أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد هيهات - لماذا ضحّى السيسي بالنائب العام ؟















المزيد.....

لماذا ضحّى السيسي بالنائب العام ؟


أحمد هيهات

الحوار المتمدن-العدد: 4855 - 2015 / 7 / 3 - 19:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا ضحّى السيسي بالنائب العام ؟

حدّد المفكر الأمريكي المعروف نعوم تشومسكي في مقال مشهور بعنوان" الاستراتيجيات العشر لخداع الجماهير" عشر طرق ووسائل تعتمدها الدول وخاصة الشمولية و الاستبدادية من أجل خداع الجماهير ومنها "خلق المشاكل ثم تقديم الحلول " وتقوم هذه الاستراتيجية على أن تخلق الأنظمة أولا مشكلا أو حالة تقتضي بالضرورة ردود أفعال متوقعة من قبل الجماهير تتمثل في مطالبة النظام بإجراءات خطط لها مسبقا لمواجهة هذا المشكل مقابل التخلي عن بعض الحقوق وتقبل إجراءات وقوانين أمنية أو عسكرية على حساب الحريات العامة ، وهي الاستراتيجية التي اعتمدها النظام الإنقلابي في مصر من خلال عملية اغتيال النائب العام هشام بركات .
ويعتبر النائب العام المصري أرفع مسؤول يتم اغتياله منذ اغتيال رئيس البرلمان رفعت المحجوب سنة 1990 ، وبطبيعة الحال فإن الأسئلة الأساسية التي تتردد في مثل هذه الظروف هي الجهة المسؤولة عن الاغتيال والأهداف المتوخاة من ورائه ، وخصوصا إذا تم استحضار التوقيت الذي اختير لهذه العملية الارهابية وذلك قبل يوم واحد من الذكرى الثانية لمظاهرات 30 يونيو المشؤومة والتي أدخلت مصر في دوامة من العنف وغياب الاستقرار والتشتت والفرقة والعداء بين مكونات المجتمع المصري .
من خلال إمعان النظر في تفاصيل العملية التي تشبه إلى حد بعيد الحادث الذي كان قد استهدف المجرم محمد ابراهيم ،وقدرة الجهات التي تقف وراء الحادث على تجاوز الحواجز الأمنية والحراسة المشددة على مسؤول رفيع المستوى في قلب القاهرة ، وكمية المواد المتفجرة المستعملة في الحادث والتي أدت إلى تفجير حوالي 13 سيارة وإلحاق أضرار بعدة منازل مجاورة ، وغيرها من التفاصيل التي تؤشر على خبرة وقوة منفذي الحادث ، وفي المقابل ضعف قوات الأمن في عاصمة الدولة وانخفاض درجة اليقظة الأمنية في دولة تواجه "الارهاب الأسود" منذ أكثر من سنتين .
من خلال المؤشرات السابقة لا يمكن الشك والارتياب في الجهة التي تقف وراء الحادث ، بل هي مكشوفة إلى حد الانفضاح وهي قوات الانقلاب العسكري تحت رعاية عبد الفتاح السيسي ويتضح الأمر ويستبين من خلال الجهات التي استفادت من الحادث بصورة فورية وتلقائية وذلك بتحقيق مجموعة من الأهداف وبلوغ مجموعة من المرامي ، وبطبيعة الحال فإن الجهة الوحيدة التي بلّغها الحادث عدة غايات ومكّنها من الشروع في حصد الكثير من المكتسبات هي النظام الانقلابي ، فبعيد اغتيال النائب العام المصري الذي تسبب في اعتقال حوالي 40 ألف شخص من رافضي الانقلاب ،والذي أصدر قرار فض ميداني رابعة والنهضة بالقوة ما نجم عنه استشهاد المئات من المواطنين المصريين السلميين ، كما أحال الآلاف من رجال الإخوان المسلمين إلى المحاكمة ، وأصدر أحكاما بالإعدام على المئات منهم ، والذي كان أداة طيعة ونافعة وعصا توكأ عليها الانقلاب كثيرا ،كما استثمر هذا الأخير(الانقلاب) موت هشام بركات في مواجهة موجة ثورية جديدة في الذكرى الثانية لمظاهرات 30 يونيو ، وذلك من خلال نشر الرعب والفزع بين المواطنين ، وقطع الطريق عن المشاركة الجماهيرية الكبيرة من رافضي الانقلاب في هذه المظاهرات .
كما وظّف السيسي قتل النائب العام في الانتقام من جماعة الإخوان المسلمين التي لم يستطع قضاء الانقلاب القضاء عليها وتخليص السيسي منها ،وقد عبر عن ذلك من خلال الكلام الذي وجهه للقضاة على هامش جنازة النائب العام إذ قال :" تركنا لكم الأمر لمدة عامين وحتى الآن لم يتم تنفيذ حكم واحد ضد الإرهابيين في القضايا المعروضة أمامكم، هذا لا يجوز وغير مقبول، يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين، ولكننا سنعدل القوانين لنحقق العدالة في أقرب وقت" فعمد إلى الانتقام من الجماعة بطريقته العسكرية الخاصة فقتل 13 قياديا إخوانيا في مدينة 6 أكتوبر دون الحاجة الاعتقال و توجيه التهم والتحقيق والمحاكمة ، فتجاوز كل ذلك وأعمل فيهم القتل بدم بارد ، وذلك من أجل إلهاء الشعب والتغطية على فشل الانقلاب الذريع في الوفاء بوعوده المعسولة والالتزام بكلامه العاطفي ، وكذلك بهدف تأميم الحياة السياسية وتدجين المواطنين الرافضين للانقلاب العسكري .
ومن الأهداف الأساسية الواضحة من وراء عملية اغتيال النائب العام المضي الحثيث في اجتثاث جماعة الإخوان المسلمين من وجدان المجتمع المصري ، وإثارة موجة جديدة من الكراهية والتشدد حيال الجماعة ، وفي المقابل ضرورة الصبر على الأوضاع الكارثية المزرية في البلاد واشتداد وطأة الظلم والجوع والخوف وانعدام الحقوق والحريات مع عودة العسكر إلى حكم البلاد بطريقة مباشرة من خلال الجنرال الدموي السيسي ، والذي سيعتمد – يقينا – على هذه المستجدات ليطلب من المصريين المساعدة والصبر لسنوات قادمة قد تبلغ أو تفوق الستين سنة الماضية التي حكم فيها العسكر بعد الانقلاب العسكري للضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر .
ومن أجل تغليف دموية الانقلابيين بلبوس قانوني جنح قائد الانقلاب وحاشيته إلى تعديل القوانين من أجل ضمان سرعة التقاضي والقضاء على رافضي الانقلاب عموما وجماعة الإخوان المسلمين خصوصا ، وقد عبّر عن ذلك إثر عملية الاغتيال بقوله :" يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين... نحن لن ننتظر على هذا الوضع. سنعدل القوانين التي تجعلنا ننفذ القوانين والعدالة في أسرع وقت ممكن. خلال أيام ستعرض قوانين الإجراءات الجنائية التي تجابه التطور الذي نواجهه. نواجه إرهاباً يجب أن يكون لدينا قوانين ومحاكم تواجهه» .
وقول السيسي إن هذه القوانين ستعرض خلال أيام يدل على أحد أمرين ، أولهما أن النظام الانقلابي قد أعد هذه القوانين سلفا ، ثم خطط لهذه العملية الإجرامية لتوفير الأجواء والظروف التي تسمح له بتمريره دون معارضة أو نقد أو مراجعة ، وثانيهما أن هذه القوانين سيتم سلقها خلال أيام معدودات كما حصل مع الدستور دون الحاجة إلى نقاش عمومي ، ولا إلى مجلس تشريعي أو هيئة منتخبة تشرّع هذه القوانين ، وبالتالي يكون للسيسي وزبانيته الحرية التامة في تفصيل هذه القوانين على المقاس المرغوب ،والذي يمكن من تثبيت الأمور للانقلاب وإخضاع أحرار الشعب وتركيع عبيده وتأكيدا لذلك قال السيسي :" لن نظل خمس سنوات وعشر سنوات نحاكم الناس التي تقتلنا..." .
كما يسعى السيسي إلى انتهاز هذه المناسبة لتنفيذ أحكام الإعدام في حق قادة الإخوان للتخلص منهم وترهيب كل من تسول له نفسه الاعتراض على أفعاله أو أفكاره أو نواياه ، وكذلك من أجل التخلص من رقابة الخارج وانتقاداته لأحكام الإعدام المبالغ فيها ،ومن ثمة الانعتاق من الارتباك والخوف والجزع من العواقب الوخيمة التي يمكن أن يجرها عليه التهور في الإقدام على خطوة من هذا القبيل معبرا عن ذلك بقوله :" لا نراعي الداخل والخارج، وإنما قبل أي شيء نراعي الله والمصلحة الوطنية ... لا نعمل حساب سوى للمصريين ".
كشفت التطورات التي أعقبت عملية اغتيال النائب العام رغبة الانقلابيين الشديدة في إجراء تعديلات قانونية تقود إلى إلغاء درجة من درجات التقاضي في قضايا الارهاب ، بحيث تتولى محكمة النقض إعادة المحاكمة في حال قبلت الطعن على الأحكام التي تصدرها محكمة أول درجة ، ومن المحتمل أن يقدِم السيسي – في هذه الأجواء المشحونة والمناسِبة – على إحالة كافة قضايا الإخوان المسلمين والارهاب إلى القضاء العسكري الذي يملك سرعة الحسم ، كما فعل المخلوع مبارك والذي كان يحيل كل قضايا الارهاب والإخوان إلى القضاء العسكري ومن أشهرها قضية ميليشيات الأزهر .
قد يلجأ السيسي إلى ذلك أسوة بالقائد الانقلابي الملهم للعسكر وهو جمال عبد الناصر الذي اتهم جماعة الإخوان المسلمين سنة 1954 بمحاولة اغتياله المزعومة وأحال قضاياهم إلى القضاء العسكري ، فاعتقل الآلاف وعاقبهم بعقوبات تتراوح بين عشر سنوات والأعمال الشاقة والإعدام في حق سبعة من قيادات الإخوان المسلمين ، وأعاد الكرة سنة 1966 بتهمة محاولة إحياء التنظيم فكانت العقوبات كسابقاتها إضافة إلى تنفيد عقوبة الإعدام في حق الشهداء سيد قطب ويوسف هواش وعبد الفتاح اسماعيل .
ومن المضحكات المبكيات في أعقاب هذه العملية الإجرامية القرار الذي اتخذته الحكومة المصرية بإطلاق اسم الهالك هشام بركات على ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر شرق القاهرة "تكريما له على اغتياله وعلى قتله للآلاف من المصريين الأبرياء ، ومن أجل اخفاء معالم جريمة العسكر الكبرى في عهد السيسي .
بالتأمل في ما سبق تتجلى طبيعة السيسي الدموية ونفسيته المهزوزة، وميله إلى التقليد والمحاكاة من خلال استنساخ تجربة معلمه الأول جمال عبد الناصر من أجل مواجهة الواقع الخطير الذي وصلت إليه أرض الكنانة في عهده ، ومن أجل مواجهة شدة الضغوط التي تتوالى من قبل الغرب ،وخصوصا من الإعلام الغربي والمنظمات الدولية التي جددت إدانتها للأحكام القضائية بحق قياديي وأنصار جماعة الإخوان المسلمين والتي صدرت في عهد النائب العام المغتال ، بالإضافة إلى تركيزها على غياب الديمقراطية والتضييق على الحريات وهضم الحقوق واستهداف السلطات المصرية للشباب واحتجازها للعشرات من المواطنين من دون محاكمات عادلة .
أحمد هيهات



#أحمد_هيهات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكام العرب وفتنة المال
- هل ينهي الإعدام أسطورة الإخوان المسلمين ؟
- التّسْفيه عنوان جديد للعنف السياسي
- النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (22/)
- النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (1)
- لماذا ينتخب المغاربة العزوف والمقاطعة ؟
- جائحة إيبولا تجرف -الكان-
- -شارلي-: الإساءة بين الحماقة والإحسان
- عام الحزن 2014
- هل يحكم -الاسلاميون- في المغرب
- - الاسلام ديانة حرب -
- بداية الحكم الشمولي في الإسلام
- حسن التوقع وحسن الظن
- من الثورة إلى التغيير
- الآكلون على كل الموائد
- أهل الكهف الجدد
- معاناة أبي نواس مع المنهج النفسي - العقاد -
- حج الفقراء
- أسرة التعليم وقابلية الاستصغار
- غزة تقطر دما وعزة


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد هيهات - لماذا ضحّى السيسي بالنائب العام ؟