أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (94)














المزيد.....

منزلنا الريفي (94)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5025 - 2015 / 12 / 26 - 15:59
المحور: الادب والفن
    


الرعاعي

كانوا يلقبونه "بالعيان" أي العاجز أو الفاشل، منذ نعومة أظافره وهو يحمل هذا اللقب الذي لم يفارقه أبدا. لم يعرف إلا قريته المقعرة التي تشبه حفرة، في كل صباح تعود أن يقود قطيعه نحو المرعى، وفي الزوال يذهب جوار المقبرة لكي يلعب "الكارطة"، أما في المساء فتجده على الدوام يقبع قرب الحانوت يدخن سيجارته من نوع "كازا"، لم يكن يحلم، تعلم أن يعيش واقعه كما هو، فلم يخرج خارج قريته، ولم يملك زادا معرفيا، ولم ينفتح على المعرفة حتى هؤلاء الذين يعيش بينهم، لم يضيفوا إليه شيئا غير النداء عليه تارة "بالعيان" وتارة "بالعويوين"، كان يمتشق ضحكة كسولة أمامهم، أو يطلق قلقا فاشلا أمامهم، كان يتلذذ بلقبه، فهذا اللقب يعفيه من المطالبة بحقه في ملعب أو طريق أو جسر أو مدرسة ... في كل حملة انتخابية تجده يلهث كجرو جائع يتوق إلى كسرة خبز، تهده الشمس ويبتلعه الغبار، ويسيل لعابه مقابل ورقة زرقاء وسخة ...تعلم أن يكون بوقا مبحوحا، وذيكا مذبوحا يذبح في كل حملة انتخابية .
منذ أن كان طفلا تعلم أن يكون رعاعيا لا مواطنا، إنه يخشى السلطة بكل أشكالها، كم مرة رأى سيارة الدرك فبال في سرواله، إنه الرعب يجتاح منطقة واسعة من ذهنية الرعاعي، تلقن أن يركع كالمؤمنين، أن يثغو كالنعاج، ويخور كالأبقار، ويحرك رأسه بالإيجاب ...لم يعرف المواطنة باعتبارها نقدا ونفيا واختيارا . المواطنة هي تعلم فن اللا، هي تبني موقفا حيال وضعية معينة سواء بالسلب أو الإيجاب مدعوما بحجج مقنعة ...المواطنة هي المشاركة في الصالح العام، بينما الرعاعي لا تهمه سوى الورقة الزرقاء، سوى أن يكون كبشا أو ذيلا أو ظلا أو حثالة تردد الفشل والولاء والنفاق. إنه يعجز أن يتكلم بصراحة، إنه يضمر ما يظهر، ويظهر ما يضمر . ليس له وجه واحد، بل وجوه شتى، إنه ينتقل هاربا مرتديا قناعا من بين هذه الأقنعة، إنه يخشى أن يكون هو، يعاني من عقدة النقص والخصاء، فيهفو متماهيا باحثا عن ذاته المنفلتة الهاربة، في هذه الوجوه يخاف أن يكون مواطنا إنسانا يملك مبادئا ومواقفا لا تتزحزح، بل يفضل أن يكون هو الزحزحة والخوف الدائم من واقعه وذاته .

عبد الله عنتار/ 22 شتنبر 2015/ بنسليمان - المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي (93)
- منزلنا الريفي (91)
- منزلنا الريفي (92)
- منزلنا الريفي (89)
- منزلنا الريفي (90)
- خواطر على الشاطئ
- منزلنا الريفي (88)
- منزلنا الريفي (87 )
- أفياء كرزاز
- سفيرة عزرائيل
- إعتراض على إنشاء منتجع سياحي خاص للقنص السياحي بأراضي القناص ...
- قتلتك يا جلادي
- حنين إلى جسد عاهرة
- منزلنا الريفي (85)
- اختفت كلماتي
- منزلنا الريفي (84)
- منزلنا الريفي (83)
- متى تعودين يا عشتروت ؟
- منزلنا الريفي (82)
- أنت أنا وأنا أنت


المزيد.....




- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...
- اليوميات الروائية والإطاحة بالواقع عند عادل المعيزي


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (94)