أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - المأساة والأمل في العراق














المزيد.....

المأساة والأمل في العراق


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1336 - 2005 / 10 / 3 - 12:07
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


إن مجرد النظر إلى ما يجري في العراق من أحداث وتحولات عاصفة وصراع دموي كاف بحد ذاته من اجل إثارة استغراب العقل والضمير. وهو استغراب يحتوي دون شك على قدر معقول من الواقعية انطلاقا من أن ما جرى فيه وسوف يجري هو تحطيم وكسر عنيف لأنماط متخلفة من العلاقات السياسية والاجتماعية والفكرية. لكننا نقف في الوقت نفسه أمام استغراب محير للعقل والضمير دون أن يشحنهما بقوة الدهشة الملازمة للمعرفة الحقيقة. وذلك لان مجرى الأحداث وتحولات القوى المناهضة للصدامية لم ترتق بعد في مجملها إلى مستوى الرؤية الوطنية والمصالحة الاجتماعية القادرة على وضع أسس البديل الديمقراطي الفعلي في العراق. وهي مفارقة تعكس مستوى الخلل الفعلي في القوى السياسية الفاعلة حاليا فيه. من هنا نقف أمام تحطم نموذج متخلف للتوتاليتارية والدكتاتورية دون أن تتضح معالم البديل المعلن عن الديمقراطية والنظام الشرعي. بمعنى أن ما يجري في العراق لم يتعد كسر التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية دون أن يذلل أو ينفي مقدمات ومكونات التوتاليتارية والدكتاتورية. وهي حالة تشير إلى أن العراق مازال يقف أمام ثنائية المأساة والأمل.
فعندما نتأمل ما يجري اليوم في العراق من أحداث بمعايير التاريخ والمعاصرة، فإنها تبدو الصيغة الأكثر إثارة لإشكالية المأساة والأمل. إذ ليس هناك إشكالية اعقد بالنسبة للعراق من كيفية تذليل مقدمات المأساة التاريخية التي يعاني منها في مجرى تاريخه الحديث، وبالأخص في مجرى عقوده الأربع الماضية. وهي عقود مقبولة بمقاييس الزمن ولا معنى لها بمعايير التاريخ. لأنها لم تصنع أية رؤية متراكمة ايجابية في عقل الأمة وضميرها. من هنا شعور الأغلبية المطلقة بأنه زمن ضائع وبائد. وفي أفضل الأحوال أن يجري تصويره على انه زمن خراب الدولة وانحطاطها والمجتمع وتفتيته والثقافة وسقوطها.
وعندما نضع ما يجري اليوم في العراق من أحداث بميزان التأمل الحالم والرؤية الواقعية، فإننا نجد أنفسنا مضطرين لمواجهة الماضي والمستقبل بقدر واحد. إذا ليس هناك من إشكالية اعقد بالنسبة للعراق اليوم من كيفية التحرر من ثقل الماضي والسير قدما نحو معاصرة المستقبل فيه.
ذلك يعني أننا نقف أمام حالة بوجهين تحتوي على قدر متكافئ من المأساة والأمل. المأساة من أن ما جرى هو انتهاك لمقومات الحق والعدالة ومنطق العقل والحس السليم، وما يجري الآن لا يستجيب لما كانت عليه الأحلام والرغبات المخلصة في قدرة العراق على التذليل السريع لهذا الكم الهائل من خراب التوتاليتارية والدكتاتورية المعشعش في كل خلايا الوجود. واليقين في أن كل ما يتعارض مع منطق الحرية والإخلاص سوف ينتهي ويزول شأن كل ما لا قيمة له في الوجود. ومن ثم الأمل بإمكانية استعادة الصبيان والصبايا، والفتيان والفتيات، والشبان والشابات، والرجال والنساء أحلام الماضي والمستقبل.
فقد سلبت التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية الماضي والحاضر من حياة الفرد والمجتمع، وحولت الحياة إلي كم من متطلبات العيش، ومن ثم أفقدت الجميع حق الحلم بمستقبل أفضل. لقد كانت العبودية غايتها الكبرى دون أن تدرك بان العبودية لا تصنع غير عبيدا خانعين وساسة مغامرين. والنتيجة الوحيدة المترتبة عليها هو توسيع وتعميق الفراغ والخواء الشامل. من هنا همجيتها المريعة في "مآثرها"، أي في قدرتها على إنتاج خراب العقول وصحراء الروح وتشوه الجسد. وهي الحالة التي يقف أمامها العراق في محاولاته الانتقال من التوتاليتارية إلى الديمقراطية. وهي مهمة غاية في التعقيد، إلا أنها الأمل الوحيد للحرية الفعلية.
فقد اندثرت التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية دون أن تندثر التوتاليتارية والدكتاتورية بعد. والخروج من ربقتهما "المتجددة" هو محور الأمل. وبدونه لا يمكن تحقيق التحرر الفعلي والبناء العقلاني والنمو المتجانس والمستديم. وهي مهمة لا يمكن للقوى المتحكمة في زمام السلطة الحالية انجازها. فقد كشفت وبرهنت أحداث سنتين بعد سقوط الصدامية على أنها ليس فقط لم تفلح في تذليل التوتاليتارية والدكتاتورية، بل وأدت إلى إعادة إنتاجهما بطرق ومستويات مختلفة. وهي نتيجة وجدت انعكاسها في نمو وتغلغل النزعة العرقية والطائفية إلى نفسية وذهنية القوى السياسية. وهي حالة تكشف عن انحطاط هذه القوى من جهة، وعن انسداد افقها الاجتماعي والوطني. وهي حالة لا تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى الإفلاس التاريخي لهذه القوى. وهو الأمل القابع في أعماق العراق والعراقيين. بل انه مصيرهما الذي لابد منه. فإذا كانت الصدامية هي مصدر المأساة الحديثة للعراق، فان العرقية والطائفية هي وجهها الجديد. وهي مفارقة تتمثل ما قالته العرب من أن شر البلية ما يضحك! وهي حقيقة يمكن تأويلها في ظروف العراق الحالية والمستقبلية على أن ما يجري فيه الآن هو الفصل الأخير من لعبة الملهاة السياسية الخارجة عن منطق العراق والوطنية. إنها استمرار المأساة، لكنها تحتوي في الوقت نفسه على قدر هائل من التفاؤل بان ضحكة العراق الأخيرة سوف لن تكون قهقهة عابرة أو ابتسامة خائبة، بل توديعا ساخرا لكل تلك القوى العاجزة عن أداء ما ادعت وتفاخرت به من قدرة على تمثيله على مسرح تاريخه المستقبلي. أما ما قامت به فلم بتعد في الواقع غير استبدال المستقبل بالمقبل. وإذا كان كل آت قريب لأنه جزء من الزمن، فان المستقبل هو الآن الدائم لأنه جزء من معترك البدائل العقلانية.
إن العراق ما زال يعاني من معترك الزمن والتاريخ، ومازال الصراع قويا وحادا بين من يقبل على السلطة ومن يسعى لتمثل حقيقة الدولة ومستقبل الأمة. فالأول لا يؤدي إلا إلى المأساة والهزيمة، أما الثاني فهو مصدر الإبداع والسعادة. وهي الخاتمة التي لابد وان يتذوقها العراق بوصفها حقيقته التاريخية والثقافية التي لا يمكن تجزئتها من قبل قوى جزئية وعابرة. وفي هذا يكمن مصدر الأمل الخالد فيه.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هادي العلوي: المثقف القطباني 11 من 11
- هادي العلوي: وحدة اللقاحية والمشاعية الشرقية 10 من 11
- هادي العلوي: المثقفية والابعاد الروحية والحضارية 9 من 11
- هادي العلوي - المثقفية والابعاد الاجتماعية والسياسية -8 من 1 ...
- هادي العلوي: المثقفية او القيمة الابدية للمثقف 7 من 11
- هادي العلوي - الثقافة الحقيقية هي الثقافة المعارضة 6 من 11
- هادي العلوي - الثقافة والسلطة كالعقل والطبع 5 من 11
- هادي العلوي - التاريخ المقدس هو تاريخ الحق 4 من 11
- هادي العلوي: الابداع الحر - معارضة أبدية -3 من 11
- هادي العلوي- من الأيديولوجيا إلى الروح 2 من 11
- هادي العلوي المثقف المتمرد 1 من 11
- الديني والدنيوي في مسودة الدستور - تدين مفتعل وعلمانية كاذبة
- الدستور الثابت والنخبة المؤقتة
- أورليان الجديدة وأور القديمة – جذر في الأصوات وقطيعة في الأن ...
- الحداد الرسمي لفاجعة الكاظمية = مأتم ابدي + ثلاثة أيام
- جسر الأئمة أم طريق المذبحة المقبلة للانحطاط السياسي العراقي
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية-6 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 5 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 4 من 6
- العراق وإشكاليات الفكرة القومية العربية 3 من 6


المزيد.....




- بالفيديو.. لحظة انبثاق النار المقدسة في كنيسة القيامة
- شاهد: إنقاذ 87 مهاجراً من الغرق قبالة سواحل ليبيا ونقلهم إلى ...
- الفطور أم العشاء؟ .. التوقيت الأمثل لتناول الكالسيوم لدرء خط ...
- صحيفة ألمانية: الحريق في مصنع -ديهل- لأنظمة الدفاع الجوي في ...
- مسؤول إسرائيلي: لن ننهي حرب غزة كجزء من صفقة الرهائن
- قناة ألمانية: الجيش الأوكراني يعاني من نقص حاد في قطع غيار ا ...
- تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل ...
- الطعام ليس المتهم الوحيد.. التوتر يسبب تراكم الدهون في البطن ...
- قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين
- -اللعب الخشن-.. نشاط صحي يضمن تطوير مهارات طفلك


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - المأساة والأمل في العراق