أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - رباعيات القاسمي / مواقف باتجاه القبول والرفض















المزيد.....

رباعيات القاسمي / مواقف باتجاه القبول والرفض


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 10:46
المحور: الادب والفن
    


تطرق الشاعرة اسماء القاسمي لونا اخرا من الوان الشعر ، وتقدم لنا لوحات ذات ايقاعات تعمق فيها تجربتها الشعرية ، التي تنوعت كثيرا .. وهذا اللون يسمى (شعر الرباعيات) ، وهو ضمن فنون الشعر العربي التي تدلّ على جماليَّات اللغة العربيَّة ، وشمولها ، وتنوّع أغراضها ، وقد أبدع فيه بعض الشعراء أيَّما إبداع ، فنظموا عدداً من الرباعيَّات الجميلة ذات المعاني السامية ، والأهداف النبيلة ، وحينما نتمعن في هذه الرباعيات ، ذات الأبيات القليلة والخبرة الإبداعية الطويلة وما تحمله من تجربة إنسانية وخبرة عالية في ممارسة الشعر، نجد أنها تحتل جملة من الانفعالات النفسية والعاطفية المتدفقة، واللغة الباذخة والصور الحية فتبرز مقدرة الشاعرة القاسمي في التعبير عن خلجاتها الانسانية من خلال هذا اللون ، وهذا النمط لانشك انه ادركه بعض النسيان ، ولكن هناك قدرات لدى البعض في الكتابه على منواله ، وقد وردت تسميته في كتب النقد بالمقطعات وقد انتشرت في عهود الصناعة الشعرية ، ثم في بداية انتشار الصحافة، حيث رغب أصحاب الصحف في حضور الشعر وأعلام الشعراء بشكل يومي لأغراض تسويقية للصحيفة أو تكريمية للشاعر، والشاعر الجيد يصعب عليه إنتاج قصيدة كل يوم، فيلجأ إلى المقطعات الشعرية لتحقيق هدف الصحيفة من جهة ولإثبات حضوره اليومي من جهة أخرى. غير ان هذا الفن الشعري من أصعب فنون الشعر، بل أصعب من كتابة قصيدة طويلة لأن الشاعر يقدم في أربعة أبيات موضوعاً عميقاً يختزل فيه كل الفكرة المراد تقديمها، وهكذا حاولت الشاعرة القاسمي في رباعياتها ذات التكثيف العالي ، ان تقدم نفسها في تجربة جديدة من ناحية الافكار، قديمة من ناحية الشكل والايقاع ، وحينما نحلل رباعيات القاسمي ، نجد ذلك البحث عن الذات ومحاولة اثباتها من خلال البحث عن حقيقة الوجود والكون ، فـ(إن الرغبة الدائمة والملحة على الإنسان هي رغبة الوجود، وكل مغامرات الإنسان الطويلة ليست في أقصى غاياتها إلا طريقاً لتحقيق وجوده وإثبات ذاته ومن ثم لأدراك معنى هذا الوجود، وقد أخذت هذه المغامرات أشكالا مختلفة، فهي تتمثل مرة في البحث عما نسميه الحقيقة وأخرى في البحث عن الله، وثالثة في محاولة تفهم ما النفس، وإذا نحن ترجمنا هذه المحاولات في إطار أهم .. أمكننا أن نتمثلها في علاقة الإنسان بالكون، وعلاقته بالله، وعلاقته بالإنسان نفسه، ويتفرع عن هذه العلاقات كل المواقف الثانوية من النظر في الحياة والموت، وفي الحب والكره، وفي الخلود والفناء، وفي الشجاعة والخوف، وفي الخصب والجدب، وفي النجاح والفشل، وفي العدل والظلم، وفي الفرح والحزن، وفي كل هذه المعاني مستقرة في الضمير الإنساني، وقد استقرت فيه منذ وقت مبكر، منذ أن تبلورت التجربة الإنسانية في العقيدة الدينية.. لقد استقرت في ذاكرة الإنسان التي تكونت عبر العصور وانطبعت آثارها من ثم في عاداته المجتمعية.)
تقول الشاعرة القاسمي :

(أنا أسماءُ تجلَّتْ في السطورْ
أشربُ التغريدَ من روحِ الطيورْ
سُكبَتْ في مهجتي كلُّ البدورْ
من صميمِ الحزنِ أقتاتُ السرورْ)
او
(ليتني أبتاعُ شكّي باليقينْ
أسكبُ الأنوارَ في بوحٍ أمينْ
أرشفُ المعنى بكأسي كلَّ حينْ
وأزفُّ الشعرَ في ثوبِ السّنينْ)

فهذا الصراع الوجودي في محاولة اثبات الذات ، جعل من الشعر عملا ابداعيا داخليا يجد فيه الشاعر تعزيته وخلاصه .. يقول الاستاذ أحمد برقاوي : (الشعر وعي ووعي معقد جداً، بل هو أكثر أشكال الوعي تعقيداً وغنىً. ففي الشعر يحضر الوعي الجمالي الأسطوري والفلسفي في تشابك من الصعب فضّه. فهو يرسم باللغة أعماق اللاشعور الذي صار شعوراً شعرياً والشعور الذي يرهق كاهل النفس إذا لم يخرج من النفس لغة. والنفس هنا هي الذات بكل تكويناتها. ويتأسس الوعي الجمالي بانزياح للغة عن الأشياء عبر صياغة علاقة جديدة بالأشياء لا وجود لها في الواقع لكنها بنت الواقع بالضرورة. وهنا تبرز معايير الجمالية باللغة الشعرية التي تضفي عليها الموسيقى الداخلية للنص الشعري قوة التأثير. أو تمارس تأثيرها خارج الموسيقى على نحو خفي. الوعي الشعري الجمالي أكثر أشكال الوعي فرادة وخصوصية إنه ليس مستمداً من أية منابع خارجية) ، تقول القاسمي :

(ذكرياتي في شرودي مهملهْ
وحياتي تستفزُّ الأسئلهْ
من عيونِ الحلِّ تبدو المشكلهْ
ليتني أجتازُ بونَ المرحلهْ )

فكل حياتها بمثابة اسئلة متوالدة ، قد لاتصل الى الى اجوبة ، وحتى الاجوبة تثير بالمقابل اسئلة اخرى ، فـ(من عيونِ الحلِّ تبدو المشكلهْ ) ، هذا هو الصراع والقلق الانساني الذي تحمله الشاعرة القاسمي .. وهي تؤسس لجدل فلسفي فيه (يظهر الحدس الفلسفي – الشعري في الغالب عبر أجوبة عن أسئلة مضمرة، بحيث تبدو الفلسفة شذرة فكرية تقول قولاً فصلاً، قولاً يأخذ شكل ما تسميه العرب الحكمة.) ، وكما كان دأب الشاعرة في مجمل انتاجيتها الشعرية ، هو البحث عن الحقيقة لمعرفة كنه الحياة ، ففي قولها :

(لي صلاةٌ في محاريبِ الحقيقهْ
لي دعاءٌ لستُ أدري ما طريقهْ
لي مع البهجةِ أحزانٌ عميقهْ
ضربتْ قلبي بنيرانٍ صديقهْ)

يتمثل القلق الذي يجرها دوما الى مناطق البحث في سلوكيات الاخرين ، حتى انها سخرت في البيت الرابع واستعملت مقالة حربية ، لاظهار سلوكيات البعض المرفوضة من قبل الشاعرة ، ثم انها تتمنى الابتعاد عن الظنون والاقتراب قدر الامكان من مسافات الحقيقة ..

(ليت قلبي لا يبالي بالظنونْ
ليت عقلي يشتهي طعمَ الجنونْ
ليتني أدري أنا من ذا أكونْ
حين ألقاني على وجهِ الشجونْ)

فـ(الابداع الشعري يرفض مفهوم المغلق المنتهي ، يرفض الطرق الشعرية التي تبحث عن حلولها في الفكر ، وتُخضع القصيدة لبنية العقل ـ لحدوده والزاماته المنطقية ، الطريق التي يترسمها الابداع حدسية ، اشراقية ، رؤياوية ، وهي تبحث عن الحلول في فيض الحياة وغناها، في تفجر ممكناتها وتنوعها ، وهي تتبنى الانسان بجحيمه وجنتّه ، بشيطانه وملائكته ، بضعفه وقوّته .. ) ادونيس ، بمعنى ان الشاعرة تعبر بحرية عن مواقفها الانسانية .. حرية ذاتية بذات منفتحة على الحياة والكون والمحيط .. وبهذا قدمت اسماء القاسمي الكثير من الرباعيات الشعرية والتي امتثلت لمواقفها وتحريك افكارها باتجاه القبول او الرفض حسب مقتضيات الخُلق والسلوك الصحيح ...



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (إلى عدنان طعمة ، المفجوع بابنه سجاد) ، قراءة في قصيدة الشاع ...
- الثلاثية الشعرية الحوارية/والعبور بالحلم من اسيا الى افريقيا
- خزعل الماجدي/كينونة شعرية مشرعة النوافذ !!
- الشاعرة اسماء القاسمي/وميلاد يقظة اليقين
- الشاعر صابر العبسي : يفترض ويرفض الافتراض
- جرأة الطروحات في كتاب ( اجندة نسوية) للناقدة عالية خليل
- معاني متخفية في صور متحركة /ديوان (ناي الغريبة) أنموذجا
- الشاعرة سيدة بن علي تحاول احتواء غربة المكان بتأمل اصيل
- مخاض الحيرة ورسالة الحب في ديوان (كوميديا الذهول)
- لتجليات الجسدية والايروتيكية وتمظهرات الغياب والحضور في الشع ...
- الاستثمار والتحول في رؤى الشاعر نمر سعدي
- حنان بديع بين الهجوم ضد الاستلاب والبحث عن الجمال
- الفن ولذة الحياة عند حيدر عبد الله الشطري
- وجيهة عبد الرحمن تصعد مع المطر وتنزل مع الحب
- ديوان (ألم المسيح ردائي ..) وانساقه الثلاث
- عدنان عزيز دفار في رماد السنين بين أضرحة الوجع وصهيل الأماني
- رائدة جرجيس نرجسة شعرية مضمخة بالقلق
- قبعة حميد المختار شعريا نموذج القراءة قصيدة علي الأمارة
- تبقى الشاعرة ذكرى لعيبي في الآن ولا تنسى الآوان
- سوسن السوداني عندها الحب هو الامل قصيدة (ترخيص منتصف الليل)أ ...


المزيد.....




- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - رباعيات القاسمي / مواقف باتجاه القبول والرفض