أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة مها الصافي /تحرك الذائقة بحضور نثري شعري متميز/ديوان (ظلال الذاكرة) أنموذجا














المزيد.....

الشاعرة مها الصافي /تحرك الذائقة بحضور نثري شعري متميز/ديوان (ظلال الذاكرة) أنموذجا


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 17:26
المحور: الادب والفن
    


حينما حاولت قراءة مجموعة (ظلال ذاكرتي) للشاعرة مها الصافي ، حاولت معالجة اشياء الذاكرة ، ورغم ان الشاعرة لم تتعامل مع الذاكرة كما هي ، انما اخذت ظلالها ، وظل الشيء ليس الشيء ذاته بالتجسيم الحقيقي .. لكن بقيت نصوص هذه المجموعة قلقة ذات انفعال في تعاملها مع خلجات الانسان ومواجهته لامور الحياة المختلفة ، ولاسيما الجوانب الجمالية منها ، لذا فان الذاكرة بقيت المعين للشاعرة في استدعاء الصور والاشياء التي مرت بها ، قد يكون هروبا من الواقع .. فالذاكرة هي الوحدة الرئيسية للتعامل مع المعلومات عند الإنسان ، لتكون محل القرارات التي يتخذها الشخص سواء كانت قرارات معرفية، نفسية، اجتماعية أو حركية . وبالتالي فهي عبارة عن نسق لمعالجة المعلومات، وذلك مثل الحاسوب تماما، إلا أن المعالجة للمعلومات تكون على أساس ديناميكي تدخل فيه عوامل فيزيولوجية نفسية وغيرها. ويعرفها أندرسون: " على أنها دراسة عمليات استقبال المعلومات والاحتفاظ بها واستدعائها عند الحاجة " ، كما تعرف الذاكرة : "بأنها جزء من العقل البشري، وهي مستودع لكل الانطباعات والتجارب التي أكتسبها الإنسان عن طريق تفاعله مع العالم الخارجي، وعن طريق الحواس وهي إنطباعات توجد على شكل صور ذهنية، وترتبط معها أحاسيس ومشاعر سارة أو غير سارة للإنسان" ، فهل تعاملت معها الشاعرة بهذه الصورة او غيرها .. ومن خلال قصيدة "نافذتي" تقول الصافي :

"اطلت عليّ من نافذتي
ترتدي الورد ثوبا
وتنثر العطر على اروقة جداري
من هي ؟
حبيبتي ..."
ومن النافذة تستدعي الجمال ومقابله الغياب المرتبط بالاهداء الى "امي" ، فتشكل غيوم كدلالة على ذلك الغياب ، مع الهروب الى الذاكرة ، ولكن اي ذاكرة بنصفها فقط .. وفي قصيدة "أنا أنت" تتعامل الشاعرة باشياء الكون المتوهجة التي تسمو مع الحب ، تلك العاطفة التي تغترف من الاعماق سر وجودها ، وتحاول الذاكرة ابراز عهد عدم النسيان ، فالذاكرة بما تحتويه ثابتة الا ان اشياء الكون آفلة ، تختفي وتظهر ، بيد ان الحب عهد يتجدد عبر استدعاء جماليات الكون من مطر يغسل السماء ويعطيها رونق اللمعان فتتجلى النجوم ساطعة ، تقابلها تجلي الروح وامتزاجها والربيع وسنا سعادة احتفظتها الذاكرة والتحفت بذلك الجمال ، جمال الكون وجمال الحب .. تقول الصافي في موضع اخر :

"نحن "أنا أنت"
قصة سقاها السناء من ريقه
ليمتد عروش ربيعه"

ثم تقول : "صمتك ، بوحك ، همسك /يكفيني مدى العمر" وهذا تأسي بمخزون الذاكرة اي انها تعيش حالات تذكر ، مثلما تتحدث في قصيدة "حنيني اليك" ... "لدموعي حرارة تسقط على يدي/فتحرقها الما/تذكر دقات قلب اللقاء/ولهفة الاشتياق/لبوحك الشجي الذي طالما عزف لحنا/خلده التاريخ/لبقايا الذكرى/التي انتزعتها /احن كل ليلة" .. اذن يبقى الحنين لهفة اشتياق ، يعزف لحنا يرطب الذاكرة ، بتلك الاجواء الراقية التي ما انفك التاريخ يخلدها ، وهذا تأسيس واتكاء على صور الجمال في استدعاء الذاكرة ، التي تتأصل برمز المطر ، كونه يشير للنماء وتفتح الحياة ، واستمرت الشاعرة تتعكز على عنوانات جمالية ، كدلالة على التمسك بالحياة والعيش في اجواء الحب ، ففي قصيدة "عبق الزهر" ، تهجر مآسي الزمان ، لتستقر الذاكرة كاسرة بذلك طوق الضياع والوهن ، مخاطبة الحبيب بخطاب جمالي خيالي قائلة :

"لندع الورد يترنم
بأروع همس الكلام
لنعانق اريج الورد وعبق الزهر
لنخط سطور
ونرسم عشقا
لندع الاماكن
تروي
اجمل اللحظات
وارق الذكريات
لنكن درسا اسطوريا لكل مولع
لكل عازف لحن على اوتار الحنان"

وبهذا فان (النص الشعري الحديث حوار دائم ودينامي مع الاشياء، حوار ثر مبني على ديالتيك خاص، مشحون بقيم اصيلة تتسم بالتشابك والعمق والتعقيد، يقوم بمهمة تشكيل النسيج الداخلي عن طريق ربط الاجزاء المتوازية والمتقاطعة والمتضادة في النص الشعري، وينعدم في هذا الحوار ذلك التواطؤ التقليدي القائم بين عالم القصيدة ومساحة الفاعلية الذهنية المستقبلة عند المتلقي، والمعتمدة على خاصية الاشباع المحايد لمراكز الانتظار والتوقع فيه، لذلك فهي تصدم ذوق المتلقي التقليدي بما لاينتظر ، بمعنى ان المتلقي سيفقد فيها لذة تعود عليها، وتأسس نمط ذوقه على اساسها، لذلك فانه سوف يحتاج على هذا الاساس نوعا من تطبيع العلاقات مع عوالم النص الشعري الحديث،الذي ينهض بذوق المتلقي ويرتفع به الى مناطق جمالية طرية وطريفة ومباغتة، تضج بسحر غير قابل للنفاد فيكبر وعيه نحو استثمار قدرات العقل على نحو اكبر وافضل واكثر جذبا ومتعة. على هذا الاساس يخرج النشاط الشعري من اطار اشباع الحاجة، فليس هو تمرينا جماليا مجردا، انما هو فعل خلاّق خصب، يلد قدرة لامتناهية على الابداع والخلق واستمرارية الانجاز)1 ، يقول فلوبير : "ان نثرا لا يستجيب لايقاع الرئة البشرية لا يستحق ذرة من الاهتمام"....اي ان النص الشعري المغامر المتجاوز للقوالب الجاهزة والتي تحقق لحظة الوعي للتعبير عن انفعالية الذات المنتجة"الشاعرة" باعتماد التكثيف والايجاز والاقتصاد في اللغة لاستجلاء تجليات الوجود وخلق جمالية فنية تسهم في تحريك الخزانة الفكرية لمستهلك يبحث عن المتعة والمنفعة وفق رؤية شعرية تجسد اللحظة الشعورية والدلالة الايحائية التي تكشف عن اجواء نفسية مستجيبة لنبض الحياة وموجوداتها .. في ظني ان الشاعرة مها الصافي استجابت نثرياتها للذائقة المتلقية ، وحققت بعضا من الحضور الشعري المتميز ..

مصادر البحث :

1 ـ كتاب (تمظهرات القصيدة الجديدة) أ.د.محمد صابر عبيد عالم الكتب الحديث ـ اربد ـ الاردن الطبعة الاولى 2013 م ص9

2 ـ ديوان (ظلال الذاكرة) للشاعرة مها الصافي /المطبعة المركزية ـ جامعة ديالى ـ الطبعة الاولى سنة 2014م



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رباعيات القاسمي / مواقف باتجاه القبول والرفض
- (إلى عدنان طعمة ، المفجوع بابنه سجاد) ، قراءة في قصيدة الشاع ...
- الثلاثية الشعرية الحوارية/والعبور بالحلم من اسيا الى افريقيا
- خزعل الماجدي/كينونة شعرية مشرعة النوافذ !!
- الشاعرة اسماء القاسمي/وميلاد يقظة اليقين
- الشاعر صابر العبسي : يفترض ويرفض الافتراض
- جرأة الطروحات في كتاب ( اجندة نسوية) للناقدة عالية خليل
- معاني متخفية في صور متحركة /ديوان (ناي الغريبة) أنموذجا
- الشاعرة سيدة بن علي تحاول احتواء غربة المكان بتأمل اصيل
- مخاض الحيرة ورسالة الحب في ديوان (كوميديا الذهول)
- لتجليات الجسدية والايروتيكية وتمظهرات الغياب والحضور في الشع ...
- الاستثمار والتحول في رؤى الشاعر نمر سعدي
- حنان بديع بين الهجوم ضد الاستلاب والبحث عن الجمال
- الفن ولذة الحياة عند حيدر عبد الله الشطري
- وجيهة عبد الرحمن تصعد مع المطر وتنزل مع الحب
- ديوان (ألم المسيح ردائي ..) وانساقه الثلاث
- عدنان عزيز دفار في رماد السنين بين أضرحة الوجع وصهيل الأماني
- رائدة جرجيس نرجسة شعرية مضمخة بالقلق
- قبعة حميد المختار شعريا نموذج القراءة قصيدة علي الأمارة
- تبقى الشاعرة ذكرى لعيبي في الآن ولا تنسى الآوان


المزيد.....




- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة مها الصافي /تحرك الذائقة بحضور نثري شعري متميز/ديوان (ظلال الذاكرة) أنموذجا