أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محسن عامر - في صناعة المظلومية الامازيغية : من الظالم و من المظلوم















المزيد.....

في صناعة المظلومية الامازيغية : من الظالم و من المظلوم


محمد محسن عامر

الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 6 - 16:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ما أكثر سرديات المظلومية في هذه الرقعة الجغرافية من العالم , المظلومية الكردية و المظلومية الشيعية و المظلومية اليهودية و المظلومية القبطية غيرها من سياقات إنتاج وعي الاضطهاد. إنها ليست شهادات عن ظلم تتعرض له مجموعة معينة فقط و إنها هي أيديولوجيا تأسيسية لوعي جمعي تتحدد به الهوية السياسية و مصير شعب كامل . السؤال هنا كيف تتأسس سرديات المظلومية , أي ماهي عناصرها و من يحدد في تشكيلها ؟ من هم الظالمون و من يصورهم و من هم المظلومون و كيف يتشكل وعيهم لنفسهم على أنهم مظلومون؟ كيف تشكلت السردية الأمازيغية في المغرب العربي و هل هي حقا سردية متكاملة العناصر يمكن اعتبارها شهادة لاضطهاد حقيقي لشعب ؟
من شروط تكون سردية المظلومية مرويات طويلة من الظلم و الإضطهاد , لا فرق للحقيقي فيها من التزييف و الكذب فالغاية من صناعة السرديات ليس حقيقتها التاريخية و إنها وضيفتها الأيديولوجية , بمعنى دورها في تكوين الوعي الشعبي الذي تنطلق منه و تعود إليه . المظلومية الشيعية تأسست على مرويات طويلة من النواح على قتل الحسين , و منها تكونت صيرورة مناحات عبرت التاريخ حتى القرن العشرين و خلقت عماد الأيديولوجيا السياسية للإسلام السياسي الشيعي . من شروط المظلومية أيضا وجود الظالم , قد يكون الظالم فردا أو جماعة أو حزبا أو دولة أو قومية . يحتاج الظالم لصورة توضع فيها كل عناصر العنف و الشر و الظلم و الأهم أنها موجهة للجماعة كلها تمنعها إما أن تكون هي نفسها او ان تحقق ذاتها في استقلال عن الأخر . في المظلومية الشيعية التي تعتبر الأشهر في سرديات المظلومية ليس غريبا ان أن يتم حسر الظالم و تكثيفه في شخص معاوية , لأن قاعدة صنع سردية الظلم محددة في فعل إقصاء ال البيت من حقهم المسلوب في الحكم . و من شروط صناعة المظلومية أيضا تحويل الخصم أو الظالم إلى شر في كليته بمعنى تحتاج المظلومية الكردية مثلا إلى التغاضي أو إقصاء أو نسيان تضامن شق من العرب مع قضيتها القومية باعتبار أن هذا سيخلق تشويشا في صناعة فكرة الظلم باعتبار أن النقيض هو العنصر العربي بالتالي وجب التعالي بالظالم حد النقاء في الظلم و الشر .
ترتكز كل الحركات التي تعتبر على هامش الدولة أو في مواجهتها على فكرة أسطورية أو أيديولوجيا تخلق من الجماعة المنتمية لها رابطا مقدسا عقديا يوحدها في مواجهة نقيضها . قد تكون سردية المظلومية بعناصرها العنيفة و الحزينة ايضا هي الجزء المكون لها و المحدد لحركات الجماعة في صراعاتها السياسية . المظلومية و استحظارها الدائم و العنيف هو الذي يلهب في الجماعة فكرة النضال ضد نقيض هو الظالم الذي قام بفعل خدش الجماعة في كيانها و سلب منها لاحقوقها . هكذا نشأت الصراعات المؤسسة على الهويات الفرعية التي حولت الصراع في سياقه الأفقي لا العمودي , بمعنى تحويل الصراع إلى تناطحان بين الهويات لا تساميا بالسجال الأيدولوجي و السياسي نحو الدولة و المؤسسات و العلمانية . كل الأصوليات الدينية و الأيديولوجية تأسست في جانب منها على فكرة الظلم المسلط على الجماعة من قبل جماعة اخرى شريرة و ظالمة.
في المغرب العربي الذي مازال يصارع بيأس من أجل إنتاج حداثته , أي الإجابة على سؤال "من نحن" و كيف يمكن خلق مجال عام قادر على استيعاب تنوعات المجتمع المغربي العربي , في مجتمع فشلت فيه حداثة بورقيبة المعزولة و راديكالية هواري بو مدين و ضل المغرب غارق في مستنقع ركوده الملكي المحافظ و استفاق بعد الثورات العربية على غول التوحش الإسلامي المجنون وجدت الفكرة الأمازيغية طريقها ضمن صناعة السرديات و أطلت برأسها و انخرطت بحماس في مشروع صناعة أيديولوجياه الخاصة المستقلة.
ولدت السردية الامازيغية متأخرة و مرتبكة , فهي فشلت في إيجاد جواب لسؤالين : من هم تحديدا و من هم الظالمون تحديدا ؟ لقد ولدت الفكرة الامازيغية بعد عصر القوميات و فشلت في ذلك أن تلحق بركب تكوين أيديولوجيات الحق القومي و لملمة نفسها كجماعة و التحرك نحن السياسي. لم تستطع السردية الأمازيغية أن تجيب على سؤال من نحن تحديدا أي تعريف نفسها بدقة كجماعة مستقلة في رقعة محدودة في مواجهة عدو محدد . لقد دفع الغزو العربي لشمال افريقيا المجتمع نحو التفجر و التطور ثقافيا و حضاريا , لقد قبل الغازي من السكان الأصليين ثقافتهم مقابل اعتناق الإسلام و دفعوا في صيرورة تاريخية طويلة حضر فيها الطوعي و القسري للدخول في حالة تمازج ثقافي حولهم إلى عرب متأمزغين أو إلى امازيغ مستعربين , لا فرق في الأمر إذ أنه خلق هوية تداخل فيها الغازي و المغزو نحو تكوين توليفة اجتماعية و ثقافية فريدة . هذا جعل جعل عنصر الظالم في سياق تكوين المظلومية غائبا , إذا أن الجماعة الحالية التي تدعي حقا أمازيغيا في الهوية لا تعرف من هو العدو الحقيقي المضاد , باعتبار انه قابع في رحمها بل هي تتكلمه . العدو المتخيل في سياق أسطرة المظلومية هو ذاته نفسهم في ثقافته و لغته و عادتاه و تقاليده . بالتالي أفقد هذا عنصرا مهما في صنع فكرة الاضطهاد للجماعة و جعلها تلجأ للتاريخ الغابر اي زمن الغزو البعيد لتقول لنفسها أو يقال لها انها عانت اضطهادا طويلا شريرا.
تشوش عناصر تكوين سردية أمازيغية صلبة و قادرة على الحياة باستقلال جعلها تبحث عن شرعيتها داخل سياقات إنتاج الهيمنة السياسية . أي أن تبحث لها عن عضد داخليا او خارجيا يدعمها . لعل حالة التفتت الإجتماعي التي لا تعترف بهوية جمعية مواطنية علمانية و مؤسساتية حديثة و فشل كل محاولات حدثنة المجتمع الشمال إفريقي خلق جوا ملائما في إطار صراع الهويات لأن تجد الحركة الأمازيغية موطئ قدم جديد . ينضاف لها أنه تجد ضمن المتربصين و الفاعلين الدوليين بعض الحماس الذي يدفعهم لدعمها من أجل أن تكون لاعبا سياسيا متى ان الاوان لذلك. فسردية المظلومية و إن وجد لها عناصر تكونها تبقى دوما سلاحا مذخرا ضمن صراعات المسيطرين و التنافس المحموم على السلطة الذي لا يعترف بحدود أخلاقيا و لا يعنيه الشأن العام إلا من وجهة نظر مصالحه الخاصة . لذا ستدفع الحركة الأمازيغية دفعا لدمج في صراعات ما قبل الدولة الذي يجتاح المغرب العربي الذي قد و إن كان ناعما الان قد يفرض في لحظة معينة بأساليب أكثر عنفا و دموية . إنها صناعة لسردية مؤدلجة وجدت بحكم نشاتها من أجل توظيف لن يكون في مصلحة الشعوب.
*كاتب من تونس



#محمد_محسن_عامر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطياف أسامة من بن لادن : حول الانبعاث الجديد -للاممية الإسلا ...
- محمد محسن عامر: اليعقوبية الفرنسية في مواجهة سؤال تهرم حداثت ...
- ليسوا عليا و ليسوا معاوية : آليات الإنهاك في صراع النهضة و ن ...
- داعش ما بعد الإستشراقية
- إدارة التوحش و إدارة البكاء
- السقوط قبل البداية:المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب في تونس
- عن ال سعود و احترام حقوق الانسان
- لقاء بوتين و أوباما اليوم ومخاطر خسارة داعش :
- قانون المصالحة الإقتصادية مع رجال الأعمال في تونس :المآلات
- تضامنا مع مناضلي النهج القاعدي في المغرب
- بورقيبة و نظرية الحلول في فكر سبسي الله الثوري : أنا بورقيبة ...
- الجنّ هو المسؤول عن الإرهاب في تونس
- العولمة و الأصولية الإسلامية الجزأ الأوّل
- ملاحظات سريعة حول مسألة المثلية الجنسية
- المأزق التونسي :الإنتفاضة و الإرهاب و الحرب الأهلية
- تأملات نقدية حول تجربة -الشباب العربي البعثي- في تونس
- مأزق الحركات القومية التقليدية أم مأزق البورجوازية الصغيرة
- قضية -التخلّف- في فكر مهدي عامل
- من رابطة حماية الثورة إلى رابطة حماية الوطن و المواطن و صعود ...
- حول تصريحات الصحبي عتيق :مأزق الإخوان في تونس و خيار العنف


المزيد.....




- ارتبط بتشبيه أطلقه محمد بن سلمان.. ما قد لا تعلمه عن جبل طوي ...
- خلف ترامب.. رد فعل ماركو روبيو على ما قاله الرئيس لإعلامية ي ...
- الضغوط تتصاعد لإنهاء الحرب في غزة.. ديرمر يزور واشنطن الأسبو ...
- ماذا نعرف عن مشروع قانون ترامب -الكبير والجميل- الذي يُثير ج ...
- بينيت يدعو نتنياهو للاستقالة.. إدارته للبلاد -كارثية-
- سوريا.. -جملة- مطبوعة على أكياس تهريب مخدرات مضبوطة تشعل ضجة ...
- نتنياهو يأمل في استعادة شعبيته بعد التصعيد مع إيران، فإلى ما ...
- اقتحامات وتفجيرات.. الاحتلال يواصل اعتداءاته على الضفة الغرب ...
- مأساة في نهر النيل.. مصرع 4 أشخاص غرقا إثر انقلاب مركبهم
- زلزال بقوة 5.5 درجة يهز باكستان


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد محسن عامر - في صناعة المظلومية الامازيغية : من الظالم و من المظلوم