبغي لها أن تصنع في وعي النخب السياسية القدر الضروري، أو الحد الأدنى من تأمل ما يمكن أن تؤدي إليه مغامرة الخروج عن فكرة الدولة الشرعية والوطنية والنظام الديمقراطي والثقافة الحرة. إلا أننا نقف أمام جهل أو تجاهل لتاريخه الحديث. فالتجربة الصدامية قد صدمت كل ما في العراق بشكل جعلته عرضة للتهشم والاندثار السريع كما لو انه كيانا هشا. مع أن العراق اعرق حتى من كل ما فيه! وهي مفارقة تعكس مستوى الخراب والانحطاط الملازم لتقاليد الراديكالية الضيقة كما مثلتها الصدامية بصورة نموذجية! وهي نموذجية قادرة في الواقع على تعليم كل عاقل، بان الخروج عن "الصراط المستقيم" في بناء الدولة لا مخرج له إلا الانزلاق في هاوية الانحطاط والخراب. وهو حكم يرتقي إلى ما يمكن دعوته بالبديهية السياسية.
غير أن أحداث العراق الحالية ما بعد سقوط الصدامية تبرهن على أن البديهية السياسية ليست مفهومة أو معقولة أو سهله بالطريقة التي تبدو في ميدان الرؤية المنطقية والرياضية. والسر غاية في الجلاء! وهو أن تاريخ الانحطاط لا يشبه زمن السلطة! فزمن السلطة عرضة للتغير والتبدل والاندثار السريع، بينما "مآثر" الانحطاط أكثر رسوخا وتغلغلا في بنية الوعي والعلاقات الاجتماعية والسياسية. وهي الحالة التي تشكل مفارقة المأساة العراقية الحالية. إذ أننا نقف أمام نخب سياسية هي الوريث غير الشرعي أيضا لزمن الانحطاط! وفي هذا تكمن مفارقة وجودها التاريخي على هرم السلطة.
فمن الناحية العقلية كان ينبغي لهذه القوى السياسية، أو النخب السياسية أن تسلك في ممارستها العملية سلوكا محكوما بمعتقداتها الخاصة وشعاراتها العامة، وكذلك بإدراكها للنتائج التي يمكن أن يؤدي إليها الخروج على منطق الحق والعدالة واحترام حقوق الإنسان، وأخيرا برؤيتها الإستراتيجية للبدائل القادرة على انتشال العراق من أزمته البنيوية الشاملة. لكننا لا نرى في الواقع سوى المكون الأول، أي سلوكها بما يستجيب لمعتقداتها الخاصة. وهي معتقدات حزبية، أي جزئية. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الحزبية في العراق هي فكرة نفسية وغريزية أكثر مما هي فكرة عقلية ومنطقية، أي أنها محكومة بالوجدان وليس بالعقل، وبالمصلحة الضيقة وليس العامة، من هنا تتضح معالمها المدمرة. بمعنى أن الحزبية في العراق الحالي ليس بإمكانها الارتقاء إلى مصاف الرؤية العقلانية العامة ( الاجتماعية والوطنية). وهي نتيجة كانت محكومة من الناحية التاريخية بافتقاد فكرة السياسة لمضمونها الاجتماعي والاقتصادي، من هنا استحكام الرؤية الإيديولوجية في مواقف الأحزاب وأحكامها. مما أعطى لها في ظروف الانعدام التام والشامل للديمقراطية السياسية والمجتمع المدني، أي في ظل استحكام التوتاليتارية والدكتاتورية، طابعا ضيقا جعل منها وعاء لنفسية النخبة المغلقة.
وبما أن النخبة في العراق هي كيان هلامي بسبب افتقادها إلى تاريخ ذاتي متراكم في منظومة من القيم والمفاهيم الراسخة والمتنوعة، من هنا سرعة تجاهلها لما يمكن أن يؤدي إليه سلوك الخروج عن منطق الحق والعدالة واحترام حقوق الإنسان، أي عن منطق الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي والثقافة الحرة. وهو تجاهل يكشف في الوقت نفسه عن استعدادها الذاتي للتخلي عن فكرة البدائل العقلانية. بمعنى تحويل كل "البرامج والمشاريع الإستراتيجية" إلى حفنة من العبارات التي يمكن التخلي عنها، أي المتاجرة بها مع كل عابر سبيل! في حين أن النخبة السياسية الحقيقية هي التي تعمل بمنطق البدائل وليس بقواعد التأقلم الكلبي. وبدون ذلك تصبح قوى بلا قوة، أي مظهرا مضخما وأبهة فارغة. ومن ثم لا حول لها ولا قوة في تمثل حتى مصالحها الخاصة، دع عنك مصالح العراق الجوهرية والدفاع عنها.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب أهلية = دولة كردية. وهم أو خرافة؟
- الاستفتاء وآفاق الانتقال من نفسية القطيع إلى ذهنية الاختيار ...
- العقدة العراقية – تاريخ البدائل
- العقدة العراقية – خرافة الانحطاط وأسطورة العظمة
- الشخصية العلوية – وحدة المتناقضات المغرية
- العراق وهوية المستقبل
- الاستفتاء والمحاكمة – الابتذال الديمقراطي لفكرة الحق
- العد العكسي لزواج المتعة بين القيادات الإسلامية الشيعية والق ...
- المأساة والأمل في العراق
- هادي العلوي: المثقف القطباني 11 من 11
- هادي العلوي: وحدة اللقاحية والمشاعية الشرقية 10 من 11
- هادي العلوي: المثقفية والابعاد الروحية والحضارية 9 من 11
- هادي العلوي - المثقفية والابعاد الاجتماعية والسياسية -8 من 1 ...
- هادي العلوي: المثقفية او القيمة الابدية للمثقف 7 من 11
- هادي العلوي - الثقافة الحقيقية هي الثقافة المعارضة 6 من 11
- هادي العلوي - الثقافة والسلطة كالعقل والطبع 5 من 11
- هادي العلوي - التاريخ المقدس هو تاريخ الحق 4 من 11
- هادي العلوي: الابداع الحر - معارضة أبدية -3 من 11
- هادي العلوي- من الأيديولوجيا إلى الروح 2 من 11
- هادي العلوي المثقف المتمرد 1 من 11


المزيد.....




- بالصور.. سيارة تصطدم بمبنى مطار مانيلا في الفلبين وتقتل طفلة ...
- فيديو لكلب يلاحق موظفة توصيل في شارع بكاليفورنيا ينتهي بمأسا ...
- الجيش السوداني: طائرات مسيّرة انتحارية تستهدف منشآت في بورتس ...
- المعركة ضد الحوثيين .. لماذا هي الأكثر تكلفة لأمريكا حاليا؟ ...
- هل سيتمكن الذكاء الاصطناعي من علاج جميع الأمراض؟
- مصرع شخصين في حادث مروع بمطار مانيلا (صور+فيديو)
- الجيش السوداني: قوات الدعم السريع تنفذ أول هجوم بالمسيرات عل ...
- الجيش الإسرائيلي: رصد صاروخ أطلق من اليمن وصفارات الإنذار تد ...
- الاحتلال يقر بمقتل وإصابة جنود في رفح ويسعى لتوسيع عملياته ف ...
- هجوم روسي على كييف وأوكرانيا تعلن إسقاط مقاتلة بزورق مسيّر


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - النخبة السياسية والمأساة العراقية! 1 - 2