أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زيد شحاثة - ما لا يفهمه إلا الأب














المزيد.....

ما لا يفهمه إلا الأب


زيد شحاثة

الحوار المتمدن-العدد: 4993 - 2015 / 11 / 22 - 09:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما لا يفهمه إلا الأب
المهندس زيد شحاثة
يمر الأنسان بمواقف صعبة جدا, ورغم أنها تمضي وتمر, إلا أنها تبقى مرّة حتى عند تذكرها, بل وأن بعضها مما يستمر ألمه طويلا.
مما لا يمكنني نسيانه, هو ما حصل مع ولدي الأكبر, وكان لازال صغيرا, حيث كان يلهو قرب أمه, إلا أنه وفي لحظة غفلة, أخذ سلكا مما يستخدم في شحن السيارات, وأدخله في مقبس الكهرباء, فتعرض لصعقة شديدة لم تنتهي, إلا بإنقطاع التيار عن البيت كله.
سببت تلك الصعقة, حروقا بكلتا يديه, وهو لطف رباني, فوق ما أتصور أو أستحق, فنجاته من هكذا حادثة, كان أقرب للمستحيل, لكنه قدر ولطف.
وقت حصول الحادثة, كنت عائدا للتو من أيفاد عمل خارج العراق, وكان أخي قد أسرع به إلى المستشفى, وأسعف الحروق الشديدة التي حصلت بكلتا يديه, وهي إصابة تتطلب, أن يستمر علاجها فترة طويلة, ولإمتلاكي خبرة في الإسعاف الأولي والضماد, فقد توليت تضميده لشهر كامل.
من يعرف شيئا عن الحروق, يدرك أن تضميدها, يتطلب إزالة جزء من اللحم الحي, بالغسل بسوائل خاصة, وتغطيتها بدهون واقية ومضادة للإلتهاب, وتحتاج رعاية مستمرة, وهي من الإصابات المؤلمة جدا للمريض, فكيف إن كان طفلا؟!
يوميا عشت معاناة لا يسهل تصورها, فولدي يصرخ ويبكي ألما, ويتوسل لكي أتركه, حتى لو مات من حروقه على بساطتها, وأمه تبكي وتصرخ, وتفقد ما تبقى لها حكمة, تريد أن أتركه, لأنه لا يستطيع تحمل ألم التنظيف والتضميد, وبعد أن أنتهي, يهدأ أبني وأمه, يقبلني هو شاكرا, وتعتذر أمه عما قد قالته, دون وعي ولم أسمعه أصلا, فلم أكن مصغيا لها.
بعد خروجهما, أبقى وحدي في غرفة الضيوف, حيث كنت أضمده, ورغم الجلد والصبر الذين أملكهما, كنت أبكي بشكل هستيري, لأني لم أستطيع أن أخفف شيئا من ألم ولدي, وأتعجب من نفسي, كيف تحملت ألمه, ولم أفعل له شيئا؟!.
لازالت أتذكر هذه الأيام ولن أنساها, رغم ما تفضل به الباري علي, من شفاءه ولدي, إلا من أثار بسيطة على يديه, لكن أكثر ما كان يجعلني أعيش تلك اللحظات مرة أخرى, كان حضور مجالس الحسين, عليه و على أله أفضل الصلوات, وخصوصا عندما يذكر الرواة, رمي الإمام بنفسه, بدون النزول من فرسه, على ولده علي الأكبر, وهو مقطع إلى أشلاء.
أفهم جيدا أنه إمام معصوم, وله من القدرة الذاتية والصبر وغيرها من الصفات, ما يجعله إنسانا غير عادي, لكنه أب.. هل يمكن فهم إحساس أب, وهو يرى ولده مقطعا, تغطيه دمائه, وهو عاجز أن يقدم له, حتى شربة ماء.. قليلا من الماء عند إحتضاره؟!
لا أظن أن هناك من يفهم ولو جزأ من الصورة, إلا أب أو أم, وليس أي أب أو أم.. فكيف والمقتول, أشبه الناس بمحمد عليه وأله افضل الصلوات؟!



#زيد_شحاثة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التظاهر.. حق ام واجب ومسؤولية؟
- رجل يدري ولايدري انه يدري
- الخف والسلف..بين الاقربون والمعروف
- جدلية التلازم بين قيادة السلطة وقيادة الحزب
- مجاهدوا الحشد الشعبي..والجدل مع الحمقى
- الخيار لنا..دوما
- النفط وعبد المهدي..والصبح
- ثمن المناصب..ومناصب الظل..وحد الصمت
- هل تحقق التغيير المطلوب؟
- رجال يسري الامل في عظامهم..حاجة ملحة جدا
- صناعة القادة بين التقويم والتسقيط..ابو كلل نموذجا
- جريمة الزركوش..حنقبازيات دموية
- تعديل الدستور.حاجة ملحة ام ورقة تفاوضية؟
- التحالف الوطني.. المؤسسة المنتظر والبيت الأمن.
- شكرا.. سيد النجف
- اقلبوا الصفحة..رجاء
- سيكارة..ووطن
- لكن حمزة لابواكي له!؟
- الامة بين الانحدار..وارادة الحياة
- الاكراد..وخيار الموت او السخونة


المزيد.....




- ريانا تُحوّل السجادة الزرقاء إلى عرض أزياء عائلي وتستعرض حمل ...
- فضيحة محرقة الجثث.. رماد مزيف وجثث متعفنة تشعل حالة صدمة بال ...
- مصر.. أول تعليق من السيسي على تصريحات ترامب حول أزمة سد النه ...
- الجيش السوري يدخل مدينة السويداء وإسرائيل تستهدفه
- أعلى محكمة ألمانية ترفض شكوى بشأن هجوم مسيرة أميركية باليمن ...
- المغرب: فرصة ثانية.. عودة الشباب الى مقاعد الدراسة
- هل دخلت قوات الأمن السورية إلى مدينة السويداء؟
- العراق.. مريض يعزف على العود خلال عملية جراحية!
- الجيش الإسرائيلي يقصف القوات الحكومية السورية في السويداء وا ...
- ما تأثير انسحاب حزب يهدوت هتوراه من الائتلاف الحاكم في إسرائ ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زيد شحاثة - ما لا يفهمه إلا الأب