أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - مفاهيم مغلوطة عن الحياة والإنسان والوجود















المزيد.....

مفاهيم مغلوطة عن الحياة والإنسان والوجود


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4967 - 2015 / 10 / 26 - 14:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان (36 ) .

هذه التأملات تأتى كمحاولة لتصحيح مفاهيمنا المغلوطة عن الحياة والإنسان والوجود , فلن نستطيع إختراق جدران العجز والتيه إلا بعد تصحيح مفاهيمنا وتحررها من الأوهام والمفاهيم المقولبة التى تضع العربة أمام الحصان دوماً .. دعونا نقدم بعض التأملات والرؤى الجدير أن نتوقف أمامها وليعترينا التأمل والدهشة , فمن التأمل نبنى مفاهيم ومعرفة وندرك ماهية الحياة .

* لا يوجد شئ اسمه حقيقة كوجود ذات كينونة مستقلة بل هى رؤية وفهم نتبناه ونراه صحيح ودونه خطأ وفاسد , الحقيقة هى فهم وزاوية رؤية وتقديرنا للأشياء تستمد قوتها من إجماع البشر عليها ولكن ليس معنى إجماع البشر على فكرة أن تكون صحيحة , فالبشر تصوروا فى وقت ما أن الارض مسطحة والشمس تدور حولها فى قبة السماء وإعتقدوا ان الشمس تشرق وتغرب , كذلك يعتبر أصحاب المعتقدات أن الحقيقة فى شيوع معتقدهم وإيمان مئات الملايين بها .
أكبر مغالطة أنتجها الإنسان وتماهى فيها هى إعتباره أن الحقيقة فكرة مستقلة عن ذاته وأنها ذات كينونة مستقلة منفردة بجلاء ليكون سعيه الوصول إليها .. بينما الحقيقة هى وعينا وفهمنا وتقديرنا للأمور ليبلغ بنا الحماس والغرور مداه فنتصور الحقيقة المطلقة رغبة فى تمجيد وتعظيم والإحتفاء بوجودنا .

* من الهراء القول بالحقيقة المطلقة فيستحيل أن تتواجد فى عالم نسبى متغير , لن توجد حقيقة مطلقة والنسبى هو من يُقيمها .. إنه الوهم الإنسانى وغروره وغطرسته فكيف يدرك ويستوعب المحدود اللامحدود , وكيف يعيه ويعاينه , وكيف يقيمه , فالأمور لا تخرج عن وهم تم تجسيده ورسم ملامحه مع إستخدام مبالغة اللغة كاللامحدود واللانهائى .. إنها محاولة تحدى وجود غامض وخلق وجود من لا وجود ليعزى ويُمرر ويُبرر جهلنا بالوجود , وكمحاولة لا واعية لخلق وجود مُعتنى فى وجود غير معتنى .. إنها رغبة مزيفة أن نكون مركز الوجود وأسياد الحياة .

* البحث فى فكرة الحقيقة هى متعة الحياة بعد الإشباع الجسدى فهى التى تجعل لحياتنا معنى بالتنقيب فى المجهول للوصول لفكرة نتصورها حقيقة كحال متعة التعاطى مع الألغاز والغموض .. لقد صارت فكرة الحقيقة بمثابة غاية نتبناها لننفصل عن عالم الحيوان إنفصالاً كلياً فنحن لم نعد نكتفى بصراع غايات بيولوجية لننطلق ننبش فى لغز الحياة وصراعنا مع الماضى والمستقبل .

* من المفاهيم السائدة المغلوطة مقولة الخير والشر لتصل لحد أن نعتبرها منظومة منفصلة عنا مفروضة علينا من جهة خارجية , بينما الخير والشر إنتاج إنسانى خالص يعبر عن مفاهيمنا ورؤيتنا لعلاقتنا الإنسانية المنشودة فى الزمان والدليل أنها نسبية بل إزدواجية المعايير تناسب وعى الإنسان ورغباته ومصالحه فى إقامة النظام فما نعتبره شراً يمكن أن يكون خيرا مثل القتل والسرقة والإغتصاب فهى مباحة وخيرة عند التعامل مع الأعداء بالرغم أنها نفس الفعل المادى المعنوى .

* من المفاهيم المغلوطة أن الإنسان تعامل مع قيم معنوية من إنتاجه كأنها حقيقة ذات وجود , فمفاهيم كالحق والخير والجمال هى مفاهيم معنوية وتقييمات بشرية لتتحول إلى أصنام وموجودات تجد طريقها للإله فى النهاية , ولكن الحقيقة وواقع الحال غير ذلك تماما , فالحق والخير والجمال تقييمات وانطباعات وتقديرات بشرية تجد سبيلها فى معانى وليست ذات وجود مستقل , لذا من السخف تصور أن هناك وجود خارجى خارج الانسان يبث هذه المعانى , ومن التهافت الشديد تصور تجسيد لهذه المعانى فى موجودات كإله الخير والحق والجمال وشيطان الشر والقبح مثلا فنحن من نُقدر ونُقيم ونُصيغ المشاهد بإنطباعات , ولنتذكر أنها نسبية .

* الحقيقة التى نبحث عنها هى توصيف الوجود المادى ولن تخرج حقيقة الوجود إلا من خلال الوجود المادى ولكننا فى كثير من الأحيان نتيجة جهلنا وخوفنا وذاتيتنا نستعين بوسائل خيالية تمنحنا أجوبة ليست فى الوجود المادى بل أجوبة ترضى هلعنا ورغباتنا لنخلد لنوم مريح .

* العقل لا يخلق موضوعه بل الموضوع والوجود المادى هو الذى يخلق معطيات ومحددات الفكر ,أى أن الأفكار نتاج تأثرنا وإنطباعنا وإنفعالنا مع واقع موضوعى يعطى صوره ومحدداته لتدور آفاق الفكر وفق معطيات الوجود المادى.

* كان لدينا تصور بأن العين هى التى ترى فيسقط شعاع منها على الشئ فنرى , بينما الرؤية تأتى من إنعكاس الضوء الساقط على الشى ليجد إشعاعه المنعكس طريقه لعيوننا .. لا تكون هذه النظرة المغلوطة مقتصرة على تفسير خاطئ لمشهد فيزيائي بل هى منهجية فكر وفلسفة مغلوطة نتبناها , فنتصور أن الأفكار نتاج حقيقى ووحيد لعقولنا وإننا من نخلق الفكرة بينما هى نتاج واقع موضوعى جمع وتكثف على مرآة الدماغ ليسقط على عقولنا , فتكون وظيفة العقل الرائعة تنظيم وترتيب وربط ولصق هذه الصور بشكل خيالى او عقلانى لتصيغ الفكرة ومن هنا نشأت الأفكار والآلهة .

* إختلاف تعاملنا مع الأفكار هى كنظرتنا لكوب الماء , فالبعض ينظر لنصفه الفارغ والبعض الآخر ينظر لنصفه المملوء..ولكن المصيبة أن هناك من يتوهم بأن الكوب الفارغ الخالى من الماء مملوءاً , فهكذا يتوهم ومنها يبنى معتقداته .!

* ما يبدو لنا أنه سراب لا يعنى وجود السراب ككينونة وهذا يعنى أن الرؤية البصرية لا تعى وجود الأشياء فى ذاتها , فالرؤية الذاتية والخيال والتصور والوهم الإنسانى قادر على تجسيد الأشياء لتبلغ حداً بتصوير وجود مالا وجود له ولكن يبقى المتخيلون للسراب أفضل حالاً مِن مَن يتوهمون صور غير موجودة ينسبونها لوجود لا توجد أى إشارة على وجوده ليبلغ ببعض المتشنجين حداً إدعاء اليقين به .

* أجمل ما فى الإنسان أنه كائن يصنع الخيال الذى هو بمثابة مخدره الطبيعى , فالخيال يجعله يتجاوز الواقع بمنطقه الصادم الصارم ليعبر خوفه الجاهل , فلن يكلفه الأمر شئ سوى أن يجمع بعض الصور ويلصقها ويركبها كما يريد , ومنها يمكنه أن يركب مشاهد ويدير سيناريوهات كاملة .
الخيال بمثابة مخدر طبيعى ينتجه الإنسان ليعيش حلم أو يتجاوز خوف وألم , فكلما حل عليه الألم إستدعى صوره الخيالية .
الكثير منا يستدعى الصور الخيالية التى أنتجها الأجداد ليتعايش معها ولكن المصيبة أننا وقعنا فريسة هذه الصور الخيالية وإعتبرناها حقيقة وتشبثنا بها بل تعصبنا لها بالرغم أنها صور خيالية للقدماء .

* لنفهم الوجود والحياة يلزم أن نتعامل مع المشاهد الوجودية بدون أشياء ليست منها أى لا نحملها إنطباعاتنا ولكن من المستحيل أن نعيش مشهد حياتى بدون أن نصيغه فى إنطباع ونسقطه عليه فحن لسنا آلة كاميرا .. ولكن علينا أن نفطن بأن هذه إنطباعات وليس جزء أصيل من المشهد الوجودى لذا يمكن تغييره وإستبداله وعدم الإنبطاح أمامه .

* كل ماهو عقلى هو واقعى بغض النظر عن كونه حقيقة أم خيال فهو نتاج واقع مادى , ولكن ليس كل منتج عقلى هو موجود بالضرورة ,فعروس البحر والحصان المجنح هى منتجات عقلية من تجميع صور متواجدة ولصقها لتنشأ فكرة .

* الإنسان يخلق أوهامه ليتعايش بها مع الوجود لعبور ألمه ومحنته وعجزه .. الأوهام وسيلة يبدعها العقل لمعالجة ألم ومحاولة عبوره , لذا فالغارق فى أوهامه وخرافاته ليس إنساناً غبياً بل يعالج أزماته النفسية بتلك الطريقة التى تريحه , لذا إذا أردنا أن نحرره من الأوهام والخرافات فلا نتعاطى معه عقلانياً ومنطقياً فهذا لن يُجدى لأن أفكاره المتوهمة جاءت من إحتياج نفسى ولم تأتى بقناعات عقلانية مجردة , لذا يلزم أن ندرك السبب الموضوعى لألمه النفسى وكيف نعالجه ليتجاوزه بطريقة مغايرة .

* الإعتقاد بوجود الحق والصواب جعل البشر بإنتظار ظهورهما وتحققهما بدلاً من إيجادهما ليتوهم البعض بوجود مرجعية للحق والصواب , وهذا الظن ناتج عن شعور بأن الإعتقاد يبدو كتأجيل للاعتراف بحقيقة عدمية الوجود كمعنى وكغاية بديلاً عن التصادم معها , هو تسويف الإنسان بغية الخروج من موقف المهزوم المهمش ليستطيع الصمود أمام واقع صارم .

* فكرة الحق والصواب عبارة عن سراب فكري يعكس مخاوف وأحلام وقصور الإدراك البشري , فإذا كان كل ما يمكن فعله يمكن تبريره فستنتفى هنا مقولة الحق والصواب المطلق لتدخل فى النسبية .. الحق والصواب مفهومان إعتباريان لا وجود فعلي لهما , لذا فسبب كل مآسي البشر وخلافاتهم من عملية التحجر والتشرنق فى صنمية هذه المفاهيم .

* ما يحكم الحياة والوجود فعليًا هما القوة والضعف، أو تعادل القوى , ووفقا لهذه المعادلة استطاع البشر تحقيق التوافق والتكامل والتعايش السلمى , وهذا الإنجاز نتاج تعادل القوى وليس ناتجاً عن وجود مرجعية للحق والصواب .

* ليس معنى قولنا بعدم وجود أصل وحدود لمفهومي الحق والصواب أن هذا يعنى الفوضى والعبث والاحتكام للقوة العشوائية , بل يعني إدراك حاجتنا الدائمة لخلق مرجعيات منطقية مرنة واقعية لتحقيق التوافق مع واقعنا بما يتناسب مع الحركة والتطور فلا ديمومة لحزمة من الافكار نعتبرها حق وأخرى باطلة , الحق والصواب ليسا هدفًا لذاتهما بل الهدف تحقيق الاستقرار والتعايش السلمي الكريم للبشر , لذا إعتماد البشر على مرجعيات وهمية أو مرجعيات قديمة جعل قناعاتهم ومبادئهم وهمية ليسقطوا فى مستنقع الجمود والتخلف .

* نعم يوجد توق فطري إنسانى للمعرفة ولكن الأداء الإنسانى للمعرفة يشوبه فى كثير من الأحيان التكهن بما لا يعلمه مستنداً لما يعلمه وهذا ينتج مُغالطة تبعده عن فهم معرفى موضوعى , فالفرق شاسع بين المعرفة والوهم والخيال , فإذا كان الخيال هو أن يتصور الإنسان وجود ما لا وجود له بناء على ما هو موجود , لكنه خيال فى النهاية وليس ساحة مادية متحققة وإن كان كل مفردات الخيال جاءت من صور مادية ومن هنا ينتج الوهم حيث لا يتم التفريق بين الساحة الفكرية والساحة المادية .
يأتى الوهم من إعتماد نتائج التصورات الخيالية وتطبيقها على الساحة المادية , وفرضها كواقع بدون تحقيقها , فالوهم كمن يريد إكتشاف خارج الحجرة بدون وجود نافذة لتجد حضورها عند الضعفاء الذين يُعانون من الخوف المُصاحب لعقدة الجهل أو الخطيئة المُختلقة , أما المعرفة فهي ما يُمكن إثباته عن الأشياء دون لبس .

* من مفاهيمنا المغلوطة الإعتقاد أن الإنسان يصنع قناعاته وليست القناعات هي التي تَصنع الإنسان , فالإنسان يولد صفحة بيضاء خالٍ من أي قناعات قابلاً لإعتناق أي ثقافة أو معتقد أو حزمة عادات وسلوكيات من بيئته , فهو يقتبس و يستورد قناعاته ولا يصنعها ولا يملك المقدرة على إختيار منابعها ومصادرها فهو واقع تحت فعل وتأثير ومحصلة القوى الفاعلة لتبقى الخطورة فى فرض الأفكار والثقافات والقناعات بشكل صنمى ليتم تحصينها ومنع الإنسان من الشك ومراجعة قناعاته وفق المستجدات الجديدة , فالحرمان من الشك والمراجعة يعني الحرمان من التفكير , فالشك يعني قبول الأفكار أو رفضها استناداً إلى مسلمات الطبيعة وبديهيات الحياة والوجود العام وليس استنادًا إلى ثقافات معينة ومعتقدات مفروضة مُلقنة وقناعات صنمية .. ومن هنا فما يقال عنه قناعات راسخة تكون أكثر خطورة على فكرة الحقيقة من الأكاذيب .

* هناك مغالطة غير منطقية عندما نحمل الفرد المسئولية التامة عن قناعاته وكأنه قد خلقها بنفسه من عدم , أو كأنه قد إختارها عن قصد و دراية ووعي مسبق ليبدو المشهد عبثيا , فكأنك تحاكم وتعاقب إنسان لأنه مريض بعدما وضعته فى منطقة موبؤة بالمرض , فهل يكون مسئولا عن مرضه , لذا من العبث أن نحاكم الإنسان على حظوظه من الجغراقيا والتاريخ , فقناعاته موروثات من معتقدات لا منطقية تم إملائها .

* إن التجارب الحديثة في علم الأعصاب تدعم التوجه القائل بأن أدمغتنا الفيزيائية تتبع القوانين العلمية الطبيعية , فهي التي تقوم بأخذ قراراتنا وليس جهة خارجية موجودة خارج نطاق هذه القوانين , فعلى سبيل المثال بينت دراسة لستيفن هوكنج لمجموعة من المرضى تحت عمليات فتح الدماغ بدون تنويمهم أن التأثير الكهربي على أماكن معينة في الدماغ يجعل المريض في حالة يشعر بالرغبة في تحريك يده أو ذراعه أو قدميه أو شفتيه حسب المكان المثار , ويُستنتج من هذا أنه من الخطأ القول بحرية الاختيار فتصرفاتنا مقيدة بالقوانين الطبيعية .

* لى رؤية وتعريف وفهم لمفهوم الحرية يغاير المفاهيم المعتادة , فلا يوجد شئ إسمه حرية بمفهوم مثالى , فالحرية هى الوعى بالواقع المادى الموضوعى والتحرك وسط آلياته وما تفرضه آلياته وعلاقاته ومعادلاته , فالحرية لا تتحقق إلا من خلال عالم الضرورة , بمعنى أن وجود الإنسان داخل عالم الضرورة هو الشرط الأول لإمكان تحقيق حراك نطلق عليه حرية .
يُمكن شرح حراك الإنسان أو ما يُطلق عليه حريته بنقطة تتحرك داخل شكل هندسى متعدد الأضلاع والزوايا حيث النقطة هى الإنسان , والأضلاع والزوايا هى مجمل الظروف المادية المؤثرة بيئية وإجتماعية وثقافية وجينية الخ لتحدد محصلة صراع هذه القوى مسار تلك النقطة داخل الشكل الهندسى , ولتتباين حراكها من إنسان لآخر وفقاً لتباين الأقطاب المؤثرة كماً وكيفاً على كل إنسان ولنلاحظ أن القوى والأقطاب المؤثرة كلها عوامل خارجية لم يصنعها الإنسان .

* الصراع هو سر وشفرة ومعنى الحياة ليبدع البشر أشكال مختلفة من الصراع تدور أساسا حول الغذاء , ولتتخلق صور أخرى من الصراع يكون لها القوة والديمومة تتمثل فى التمايز والتسلط والتحكم ففى كل المجتمعات الإنسانية متحضرة أم متخلفة ,يدور صراع على التميز والتسلط يسمونها طموح وتفوق وإثبات ذات ولكنها لا تعدو سوى البحث عن إقرار بوجودهم وتميزه فلا قيمة لوجودهم إلا بما ينجزونه على حساب الآخرين ومن هنا تخلقت أنظمة فكرية إجتماعية إقتصادية ترسخ هذه الرغبة الزائفة فى التمايز والهيمنة من مجتمعات العبودية مروراً بالأديان إلى الرأسمالية فى عالمنا المعاصر , فكل الحروب والمآسي التي يدفع ثمنها الإنسان هي نتيجة حتمية لإعتقاده بهذا المعنى الزائف .

* ليس كوننا أحياء لا يعني أن الموت حالة طارئة لاطبيعية بل العكس صحيح , فالحياة إستثناء فحياتى نقطة على مستقيم العدم اللاوجودى اللانهائى , ومن هنا فمن الهراء والسخف تصور أن موت الإنسان هو عبوره إلى مكان اخر غير المكان أو فوق المكان لنجد البعض بكل غباء يدعون أنه خارج المكان .
ماذا بعد موتى ؟ بكل بساطة ما كُنت عليه من حالة عدمية الوجود قبل حياتى , فالحياة مجرد شكل من أشكال الموت شكل شاذ ونادر الحدوث لكنه موجود فالمسألة لا تحتاج إلى فلسفة عميقة أو آلهة تخدر العقول المرتجفة من الموت لتجعلها أسيرة وهم .

* سيأتي اليوم الذى يتبخر الحضور الإنساني ولن تجد حينها من يَرصده ويُقيمه , ستأتي هذه اللحظة التي تَلُف عباءة العدم كل تاريخنا وحضارتنا وصخبنا وأوهامنا وعلومنا وكل ما يتعلق بنا كبشر.. فبعد أن ينتهي عمر كوكب الأرض لن تعود هنالك إمكانية للإمساك بآثارنا.. هذه الحقيقة من الحقائق العلمية التي تقول بأن الكوارث الطبيعية التي تهددنا ستكون بمستوى من الدمار لن تُبقي على أي أثر يدل علينا فكل الأبحاث العلمية تقول بأن للأجرام السماوية أعماراً محدودة , وهاهي المراصد الفكلية ترصد يوماً بعد آخر إنفجارات النجوم وإبتلاعها فى ثقوب سوداء ملتهمة معها الكواكب الدائرة حولها , إذن في نهاية المطاف ستنفجر فقاعة الصابون , فقاعتنا التي انتفخت حداً لنتوهم بأن كل الوجود مجبول من أجلنا ومُسخر لخدمتنا.
مشكلتنا ككائنات بشرية تأتي من استمرار إيماننا بأننا محور الوجود وشغله الشاغل ومن هنا خلقنا فكرة الإله الذى يعتنى بفقاعة الصابون ويخدمها ويراقبها , والمرافبة هنا تعنى الإعتناء والتمايز لنتوهم أن الخلود يُجهز لنا , لكن الحقيقة التي يجب أن نعيها ونواجهها تقول بأن ليس هناك واقع موضوعي يمنحنا تمايزاً عن باقي الكائنات الحية , فعمرنا تافه وليس بذو قيمة بالنسبة للزمن , ووجودنا صغير وهامشى ولا يذكر بالنسبة لحجم الكون هذا فضلاً أن الكثير من الكائنات الأرضية إنقرضت لسبب أو لآخر ولم تجد بانتظارها غير العدم الوجودى . كائنات جاءت وذهبت ببساطة بالغة من دون أن تثير أى ضجيج أو صخب .. فلماذا يأتي الإنسان ليفترض بعد ذلك بأنه وحده من سيكون له مصير ممتد ولا نهائي سوى كونه كائن صاخب وفقاعة صابون .
نحن نمتلك غرور غريب لنتصور بأن الوجود جاء من أجلنا بينما نظرة بسيطة على عالم ما تحت البحار ورؤية أخرى على مشهد الكون سنجد أن وجودنا تافه لا يحمل أى مظهر من مظاهر التمايز والإحتفاء والإحتفال والإهتمام بوجودنا .. الطبيعة لا تحاسب أحد على غروره وأوهامه وتصوراته البائسة فهى غير عاقلة وغير معتنية , ولكن الفكرة المغرورة الواهمة ستخدع الإنسان ذاته لتصرفه عن فهم حقيقى للحياة والوجود .

* وسط هذه الحالة من العدمية وعدم الجدوى يبقى أن نعيش الحياة فى لحظتها وفق منطقها وعلاقاتها فى ذات اللحظة فلا نستقدم حالة ماضوية لنسقطها على واقعنا .

دمتم بخير.
لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه مانحلمش .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موائمات و تدخلات وإقتراحات وما يطلبه الجمهور
- تأملات مسلم معاصر فى تاريخية النص-جزء ثان
- تأملات مسلم معاصر-إن الله يسارع فى هواك
- خمسة وخمسون حجة تُفند وجود إله
- فى ماهية الوجود-نحو فهم الوجود والحياة والإنسان
- شيزوفرانيا-تناقضات فى الكتابات المقدسة–جزء13
- عاوز أعرف – مشاغبات فى التراث 8
- إستنساخ التهافت-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- الماركسية السلفية وعلاء الصفار
- إستنساخ آلهة البدواة-الأديان بشرية الفكر والهوى والتوحش
- فضائح وشجون ومخاطر على سواحل أوربا
- منطق شديد التهافت ولكن إحترس فهو مقدس
- إنهم ينفقون على الجن بسخاء-لماذا نحن متخلفون
- منطق الله الغريب - مشاغبات فى التراث 7
- أبشركم بإله ودين جديد .
- كيف تؤلف لك دين جديد -جزء ثانى
- كيف تؤلف لك دين جديد - جزء أول
- سؤال فى تأمل-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- تغييب السبب الرئيسى إما جهلاً أو خجلاً
- تهافت البلاغة – مشاغبات فى التراث(6)


المزيد.....




- المخابرات الألمانية تصنّف حزب البديل من أجل ألمانيا على أنه ...
- إسرائيل تعلن شن غارات جديدة على سوريا.. وتوضح الهدف
- -لحماية الدروز-..هل تصعد إسرائيل بسوريا؟
- سجن قاضية أممية في بريطانيا لأكثر من 6 سنوات بتهمة -استعباده ...
- مصدر مصري: إسرائيل تغلق معبر رفح من الجانب الفلسطيني وتمنع د ...
- الجيش الإسرائيلي يكشف عن المواقع المستهدفة في الغارات الأخير ...
- الخارجية الأمريكية توافق على عقد بقيمة 310.5 مليون دولار لصي ...
- إعلام: الولايات المتحدة تجهز عقوبات جديدة ضد روسيا قد يرفضها ...
- مرافعة تاريخية للجامعة العربية أمام العدل الدولية
- زعيمة حزب ألماني تتحدث عن خطأ ارتكبته أوروبا في قضية الأزمة ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - مفاهيم مغلوطة عن الحياة والإنسان والوجود