أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البورقادي - سرحت بنظري في القبور ..














المزيد.....

سرحت بنظري في القبور ..


محمد البورقادي

الحوار المتمدن-العدد: 4980 - 2015 / 11 / 9 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


سرحت بنظري
في قبور بيض وجوهها تحيطها أزهارٌ ونوارُ، ونباتات تهزها الرياح وتهوي بها أنى تشاء ..
كنت جالسا هناك وحدي متأملا في ما صار إليه إخواني وأخواتي وأحبابي ..وقد كانوا بالأمس يمرحون ويضحكون ويلعبون والروح تدب فيهم، والحياة تملأهم والأماني تلحقهم والطموح يغمرهم ..
لكن يأبى القدر إلا أن يأتي على حين غرةٍ، ولا موعدٍ ولا اتفاقٍ مسبقِ ..يجيء بغتة فلا تدري أين تروح ولا أين تذهب ،لا بل ماذا ستقول حينها وماذا ستفعل ،وقلبك معلّق بالحياة والآمال ونفسك تتطلع دائما إلى كل آتٍ وقريبِ ، إلى غدٍ ليس بالبعيدِ يُنسيك ما قد لقيته من أيام عسيرة وعقوق أبناء، ومرض مزمن خبيث ..
ينسيك شقاءك وعناءك وأنت تحاول سداد أقساط بيتك أو بالأحرى سيارتك الفارهة التي كنت دائما تزهو بها أمام أنسابك وأصدقائك وتقول أنك اشتريتها بحرّ مالك ..
لتتفاخر بمتاع زائل وكنز منقضٍ غير دائم، في سبيل شهوة نفس ترفع بها معنوياتك وتقيم بها ذاتك المنكسرة المترهلة التي أنهكتها مصاعب الحضارة وعُقَد التطور العلمي والسباق اللامنتهي ..إلى متى وإلى أين ....؟
رأيت دارا منسيةً لونها أبيض كالثلج، لكن جوفها مليئ بأسرار ملوّنة رسمتها سيرة أهلها وسكانها الخالدون هناك إلى أجل مسمى..
هاذا قبر قديم تعدّى عمره عقودا من الزمن، وهذا آخر حديث لم يلبث أن يجف ماء ترابه بعد ..وهذا آخر قد حُفر للتو لاستقبال ساكنه الجديد ..
الكل متساوٍ مقامُهُ على سطح الروضة ، الجو هادئ والنهار ربيع والريح معتدل، ومن كان بالأمس يهرب من فلان ويبعد نفسه عن طريقه قد سكن الآن بجواره ، و حل قدّامه أو أمامه أو خلفه لكن بجنبه أو بجانبه، فالأرض واحدة والمكان واحد ...
أين صوتك يا من كنت بالأمس تصيح وتصرخ، أين سمعك يا من كنت بالأمس للأغاني تسمع بل تستمتع ، أين بصرك يا من صرفته في نظر حرام ، أين يدك الذي كنت تبطش بها ، ورجلك التي كنت تمشي بها ، أين أنت من هذا وما حل بك وما صار معك ...
أين رزقك وكنزك التي لم تكثرت من أين اكتسبته وفيم أنفقته ، فقد كان همك التحصيل بأي وجه كان ، فالغاية لا تبرر الوسيلة هنا ولا اعتراف بهذا ولا عذر لك اليوم..
أُعطِيت فرصة ماذا صنعت فيها ، وماذا قدمت لنفسك لتقيها من شرٍّ موعودٍ أنت من جنيت به عليها بظلمك وجهلك ،أو تجازيها بخير ما له من نفاذ ..
ألم نجعل له عينين؟ ولسانًا وشفتين؟ وهديناه النجدين؟
فأنت اخترت مصيرك بإرادتك ومشيئتك ، ولا عذر لك اليوم لأنه قد سبحت منك ورقة امتحانك وانتهى زمنك الذي حدد لك فانتظر عاقبتك ، فإما أن تكون من الناجحين المقبولين برحمة مولاك وإما أن تكون من المعذبين الخائبين ...نسأل الله حسن المنقلب والعاقبة..
هناك مساكن مثلى لا يختلف فيها أحد ، لكن في الأعماق وتحت الترى، عالما غيبيا لا يستطيع البصر أن يحيط به خُبرَا ،ولو حفر بنفسه ونقب عن كثب
وجاء بأحدث الأجهزة تصنتا ومراقبة ما استطاع أن يدرك من ذلك ولو شيئا يسيرا ..
"فلا دار للمرء يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها ، فمن بناها بخير طاب مسكنها ومن بناها بشر خاب بانيها "
فساكن ينعم بأنس جميل ورضى يفوق الرضى ويسأ أيان تقوم الساعة، وآخرَ يذوق من الأهوال أنكلَها ويقول ياليتني قدمت لحياتي وعملت خيرا لعلي أجزى بعد الموت بالحسن ..
فاللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولكن اجعلها قنطرة عبور آمنة توصلنا بها إلى محبتك ورضاك ..



#محمد_البورقادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرحت بنظري في السماء
- سرحت بنظري في نفسي
- سرحت بنظري في الدنيا
- سرحت بنظري في جنة الأرض
- نظرة في زمن الجسد المستباح..
- نظرة في دواعي الإدمان على التكنولوجيا ..
- تقلبات النفس ، نظرة في العمق
- خلفية إضافة ساعة للتوقيت الرسمي..
- كوابح الإصلاح السياسي والإقتصادي في المغرب : الجزء 3
- كوابح الإصلاح السياسي والإقتصادي في المغرب : الجزء 2
- دواعي تقدم الأمم..
- كوابح الإصلاح السياسي والإقتصادي في المغرب : الجزء 1
- أناس بدون مأوى..
- تأملات في الواقع..
- ذم هوى المحبوب..
- أمريكا تحتضر ..
- قلب الأدوار ..
- بوادر الإنتقال الديموقراطي في المغرب ..وأفق التحديات الجديدة
- الحرب القادمة : قوى التحالف الجديدة..
- يوم في دوار الزاوية ..


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البورقادي - سرحت بنظري في القبور ..