أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم غلوم - هل سترقص الديمقراطية فرحا في العراق ؟؟















المزيد.....

هل سترقص الديمقراطية فرحا في العراق ؟؟


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 5018 - 2015 / 12 / 19 - 12:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل سترقصُ الديمقراطية فرحاً في العراق ؟


لعل اخطر مايعيق نمو المجتمع الديمقراطي السليم ويسبب العثرات له هي تلك الانظمة العشائرية السائدة في مجتمعنا العراقي بشكل متجذر وراسخ ؛ اذ يصعب جدا بناء مجتمع مدني ليكون سَكَـنا رحبا للديمقراطية بوجود انقاض القبلية وأوحال التكتلات المذهبية والعِرقية ؛ وكثيرا ما اعجب متسائلاً كيف يمكن اشاعة المساواة بين مواطني البلد الواحد وازالة التمايز العِرقي والطائفي والديني وفوضى القبلية والتكتلات الدينية تصول وتجول في كامل بقاعنا العراقية دون استثناء اية بقعة !!
وقبلا وحاضراً سنحت لي الفرص ان ازور معظم البلدان العربية في اوقات زمنية متعددة واستقررت في بعضها ردحا من الزمن ورأيت ميلا للعشائرية في بعض الدول لكنها ليست بالرسوخ والتجذّر كما نراها في مجتمعنا العراقي القبلي ليس عند مواطنيه العرب وحدهم بل تجد هذه الإنضواءات ظاهرة للعيان لدى الكرد ايضا ولدى الاقليات الاخرى ضمن المجتمع العراقيّ
فقبل اكثر من قرن وبالذات في العام/1910 كتب احد نواب بغداد في البرلمان العثماني مايلي : اسلمُ للمرء الف مرة ان يحتمي بالعشيرة من ان يحتمي بالدولة لان العشيرة تقف الى جانب ابنها في الوقت الذي تتخلى الدولة عن مواطنها فيميل ميزان عقله لعشيرته التي تنصره سواء كان ظالما او مظلوما . وبذلك نفقد دولة المواطنة شيئا فشيئا خاصةً اذا ضعفت الدولة وعجزت عن سنّ قوانين تهدف الى مساواة ابناء الوطن الواحد دون النظر الى معتقداتهم وأصولهم العِرقية والتي تسبب ظهور حالة من الطبقية والتمايز بين فرد وآخر ، وقد يظهر ماهو أسوأ من ذلك حين تتغنى الدولة بالعشائرية وتُولي اهتماما اكبر برجالها وصفوتها ومحاولة إرضائهم واحتضانهم بالهدايا والرشى والحظوة وحتى بالسلاح ، ومدّ اليد اليهم على حساب المواطن المعزول من التكتلات والذي يتطلع الى دولة مدنية ومساواة وعدالة مما يسبب نكوصا وانكسارا حينما تكون الغلبة لرئيس القبيلة وتكون كلمته هي الفصل بينما القانون وسلطته القضائية تُضرب عرض الحائط . وتبرز نظرية " التشظي "كما يسميها علماء الاجتماع ظاهرة للعيان بابشع صورها وينشغل المجتمع والدولة بالهويات الفرعية ويتكتل الحشد الاصغر ( العشائرية والمناطقية والتمذهب )ويضيع الحشد الاكبر (الوطن والمواطنة ) وهذه هي الكارثة الكبرى ،ولنضرب مثلا على تفشي النزعة العشائرية في العراق في العهد الملَكي ؛ حيث كان المجلس التأسيسي العراقي الذي شُكّل العام/1942 بأعضائه التسعة والتسعين يحوي اربعة وثلاثين عضوا من شيوخ العشائر والأغوات في صفوفه ، كما بلغت نسبة اعضاء مجلس النوّاب العراقي من مشايخ وزعماء القبائل 38 بالمئة بعد الانتداب البريطاني مما يتضح ان العشائرية ليست جديدة على مجتمعنا وانما هي مترسخة منذ تأسيس الدولة العراقية وقبل تنصيب فيصل الاول ملكا على العراق منذ اوائل العشرينات من القرن الماضي
ويبدو ان هناك تعمّدٌ في الابقاء على سلطة القبيلة واضعاف سلطة المواطنة وتهميش المجتمع المدني وترسيخ الهيكل العشائري منذ تأسيس وطن سُمِّي العراق بمملكة مستوردة من اراضي نجد والحجاز وملك منتسب الى العائلة الهاشمية الحجازية المولد والمنبت . ولأن تلك الجذور متأصلة وموغلة في العمق .
انظروا ما فعل الاحتلال الاميركي لبلادنا سنة/2003 حيث أبقى مبدأ المحاصصة السيئ الصيت ووزع المناصب وفق الاطر المذهبية والقومية بحجة ان هذا المجتمع قائمٌ على تلك القواعد ويصعب جدا هدمها بغمضة عين ، وفي ظني انه لم يرتكب خطأً فادحا ، انما فداحة الخطر انه عمل على عزل دعاة المجتمع المدني وتهميش الليبراليين واليسار من قيادة هيكل الدولة او على الاقل اضعاف دورهم لاقصى حدّ ، فالاحتلال يروقه ترسيخ الطائفية والعِرقية ومشاريع الاقلمة لكي يضمنوا ان يكون وطننا مقطّع الاوصال وبدأوا يلوكون بألسنتهم مفردات مثل الفيدرالية والكونفيدرالية لترويجها في نفوس دعاة التجزئة ؛ وبدلا من ان يعمل الاميركيون على ايقاف عجلة الحشد الاصغر ويقوموا بتثبيت دعائم الديمقراطية الصحيحة القائمة على المواطنة والمجتمع المدني الذي يساوي بين المواطنين دون النظر الى المعتقد او القومية او الجنس لكنهم جلبوا لنا ديمقراطية عرجاء مشوّهة الملامح وقُسّم الشعب تقسيمات أثنية ومذهبية على غرار ماقام به سيّده الاقدم ( ابو ناجي ) كما يحبّ العراقيون ان يسخروا ويُكَّنوا المستعمر البريطاني . كمن أنبت في ارضنا شجرة خالية من الثمار وعديمة من الظلال وصرنا ديمقراطيين بلا ديمقراطية " . وكيف يعقل ان تستمر دعائم الديمقراطية الحقة اذا كثرت وتعددت احزاب ثيوقراطية وتكتلات عشائرية ودينية وأعلنت العداوة مع الخصوم الليبراليين وذوي الميول اليسارية واتباع المجتمع المدني لأن السياسي الذي يتخذ من الدين او المذهب عكّازا له لايمكن ان يتقبل شريكه الليبرالي المنافس له في صناديق الاقتراع وسيرى في خصمه الاخر عدواً له وقد ينعته بالكافر او المارق اذ يعتبر نفسه في حرب مقدسة بينه وبين منافسه وعليه مسؤولية اعلاء شأن المذهب او القبيلة باعتباره حامي حمى الدين والحصن المنيع لاهله وقوميته ومذهبه ، وقد لايتوانى من استخدام القوة والسلاح ضد الطرف الاخر باعتباره عدوا وكافرا وبهذا تنتفي مبادئ المساواة التي نعتبرها ابسط مانادت به الديمقراطية ، ناهيك عن غياب قانون الاحزاب الذي يبدو انه مازال على رفوف مجلس النواب منذ امد طويل ولم يتم مناقشته وإقراره بعد ولانظنّ انه سيخرج في القريب العاجل اذا استمر الوضع بهذا الشكل الذي لايبشر بحلول قريبة لأن إقراره سيطيح بمعظم الاحزاب الثيوقراطية التي لاتتوافق مع النهج الديمقراطي الصحيح المعافى والمتعلّقة بفصل الدين عن الدولة وسوف تذوي بقية التكتلات والتيارات السياسية المموّلة من خارج الحدود
نحن شعب لانمتلك ثقافة الديمقراطية وهذه اساس عِلّتنا ، ربما نمتلك تقنية الديمقراطية المتمثلة بصناديق الاقتراع وخبرْنا عمليات التصويت وشكّلنا هيئة لوجستية اسمها المفوضية العليا للانتخابات وهي المسؤولة عن تنظيم العمليات الانتخابية وتسجيل القوائم الانتخابية وقبولها او رفضها وفق معايير كثر اللغط بشأن عدالتها وانشغلنا بالقشور الشكلية واهملنا لبّ وروح النظرية الديمقراطية التي تعتمد اساسا على المساواة وعدم ابعاد الاطراف التي تريد ان تشارك في العملية الانتخابية بذرائع قد لاتقنع الكثير ؛ ناهيك عن اشراك رجال الدين ودعاة الطائفية والموتورين وطالبي الثأر وزجّهم كمرشحين لملء مقاعد مجلس النواب ، ولك عزيزي القاريء ان تتصور كم يلعب هؤلاء بعواطف السذّج من الناس من خلال قيامهم بتخويف الناخبين بالعقاب والسعير من الله اذا لم ينتخبوا هذا الوليّ الفقيه الذي بعثه الخالق منقذا لهم ومخلّصا اياهم من براثن الكفر الذي يشيعه منافسه المرشح الآخر مستعينا بحشد من ميليشياته واتباعه الذين يمارسون التهديد والوعيد على الملأ الذي لاحول له ولاقوة فينصاعون لانتخابه خوفا من عقاب الله وأملا من خلاص لايتحقق
هكذا يؤدلجون الدين سياسيا ويزجّوه في مشاعر الناس ويفسدون عقائدهم ويلوّثوا ماتبقّى من صفاء وطهر في روح الدين ويخربون العلاقة الوثيقة بين المؤمن وربّه
اما دعاياتهم الانتخابية المثيرة للسخرية فحديثها يطول لما نلحظ من مفارقات تثير السخرية احيانا وتبعث على الاسى غالبا فهذا شيخ العشيرة المنضوي تحت خيمة رجل الدين يتوعد قومه واتباعه بالويل والثبور والطرد من القبيلة اذا لم ينتخب هذا المولى والتبرّك بعمامته السوداء والبيضاء وذاك الزعيم الديني المنضمّ الى القائمة الاخرى المنافسة يجرّ سياراته المحملة بالاغطية والبطانيات ليوزعها على فقراء الناس في الاقضية والنواحي والقصبات البعيدة واعدا اياهم بحياة ملؤها البذخ ليغرقوا في النعيم والرفاه في حالة فوزه وذاك المرشح الذي يسمي نفسه ليبراليا مثقفا يحمل ماخفّ حمله من كروتات شحن ليوزعها رشى على رهطه ليفوز باصواتهم ويفرش لهم الحرير والسجادات الحمر ويمطر عليهم كلاما معسولا حلو المذاق في السمع ثم يتبيّن انه مريرٌ في الحلق
سادتي المبتدئين على تعلّم الف باء الديمقراطية اقول لكم انها شجَرٌ عامرٌ بالظلال ، وافرُ الثمار فلا تسقوها ماءً آسناً وترفعوا معاولكم لاستئصال جذورها وكسر اغصانها اليانعة فالشعب لايريد زقّوما قاتلا وزهراً مريراً ونقول كما قال شاعرنا العربيّ القديم :
اذا لم يكن فيكنّ ظلٌّ ولاجنى .....فـقبحكـنَّ الله ياشجـراتُ

جواد غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين ثوّار العولمة الجديدة وثوار حركات التحرر الوطني
- المستشارة الالمانية ميركيل سليلة نسوة الانقاض
- يومٌ مثقلٌ بالنشوة
- قصيدةٌ بعنوان - حُلُمٌ يخاتلُ طريدتهُ -
- العراق ورداؤه العشائريّ المهلهل
- متى نبدأ عصر التنوير ؟
- شرَرٌ يتطايرُ من مثوى ابن المقفّع
- عشقٌ من وراء زجاج
- مِنَ الملوك اذا حكموا دولةً أنهضوها
- بغداديو أميركا بيكون جَدّتهم
- لا أريد ان أكون مليونيرا
- صفحاتٌ ممزّقة من كتاب الوعد والعهد
- سيلفي من كاميرا السلف الصالح
- السلطة القضائية في العراق لعبة في أيدي أطفال السياسة
- متى تتحوّل الاحتجاجات والتظاهرات العراقية الى انتفاضة ؟؟
- ماذا على السيد العبادي ان يفعل ؟؟
- القراءة وعناؤها
- العسيرُ والاكثرُ عسراً وما بينهما
- في مطبخ اللحمة الوطنيّة
- أدباؤنا الأسلاف وسخريتهم من اللحى العريضة الكثّة


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم غلوم - هل سترقص الديمقراطية فرحا في العراق ؟؟