أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيلوس العراقي - بين كأسي وكسي وكيسي















المزيد.....

بين كأسي وكسي وكيسي


سيلوس العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 5027 - 2015 / 12 / 28 - 12:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إن كلمة "اسكملي" iskemle وهي عبارة تركية متداولة في بعض اللهجات العراقية ومنها اللهجة الموصلّية، وهي "الكرسي" المعروفة.
مع أن في التركية مفردات أخرى لها مثل sandalye صندليِّي: الكرسي أو المقعد والصندليي، وهي الأخرى متداولة في اللهجة الموصلّية لكن تستخدم في إطلاقها على خزانة الملابس والأفرشة وليست مقعدًا، وقد انقرض استخدامها منذ ستينات أو سبعينات القرن العشرين ودخلت كتحفةٍ في عالم المتحف الشعبي في الموصل.
وفي الفارسية أيضًا كالتركية تستخدم عبارتي صندليي وكرسي، وحتى في اللغات النيبالية والأندونيسية تسمى بالكرسي.
أما في العربية ، فعلى الأرجح أن كلمة "كرسي" كلمة دخيلة على العربية، وهي مستعارة من لغات شرقية أخرى. خاصّة حين معرفتنا أن لاحاجة للبدو الرحّل وسكان جزيرة العرب قبل الاسلام اليها حيث كانوا يفترشون الأرض للجلوس، وربّما دخلت إلى عربية الجزيرة وأيضًا عربية القرآن (سورة الكرسي)عن طريق العبرية أو الآرامية.
وكغيرها من أسماءِ الأدوات والآلات في العربية المرتبطة بالبعير والجمال وغيرها من الحيوانات، هناك مفردة عربية هي "القتب" التي ترتبط بالجَمَل وهي عبارة عن مصنوعة خشبية توضع على ظهر الجَمَل تستخدم للجلوس عليها لتسهيل الجلوس المريح عليها على ظهر الجمل، كما هو واضح في الصور المرفقة أدناه (ولأغراض هذا المقال يمكن الأستعانة بموقع غوغول والبحث فيه عن صورٍ لعبارة "القتب" بالعربية لرؤية شكلها). والتي يمكن أن تستخدم مقعدًا أيضًا للجلوس عليها وهي موضوعة على الأرض.
فيردُ في كتاب "تفسير القرطبي" أنّ ابن ماجة قد روى في سننه والبستي في صحيحه عن أبي واقد قال:
لما قدم معاذ بن جبل من الشام سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا)؟
فقال: يا رسول الله، قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم، فأردتُ أن أفعلَ ذلك بكَ،
قال: (فلا تفعل فإني لو أمرتُ شيئًا أن يسجُدَ لشيءٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها، لا تؤدّيَ المرأةُ حقّ ربِّها حتى تؤدّيَ حقّ زوجِها حتى لو سألها نفسَها وهي على "قتب" لم تمنعه).
ومعنى القتب أن العرب "يعزّ عندهم وجود كرسي للولادة" فيحملون نساءهم على القتب عند الولادة.
أما عبارة "الكرسي" في معاجم العربية وكتب التفاسير(القرطبي مثلاً) : من قَوله تعالى: "وَسِعَ كُرسِيُه السَّمواتِ والأرْضَ". فتشير الى العِلم، وكرسيّهُ تعني: عِلمُهُ. ومنها اشتقوا الكرّاسة التي تضمّ العِلم، ومنه قيل للعلماء: الكراسي، لأنهم المعتمد عليهم، كما يقال: أوتاد الأرض.
وروى أبو عمر عن ثعلب أن قال: الكرسي: ما تعرفُهُ العربُ من كراسي الملوك (الأزهري : تهذيب اللغة).
فإن كان "القتب" مقعدًا للبشر على ظهر أو سنام الجَمَل فالكرسي خاصٌ بالذات الالهية وعلم الله. ومن ثمّ مع الزمن أصبحت كلمة كرسي خاصةً للعلماء ثم للملوك والخلفاء والوزراء وهلم جرًا لتصبح كلمة عادية لعامة الناس العاديين أيضًا في استخدامها لغويًا وفي الجلوس عليها.
لكن ماذا عن أصل كلمة "كرسي" ؟

العبارة العبرية " كِسّي " כ-;-י-;-ס-;-א-;-
يعبّر ترك كرسيّ (بالعبرية : كسّي כ-;-י-;-ס-;-א-;- ) شاغرٍ عن مكانةٍ ومحلّ لشخصٍ عزيزٍ غائبٍ عن مائدة الطعام.
في التقليد اليهودي هناك شخصيتان مهمّتان يتمّ مُراعاة حضورهما في غيابهما وكأنهما حاضران.
الشخصية الأولى هي النبي ايلياهو (ايليا) الذي أصبح في حضوره ( ظهوره) واختفائه العجائبيين في العالم اليهودي أساسًا وموضوعًا للعديد من التقاليد والروايات والأحداث. فعادة ترك كرسيّ شاغر عند اجراء عملية وطقس الختان لمولودٍ جديد، تدعى بكرسي ايليا، التي تمثل حضور النبي ايليا وتعبّر عن حمايته للمولود الجديد.
كسّي ايلياهو ـ kisse Eliyahu ـ כ-;-י-;-ס-;-א-;- ש-;-ל-;- א-;-ל-;-י-;-ה-;-ו-;- ، وهو كرسيّ خاص، منحوتٌ ومطرّز ومُزخرَفٌ بطريقة باذخة أحيانًا، تقليديًا يُترك هذا الكرسي شاغرًا رمزيًا لحضور ايليا عملية ختان المولود الجديد، مع أنّ بعض الجماعات اليهودية قد أدخَلَت تقليدًا آخر يتم فيه جلوس الشخص المسمّى بالأب الروحي god father للمولود الجديد ס-;-נ-;-ד-;-ק-;- سنديق.
أما بالنسبة لمصدر الأعتقاد بايليا حصرًا على أنه حارس أو حامٍ protector للمولود اليهودي الجديد، فيُعتَقَد أنّ الأصل يأتي من القصة الكتابية التي أعاد فيها النبي ايليا الحياة إلى صبيّ ميّت (الأبن الوحيد لأرملة صرفتا) التي ترد في 1 ملوك 17: 17 .
ويضاف الى ذلك الإيمان بمجيء ايليا ثانيةً مُعلنًا مُلوكيّة المسيّا مُنقذ البشرية، لذلك يصبح حضور ايليا ضروريًا مع ختانة كلّ مولود ذكرٍ يهودي لأنه من الممكن أن يكون هو المسيّا المنتظر.
والحضور لغائب آخر في تقليد (الفولوكلور) الجماعات الحسيدية اليهودية هو للرابي الحسّيد نحمان البراتسلافي، حفيد بعل شيم طوف، مؤسس الحركة.
وأن أتباع نحمان، البراتسلافيين، هم الجماعة الحسيدية الوحيدة التي لم تختر لها قائدًا أو رئيسًا ـ خلفًا ـ بعد رحيل مؤسسها وقائدها الروحي. حتى أنهم قاموا باستعادة "كرسي" نحمان من مدينة اومان Uman في روسيا وحملها ونقلها الى اسرائيل وابقاءها شاغرة كرمزٍ يشير الى استمرار الـ (ريب Reb) نحمان في قيادته الروحية لجماعته.
إضافة الى ما تقدم أعلاه، تقوم بعض السيناغوغات بتركِ كرسيّ شاغرٍ بالقربِ من منبرِ الوعظ رمزًا لليهود الذين رفضوا الحرية الدينية وهاجروا هربًا من الأنظمة القمعية.
يترك اليهودُ السفرديم كرسيًا شاغرًا لضيوف ـ الاوشبيزين ـ א-;-ו-;-ש-;-פ-;-י-;-ז-;-י-;-ן-;- (الاوشفيتز بلغة الاييديش) في عيد السوكّا ס-;-ו-;-כ-;-ה-;- ـ عيد المظال.
في التقاليد الكتابية والرابينية والقبّالية، وكذلك في النصوص الليتورجية، يتم تصوير الله جالسًا على كسّي כ-;-ִ-;-ּ-;-ס-;-ֵ-;-ּ-;-א-;- (كرسيّ) أو عرش المجد kisse ha - kavod .
لا يمكن معرفة شكل (ك س ي) الكرسي المذكور تمامًا وبالضبط، لكن من الأرجح أن يكون على شكلِ المقاعد الشرقية الصغيرة الخشبية البسيطة المعروفة لغاية اليوم والمستخدمة في المقاهي الشعبية الشرقية القديمة. ومن المستبعد أن تكون بشكلِ وتصميمِ الكرسيّ اليوناني أو الروماني (إلا لاحقّا فيما بعد الشتات اليهودي في روما واليونان والدول الأوربية).
فالكرسي العبري العادي (التراثي) عبارة عن إطار خشبي مربع، من دون ذراعين لأسناد اليدين ومن دون متكىءٍ للظهر، بثلاث أو أربع أرجل، ومقعدها من الخشب أو من الجلد. كما من الممكن أن يكون قد أستخدم الحجر أو الصخر أحيانًا كمادة في عمل الكرسي ويكون بذلك كرسيًا ثابتًا غالبًا.
أما بخصوص أصل الكلمة (ك س ي) فأنه من الأرجح أن يكون من لغات بلاد النهرين القديمة، الأكدية والآشورية، ففي لغة أكد مثلا هي ـ kissu ـ كسّو ـ وتعني كرسي وعَرش. كما هناك عبارة أخرى تصغيرية للكرسي مثلما يرد في معاجم اللغة الأكدية وهي (ك س ّ ن) وهي كرسي صغير كالـ stool.
وفي الآرامية هي: كُو رْ سُ يُ ا (كورسُيُا cursoyo).

الكيس כ-;-ִ-;-ּ-;-י-;-ס-;- :
ترد كلمة "كيس" כ-;-ִ-;-ּ-;-י-;-ס-;- العبرية 5 مرات في التنخ بمعنى حقيبة (لا يتبادر الى الذهن أن يتصوّر حقيبة حديثة بموديل معاصر)، بل قبل كلّ شيء فهي كيس، يحتوي على ثقل معين (معيار) يعتبر آلة لقياس الوزن من قبل التجّار كما في الآيات التالية :
تثنية 25: 13 "لا يكنْ في كيسِك معياران، كبير وصغير".
ميخا 6: 11 "هل أبرّر موازين النفاق، وكيس معايير الغش؟".
حيث يُطلب في هذه الاستشهادات الكتابية الشرف والأمانة في التعامل التجاري في الوزن عند البيع والشراء، وتعتبر تعليمًا أخلاقيًا مدنيًا لشعب الله، وبنفس الوقت فأنّ عدم الشرف والأمانة في أوزان البيع والشراء تجلبُ عقوبة إلهية أيضًا.
تردُ كلمةُ "كيس" في سفر اشعيا 46: 6 :
كيس ذهب " هم (الوثنيون) يفرغون الذهب من "الكيس" ويزنون الفضة بالميزان، يستأجرون صانعًا يصنعها إلهًا، يركعون له ويسجدون".
وفي سفر الأمثال 1: 14 يحذر من كيس ـ نقود ـ الأشرار اللصوص القتلة.
ربما تكون الكلمة العبرية "كيس" على علاقة بالمفردة الفارسية "كيسه" التي لها ذات المعنى بالفارسية، ومن الآرامية ـ العبرية أو من الفارسية دخلت العبارة إلى العربية.
ومن الجدير بالذكر أنّ هناك نسابة Kindred form بين "كيس" و "كوس" في العبرية.

الكأس ـ כ-;-ו-;-ס-;- ـ كوس في العبرية،
وجمعه (كُ سُ و ت).
وفي اللغة السريانية (كُ سُ ا) أما في اللاتينية calix و π-;-ο-;-τ-;-ή-;-ρ-;-ι-;-ο-;- في اليونانية، وفي العربية ( ك و ز). وللكلمة ( כ-;-ו-;-ס-;- ) العبرية نسابة مع (ك ي س).
لعب الخمرُ ـ النبيذ ـ دورًا مهمًا في طقوس أعياد العالم القديم وكان من العناصر ذات المكانة المركزية فيها. والكوس כ-;-ו-;-ס-;- يشير الى وعاء يستخدم لشرب الماء أو الخمر.
كأس الشرب: 1 ملوك 7: 26، 2 أخبار 4: 5
كأس مليئة : ارميا 25: 15، حزقييل 23: 32 ، مزمور 23 : 5
كما ويأتي ذكر الكوس כ-;-ו-;-ס-;- في تعبير تشبيهي ـ ميتافور (ك و س ي ش وع و ت = كأس الخلاص כ-;-ּ-;-ו-;-ֹ-;-ס-;--י-;-ְ-;-ש-;-ׁ-;-ו-;-ּ-;-ע-;-ו-;-ֹ-;-ת-;- في مزمور 116: 13) ، كأس الخلاص العظيم، كالذي يؤخذ في عيد الفصح.



#سيلوس_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرد ونهر البردى السوري بين العبرية والفارسية
- الجيش الأحمر السوفيتي يحبط أمال النازيين هتلر والحسيني والكي ...
- الجهاد الاسلامي : أسلمة العالم وتدمير البشرية
- كعك العدس الكتابي الحلو: مثير للشهوة الجنسية
- استاذ جمشيد ابراهيم : بلا زحمة عليك
- المفكر الاشتراكي الرابي موسى هيس : روما تسلّم الصولجان الى ا ...
- اورشليم وجبل الهيكل
- المسلمون يعلّمون أولادهم (أن اليهود أعداؤنا)
- بين الهرم العبري والهرم القبطي
- مجلس غناء خرائي عباسي
- الاردن نهرٌ اسرائيلي
- الخرائيات في كتب التراث العربي
- عيد كيبور : المسؤولية الانسانية لاسرائيل في العالم
- كراهية اليهود : يحتل العالم الاسلامي المرتبة الأولى
- كراهية اليهود : عنصر أساسي حيوي في ثقافة العرب
- بين السلة العبرية والسرقة العربية
- الشلف والشليف والشلفة
- بين تنور القرآن والتنور العبري
- الاتجاهات الأربعة لأرض الوعد لأبراهام
- مابعد داعش : هل سيتم اثارة قضية تأسيس الدولة الكوردية


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيلوس العراقي - بين كأسي وكسي وكيسي