أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - شرَرٌ يتطايرُ من مثوى ابن المقفّع














المزيد.....

شرَرٌ يتطايرُ من مثوى ابن المقفّع


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 4986 - 2015 / 11 / 15 - 11:01
المحور: الادب والفن
    


شَرَرٌ يتطايرُ من مثوى ابن المقفّع


أنا من نبْتِ بلادِ فارس
تمرّغتُ في غِرْينِ عَراقتِها
توغّلتُ حتى وصلتُ جذورَها
استحممتُ في غدائرِها
تطهّرتُ في أنهارِها
حلّقتُ ووصلْتُ الى أعاليها
عشقتُ سموَّ اللهب
تظلّلتُ بعرشِ الطواويس
أنضجتْني وديانُها البهيّة
نهلتُ من مائِها الرقراق
مرحتُ في مرابعِها وجنانِها
قرأتُ ملاحمَها وسِفْرَ تأريخِها
عشتُ في مدائنِها العامرةِ بالخيلاء
طفتُ في دروبِها الوعرة والسالكة
شحذتُ قلمي بحجَرِ جبالها
كان مِدادي عطرَ زهورها
وصحائفي أوراقَ غاباتِها
لعقَ لساني ندىً من صباحاتِها
وِسادي الحُلمُ والكتاب
شذّبتُ جناحَيّ لأحلِّق وأطيرَ اليكم
غير ان الرياحَ السموم اللاهبة
حملتْني إليكم بيومٍ عاصفٍ
ممطرٍ بالهمِّ والفألِ النحْس
جئتكم ثقيلا ثقيلا بأحمالي
مِدْيتي قلمي ونافورتي دمي
أنا من حملتُ لكم رواءَ الغيوم
لتكتنزوا وتعتبروا وترْووا أديمكم
أنا من بسطتُ الهندَ والسند سجّادةً
لتهنأَ في خيامِكم المرتّقة بالجهل
أنا من لويتُ نارَ فارس
وحشرتُها في إنائِكم وأباريقِكم
أنا من احتميتُ بكم لائذاً
مُمسِكاً بأثوابكم البالية
وكنتُ مطيّاً لركابِكم
أنا من أسكرتُكم عسلَ الكلام
لكنكم لسعتموني ظلماً بسياطِكم
أحرقتم تبْري النفيسَ
وأبقيتم لي رمادَ مكائدِكم
عفّرتم حريري بالترابِ والشوك
أنا من أنطقتُ حيوانَ الغاب
روّضتُه في صحاريكم ليؤنسَكم
ليمرحَ في بواديكم الجرداء
أنا من أصقلْتُ حرفَكم ليكون مأنوسا
استحمّ بمائي العذب فتطهّر من خبائثه
جرّدتُه من البداوة والصّلافة
أنا من آخى بين الوثنِ والنار
كما تآخى الكفُّ والمعصم
ركزتُ لكم تمثالاً بهيّا بازميلي
مالكمْ سلختمْ جلدي الناعم ؟؟!!
وشويتم لحمي البضّ الطريّ
كسرتمْ عظمي وعُودي النضير
هل شواءُ لحمي يلذّ لأحقادكم
حتى يقدّم لكم مآدبَ شهية ؟؟!
هل حرفي باترٌ كالسكين
حتى أُحَزُّ بنصلهِ
أنا من نجدتُ سيّدكم الهارب
خبّأْته في حماي
وحُمِّلتُ وزْرَ خطوبِه
قبل أن يطالهُ مخبروكم (*)
أنا حرفُ المشرقين
أنا سِلال " بيدبا "
فرشتُها في سُفْرتِكم
لتأكلوا ثماراً في أوّل جنْيِها
أنا فاكهةُ اللغةِ ورتوشُ الكلمات
أنا تاجُ البهجةِ ورتاجُ الجمال
أنا نكهةُ البديع والبيان
سلسلُ المعاني الحسان
أنا ريحانةُ الحكمة
وبريقُ البحرِ حين ينام
أنا الضوءُ المشوبُ بالعقلِ الراجح
أنا تطريزُ الفسيفساء
انحناءُ القوس قزح في ليالي الصحو
أنا غناءُ الكناري في مسالكِ الوحشة
أنا طيلسانُ المهابةِ وميعة الصِّبا
أحضرتُ لكم موائدي المطعّمةَ بالعافية
لكنكم غصصتمْ بها ولم تبلغْ ريقَكم
أنا قنديلُ التائهين
ومرعى شيراز
ومبسمُ تبريز
كنتم لي مرآةً في الصدور
وسوطاً لاسِعاً في الظهور
أتمضغون اخضرارَ الخسِّ
وتغفلون عن سَمادِه ؟!
تبيتون على وسائدِ الدماء
وتصحون على صليلِ السيوف
تسجرون يدي في تنّوركم
تأكلونه مع الخبزِ الحرام
تختنقون بدُخانِ أحقادِكم
لاتفتحون نافذةً تتنسمون بهوائِها
تعلُّ أنفاسَكم الضيّقة
كلُّكم شتمتموني
حزَزْتم عظمي بنصْلٍ يقطرُ كراهيةً
سوى شاعرٍ وسَّدني قصيدته
نوَّمها لتقاربَ لحدي ، تؤنسني
في ظلمتي الحالكة
ترتمي في أحضاني
وتُرخي من خناقي :

أعــرفـتَ قــبـــرَ ابـن المــقـفّعْ
صــار الثــرى عـيـناً ومدمــع
قــوســـي تــكسّــر كالـزجــاجِ
فــمـا بــدا للــقــوسِ مـــنــزعْ
قــد كَـــثَّ رأســـي بــيــنــكـم
لــكــنّ عــطــفــكمــو تصــلّع
وبـقيــت انـت كمـا الضــحـى
أنــقـى مـن الرؤيـا وأنصــع
تــأتي الجــمــال بـساعـديــكَ
وتــقبــرُ القــبـــحَ المــقــنّــع
يا بـلسـمُ العــشّــاقِ ، تشــفي
كــلَّ ذي شــــوقٍ تــــوجّـــع
يــا ســنــديـــان الــوردِ فــي
بستـــانـِك الابــهى تــضوّع
وبــفــيءِ روضِـك قــد نــما
زهــرُ البــنـفســج ثــم أيْنــع
وزهــا الــغــنــاءُ بـــشــدْوهِ
فصغى الصوانُ وراح يسمع
اللــؤلـؤ المــكنــون لايَــبـلى
وإن يُـنــسـى ويظــلّ اروع
مـهــلاً زرادشــت اللــظــى
هيئ جليـسَك خــيـرَ مرتــع
هــــذا سـلــيــلُـك راكــعـــاً
ويــريدُ ان يــبـكي ويـخشع
قــد عـاش طفـلاً في المهادِ
ومــا رأى ثــدْيـاً ليــرضع
تــركـوه حــمْــلاً نــازفـــا
هــذا يعـضُّ وذاك يقـطـع
مـامِــنْ حَـمِيٍّ بــيــنــكـــم
مامِـن مَهيبِ القول يـردع

جواد غلوم
[email protected]

(*) إشارة الى احتماء عبد الحميد الكاتب وتخفِّيه ببيت عبد الله بن المقفّع خوفاً من موتٍ محقق على يد العبّاسيين



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشقٌ من وراء زجاج
- مِنَ الملوك اذا حكموا دولةً أنهضوها
- بغداديو أميركا بيكون جَدّتهم
- لا أريد ان أكون مليونيرا
- صفحاتٌ ممزّقة من كتاب الوعد والعهد
- سيلفي من كاميرا السلف الصالح
- السلطة القضائية في العراق لعبة في أيدي أطفال السياسة
- متى تتحوّل الاحتجاجات والتظاهرات العراقية الى انتفاضة ؟؟
- ماذا على السيد العبادي ان يفعل ؟؟
- القراءة وعناؤها
- العسيرُ والاكثرُ عسراً وما بينهما
- في مطبخ اللحمة الوطنيّة
- أدباؤنا الأسلاف وسخريتهم من اللحى العريضة الكثّة
- مذكرات في خريف باريسيّ
- معزوفةٌ شعرية لغاليتي البعيدة
- قصيدة - جائلٌ في سوق الصفّارين -
- قصيدة بعنوان - كلّنا عقلٌ تهاوى -
- لماذا تصوّبُ السهامُ على اليمَن غير السعيد ؟
- ثاني أوكسيد الداء في ضيافتي
- هدأةٌ مشتعلة


المزيد.....




- بعد 24 ساعة.. فيديو لقاتل الفنانة ديالا الوادي يمثل الجريمة ...
- -أخت غرناطة-.. مدينة شفشاون المغربية تتزين برداء أندلسي
- كيف أسقطت غزة الرواية الإسرائيلية؟
- وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما
- الدراما العراقية توّدع المخرج مهدي طالب 
- جامعة البصرة تمنح شهادة الماجستير في اللغة الانكليزية لإحدى ...
- الجوع كخط درامي.. كيف صورت السينما الفلسطينية المجاعة؟
- الجوع كخط درامي.. كيف صورت السينما الفلسطينية المجاعة؟
- صدر حديثا : -سحاب وقصائد - ديوان شعر للشاعر الدكتور صالح عبو ...
- تناقض واضح في الرواية الإسرائيلية حول الأسرى والمجاعة بغزة+ ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - شرَرٌ يتطايرُ من مثوى ابن المقفّع