أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - المعتقدات الطوطمية















المزيد.....

المعتقدات الطوطمية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5037 - 2016 / 1 / 7 - 08:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يكتب الباحث المحترف والمتميز في الانثروبولوجيا فراس السواح في كتابه ( دين الانسان - ط 4 – 2012-الناشر : دار علاء الدين – سورية – دمشق ), ان التنظيم الاجتماعي للقبائل الاسترالية يقوم على وحدة العشيرة . ويتميز هذا التنظيم بان افراد العشيرة يعتبرون انفسهم اعضاء في عائلة واحدة تجمعهم قرابة من نوع خاص حيث يحملون طوطما بعينه , حيوانا او نباتا .

يقول الباحث السوري فراس السواح :

( ان الطوطم ليس حيوانا بعينه , كان يكون هذا الكنغر او ذاك , بل انه هذه الفصيلة او تلك بمجموعها وبكامل افرادها . وبما ان الفصيلة الحيوانية تبقى قائمة بصرف النظر عن موت عناصر منها وحلول اخرين بالولادة , كذلك الامر في العائلة الطوطمية الانسانية التي تضم جميع الافراد الاحياء منهم والاموات وصولا الى الجدود الاول المؤسسين ).

ان مصطلح ( طوطم ) ماخوذ من احدى لغات الهنود الحمر .لايشكل الطوطم بالنسبة للجماعة اسما لوحده فحسب , بل هو رمز او شارة او شعار .فزعماء الهنود الحمر كانوا يختمون معاهداتهم مع البيض بختم عليه صورة صورة الطوطم , وبعض الجماعات ترفع طوطمها اثناء القتال ,واخرى ترسمه على التروس والخيام . ولدى الجماعات المستقرة يرسم الطوطم على الجدران الداخلية للبيوت .

في بعض المناسبات الطقسية مثل طقس التعدية initiation التي تنقل الشباب من مرحلة الطفولة الى مرحلة الرجولة , يرسم الطوطم على اجساد الشباب المشاركين في الطقس .
ان الطوطم بالنسبة للعشيرة ليس مجرد اسم او شعار , بل هو شارة ذات بعد روحي وديني .ان شارة الطوطم تشير الى جوهر العالم القدسي .

ان تقديس الشارة الطوطمية لايتجاوز صورة الحيوان الى الحيوان نفسه .ان الحيوان الطوطمي يتمتع بكثير من الاحترام والتبجيل , ولكن لايصل الامر الى تاليهه وعبادته كما هو الحال مع صورته المقدسة . ورغم ان صيده واكل لحمه محرم الا في مناسبات طقسية معينة , الا ان هذا التحريم لاينسحب على افرادالجماعات الاخرى التي تجد نفسها حرة في صيده واكله .

كما ان صيد الحيوان ممكن للجماعة في حال تعرضها للمجاعة , او في حالة الدفاع عن النفس اذا كان الحيوان من المفترسين .من علامات التمييز بين الحيوان الطوطمي وشارته المقدسة ان الحيوان يمكن لمسه ورؤيته من قبل النساء وغير البالغين من الذكور على عكس الشارة الطوطمية التي تحاط بشتى انواع تابو اللمس والنظر والاقتراب , مثل فصل تابوت العهد عند اليهود والذي يمثل حضور الاله يهوه عن القدس وعن جماعة المؤمنين بحجاب الهيكل ,وهو اي الحيوان الطوطمي يعيش في العالم الدنيوي الذي تعيش فيه الناس على عكس صورته المحفورة على الادوات الطقسية التي تخفى بعيدا عن جو العالم الدنيوي .

والاسترالي يجتمع مع افراد عشيرته امام شارة الطوطم في المناسبات الدينية فيرقص حولها ويتعبد لها ولكنه لايستبدلها قط بالحيوان الطوطمي نفسه . وعندما يقوم بتعدية الفتيان البالغين الى طور الرجولة وتلقينهم اسرار طقوسهم وحياتهم الدينية , فانه يفعل ذلك في الحرم القدسي حيث تحفظ صور الطوطم وليس حيث تسرح قطعان الحيوان الطوطمي .

ومن هنا يؤكد الباحث فراس السواح في استنتاج صائب , وهو ان الاعتقادالساذج بان الطوطمية هي نوع من عبادة الحيوان هو اعتقاد بعيد عن واقع الامور . وقد جاء نتيجة الكتابات المتعجلة التي قدمت الى القراء لتعريفهم بالطوطمية خلال الفترات المبكرةلاكتشافها .
يؤكد كاتب المقال ان المسلمين قد حولوا مصحف عثمان الى رمز طوطمي مقدس بخلاف الواقع ,في حين ان المقدس هو الله .

تشكل الدائرة المحيطة بالرمز الطوطمي مكانا حراما لايجوز فيه الاقتتال او الصيد كالحرم المكي تماما . كما يحظر عليهم النظر الى الادوات الطقسية , مثل الطقوس السرية في داخل الكنيسة المسيحية ,تحفظ الادوات الطقسية في مكان مهجور كالكهوف ويختم عليها بطريقة لاتسمح لانسان عابر ان يتبين ماتحت الغطاء . وهذا الطوطم نجده لدى اليهود في تابوت العهد المحفوظ في قدس اقداس الهيكل اليهودي والذي يرمز للالوهة ( يهوه).

ان تحليل المعلومات التي تم جمعها منذ اواسط القرن التاسع عشر يشير الى ان مايقدسه الاسترالي هو ( قوة غفلة )غير مشخصة , بلا اسم ولا شخصية وبلا تاريخ حياة , تسري في مظاهر الكون جميعا .وقد عمد الاسترالي الى تجسيد قوة الغفلة عن طريق الطوطم والذي يعبر من خلال شكله المادي عن الجوهر غير المادي عن تلك الطاقة الغامضة المبثوثة في كل شيء والجديرة بالعبادة والتقديس .

الاسترالي لاينظر الى هذه القوة باعتبارها قوة غيبية مفارقة له , بل يراها قوة فعلية تعبر عن نفسها بقوة ووضوح من خلال سريانها في عالم المادة من حيوانات ونباتات وجمادات . وهو يخشى من التعامل معها بطريقة مخالفة للاصول لكيلا تصيبه بصدمة قوية .

ان هذه القوة تلعب دورا على المستوى الاجتماعي لان الطوطم نفسه هو مصدر الحياة الاخلاقية للجماعة . ان جميع اعضاء العشيرة المشتركين في الطوطم الواحد يشعرون برابطة اخلاقية تجمعهم وتنظم حياتهم .من هنا يستنتج كاتب المقال ان الفكرة الطوطمية انتقلت الى الديانات الابراهيمية ,فالحجر الاسود عند المسلمين يمثل شارة او رمزا للالوهة المفارقة والموجودة في السماء ( الله – الرحمن ) حيث ان التقديس الذي يحظى به الحجر الاسود هو تقديس للالوهة وليس للحجر نفسه .

نفس الشيء ينطبق على الرموز المسيحية . انها شارات طوطمية للمقدس الذي تجب عبادته وهو الله وهم لايعبدون الصور اوالتماثيل نفسها .

من فكر الشيخ ابن عربي :

من كتاب الشيخ محي الدين ابن عربي ( فصوص الحكم ): الفص 12 والفقرة 14 :
( ان كل تجل يعطي خلقا جديدا ويذهب بخلق , فذهابه هو عين الفناء عن التجلي , والبقاء لما يعطيه التجلي الاخر , فافهم ).
يعقب الباحث فراس السواح على نص ابن عربي مايلي :
( لقد ادرك ابن عربي بحدسه المبدع ماتوصلت اليه اليوم فيزياء الكم حول طبيعةالكون والمادة.فالوجود عبارة عن طاقة ذات ذبذبات متغيرة, وليست تبديات هذه الطاقة نفسها والظواهر المرئية التي تشكلها الا اختلافات في الذبذبة .وسواء راينا الى هذه الطاقة في طبيعتها الموجية او الكمومية ,فانها تاتي دوما على دفقات متقطعة , لاكسيالة مستمرة .فالوجود كله والحالة هذه يحدث بشكل متقطع رغم استمراريته الظاهرة لنا ).

ان المفكرين يشتركون مع ابن عربي حول صيرورة المادة, وهي عملية هدم وبناء مستمرين لاتوقف فيهما .
ان طاقة المقدس هي طاقة كامنة في جوهر عالم نظرية الكم وهي صادرة من داخل الكون وليس من خارجه .

يكتب الباحث فراس السواح في كتابه ( الاسطورة والمعنى ):
(والعابد الذي يجثو امالم تمثال الاله لايتعبد لتلك القطعة الحجرية الصماء , بل الى ماترمز اليه وتشير , الى مالايستطيع العقل التعامل معه الا بتوسيط الرموز ).
وفي نفس كتاب السواح وتحت عنوان ( معتقدات الشرق القديم:وثنية ام توحيد ؟)ص 189 نقرا :
واحد , ولا ثاني له , واحد خالق كل شيء
قائم منذ البدء ,عندما لم يكن حوله شيء
والموجودات خلقها بعدما اظهر نفسه الى الوجود .

يشير الباحث فراس السواح الى ان هذا النص يعود الى ترتيلة مصرية قديمة تعود لما نسميه اليوم بالديانات الوثنية او التعددية او المشركة .لقد توصل العالم السير واليس بدج الى ان المصريين كانوايؤمنون باله واحد خالق الكون لاتدركه العقول , اله غير مشخص .

ان الاسم الذي اطلقوه عليه هو ( نتر )وكان يرمز اليه بفاس ذي راس حجري ومقبض خشبي .وكما يشير اليس بدج ان المصريين لم يقصدوامن كلمة (نتر- الله )الاشارة الى اله بعينه وانما الاشارة الى الاله الخفي الواحد الاحد ,انه القوة الغامضة والسارية في الكون .

مقالات ذات صلة :
مقالنا (جذور تحريم لحم الخنزير لدى العبرانيين وشعوب الشرق القديم ) والمنشور على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=258097

مقالتنا ( الغوص عيمقا في عالم الكم ) والمنشور على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=369100

مقالنا (تقدم اليابان من تقدم معتقداتهم المقدسة ),والمنشور على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=499642



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقدم اليابان من تقدم معتقداتهم االمقدسة
- الجدل حول غنوصية سمعان ماجوس السامري
- المندائية الغنوصية وظهور فكرة المخلص
- قراءة في الهرمسية وجذورها
- عولمة اليهودية في العصر الهلنستي
- كشف الحلقة المفقودة بين اديان التعدد والتوحيد
- ولادة المسيحية من رحم الثقافة الهلنستية
- ترثيث المراة في العراق
- الرثاثة الاجتماعية في العراق
- الرثاثة والاستبداد الشرقي في العراق
- بين رثاثة السياسي ورثاثة عاملة الجنس
- اشكالات في كتابة الابحاث والمقالات
- الثقافة الرثة وعولمة الرثاثة
- الرثاثة وجذورها في العراق
- من يقرر صناعة مستقبل عالمنا العربي ؟
- الايديولوجيا تتعارض مع قوانين الطبيعة
- الخيار الوطني هو الحل !
- خارطة الاستيطان الديموغرافي في الشام مع ظهور الاسلام
- الفيزياء الكمية الغت المنطق وثوابته
- السياسة في العراق بين البراز الثقافي والاسهال الحزبي


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - المعتقدات الطوطمية