أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (96)














المزيد.....

منزلنا الريفي (96)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5025 - 2015 / 12 / 26 - 17:15
المحور: الادب والفن
    


ألقاب عارية

كان الجو تشرينيا باردا، تتخلله قطرات المطر، في أسفل التل تربض مدرسة قروية تلوح في البعيد ككومة أحجار، تجاورها ساقفة من القش، يجلس طفل بأسمال بالية، يحمل في يديه كتابا، ينظر إليه بإعجاب وتقديس كبيرين .
****
يقطع الكيلومترات هاربا من أمه التي تلقبه "بالمرية" (تصغير المرأة)، وتجبره على ملاحقة القطعان، أمه لا ترى مستقبله في المدرسة، كم مرة مزقت دفاتره، ورمتها في الموقد، كل يوم يستيقظ باكرا، يتوجه إلى المدرسة، خلال الزوال يتغدى في المطعم المدرسي، ثم يقصد المكتبة، ويهجع تحت الساقفة إلى حين غروب الشمس.
****
"المرية" :
لقبي، لقبك، لقبنا جميعاً، عار أنت أيها الطفل، مجرد من خصائصك الطفلية، حلم أم أرادت إنجاب ابنة لكي تساعدها في المنزل، ها أنت عار ترافق القطعان لكي تكون خواءا في مسرح التهميش القروي . سوف تكون لهم عوض أن تكون لنا. كسرني أيها الطفل وامضي في حلمك بعيدا .
****
فضل أن يهجر أصدقاءه، فهم يلقبونه "بكريفة" أي من عهد إليه بالأشغال الشاقة، لا يرى نفسه عبدا يقوم بأشغال وضيعة، بل علمه الكتاب أن ينظر إلى نفسه كإنسان متحرر من كل قيود.
****
"كريفة" : اخترعني القرويون كي أعبر عن بؤسهم، القرويون يمتهنون رعي قطعان أسيادهم . أنا هو مكسر أحلامهم. عار أنا . مكنيزم هدري أنا . حطمت أجيال . أسعى إلى تحطيم هذا الطفل . لكن قد لا أستطيع !!
****
توقف حلم أصدقائه، ولفه موت سردابي، كان يطمحون لقيادة الطائرات التي تحط أعلى التل، فإذا بهم يقودون جحافل الحمير والكلاب والأبقار التي ما فتئت تتبرز على المدرسة. لم يفت هؤلاء الأصدقاء أن يتبولوا على المدرسة كالكلاب، كما لم يفتهم أن يلقبوا صديقهم "بالفليبي" أو "اللي طار ليه الفريخ" أي المجنون .
****
"الفليبي" : عار أنا . عاهر أنا . سلاح فتاك وخطير . قتلت النوابغ والحالمين . أنا السم الذي فتك بسقراط، والنار التي حرقت برونو، والمقصلة التي جثمت على لافوازيه، والمشنقة التي شنقت غاليلو ...والذبح الذي طال بن صفوان ... عار أنا . عاهر أنا .
****
ظل لسنوات طوال يتردد على الساقفة، ذات يوم من أيام حزيران المشمس، وجد نفسه ضمن الناجحين المنتقين في القسم الداخلي، رحل بعيدا عن قريته، في المدينة عثر على مكتبات كثيرة، وتردد على مسارح شتى، درس السينما، بعد مضي عقدين من الزمان، أخرج فيلمه الأول تحت عنوان : " طيار من الريف"، تطرق فيه إلى مسيرة طفل من الريف، حلمه أن يصعد إلى أعلى التل، ويرى قريته من السماء، إنه الحلم الذي ولد بين ركام الأحجار، وعلى جنبات القش، أحلام شتى تولد، قليلة هي التي تظل على قيد الحياة. ذات خريف استدعى أصدقاءه، فلعبوا دور الكومبارس، واستقلوا الطائرة، وحلقوا فوق التل، فضحكوا كثيراً. .. مرة هي الألقاب العارية الهدرية . تميت الإنسان كمشروع لا يموت .

عبد الله عنتار/ 01 أكتوبر 2015/ المغرب .



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي (95)
- منزلنا الريفي (94)
- منزلنا الريفي (93)
- منزلنا الريفي (91)
- منزلنا الريفي (92)
- منزلنا الريفي (89)
- منزلنا الريفي (90)
- خواطر على الشاطئ
- منزلنا الريفي (88)
- منزلنا الريفي (87 )
- أفياء كرزاز
- سفيرة عزرائيل
- إعتراض على إنشاء منتجع سياحي خاص للقنص السياحي بأراضي القناص ...
- قتلتك يا جلادي
- حنين إلى جسد عاهرة
- منزلنا الريفي (85)
- اختفت كلماتي
- منزلنا الريفي (84)
- منزلنا الريفي (83)
- متى تعودين يا عشتروت ؟


المزيد.....




- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...
- يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي
- رحيل الممثل الأميركي جيمس رانسون منتحرا عن 46 عاما


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (96)