أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (99)














المزيد.....

منزلنا الريفي (99)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5028 - 2015 / 12 / 29 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


هو ذا الموت الأخير !

" أيها الطغاة ! لا رعية لكم إلا من الجهلة" دولباخ- أحد رواد فلسفة الأنوار .

ها هي السيارة توقفت مثلما توقفت أول مرة، عامان مرا ولا شيء تغير، الصفرة نفسها، الغثيان البورجوازي يتوشح النفايات المرمية على قارعة الطريق، بينما البلابل تحوم في السماء، وتتوسل الشمس في خريف زقومي، صخرة مومن الكئيبة تتثاءب بأسى دفين، بينما "سهب خزيت" واصل فيضانه كالمجنون التائه، منذ أن غادرت الجامعة كنت تشعر باندفاعة كبيرة، تحولت إلى نقطة ماء تريد بعث الأرض من موتها، ها أنت تتجول في الغابة فتخاطب الشجر، وتجلس فوق الصفيح الصخري فتخاطب الحجر، وتختلط مع القطيع الآدمي فتخاطب البشر، تريد أن تبث الحياة في الأرض التي كلسها الموت منذ سنين. شخصية الطاهر رضيت بحياة القنانة، بينما الغابة سبكت كلمة الثورة، والصخرة قادتك نحو الجموح وتكسير الوضاعة. فرق كبير بين بني كرزاز البشر وبني كرزاز الأرض .
تنطلق السيارة، وتترك خلفها الغبار، وتقف كالمشدوه. المنازل المتسخة على حالها، والدوم فقد خضرته، بينما صخرة مومن اجتاحتها صفرة مقيتة كأن الشمس استعبدتها قرونا طويلة، الطريق المتربة حفرتها أخاذيذ عميقة فبدت شائخة هدتها معاول الزمن، والجسر الوحيد انكسر مع أمطار الخريف في كل وحل تطن زعقة الطاهر إيذانا بفوز الممثل القديم!! إن فاز هذا الممثل أو ذاك، الريف يحتاج إلى حصافة فكرية وإلا سبقى جيشا من القطيع عوض قوى حية أكثر استنارة في وجه مافيات التبليد والاستحمار .
عامان وأنت تكتب يا هذا، ها أنت وشكت على مئة جزء، الرسائل التي كانت تأتيك من الأم الكبرى (غايا)، منك أنت كانت تريد زلزلة ذهن الريف، من كنت تخاطب إذن ؟ لعلك كنت تخاطب السراب! أجل إنه السراب المعشش في ذهن من يزعق فرحا في حفر قبر العبودية والتهميش والحقارة، عبودية التسول الانتخابي والمناسباتي ! ناديت ديكارت واستدعيت التوسير... ولا من مجيب، الكرزازيون لم يسمعوا ما كنت تقول وهبوا إلى الصناديق لكي يدفنوا أحلامهم، إنهم الدفن نفسه، أما وقد آن يدفنوا أنفسهم لعل الأرض تحلل عقولهم العفنة وتولد أجيال جديدة تستوعب رسائل المستقبل ؟؟ هذا ما قالته لك الجدة غايا، إنك لا تكتب للماضي وإنما تكتب للمستقبل للأم غايا، لديانة الأرض وهدم سفارات السماء، وقطع دابر الوصاية والعبودية ونشدان الاستنارة والإنسانية بتحرير العقل وإزالة المقاصل التي تقطع رأس الإنسان. حينما لا تكون لدى الإنسان طريق معبدة ولا مدرسة قريبة منه لكي يتعلم، ولا مستوصف لكي يتطبب، ولا دار ثقافة من أجل أن يشيد عقله، ولا ملعب ليبني جسمه، ولا وسائل النقل لكي ينتقل فهو حتما فقد كل إنسانيته، أما إكثار المساجد وأن تسمع من حين لآخر خطيب الجمعة يهاجم فرقة إسلامية تدعى الشيعة ويكفرها، فهذه هي السخافة بعينها وتحريض على الحرب الطائفية الساعية إلى جعل كل مسلم وقودا تشتعل به الحرب الدينية، أما الطرق الموحلة والقناطر المنكسرة والبنية التحتية المنعدمة لا يفكر فيها الخطيب ولم يبق له سوى فرقة توجد في الشرق البعيد وكأننا أنجزنا كل شيء، إن كل الفرق الإسلامية لا غنى عنها في فهم التراث الإسلامي ولابد من التعالي على التحريض من أجل تقريب بين هذه الفرق لكي نفهم فهما عميقا التراث الإسلامي، إنني أتحدى هذا الخطيب إن كان قد اطلع على مؤلف من المؤلفات الشيعية، وإن كان جادا فيما يقول الأجدر به أن يطالب بدار الثقافة لإتاحة الفرصة لهؤلاء الذين يخاطبهم من أجل الإطلاع والوعي بما يقول . لكنه لا يريد ذلك، فالوعي سوف يكون مصدا في وجه أي تحريض يدعو إلى المشاركة في الحرب الدينية والطائفية التي تشنها السعودية على الطوائف الأخرى، إن خطباء المخزن ليسوا سوى سفراء التدجين لجعل العالم القروي يذوق مرارة البؤس سنين أخرى بتغييب أفراده عن همومهم ومشاكلهم الأساسية، عليهم أن يتصنموا كالشجر، ويصمتوا كالحجر، ويسيل لعابهم كالكلاب ... المخزن مبثوث في كل مكان، ليس المقدم سوى وجهه الظاهر، أما خفي فهو أعظم، رأيته في زعقة الطاهر، رأيته متواريا خلف شعاراته البراقة وهو يدس أموال الحقارة في جيوب القرويين، رأيته أداة تعمية وتضليل وتبرير ... رأيته في سخافة القرويين ولعابهم يسيل في سوق النخاسة ....الأوراق التي كانت متناثرة منذ شهر اختفت كما تحطمت الأحلام .. أمضي في الطريق الموحلة، أقطع بقايا أوحال تكسرني أفكاري، الشمس عادت لوهجها في السماء، الريف بدا يخيف بصنميته وصمته . أفتح هاتفي، أقرأ : "المعطي منجب المؤرخ العظيم ممنوع من إنجاز محاضرة خارج البلاد"، إنه البؤس الثقافي والسياسي يجتاح البلاد، موت زقومي، وقتل مروع للإنسان .... هو ذا الموت الأخير !

ع ع / 17 أكتوبر 2015/ بنسليمان- المغرب .



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي (100)
- شبح الجفاف
- منزلنا الريفي (96)
- منزلنا الريفي (95)
- منزلنا الريفي (94)
- منزلنا الريفي (93)
- منزلنا الريفي (91)
- منزلنا الريفي (92)
- منزلنا الريفي (89)
- منزلنا الريفي (90)
- خواطر على الشاطئ
- منزلنا الريفي (88)
- منزلنا الريفي (87 )
- أفياء كرزاز
- سفيرة عزرائيل
- إعتراض على إنشاء منتجع سياحي خاص للقنص السياحي بأراضي القناص ...
- قتلتك يا جلادي
- حنين إلى جسد عاهرة
- منزلنا الريفي (85)
- اختفت كلماتي


المزيد.....




- طرد مشاركين من ملتقى تجاري في أوديسا بعد أن طالبوا المحاضر ب ...
- المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها ...
- أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ ...
- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
- كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (99)