أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -23-














المزيد.....

حدث في قطار آخن -23-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5024 - 2015 / 12 / 25 - 15:11
المحور: الادب والفن
    


- كيف نبدأ سهرتنا يا مؤمنات؟
- مثلما يبدأها سكان أمريكا الجنوبية! أجابت سابينه.
- ما الذي تريدين قوله؟
- سنشرب الشاي للانتعاش والتغلب على تعب النهار!
- شاي!
- نعم، سنضع معه جزء من هذا المسحوق النادر...
- ما هذه البودرة البيضاء بالمناسبة؟
- يسمونه بالإنكليزية "الكوكايين"، هل تعرفه؟ هل جربته سابقاً؟
- لا، لم يحصل أن تعاطيته!
- أنت لا تقول الحقيقة!
- بلى!
- لقد جربته معي في غرفتك الطلابية.
- هل أعطيتني مخدرات، في تلك الليلة!؟
- لم أعطيك شيئاً، أنتَ رغبت بسحبة دخان من غليوني.
- سنهاجم السماء هذه الليلة! قالت هنيلوري.
- سنمشي إليها كالرجل في تمثال الفنان جوناثان بوروفسكي، هل تعرفه؟ قالت سابينه بضحكة ممرضة.
- نعم، رأيته أمام محطة القطار في مدينة كاسل، أجاب أحمد.

***** ***** *****

صَبَّت هنيلوري الشاي البارد في الفناجين، قدمت لكلٍ فنجانه.
رفع أحمد يديه إلى الهواء حتى صارت أصابعه في وجه هنيلوري، قال بعصبية مفاجئة: "لا أريد الشاي، لم اطمئن لهذه الحركة منكما، لم اسمع بها من قبل، هل تريدان قتلي، كما يحدث في الأفلام الأميركية؟ اِسْتَدْرَكَ نفسه متمتماً: لا أرغب أن أموت كما مات الفَنَّان أحمد زكي في فِلْمِ الإمبراطور".
- رَوِّقْ يا أحمد، تنفس بعمق، لا داعي للعصبية والخوف، تكلم معنا بثقة وهدوء، الألمان لا يستعملون الأصابع ولا الأيادي أثناء نقاشاتهم الجادة أو حواراتهم المسائية الخفيفة بهدف التسلية. قالت هنيلوري.
- بل إنهم يستهجنون لغة التَشْبِير الشرقية... أكملت سابينه.
- يمكن للإنسان إعطاء المشورة والنصيحة للآخرين، لكنه لن يستطيع تعليمهم السلوك الحضاري! هذا ما كتبه الضابط الفرنسي فرانسوا دو لا روشفوکولد قبل أكثر من ثلاثمئة عام. من يختار زيّ الضابط عليه أن يكون مُلِمّاً بعض الشيء بتعاليم الضباط الكبار يا أحمد. قالت هنيلوري ساخرة.
- التَشْبِير هو لغة الجسد الشرقي، إنه لغة البسطاء لمساعدتهم على تنسيق جملهم اللغوية واتتقاء كلماتهم، وسيلتنا في إيصال الفكرة، أداتنا للتأكيد عمّا نقوله ولمساعدة الآخر على فهمنا. قال أحمد
- استعمال الأيدي أثناء النقاش له مدلولاته الانفعالية... اضطراب الأيدي والتلويح بها يخيف الغرب! قالت سابينه.
- عفواً منكما، قال أحمد وصمت شاعراً بخيبة أمل وموجة خجل.

***** ***** *****

"أَما زالَت أم محمود، المرأة البسيطة في القرية، تستعمل لغة التَشْبِير في حياتها البسيطة؟
ذهبتْ ذات يومٍ من القرية إلى البالة في سوق ساحة السمك في المدينة، مشياً على الأقدام خلف أحلامها، لشراء غطاءٍ للرأس... بحثتْ طويلاً عن إِيشارب حتى وجدتْ ما يناسبها...
سألتْ البائع بإشارةٍ من يدها اليمنى: كم حقه؟ ثم تمتمت كلمة: يا أخي...
أجابها بإشارةٍ من يده اليسرى: نصف ليرة، ثم تمتم كلمة: يا أختي...
هرشت رأسها مُتذاكية وبدأت التَشْبِير قائلة: والله يا أخي غالي جداً، ألا تبيعه بثلاث أرباع الليرة!؟
ضحك البائع، قَبِلَ عرضها بإيماءةٍ من رأسه دون كلمات...
ارتدت انتصارها على رأسها، مشت على قدميها مرةً جديدة إلى حارة الجامعة التي بُدِأَ البناء بها آنذاك، هناك سكنت أختها حديثاً...
توجهت الأختان إلى تعزية أحد الأقارب، جلستا في غرفة العزاء...
بدأت لغة التَشْبِير بين النساء لمواساة بعضهن البعض...
بعد بُرْهَة قصيرة نهضت أم محمود من قعدتها على البساط راغبةً بالذهاب ومعها نهضت بقية النسوة، يرغبن بوداعها وشكرها على قيامها بالواجب...
نظرت إليهن بحرجٍ، رفعت يديها ملوحة في الهواء أمام الوجوه الحزينة وقالت بصوتها القروي الحنون: أقعدن... اِقعدن... الله لا جعلكن تقمن..."

***** ***** *****

- لا داعي للاعتذار يا أحمد، كنت أداعبك، سامحني من فضلك، لم أقصد إهانة شرقك... قالت هنيلوري وقدمت له سيجارة.
- وكأنّ الشرق تنقصه إهانة أخرى! لا عليكما، لم أشعر بالامتعاض من حديثكما، كل دقيقة أتعلم منكما شيئاً جديداً، وضع السيجارة بين أسنانه الأمامية، أشعلها ثم استرسل قائلاً: قبل أن ننهي حديثنا هذا، أرغب أن أحكي لكما قصة قصيرة.
- هذا المساء لنا يا أحمد، تستطيع أن تحكي ما تشاء، سأسمع حكاياك وأنا أعد لنا الناراجيل، قالت سابينه.

***** ***** *****
"على هضبةٍ نائية نمت زهرة بخور مريم، بنفسجية، متباهية بقامتها وجمالها...
بجانبها، في العشب الأخضر نبتت وردة اللؤلؤية، صغيرة، بيضاء ومتواضعة...
سألت البنفسجية: ما رأيك يا بيضاء، من ستقطف الفتاة الجميلة هذا اليوم؟ أنا أم أنت؟
تابعت كلامها بثقة: بالتأكيد، ستقطفني أنا!
من ستضم إلى صدرها بحبٍ كبير، أنا أم أنت؟
أجابت بثقة: بالتأكيد، ستضمني أنا!
أنتِ صغيرة وشاحبة، فقيرة وتافهة...
لن تراك الفتاة العاشقة، ستحبني أنا!
بكت البيضاء، حنت برأسها أسفاً وحزناً...
صوت خطوات قادمة، ثقيلة وسمجة...
خطوات لا تشبه خطوات طفلة...
إنها بقرة!
تبحث عن بنفسج الهضاب، رأت المتباهية فقضمتها بتلذذ...
رفعت البيضاء الصغيرة رأسها فرحاً،
كما هنا وهناك وفي كل مكان،
يتصدع زجاج الغرور وتنكسر شوكة التباهي..."

***** ***** *****

- الأنابيب جاهزة للسحب، صاحت سابينه باحتفالية.
- جَفَّ رِيقي، أريد أن أشرب الماء، هل لدى المؤمنات بعض ماء؟ سأل الضابط.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث في قطار آخن -22-
- حدث في قطار آخن -21-
- حدث في قطار آخن -20-
- حدث في قطار آخن -19-
- حدث في قطار آخن -18-
- حدث في قطار آخن -17-
- حدث في قطار آخن -16-
- حدث في قطار آخن -15-
- حدث في قطار آخن -14-
- حدث في قطار آخن -13-
- حدث في قطار آخن -12-
- حدث في قطار آخن -11-
- حدث في قطار آخن -10-
- حدث في قطار آخن -9-
- حدث في قطار آخن -8-
- حدث في قطار آخن -7-
- حدث في قطار آخن -6-
- حدث في قطار آخن -5-
- حدث في قطار آخن -4-
- حدث في قطار آخن -3-


المزيد.....




- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -23-