أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جواد كاظم غلوم - أيها الآباء والأمهات كفّوا عن إغراق أطفالكم














المزيد.....

أيها الآباء والأمهات كفّوا عن إغراق أطفالكم


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 5021 - 2015 / 12 / 22 - 00:44
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


أيّها الآباء والأمهات كفّوا عن إغراق أطفالكم

كثرت في بلادي ظاهرة الهجرة والفرار من بلاد الرافدين النزقين بشكل لم يسبق له مثيل حتى بتنا نفاجأ بأحيائنا وجيراننا يتركون بيوتهم قفرا ويهربون بغمضة عين ودون مقدمات ودراية مسبقة
فما سأقوله في هذه المقالة صريح ودقيق جدا دون أية إضافات أو تزويق أو بهارات بلاغية
سأنقل اليكم اعزّاءنا القرّاء الحقيقة التي ظهرت أمامي حرفا حرفا ونقطةً نقطة .
يعيش جاري المهندس الوديع الوسيم الخفيف الظلّ والذي اظنه دون الاربعين من عمره قريبا مني مع زوجته المهندسة المكتنزة بالجمال وبهاء النفس في بيت عامر جميل يضمّهم منذ أمد ليس بالقصير وكثيرا ما نتبادل السلام والترحيب كلما التقينا صدفةً وقد وهبه الله صغيرين جميلين من نسله ؛ ولد وبنت دون سن الثامنة وزوجته حامل في شهرها الخامس كما عرفت مؤخرا من جيراني المقرّبين ، هذا الجار العزيز الهادئ الطباع لايعوزه شيء من الحاجات المادية ويعمل في احد المشاريع الهندسية في مرتعٍ من البحبوحة واليسر اضافة لما يغدقه أهله الميسورو الحال على اسرته لمواصلة حياته في اسعد وضع من العيش الكريم القائم على الاكتفاء بل وحتى الرخاء .
وبسبب اوضاعنا المأساوية التي نعيشها في العراق والتي لا اريد ان اسهب في تفاصيلها وغرائبيتها وشذوذها فهي معروفة للقاصي والداني ؛ قرر هذا الشاب مع زوجته السفر الى تركيا لعله ينفذ بجلده وعائلته الى موطئ قدم في بلاد يختارها كلاجئٍ ويقضي ما تبقى في حياته في المهجر هو وعائلته وقد وردتني اخبار منه انه عازم على الإبحار عبر بحر ايجه عسى ان يصل الى اية جزيرة يونانية كمحطة اولى ثم يسعى الى السفر والوصول الى اية دولة اوروبية تمنحه اللجوء غير ان حظه العاثر خيب اماله اذ استقل المراكب المتهالكة المعدة للتهريب وكان مصيره الغرق والموت المحتم هو وزوجته وولديه .
قرر والده الثريّ جدا جلب جثامين الاسرة مهما كلّف الثمن لاجل دفنهم قريبا منه ليستمر في زيارة مثواهم والبكاء على قبورهم وانتظر اياما حتى وصلت خاصة
كنت في بيتي اقرأ كعادتي اول الصبح بعد ترويقة خفيفة .... وفجأة وبدون سابق انذار تعالت الى مسامعي صيحات الندب والعويل والنحيب وفوجئت امام ناظريّ بأن نعوشا اربعة تتضح امامي في الشارع محمولة على أكتاف أهله وأحبابه وجيرانه مع ترديد عبارات التوحيد والتكبير .
وكم كانت صدمتي موجعة حينما ايقنت ان هذه النعوش تعود لجاري المهندس وعائلته فقد اغرق البحر كل عائلته ولم يبقِ احداً حياً لتخليد هذه الاسرة الراحلة . هذه الحادثة المروّعة أعادتني الى قصة الطفل السوري الكردي الغريق " ايلان " والتي رميت الرياح العاتية وموجات البحر جثّته على ساحل البحر وبعدها توالت كوارث الغرق للاطفال خاصةً وقد تأكّد لي ان كثيرا من اطفالنا العراقيين لقوا المصير نفسه مثلما يلقى السوريون المصير نفسه وهم يركبون البحر خلاصا من أوطانهم العاقّة بهم ، لكن الحادثة المفجعة لعائلة جاري المهندس كانت اكثر ايلاما ووجعا وتمزيقا لدواخلي ربما لاني اعرفهم عن كثب وقد امتثلت امامي بكل مأساتها وفجيعتها ، فالذي يسمع ويتسقط الاخبار غير الذي يرى الجنائز واجداث الموتى القريبين له بأمّ عينه
تُرى اكان حقا عليه وهو الاب المهندس الواعي ان ياخذ اولاده الصغار معه ويجازف بهم في ابحار غير آمن على مراكب هزيلة ومتهالكة وهل يباح له ان يغامر بأولاده في رحلة مليئة بالمخاطر ويتراءى الموت امامهم وهم يتأرجحون وسط موجات البحر الهائجة ؟ .
قد نبرر للانسان الواعي الناضج ان يغامر بنفسه وحده ويبحر طلبا للجوء والعيش بعيدا عن مأسي بلده الذي يزخر بالويلات والكوارث والقتل العشوائي في دولة ضاع فيها القانون وغاب عنها العقاب عن القتلة واللصوص وزعماء العصابات بل اتاح لهم الزمن الوغد ان يتبوؤا اعلى المناصب في السلطات الثلاث ... أما ان يضحي المرء بأولاده الصغار فهذه هي الكارثة الكبرى فمهما اشتد الظلم وكثر الحيف وتعددت المخاطر فمن الخطأ والخطل ان تنسحب على الاطفال الصغار فما ذنبهم ان يدفعوا حياتهم ثمنا لرغبة اب متذمر من وضع مزرٍ ؟؟ مع اني اعرف ان الوضع الذي نعيشه مريرٌ جدا ولايحتمل ابدا ولكن مصير اطفال يموتون غرقى أكثر مرارةً وألماً بأشواط لاحدود لها

بؤسا لك ايها البلد غير الآمن ؛ متى تحتضن اولادك ورعاياك وبني جلدتك ؟؟ ؛ أتظل طاردا لشعبك وتبيح لهم ان يركبوا الصعاب ويضحّوا بأنفسهم وأولادهم إكراما لحفنةٍ رخيصة من ساسة لا يعرفون اية قيمة للإنسان ولا يهمهم سوى اشاعة الفساد وشلّ البلاد وقتل العباد . وقبيل ان انتهي من مقالتي هذه صدمني خبر مفزعٌ آخر مفاده ان مئة وثمانين لاجئا عراقيا بضمنهم اطفال قد غرقوا في اعماق في بحر إيجه ولم تنتشل الاّ اجساد القليل منهم
اذا كانت الامم المتحدة ومنظمة " اليونسيف " على الاخصّ نائمة وفي غفلة عمّا يجري من دفع الاطفال للموت غرقا لتكون نذورا وأضاحي لأفواه البحار التي لاتشبع من اللحوم البشرية الطرية للصغار فليس لي إلاّ ان ادعو اولياء الامور الاّ يغامروا بأولادهم واطفالهم ودفعهم للسير في هذه المهالك فهؤلاء الملائك الصغار لهم حياتهم التي حباها الله لهم وليست ملكا لأبويهم وانْ أنجبوهم وطرحوهم في اية بقعة قاسيةً كانت ام راحمة وحانية مع اني اعلم تماما ان حالنا المعيشي لايطاق لكن الموت غرقا – وبالاخص للاطفال الصغار – يعدّ من اكبر الكبائر بحق الطفولة البريئة .
حنانيكم ايها الاهل ، ان بعض الشرّ أهون من بعض



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سترقص الديمقراطية فرحا في العراق ؟؟
- بين ثوّار العولمة الجديدة وثوار حركات التحرر الوطني
- المستشارة الالمانية ميركيل سليلة نسوة الانقاض
- يومٌ مثقلٌ بالنشوة
- قصيدةٌ بعنوان - حُلُمٌ يخاتلُ طريدتهُ -
- العراق ورداؤه العشائريّ المهلهل
- متى نبدأ عصر التنوير ؟
- شرَرٌ يتطايرُ من مثوى ابن المقفّع
- عشقٌ من وراء زجاج
- مِنَ الملوك اذا حكموا دولةً أنهضوها
- بغداديو أميركا بيكون جَدّتهم
- لا أريد ان أكون مليونيرا
- صفحاتٌ ممزّقة من كتاب الوعد والعهد
- سيلفي من كاميرا السلف الصالح
- السلطة القضائية في العراق لعبة في أيدي أطفال السياسة
- متى تتحوّل الاحتجاجات والتظاهرات العراقية الى انتفاضة ؟؟
- ماذا على السيد العبادي ان يفعل ؟؟
- القراءة وعناؤها
- العسيرُ والاكثرُ عسراً وما بينهما
- في مطبخ اللحمة الوطنيّة


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جواد كاظم غلوم - أيها الآباء والأمهات كفّوا عن إغراق أطفالكم