أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (98)














المزيد.....

منزلنا الريفي (98)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5028 - 2015 / 12 / 29 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


باحث عن معنى الأرض...

كان قد غادر الثانوية في غضون الزوال، مضى نحو المنزل المهجور، استراح تحت الظلال، حمل محفظته على ظهره، في المنعرج البعيد لاحت عربة تنفث دخانا تلاشى في السماء، تلوى يمنة ويسرة مهدودا من جراء الجوع و ها هو يلهث مطاردا بعينه شبح السيارات، بعد لحظة نهض مذعورا واستقبلته الحافلة، ومضت تقلب الأرض، وتطاوح الطريق نحو المجهول. كانت الحقول مبللة، والأشواك متناثرة، وأحجار كالحة سوداء تلوح في البعيد. جلس في المقعد الخلفي، وراح ينظر من النافذة، هناك تراءى تلاميذ يرقصون في ساحة المدرسة، وقطيع من الأغنام ينحو نحو الحقول، مضت برهة وراح يتحسس جسده، فبدت امرأة أمام مخيلته منشطرة إلى قسمين . ضحك ضحكة متفرسة حد أنها أبكته، بين الأشجار التي تجيء وركام الأحجار الذي يعود انغمس في نوم عميق، ولم يوقظه إلا صوت القباض "بنسليمان. ..بنسليمان" . استيقظ مذعورا، وها قد نزل، وهبة ريح قصفته، فراح يسعل، سرعان ما استبشر وجلس تحت الأشجار الوارفة، وغدت ذاكرته تتقيأ الأحداث والمعطيات !! هو ذا هو، وهذه دورة "جحا"، أغمض عينيه، وجلس على ركبتيه، استنشق هواء الأرض، ركب السيارة، وتنفس تنفسا عميقا، وكلما مضت تقتحم الريف، وإلا بدت ذاكرته تستذكر وتشتغل وترمم جراحها . تذكر كل شيء ! تذكر الأمطار التي بللت ملابسه وهو ماض نحو المدرسة ! وأمه التي حملته لكي يجتاز الوادي ! والمعاق المبثور الرجلين الذي هوت به دراجته ! وساعات الانتظار والطريق الموحلة ! فازداد حنقا وسعارا. جميل هو الريف، مخز هو وضع الريف، تسكنه طفيليات بشرية كالمقدم والشيخ والممثل والفقيه، نزل من السيارة، مضى يمشي على قدميه بين الحقول، ولاحت أسراب الطيور، وتراءى والده بين القطيع، في ربوة تحفها جذوع الأشجار، وصخور صفراء تفوح منها رائحة الخريف، تعانقا، وضع محفظته على غصن الشجرة، وتقابل مع الغروب، وشرع يبتهل ويصلي في حضرة الطبيعة في طقس ملؤه الخشوع، استنشق عميقا وراح يجوب الغابة في الليل البهيم باحثا عن معنى الأرض .

ع ع / بنسليمان - المغرب/ 11 أكتوبر 2015



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي (99)
- منزلنا الريفي (100)
- شبح الجفاف
- منزلنا الريفي (96)
- منزلنا الريفي (95)
- منزلنا الريفي (94)
- منزلنا الريفي (93)
- منزلنا الريفي (91)
- منزلنا الريفي (92)
- منزلنا الريفي (89)
- منزلنا الريفي (90)
- خواطر على الشاطئ
- منزلنا الريفي (88)
- منزلنا الريفي (87 )
- أفياء كرزاز
- سفيرة عزرائيل
- إعتراض على إنشاء منتجع سياحي خاص للقنص السياحي بأراضي القناص ...
- قتلتك يا جلادي
- حنين إلى جسد عاهرة
- منزلنا الريفي (85)


المزيد.....




- لغة الدموع الصامتة
- مصر.. عمر هلال يجمع أحمد حلمي وهند صبري في فيلم -أضعف خَلقه- ...
- فنانة سورية تصبح سيدة نيويورك الأولى...من هي ؟
- صوّر في طنجة المغربية... -الغريب- خلال استعمار الجزائر في قا ...
- يتناول ثورة 1936.. -فلسطين 36- يحصد الجائزة الكبرى في مهرجان ...
- -صهر الشام- والعربية والراب.. ملامح سيرة ثقافية للعمدة ممدان ...
- انطلاق أعمال المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية في بيت ل ...
- رأي.. فيلم -السادة الأفاضل-.. حدوتة -الكوميديا الأنيقة-
- -المتلقي المذعن- لزياد الزعبي.. تحرير عقل القارئ من سطوة الن ...
- موفينييه يفوز بجائزة غونكور الأدبية وباتت الفرحة تملأ رواية ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (98)