وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 5052 - 2016 / 1 / 22 - 11:04
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
يشير الباحث العراقي د .خزعل الماجدي في كتابه :
( كشف الحلقة المفقودة بين اديان التعدد والتوحيد ) – ط 1 – 2014 – الناشر : المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – المغرب , بيروت – لبنان , الى تضارب الاراء في وجود او عدم وجود غنوصية وثنية (عتيقة ) .
هنالك شبه اجماع اليوم يقول بان الغنوصية نشات مع بداية المسيحية, بل انها صارت اصل المسيحية . لكن الدكتور الماجدي يؤكد ان الغنوصية كفكرة كانت موجودة في الا ديان الشرقية القديمة مثل ديانات وادي الرافدين , اي ان الباحث الماجدي يبحث عن الغنوصية قبل الغنوصية , اي يبحث في الجذور التي شكلت الغنوصية لاحقا .
يرى الدين السومري في الاله دموزي الذي ينزل الى باطن الارض في الخريف والشتاء ( العالم السفلي ) ويصعد الى الارض في الربيع والصيف , انه يشكل دورة صعود ونزول الروح – النفس . هذه الدورة السماوية – الارضية للاله دموزي هي دورة الروح والتي انطلقت منها فكرة البدء والمعاد الهرمسية لاحقا والتي شكلت اساس الفكر الغنوصي .
وفي ايران نجد خيوطا اخرى للغنوصية تتمثل في اله الخير والنور ( اهورا مزدا ),اي الاله الاعلى , واله الظلام والشر (اهريمان )وهو الاله الاسفل , ويعادل الشيطان في الديانات الابراهيمية ,ويدور بينهما صراع حتى ينتصر اله النور . وهذه الثنائية ستؤسس للنظام الغنوصي لاحقا .
وفي الشرق الاقصى شكلت فكرة بوذا مصدرا من مصادر الغنوصية . وستلهم سيرة بوذا كتاب سيرة السيد المسيح المنتظر في غنوصية واضحة .
كل هذه المصادر كانت خيوطا متناثرة للغنوصية القديمة – الوثنية .لكن الصياغة الاولى لهذه الغنوصية الوثنية – الشرقية جاءت من اليونان على يد افلاطون , بحسب الباحث د . غزعل الماجدي ,الذي كان مطلعا على التراث الديني الشرقي والذي الهمه فلسفته .
واذا كان افلاطون واتباعه قد اعطوا البذور الاولى للغنوصية , فلا شك ان الهرمسية بصيغتها المصرية – الاغريقية هي التي اعطت الغنوصية هيكلها الروحي المعروف ( البراديغم - Paradigme ) لكن النصوص الهرمسية التي بين ايدينا يعود اقدمها الى القرن الميلادي الثاني وهي فترة بدات فيها الغنوصية المسيحية بالظهور , لذا كان لابد من البحث في جذور اقدم من ذلك .
ان نصوص التنجيم والخيمياء المصرية والرافدينية هي الاقرب الى ان تكون المادة الاولية للهرمسية الشرقية والتي اعاد الاغريق صياغتها ليعطوا الهرمسية هيكلا واضحا وخصوصا فيثاغورس . والهرمسية سابقة لافلوطين .
ان الغنوصية الهلنستية المبكرة قد ظهرت قبيل المسيحية سواء من خلال اليهودية او من غيرها . وقد تكونت مجموعة من الرؤى الغنوصية لموضوعات توراتية منها مايخص التكوين وعصر الاباء الاوائل والطوفان .
يكتب الباحث خزعل الماجدي مايلي :
( وكان ظهور يوحنا المعمدان في القرن الميلادي الاول كمعلم من معلمي الحق او كنبي معمداني خارج على الطرق اليهودية , اوكعضو في فرقة اسينية , او كزعيم للمندائيين اثره الكبير على نمو الفكر الغنوصي .
وكان هنالك اشخاص اخرين كان لهم تاثيرهم مثل باركوبا , اي ابن كوبا , وباركباس اللذين ذكرا من قبل باسليدس وابيفانوس وهنالك ايضا الكتار يو كراتيون وهم نحلة فيثاغورية وافلاطونية .
الاختلاف في غنوصية السامري سيمون والذي يلقبه سفر اعمال الرسل ب( الساحر )بين غنوصية مسيحية كما كتب عنها الباحث العراقي د .خزعل الماجدي وبين غنوصية سيمون الوثنية كما كتب عنها الباحث السوري القدير فراس السواح في كتابه ( الوجه الاخر للمسيح ).
مقالتنا ( الجدل حول غنوصية سمعان ماجوس السامري ) والمنشورة على ىالرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=498706
هنالك الكثير من الاراء عن المسيح المنتظر وكتابات فيلون الاسكندري ونصوص زرادشت , ومدونة هرمس مثلث العظمة – الهرمسية , فضلا عن النزعة الروحية لديانات الاسرار التي بدات منذ اورفيوس ونحلته مرورا بفيثاغورس . كل هذه الامور ادت دورا في تهيئة الاجواء لظهور الغنوصية كنظام روحي جديد سيكون له تاثيره الكبير صناعة المسيحية بشكل خاص .
ظهور الغنوصية المسيحية
ظهرت الغنوصية المسيحية في بدايات القرن الميلادي الاول . وكان الكثيرون وربما بلغوا (12 )شخصا قد اعلنوا انهم المسيح المنتظر ( ماشيح او مشيا ) الذي بشرت به التوراة او خارج ذلك . وحين ظهر المسيح ( يسوع ) كان يبدو كما لو انه قائد للغنوصيين .وكذلك رسل وتلامذة المسيح من امثال توما والذي يعني اسمه في الارامية – التوام .وهو احد تلاميذ المسيح الاثني عشر . وتعتبر مريم المجدلية احد مظاهر الغنوصية المسيحية المبكرة كما جاء في انجيل مريم .
ويعتقد ان هنالك مؤثرات غنوصية واضحة في تعاليم ورسائل القديس بولس ( فراس السواح : الوجه الاخر للمسيح – ربما نعود اليها لاحقا ) . وينظر الى النيقولائيون كغنوصيين وهم اتباع نيقولا الانطاكي .وفي القرن الثاني الميلادي ظهرت المدارس المسيحية الغنوصية مثل ( الشيثيون ) وظهر فالنتينوس وفرقته وهو فيلسوف غنوصي مسيحي وقبله ظهر سرنثيوس وباسلديس وبعده مرقيون . وفي القرن الثالث ظهر النبي ماني في بابل واسس الديانة المانوية والمتاثرة بالمندائية والبوذية والزرادشتية والمسيحية .
مقالات ذات صلة :
مقالنا ( المندائية الغنوصية وظهور فكرة المخلص ) والمنشور على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=498086
2 –مقالنا ( قراءة في الهرمسية وجذورها والمنشور على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=497834
3 – مقالنا ( عولمة اليهودية في العصر الهلنستي ) والمنشور على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=497358
4 – مقالنا ( كشف الحلقة المفقودة بين اديان التعدد والتوحيد ) والمنشور على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=497137
5 – مقالنا ( ولادة المسيحية من رحم الثقافة الهلنستية والمنشور على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=496426
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟