أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال الربضي - بوح في جدليات – 16 – حيٌّ هو باخوس.














المزيد.....

بوح في جدليات – 16 – حيٌّ هو باخوس.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 5021 - 2015 / 12 / 22 - 07:10
المحور: كتابات ساخرة
    


بوح في جدليات – 16 – حيٌّ هو باخوس.

---------------------------------
لأنــّــَــه هكذا قال الرَّب ُّ إله ُ إسرائيل:
إن َّ كُوَّار َ الدقيق لا يفرغ
و كوز َ الزَّيت ِ لا ينقُص
إلى اليوم ِ الذي يُعطي فيه ِ الرب ُّ مطرا ً على وجه ِ الأرض
-------------------------------
(سفر الملوك الأوَّل، الفصل السابع عشر، الآية ُ الرابعة ُ عشرة َ)

سوَّى ما اجتمع َ من قماش ِ غِطاء ِ فرش ِ السَّرير حين اعتلاه ُ، و تفرهد َ في المساحة ِ بعد َ أن ألقى فوقــَـه ُ "حرام" الصوف البُّنِّي الذي ارتسم َ فوقه ُ نمر ٌ زائر ٍ، و "لحافا" ً تزخرف َ بدوائِر تشكيلية ٍ بدا أن اجتماعها مع رسم ِ النَّمر ِ يبعث ُ على سُخرية ٍ خفيَّة ٍ توشي بتلك َ الحياة ِ المُتناقضة ِ التي لا معنى لها في ذاتها و لا هدف. كان َ كأسُه ُ مُترعا ً فوق "الكومودينة" (منضدة صغيرة)، و صحن ُ الجُبنة يُخبر ُ بشَـرَه ٍ عكستهُ الأصناف ُ العديدة ُ التي اجتمعت فيه.

سعى بيمينـِــه نحو الكأس ِ حتّى إذا ما جسَّته أناملها قبض كالعاشِق ِ على رقبته ثم َّ سحبه ليدنيه ِ من فمِه ِ فيهوي َ بشفتيه ِ على حافـته الزجاجية ِ الشفَّافة ِ في حُبور ٍ و حُنوٍّ لا يخفيان ِ على سِكّـِير. مجَّ منها ما تيسَّر قبل َ أن يسرح َ عقلُه ُ في رحاب ٍ عجيب. تبدَّت له الدَّنيا في تلك اللحظة ِ رسما ً سورياليا ً تداخل َ معناه ُ في اللامعنى و انسكب َ وجودُه ُ في اللاوجود. غدت الكيانات ُ كلُّها واحدا ً لا فرق بينها سوى في الاعتقاد ِ العقليِّ الناجم ِ عن نشاطها البيولوجي، أمَّا في ما سِوى ذلك َ فواحِدة ٌ هي َ في الوجود َ الأوحد.

دخلت ِ ابنتُه ُ إلى الغرفة ِ و هي تخطو ُ بفرح ٍ غامر: "بابا شوف شو أعطونا اليوم في المدرسة!"، و قرَّبت منه ُ على إثر ِ القول ِ "مج" من السيراميك، كوب ُ شراب ٍ ساخن هو، عليه ِ قد خُطَّت ِ الجُملة ُ: Merry Christmas.

نظر َ إلى الكوب و ابتسم َ لها و قال: "كل سنة و انتي ست الصبايا يا بابا! كل عام و انتي بكل خير!"، قبَّلها و قد اغرورقت عيناه ُ بالدمع. ما أسرع َ ما يكبرون! و ما أسرع ما نهرم ُ نحن! البارحة َ حملتــُها إلى طبيب الأطفال و أنا أكاد ُ أختنق ُ خوفا ً عليها، و هي َ اليومَ تُفزعني بعنف ِ الحياة ِ التي تتفجَّر ُ منها، إنَّها أعظم ُ من كلِّ الآلهة ِ التي عبدها البشر، بل من تكون ُ الآلهة ُ تلك َ حين تخطو بنيَّتي، فليختبئوا ذُعرا ً من صدق ِ شبابها حين َ يكشف ُ زيفهم.

خرجت من الغُرفة ِ و قد أودعته ُ ذكرى بدا أن ْ لا علَّة ً معقولة ً استحضرتها لكنها كانت. أحسَّ أنَّه ُ يرقب ُ إيليا النبيّ و قد هرب من وجه ِ الخطر ِ إلى الأرملة ِ المذعورة.

تابَعَه ُ و هو يطلب ُ منها أن تخبزَ له ُ رغيف َ الدقيق، و استمع َ لها و هي تعتذر ُ بقلَّة ِ ما تملك عن قلَّة ِ ما تملك، و سمع َ إيليا يُقسم ُ لها أن الدَّقيق َ لا يفرغ و الزيت َ لا ينقص حتى يأتي المطر بكلمة ِ الإله.

يااااااه، كم أنت َ صبور ٌ يا إله ّ إسرائيل! ثلاث ُ سنين ٍ تشتاق ُ الأرض ُ للمطر ِ فلا تُعطيها من أجل ذنب ملكِها و زوجة ِ ملكها و كهنة ِ البعل! ما شأن ُ الشعب ِ في عينك َ يا إله َ إسرئيل َ و كيف تستقي الأرملة ُ ماء ً فلا تسقيها بعد َ موت ِ زوجها حتى يأتيها إيليا!

نظر َ إلى كأسِه ِ و صحن ِ الجبنة ِ المُرافق له، تبدَّى له ُ باخوس إله ُ الخمر ِ واقفا ً بجانب ِ السَّرير، أكثر حنانا ً من إله ِ إسرئيل، تبسَّم لهُ باخوس ثم قال: بصحتك، و رفع كأسه َ إلى فمه ليشرب، فصاح َ به ِ: توقَّف. نظر َ باخوس إليه ِ في عجب ٍ و قال: ينبغي لنا أن نُتمِّم َ كل َّ بر! فرنا إليه ِ بعين ٍ ثقيلة و سأله: أأنت َ ديونيسيوس أم ننتظر ُ أخرا ً؟

ابتسم َ باخوس للسؤال ِ و لم يجب لكن َّ رسم َ وجه ٍ على كأس ِ باخوس بدا و كأنَّه ُ يتشكَّل ُ ثلاثي َّ الأبعاد ِ و يكتسب ُ الحياة َ، حتَّى إذا ما تكثَّفت طاقتُه ُ و اكتمل َ بناؤه ُ امتدَّ من من الكأس ِ إلى صاحبنا فقال:

"اشرب
حي ٌّ هو باخوس
إن َّ صحن َ الجبنة ِ لا يفرغ
و كأسك َ المُترعة َ لا تنقص
حتى تسمعهم يرنِّمون: Jingle Bells!
"





#نضال_الربضي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 5 – الماهيَّة و الجذر – ج4.
- عن: أشرقت قطنان.
- الدكتور أفنان القاسم و خلافته الباريسية.
- بوح في جدليات – 15 – حينَ أغمضت َ عينيكَ باكراً
- العقل المريض – 2 - تغوُّل الخطاب الديني نموذجا ً.
- قراءة في العلمانية – حتمية ٌ تُشبه ُ المُعضِلة.
- كرمليس – ربَّ طليان ٍ بعد تنزيل ِ الصليب.
- العقل المريض – ألفاظ: عاهرة، ديوث، كنموذجين.
- بوح في جدليات – 14 – مامون.
- عن اقتحام ِ المسجد ِ الأقصى المُستمر.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 4 – الماهيَّة و الجذر – ج3.
- مع صديقي المسلم على نفس أرجيلة.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 3 – الماهيَّة و الجذر – ج 2.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 2 – الماهيَّة و الجذر – ج 1.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – مُقدِّمة للسلسلة.
- بوح في جدليات – 13 – لوسيفر.
- قراءة من سفر التطور – 6 – من ال 1 إلى ال 3.
- بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريَّا.
- قراءة في الوجود – 5 - الوعي كوعاء للعقل و الإحساس و ما دونه.
- قراءة في الوجود – 4 – بين وعي المادة و هدفها.


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال الربضي - بوح في جدليات – 16 – حيٌّ هو باخوس.