أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال الربضي - عن: أشرقت قطنان.














المزيد.....

عن: أشرقت قطنان.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4993 - 2015 / 11 / 22 - 15:36
المحور: حقوق الانسان
    


عن: أشرقت قطنان.

أشرقت فتاة ٌ فلسطينية عمرها ستة َ عشر َ عاما ً، دهسها أحد المستوطنين قرب حاجز حوارة جنوب نابلس، ثم أطلق عليها الجنود الإسرائيليون النار فأنهوا دورة الحياة في جسدها، و أخمدوها للأبد.

التسويغ جاهز: تحمل سكِّينا ً، يُعلنُـه مستوطنون يدورون برشاشات العوزي جهارا ً نهارا ً، أو جنود ٌ مدجَّجون بالسلاح يتمركزون على أرض ٍ لم تكن لهم فأصبحت بقوة ِ الأمر الواقع لهم. لقد أصبحوا دولة تعترف ُ بها كل أمم الأرض، تملك جيشا ً من أقوى الجيوش، و تُسهم ُ بكل فاعلية في الحضارة الإنسانية من جهة ِ الاختراعات ِ و العلوم، و تتبنَّى دستورا ً غربي َ الطابع من جهة حقوق ِ الإنسان و نظام الدولة و بنية المجتمع.

كل السابق ِ لا ينفي أن الفتاة َ قُتلت بوحشية، و أنها ماتت بحسرتها على: أرض ٍ مسروقة، و شعب ٍ مظلوم، و مُستقبَل ٍ حُرمت منه، و أحلام ٍ مـُـبسترة لأشباه ِ أشياء ٍ يحصل عليها أطفال ُ العالم ِ الأول و من ضمنهم الطفل الإسرائيلي تلقائيا ً كحقِّ مُكتسب ٍ بالولادة لا بالجهد ِ أو السعي.

لا أريد ُ أن أخوض في موضوع حمل الفتاة للسكين واقعا ً أو تلفيقا ً، فالحقيقة ُ التي يجب ُ أن نرتقي َ و ننضُج َ لإدراكها أنَّ السِّكِّين مجرد ُ مظهر ٍ لمشكلة، و المشكلة هي التي يجب ُ أن نناقشها و نتحدث َ فيها، لا مظهُرها. هل حملت أشرقت السكين؟ ربَّما، لكن لو كانت قد حملته فلم َ حملته؟

و إن كانت فعلا ً قد حملته فهل تضرب ُ به سيارة َ المستوطن و هو بداخلها؟ أهو سكِّين ٌ خارق ٌ للمعادن؟ أم ربَّما كان شبَّاك ُ السيارة ِ مفتوحا ً فأرادت أن تطعن َ الرَّجُل حين حاذت السيارة و الذي أدرك بسرعة ٍ هدفها ثمَّ بسرعة ٍ أكبر أدار سيارته في مناورة ٍ بهلوانية ليصبح َ جسد ُ أشرقت أمامه لا بمحاذاته ثم دهسها؟ حاول عزيزي القارئ تخُّيل َ هذا المشهد، على أشرقت أن تكون َ شديدة َ السذاجة و على المستوطن أن يكون َ سوبر سائق و سوبر ماهر في القيادة ليحدث َ مشهد ُ الدهس؟

أم ربما كانت أمام السيارة ِ حين دهسها، و في هذه الحالة بالقطع لم تكن السكِّين (إن كان هناك سكِّين) ظاهرة ً أمامه، فلم َ دهسها؟

كل السابق لا يهم، فلقد دهسها و تعطلت عن الحركة، لكن زيادة ً في الاحتياط و الاحتياط واجب طبعاً كان لا بُدَّ من إطلاق النار عليها، حياة ُ المستوطنين غالية بلا شك، أمَّا أشرقت فمجرد ُ فلسطينية ٍ من هؤلاء ِ الهمج الذين تصادف َ وجودهم على الأرض ِ التي أخذها أسلاف هذا المستوطن قبل تسع ٍ و ستين عاما ً، محض ُ برابرة ٍ عرب، لا قيمة َ لهم، و عليهم أن يفهموا حجمهم جيدا ً.

على هامش ِ الخبر قام الفرع الفلسطيني لداعش باغتيال ِ أحد قادة ِ حماس بتفجير سيارته، و هدَّد َ باستهداف قادة ٍ آخرين، بينما يتشدَّقون كلَّ يوم ٍ بقيام دولة ِ الخلافة ِ التي ستصون ُ المسلمات ِ و تُعزَّ المسلمين، و هكذا يسقط اليوم َ فلسطينيان، أحدهما بيد ٍ إسرائيلية و ثانيهما بيد ٍ فلسطينية.

هل ترون َ ما أحاول ُ أن أعرضَه ُ أمامكم؟

إننا رخيصون َ جدَّا ً في عيون ِ بعضنا البعض و أكثر ُ رُخصا ً في عيون ِ الإسرائيلي، و مثل ُ ذلك َ في عيون ِ العالم. كم يتعاطف ُ مع غزَّة ٍ أو مع بيروت مقارنة بمن يتعاطفون مع باريس و نيويورك و إسبانيا و بلجيكا؟

لا نستطيع ُ أن نلوم َ العالم َ حينما لا يصدق ُ أننا أصحاب ُ حق، فنحن ُ ننكر ُ الحقَّ على بعضنا، نقتل ُ بعضنا بالفكرة و الاستهداف اللفظي الذي يسبقه اقتناع ٌ داخلي بتميُّزنا على أخينا الآخر، و حينما تسوء ُ الأحوال الأمنية ُ بأيدينا نحن نمضي لقتل بعضنا بالسلاح و استهداف ِ كلِّ رمز ٍ يُمثِّلُ الآخر،،،

،،، الحقُّ عندنا هو حقُّ أعضاء مجموعتنا، طائفتنا، حزبنا، و خارج َ هذه لا حقوق َ و لا وجود، فقط استهداف للإنهاء الصفري.

الإسرائيلي سيِّد يُتقن ُ السيادة َ و لا يتكلَّفها فهو يعيشها كجزء ٍ من طبيعته، أخلاقُه أخلاق السيد، توقُّعاته من الحياة توقعات السيد، تعامُله مع الحياة تعامل السيد، مشاركته في الحضارة مشاركة ُ السيد،،،

،،، أما نحن فأخلاقنا أخلاق العبيد الذين تفرِّقُهم كلمة جملة فكرة، توقُّعاتنا من الحياة توقعات ُ عبيدٍ يطلبون: الأكل و الشرب و اللباس بالفعل، و تحقيق َ الطموح ِ بالتَّمنّي و انتظار المعجزات. مشاركتنا في الحضارة مشاركة ُ عبيد: يتلقُّون ما يُعطون و يستهلكون و لا يساهمون في إنجاز ٍ حضاري أو علمي.

ماتت أشرقت، قتلها ضعفُنا، غضبُنا الفائر ُ بلا ضابط، نَزَقـُـنا الهاجم ُ بلا عقل، فُرقُتنا، مكانتــُـنا الذليلة عند أمم ِ الأرض، انعدام ُ وزننا الحضاري، فشلـُـنا في خلق ِ أجيال ٍ تُفكِّر بسوية ٍ و حكمة ٍ و تُخطَّطُ للمستقبل من خلال قنوات العلم و الإبداع،،،

،،، قتل أشرقت تحشيد ٌ عاطفيٌّ عنتري ٌّ فارغ، كلام ٌ عن مقاومة ٍ مُسلَّحة و صمود ٌ أسطوري، هراء ٌ لا يقيم ُ وزناً للضحايا الشباب الذين يتناقصون َ ليل َ نهار ٍ مُعتقلين أو مُشوَّهين أو ذوي عاهات ٍ أو أمواتا ً تحت التراب. هراء ٌ لا يأتي بثمار ٍ على المدين القريب أو البعيد، مجرَّد ٌ تنفيس ٍ غير برئ ٍ و غير ِ ناضج ٍ ينخرط ُ فيه مُعظمُنا و هو جالس ٌ يشرب ُ من المج النيسكافيه أو الشاي و يسحب ُ من سيجارته أو أرجيلتِه بشراهة و هو يُعلن ُ التزامَه بقضايا أمَّتِه المصيرية، إنها أوهامُنا المُتضخِّمة و ذواتنا النرجسية ُ التي لا تقيم ُ وزنا ً لواقع ٍ أو تاريخ ٍ أو لقانون ِ: السبب و النتيجة.

أشرقت جزء ٌ من معادلة ٍ مُستعصية ٍ على الحل، أطرافها: الاحتلال، الجهل، التحشيد العاطفي، الظلم، التشرذُم القومي، التشدُّد الديني، إجرام ُ المستوطنين، لا مبالاة ُ العالم الأول، و: فشلُنا نحن.

أختي الصغيرة: سلام ٌ على ذكراك ِ الطيبة، سامحينا!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور أفنان القاسم و خلافته الباريسية.
- بوح في جدليات – 15 – حينَ أغمضت َ عينيكَ باكراً
- العقل المريض – 2 - تغوُّل الخطاب الديني نموذجا ً.
- قراءة في العلمانية – حتمية ٌ تُشبه ُ المُعضِلة.
- كرمليس – ربَّ طليان ٍ بعد تنزيل ِ الصليب.
- العقل المريض – ألفاظ: عاهرة، ديوث، كنموذجين.
- بوح في جدليات – 14 – مامون.
- عن اقتحام ِ المسجد ِ الأقصى المُستمر.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 4 – الماهيَّة و الجذر – ج3.
- مع صديقي المسلم على نفس أرجيلة.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 3 – الماهيَّة و الجذر – ج 2.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 2 – الماهيَّة و الجذر – ج 1.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – مُقدِّمة للسلسلة.
- بوح في جدليات – 13 – لوسيفر.
- قراءة من سفر التطور – 6 – من ال 1 إلى ال 3.
- بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريَّا.
- قراءة في الوجود – 5 - الوعي كوعاء للعقل و الإحساس و ما دونه.
- قراءة في الوجود – 4 – بين وعي المادة و هدفها.
- بوح في جدليات – 11 – في مديح ِ عشتار - نحن ُ الإنسان!ّ
- قراءة في اللادينية – 6 – مقدِّمة في مظاهر ما قبل الدين عند ا ...


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال الربضي - عن: أشرقت قطنان.