أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد هيهات - عودة المجاهد -الارهابي- محمد بن عبد الكريم الخطابي















المزيد.....

عودة المجاهد -الارهابي- محمد بن عبد الكريم الخطابي


أحمد هيهات

الحوار المتمدن-العدد: 4985 - 2015 / 11 / 14 - 01:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



بعد انتصار محمد بن عبد الكريم الخطابي وأبطال الريف على الجيش الإسباني في معركة أنوال الخالدة سنة 1921 ، وتكبيده الخسائر الفادحة من القتلى والأسرى والغنائم الكبيرة من مدافع وعربات عسكرية وقنابل وملايين الطلقات ، وما نتج عن ذلك من تبعات خطيرة على الدولة والشعب الإسبانيين كموجة الاندهاش والصدمة والغضب الذي تلبس بالمواطنين الإسبان بسبب سوء التقدير والاحتقار والدونية التي نظروا بها إلى الخطابي ورجال المقاومة ، والتحول السياسي الذي عرفته إسبانيا والذي انتهى بانقلاب عسكري قاده الجنرال بريمو دي ريفيرا ، وغيرها من النتائج الوخيمة التي تلت الهزيمة النكراء التي يسميها الاسبان كارثة أنوال .
بعد كل ذك وبعد أن أرجعت اسبانيا البصر في هذه الهزيمة كرّات عديدة ، عمل الاسبان ومعهم دول الاستكبار العالمي على التخفيف من وقع وهول الصدمة وتهييء الوجدان المحلي والاقليمي والدولي لإبادة المقاومة والانسان الريفيين وذلك من خلال وصف الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي بالإرهابي ورجاله بالوحشيين المتخلفين والانسان الريفي بالبدائي والهمجي الذي لا يستحق الحياة بل يستحق الموت أوالتطهير وفي أحسن الأحوال أن يعيش عبدا ذليلا في كنف الإنسان الأوربي المتحضر ، وقد فعلوا ذلك من خلال حرب الإبادة الشاملة التي قادوها ضد الحياة في الريف المغربي والتي استعملوا فيها الأسلحة الكيماوية والغازات السامة لأول مرة في التاريخ .
ورغبة منها في زرع الفتنة والشقاق والفرقة بين زعماء الوطن الواحد الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي والسلطان محمد بن يوسف عملت فرنسا على ترحيل الخطابي الأمير المخطوف المنفي- والذي قدّم حياته مقابل استمرار الحياة في الريف - من جزيرة لارينيون بعد أن قضى بها حوالي 21 سنة مبعدا عن وطنه إلى جنوب فرنسا ، وذلك بهدف استعمال إعادة الخطابي كورقة ضغط من العيار الثقيل على السلطان محمد بن يوسف بعد خطاب طنجة الشهير والتقارب الكبير بين السلطان ورجال المقاومة ، وقد شرعت فرنسا في تنفيذ خطتها الخبيثة وبدأت الرحلة في اتجاه فرنسا لتتوقف الباخرة كاتومبا - التي كانت تقل المجاهد الخطابي - في ميناء عدن ، وفيه علم بأمر ترحيل أسطورة المقاومة المغربية ، فتدخل الفضلاء من اليمن وفلسطين ومصر لتحرير أسد الريف ، فأبرق محمد علي الطاهر رئيس اللجنة الفلسطينية بمصريوم 23- 05 - 1947 برقية عاجلة إلى الملك فاروق جاء فيها :
" وردتني برقية من عدن أنه قد مرّ بها الأمير محمد عبد الكريم الخطابي أمير الريف بمراكش ، وأسير فرنسا بجزيرة ريونيون منذ عشرين سنة وهو بطريقه لمنفاه الجديد بجنوب فرنسا ، وستصل به الباخرة كاتومبا غدا الثلاثاء إلى السويس ،وإنقاذه معلق بإشارة كريمة من جلالتكم بدعوته للنزول ، ولا سلطة لفرنسا عليه سوى سلطة الخاطف على المخطوف ..." فاستجاب الملك فاروق لهذا الالتماس فتحرر الأسد من الأسر ليستأنف رحلة المقاومة الرمزية والقيادية والتوجيهية من أرض الكنانة ، فخاب أمل فرنسا وأصبحت تعض أصابعها ندما على تفكيرها في نقل الخطابي إلى منفاه الجديد .
وقد قيّض الله للمجاهد الخطابي هؤلاء الرجال الذين حركتهم حمية الأخوة وعصبية الدين ودافع التقدير والاحترام والتشريف وتكليل هامة رجل لم يكن يقبل ضيما ولا يقيم على هوان بتاج الحرية والانعتاق، فقد كان الخطابي شخصية كاريزمية وقائدا وطنيا كبيرا ، كما كان منظرا سياسيا محنكا ومفكرا كبيرا ، ولم يكن هدفه إثارة الفتنة والإطاحة بالسلطان وإنما كانت غايته نقل القبائل الريفية من الغثائية إلى القوة، وقد ظهرت عظمته في رفضه المنحة المالية التي خصصها له البرلمان الهندي لقاء مساندته للحركات التحررية عبر العالم ، كما أبان عن سمو فكره ونبل أخلاقه من خلال ابتعاده عن الهوى والغرض والأحكام المسبقة وترفعه عن الدخول في صراعات وجدالات مع الجهات التي لم تدعمه داخليا كما حصل مع المملكة السلطانية التي تخلت عن المجاهد الخطابي وأوقفت دعمها له ووصفته ب"الفتّان" وذلك بإيعاز من فرنسا التي احترفت – كباقي الدول الامبريالية – سياسة "فرّق تسد" فأوحت للسلطان بإن الخطابي ينازعه العرش وأنه يريد أن ينادي بنفسه ملكا على المغرب كما حصل مع بوحمارة الذي وصف قبل ذلك بالفتان للأسباب ذاتها .
كما ترفّع الخطابي عن الزوايا الصوفية الموالية للاحتلال آنذاك والتي غفت فاستعذبت الأحلام وغرها من أعدائها كثرة الآمال والأوهام فحرّمت الجهاد والقتال إلى جانب الخطابي ، فضلا عن القبائل التي هانت بعد عز وارتمت في أحضان اسبانيا وفرنسا والأشخاص الذين شرّعوا الأبواب لدخول المستعمر وطبّلوا وزمّروا فرحا وغبطة بتحكمه في رقاب المغاربة وجثومه على أجسادهم وأنفاسهم ورضى منهم بأكل ما فضل عن المحتلل ولباس أسماله، ومع كل هذه الظروف والملابسات فقد سطّر الخطابي ورجال المقاومة ملحمة من العزة والإباء والايمان والتضحية في سبيل الوطن ، ويكفيه فخرا أن سجلت باسمه براءتا اختراع، تتمثل الأولى في حرب العصابات التي استفادت منها حركات التحرر في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والعالم العربي وطبّقها زعماء وقادة ثوريون كتشي جيفارا الذي زار المجاهد الخطابي في مصر ليتعلم منه أساليب الحرب والمقاومة ، وماو تسي تونغ الذي أرشد طالبي تجربته في الكفاح من المغاربة والمشارقة إلى محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي أخذ عنه روح هذه التجربة .
أما براءة الاختراع الثانية فتتجسد في تقنية الخندق الواحد والتي قام من خلالها الخطابي بحفر خنادق تمتد من معاقل المقاومة إلى معسكر العدوالمحتل ، وقد استفادت منها كثيرا حركة المقاومة الاسلامية بقطاع غزة فأرهقت العدو الصهيوني وألحقت به خسائر مهمة وهزيمة معنوية شديدة الوقع والتأثير خصوصا في العدوان الأخير ، فقد كانت تجربة الخطابي في مقاومة المحتل غنية وملهمة لغيرها من حركات المقاومة والتحرر .
كانت شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي إذن شخصية عظيمة في مختلف جوانبها ، غنية في تجاربها ، كما كان الخطابي متميزا في أفكاره ، مبدعا في تخطيطه الحربي ، مجددا في وسائل المقاومة ، وقد كان من الناحية السياسية نبيها ذا بصيرة نافذة وفراسة سديدة واستبصار ثاقب ، فقد رفض مقررات مؤتمر الجزيرة الخضراء ، كما رفض توقيع الحماية مع فرنسا والوصاية على المغرب ، بالإضافة إلى رفضه صيغة الاستقلال التي انتزعها المغرب من الدول المحتلة ، ووصف هذا الاستقلال بالأعرج ، وقد كان مصيبا في ذلك فالصحراء المغربية ما تزال غير خالصة بشكل نهائي ، كما أن سبتة ومليلية في يد المستعمر الإسباني إلى يوم الناس هذا ، وموريتانيا قد انفصلت عن المغرب ...
لقد عاش المجاهد الخطابي رغم كل التضحيات التي بذل والبطولات التي سطّر نفيا اضطراريا عن بلده في جزيرة لا رينيون ثم في مصر نصف عمره الأخير ، غير قادر على العودة إلى بلده بسبب الاستعمار ثم بسبب المستجدات السياسية التي عرفها المغرب بعيد الاستقلال ، كما عاش الخطابي نفيا رمزيا بعد موته ودفنه بالقاهرة إلى يومنا هذا ، وكذلك من خلال حضوره الباهت والبائس في مقرراتنا الدراسية التي تفرد في بعض الأحيان مساحات عريضة وممتدة لأعداء الوطن كالقادة العسكريين الفرنسيين ، فيما لا تجد شخصيات وطنية قدّمت حياتها فداء للوطن من ينفض عنها غبار الإقصاء ونقع التهميش .
أحمد هيهات



#أحمد_هيهات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مظاهر الاحتفال بعاشوراء : محاولة في فهم وتفسير أصولها
- النظام العلوي الأسدي من الشروق إلى المغيب
- مأساة الحج بين الموقف الإنساني والتوظيف السياسي
- التعليم المغربي في غرفة العمليات من جديد
- أريد أن أصوت ولكن .. حلفت ألا أبيع الدين بالتين
- الانتخابات المغربية : لا جديد يذكر
- لماذا ضحّى السيسي بالنائب العام ؟
- الحكام العرب وفتنة المال
- هل ينهي الإعدام أسطورة الإخوان المسلمين ؟
- التّسْفيه عنوان جديد للعنف السياسي
- النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (22/)
- النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (1)
- لماذا ينتخب المغاربة العزوف والمقاطعة ؟
- جائحة إيبولا تجرف -الكان-
- -شارلي-: الإساءة بين الحماقة والإحسان
- عام الحزن 2014
- هل يحكم -الاسلاميون- في المغرب
- - الاسلام ديانة حرب -
- بداية الحكم الشمولي في الإسلام
- حسن التوقع وحسن الظن


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد هيهات - عودة المجاهد -الارهابي- محمد بن عبد الكريم الخطابي