أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -19-














المزيد.....

حدث في قطار آخن -19-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 09:36
المحور: الادب والفن
    


تَعَرَّى من ثِيابهِ، نظر إلى نفسه في المرآة، سألها:

هلْ ما زالَ تَغَضُّن الْوَجْهِ لدى رجال الشرق جذّاب ومثير لاهتمام الأنثى؟
هلْ ما زالَ الرجل يعتز بشاربيه؟
هلْ ما زالَ الرجل يفتخر بالشعر الكَثّ على صدره؟
هلْ ما زالت المرأة ترى في شاربيه الحماية والرجولة؟
هلْ ما زالت المرأة ترى في شعر صدره مصدراً للإثارة؟
هلْ أصبحت النارجيلة رمزاً للمساواة بين المرأة والرجل في الشرق؟

في عمق الشخص الشرقيّ مغارات وكهوف كثيرة، غابات وأدغال مخيفة، يجهلها الغربي لذلك يتعب من حياته مرتين مرة ﻷ-;-نه ﻻ-;- يعرف الشرق، ومرة ﻷ-;-نه ﻻ-;- يحاول أن يتعرّف إليه.

في الخامسة عشر من العمر، ما أن يدرَكه سِنَّ البُلُوغ، يبدأ الشرقي بالغناء لمحاربة الطُغَاة ودحر الدكتاتورية.
في الخامسة والعشرين يبدأ حلمه بالهجرة من الوطن.
في الخامسة والثلاثين يحلم بتغيير المدينة التي يسكنها.
في الخامسة والأربعين لا يحلم إلا بتغيير العائلة التي يعيش معها.
في الخامسة والخمسين يحلم فقط بتغيير شريك حياته.
في الخامسة والستين، متأخراً بعض الشيء، وقد آذنت شَّمسُ العمر بالغروب! يحلم الشرقي بتغيير سرواله الداخلي قبل أن يذهب إلى النوم.

أيها القاطن في الشرق، لا تكنْ صامتاً شاهداً على إفقارك وإخصائك اليومي، لا تكنْ متفرجاً على موتك القادم لا محالة، لا تكن قانعاً بالبرد والجوع، لا تكن وقوداً، حطباً احتياطياً، لا تكن ضرعاً يُحلب، لا تكن مراقباً، متأملاً، ولا تسأم، لأن الوطن-الشرق من دونهم لكَ، زمن حنظلة الشرقيّ قد ولّى، وقبرك، سيعطيك ذات يوم، الوقت الكافي، للصمت والسأم.

يحتاج الغربي أكثر من عمر لفهم جوهر الشرقي، أما الأمور السطحية فأقل أهمية، عندما يفهمها ويقدرها سيعيش مع الشرقي سعادة لامتناهية، جوهر الشرق نور وألق محض لا تستطيع الإمساك به. ولأنّ الغربي لا يرغب بإضاعة الزمن، لأنّ سعادته الشخصية وتفاصيل حياته أهم بمئات المرات من الانشغال بشؤون الشرق وتفاصيله، فإنّه يفضّل التحليق بهواياته، بتخطيط إجازاته، بعوالمه الجنسية وحوائج غرفة نومه، بنبيذه وبسجائر حشيشه على أن يُضيِّع وقته في البحث عن موقع وطن شرقي صغير على خارطة العالم، من يعمل في البحث عن شؤون الشرق يخطئ، من يبحث في متاهات الشرق أكثر، يخطئ أكثر، فقط من يجلس واضعاً يديه في حضن حبيبه، سوف لن يخطئ أبداً... فقط قلة قليلة منهم، ممن سحرتهم أجواء العلم والآلة وأَلْهتم عن معاني عشق الجسد، تنشغل بأشياء أقل صعوبة، تنشغل بنظريات الفيزياء والرياضيات، بنظرية النسبية على سبيل المثال، كما يقول أستاذهم ألبرت أينشتاين.

في الحقيقة كنت أرغب في مراهقتي أن أصير ضابطاً مهندساً في البحرية، وسامتي وشخصيتي تتناسبان مع هذا العمل، اللون الأبيض هو لوني المفضل، النساء تعشق الحذاء الأبيض وأنا أعشق النساء، السفر مع السفينة هو متعة بالنسبة لي، ثم أن ضابط البحرية أقل الضباط عنجهية، وأكثر الفئات العسكرية حباً للحياة، لم أرغب يوماً أن أكون ضابطاً في سلاح الجوّ، رغم الشعار الشرقي الشوفيني "سمائنا لنا حرام على غيرنا"، لم أصدّق شعاراتهم في حياتي، حكام الشرق يكذبون حتى على أطفالهم، يهددون بحرق بلدانهم وقتل شعوبهم، إنهم في الحقيقة لا يهددون وحسب، إنهم يحرقون الشجر والضرع ويقتلون الشعب ثم ينهبون كل ما يقع بين أياديهم.

لو سُمح لي اختيار وطن الخدمة، لخدمت وطني من هنا، يعجبني شعار أكاديمية ضباط الجيش في ألمانيا "سُمُوُّ أشكال الحياة هو أن تخدم بِحُرِّيَّة"، كلمات جميلة للروائي الألماني تيودور فونتانه. مُنِحَتْ المرأة الأقوى في العالم وأكثرهن نفوذاً، والحاصلة على شهادة الدكتوراه الفعلية في الفيزياء اثنتا عشرة شهادة دكتوراه فخرية، كان آخرها في عام 2015 من جامعة سجد في المجر، بالإضافة إلى عشرات الجوائز والتكريمات، ومع هذا فإنها تُخاطب في المحاضر الرسمية فقط بالسيدة المستشارة، أحياناً بالسيدة ميركل، دون مقدمات أو مؤخرات، ودون مقولة "ميركل أو نحرق البلد".

تمتم أحمد: سأكون اليوم لبناتها سابينه وهنيلوري الضابط والرجل النبيل، سأكون اليوم ريتشارد جير الثاني، مع فارق وحيد هو مكان الولادة، أنا ابن الشرق وهو ابن فيلادلفيا الأمريكية، ولما لا؟ فأنا أشبهه بعض الشيء، على الأقل حين كان شاباً، لعل قامتي أكثر امتشاقاً من قامته، وأنا رياضي مثله، لعلني أشدُّ بأساً وأعظم قوّةً فأنا أحد أبطال الشرق برياضة الكاراتيه، أشرب اليوم الويسكي مثل ريتشارد، بعد أن شربت العرق في الماضي، كلما كنتُ حزيناً أشرب كأس عرق، كلما بقيتُ حزيناً أشرب كأس عرق، وإذا ما استمريت على حزني، أبدأ من جديد!

ابتسم أحمد لوجهه في المرآة حين تذكر زميلاً قديماً له، تعرّف إليه في زمن الخدمة، كان يقول له ممازحاً، إذ يراه يشرب العرق: "كلما حزنتُ يا أحمد، شربتُ كأس زهورات، وعندما أحزن أكثر، أضيفُ له الزنجبيل، وإذا تضاعف حزني عصرت معهما الليمون الحامض".



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث في قطار آخن -18-
- حدث في قطار آخن -17-
- حدث في قطار آخن -16-
- حدث في قطار آخن -15-
- حدث في قطار آخن -14-
- حدث في قطار آخن -13-
- حدث في قطار آخن -12-
- حدث في قطار آخن -11-
- حدث في قطار آخن -10-
- حدث في قطار آخن -9-
- حدث في قطار آخن -8-
- حدث في قطار آخن -7-
- حدث في قطار آخن -6-
- حدث في قطار آخن -5-
- حدث في قطار آخن -4-
- حدث في قطار آخن -3-
- حدث في قطار آخن -2-
- حدث في قطار آخن
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -52-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -51-


المزيد.....




- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حدث في قطار آخن -19-