أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تأملات مسلم معاصر-إن الله يسارع فى هواك















المزيد.....



تأملات مسلم معاصر-إن الله يسارع فى هواك


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4953 - 2015 / 10 / 12 - 19:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- تأملات مسلم معاصر –جزء أول .
- الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت (65) .

- مقدمة :
هناك مدرستان فى الأداء النقدى أحدهما تعتنى بالصدمة والطرق فوق الأدمغة بقوة لتعرض نقدها واضحاً جلياً صادماً محفزاً العقل على الحراك والتعاطى , كمن يلقى دلو ماء بارد على رأسك ليدعوك للإستفاقة واليقظة وترك الغفلة لينهج أصحاب هذه المدرسة النقد المباشر الجرئ ولا مانع لديهم من الإستخفاف والسخرية الناقدة من الأفكار الأخرى فى سبيل حث العقل على التحفز وترك غفوته, وهناك مدرسة أخرى تعتنى بالنقد المترفق الهادئ كسبيل لتبديد الأفكار الخاطئة وتمرير أفكارها .
المدرسة الأولى يظهر أدائها جلياً فى النقد الدينى لتميل للهجوم وطرح أفكارها النقدية بقوة لا تخلو من الإستهانة والسخرية من العقل والفكر الدينى فى بعض الأحيان , ويرى أصحاب هذا الأداء أن الأمور تحتاج إلى الصدمة الكهربائية المباغتة للإيقاظ وحصار الأفكار الخاطئة , أما أسلوب الطبطبة والترفق فلا تجدى بل ستجعل الدينى يسارع لغفوته ثانية ,أما المدرسة الثانية فترى أن نقد الأديان فى أوساط المؤمنين لا تحتاج إلى الصدمات كون القضية ليست قضية عقلية صرفة بل مغمورة فى عاطفة وهوية وإنتماء وعصبية , فالإيمان لم يأتى بالعقل والمنطق ليتم صرفه بالعقل والمنطق فقط لذا الأمور تحتاج الترفق واللين , فالأسلوب النقدى الصارخ قد يعطى نتائج غير إيجابية وذلك بمزيد من التشرنق والتحصن أمام هذه الموجة النقدية العالية مما يدفع الدينى إلى إستخدام أساليب انفعالية كالنفور والسب واللعن والإزدراء والنيل من شخص الناقد كسبيل للخروج من أتون النقد المدفعى المباغت .
لك أن تنحاز لأى أداء ولكننا فى هذا الملف من " تأملات مسلم معاصر " سننحاز إلى المدرسة الثانية فى الأداء النقدى لنجرب هذا النهج فى التأثير , وهل نحن شعوب يُجدى معها التعامل النقدى المنطقى الهادئ أم أن الامور تحتاج للطرق فوق الدماغ دوماً , فلنجرب .
سأتقمص شخصية إسلامية معاصرة تشبعت بدرجة ما بقيم العصر والتحضر ومفاهيم الحرية وحقوق الإنسان وأطلق من على لسانها تأملاتها وخواطرها وتوقفاتها بل شكوكها ولكن بلسان مسلم وليس بلسان وفكر لادينى أو ملحد أى أنه يحمل فى داخله هويته وإنتماءه وعشقه لإسلامه ولكن لديه بعض التأملات التى توقف عندها وإتخذ منها موقفاً ومن هنا يكون النقد هادئ مترفق , فصاحبه لا يريد هدم المعبد بل يأمل أن يتوافق مع عصره وحضارته فهو ينقد بغية البناء والإستمرار والتوافق .
لا أتصور هذه الشخصية المسلمة المعاصرة التى نحن بصددها صورة خيالية مُفترضة أو مَقحومة على مجتمعنا فهى نتاج طبيعى لنماذج عديدة لها توقفات وقناعات , فنحن بشر لدينا الحرية والقدرة على التعبير والرفض وإتخاذ المواقف ولسنا كتل صماء مقولبة , بذا هذا النموذج الذى سأطرحه موجود ولكنه ليس صاحب ميديا بحكم أنه لا يصرخ ويملأ الدنيا ضجيجاً بإعلانه عن مواقفه فهو يكتفى بقناعاته ويخشى البوح عنها لقداسته للدين وعدم جرأته على إثارة أفكاره , وأتصور هذا النموذج شائع وسط المسلمين من الذين نطلق عليهم أصحاب الإسلام المعتدل الوسطى , كما هو شائع وسط جميع أصحاب الأديان الأخرى , فالإنسان مهما بدا متقولباً منبطحاً أمام أفكاره ومعتقداته فله بعض التوقفات ليحتفظ بها فى ذاته كمنهج تفكير وحياة ليبحث عمن يؤيد مواقفه من علماءه وفى الغالب لا يعلن المسلم عن تأملاته ومواقفه محتفظاً بها فى دماغه .
صديقنا هذا ولنطلق عليه إسم "خالد " يُعلن عن إحتفاظه بإيمانه الإسلامى ليكتفى بتوقفاته وتأملاته ولكننا سنرى فى خضم هذه السلسلة من " تأملات مسلم معاصر " أن التساؤلات بدأت تتسلل فى داخله ليجد الشك سبيلاً له ولتنطلق علامات الإستفهام والتعجب , ولا نعلم مصير هذا الحراك والتفاعل لنكتفى بتسجيل إنطباعاته ومواقفه ورفضه فقط .
خالد شخصية إسلامية إفترضتها وتقمصتها لأصيغ من خلالها نقد التراث والفكر الدينى , ولكن ليس معنى ذلك انها غير موجودة بل أراها متجسدة فى شرائح عريضة من المسلمين الذين يتصورون أنهم ينتهجون المنهج الوسطى لأقول أن لهؤلاء توقفات كثيرة أمام التراث الإسلامى , ولكن توقفاتهم لا تعنى البوح بها وعرضها للطرح والجدال بل هى رؤى خاصة وجدت طريقها فى الداخل وشكلت قناعات مُنسجمة مع واقعها وعصرها وليست على إستعداد نتيجة عوامل كثيرة أن تؤدلجها وتذيعها وتبشر بها وذلك يرجع الى أن الأدلجة ستغفل نصوص عديدة تناهض توجهاتها علاوة على قوة الفكر الإسلامى الكلاسيكى السلفى وفوبيا الخروج عن الإسلام ليأثر الكثير من المسلمين الصمت .
يمكن القول أن "خالد" صاحب رؤية مؤدلجة تؤصل توجهاته ولكنه إكتفى بالتأمل والتوقف والقدرة على البوح والرفض ومازال يحمل بين ضلوعه هويته وإنتماءه وعشقه الإسلامى وليس لدينا مشكلة مع هذا التوجه ولكن لننتبه أن كلام "خالد " ليس تعبير عن رؤيتى وفكرى ولكن إقتضت ملامح القصة والتقمص أن أرسم خالد كمسلم متحرر وليس لادينياً أو ملحداً بالطبع لذا لزم التنويه , ليعنينا ان يتحرر المسلم من القولبة والرؤية الصنمية ويحاول أن يجد رؤية متصالحة ومنسجمة مع العقل والعصر , فنصف البلاء أفضل من كل البلاء كما يقولون .

إلتقيت مع خالد على مقهى بوسط البلد محاولاً أن أكتشف تأملات وخواطر مسلم معاصر تحرر من السلفية والقولبة ولم يخرج عن إسلامه لأبادره بالقول ماذا تريد أن تقول عزيزى خالد ؟.
= خالد : أنا مسلم منذ نعومة أظافرى ولى وشائج قوية بالإسلام من الصعوبة بمكان التحرر منها بل لا أريد التحرر , فالإسلام يمثل هويتى وإنتمائى وعشقى وتاريخى وجذورى ولكن لى مواقف وقناعات تحاول تقديم رؤية منطقية عصرية للإسلام تخالف الرؤى السائدة هى شبيهة بالبروتستانية المسيحية إذا جاز هذا التوصيف لتتحرر من كهنوت وصنمية النص والفرد ,وأتصور أن رؤيتى ومواقفى فى داخل كل مسلم معاصر مع تباين نسبى بالطبع من فرد لآخر ليكون تميزى هى قدرتى على البوح .
- أنا : ماهى الملامح الرئيسية لفكرك ورؤيتك .؟
= خالد : أنا مسلم حتى لا يوصمنى أحد بالإرتداد عن الإسلام , ولكن لى رؤية تقول أنه من الأهمية بمكان من موقف وقرار شجاع يحدد علاقتنا بالنص الديني بوضوح بلا مواربة ولا خوف , فالنص مُحمل بأثقال لم تعد تعنيني ذوقاً وثقافة وحياة وسلوكاً , ولم تعد تنسجم مع قيمنا وعصرنا بل للأسف تتصادم معه لنلحظ هذا فى سلوك الجماعات الإسلامية المتشددة والإرهابية التى تسئ للإسلام .
أزعم أني أشارك هذا القلق مع جموع ملايين المسلمين اليوم , ولكن أكثرهم لا يبوحون بها ومنهم من يكتمون على أنفسهم , وكثيرون يتوجسون من إعلان قناعاتهم التى تتوافق مع قناعاتى ,وللأسف لا يوجد إعلان وإعلام قوى لهذه الحالة الإسلامية فهى متوارية خجولة مترددة أمام جحافل أصحاب الصوت الإسلامى الكلاسيكى لذا يتم وأدها سريعا , ولا أستطيع الزعم أنها حالة إسلامية خاصة , فكل أصحاب الأديان والمعتقدات يساورهم الشك والتوقف أمام ميراثهم وتراثهم الدينى وإن كان البعض إستطاع الخروج من الشرنقة الدينية الحرفية الصنمية بينما يقبع المسلمون فيها لا يجرأون بل لا يريدون الخروج منها .
مازال الكلام لخالد : أنا مسلم وجدانياً وعاطفياً ولكنى متحرر من قيود وصنمية النص وأثقاله لأتصور علاقة طبيعية مع الله ككيان أسمى يكون من العبث والسخافة أن نجعله يسكن داخل نص أو معبد و يتحدد به , فالدين تجربة تاريخية تطلب التجديد المستمر , والنقص سمة التاريخ وطبيعة الوجود وجوهر الإنسان وسر تطوره , لذا الجمود أمام صنمية النص سيؤدى إلى التخلف والجمود ومناهضة طبيعة الحياة .
لن يخرج الإسلام من أزمته إلا بالعودة إلى صيرورة التاريخ وفك الوثاق بين الفلسفة والتصوف الإسلامي وبين النصوص المقدسة , فهذا الإسلام هو إسلام الأمة وسيجد القدرة على الإستمرار من خلال قدرة الأمة على مجاوزة النص القرآني والتعامل معه بمرونة باعتباره نصاً تأسيساً وليس توجيهياً حاكماً ، وهي المجاوزة التي يتيحها القرآن لقوم يتفكرون.

- أنا : اريد التوقف أمام قولك أن القرآن نص تأسيسى . فما معنى هذا .؟
= خالد : القرآن نص تأسيسي للأمة وليس نصاً يُوجهها إلى آخر الدهر , فهو نص انتهت وظيفته التشريعية مع إنبثاق أمة جديدة في التاريخ بملامح ثقافية جديدة , لذلك نجد أن الكثير من آيات القرآن جاءت لمجتمع وأحداث محددة لينحسر مناط التكليف بأصحاب زمانها وفى نطاق المرسل إليهم وجودياً , مما يجعل اليوم الكثير من أحكام القرآن متجاوزة للعصر بالنظر إلى إنقراض المرسل إليه من الوجود وتغير طبيعة ونسق الأحفاد , وهناك آيات كثيرة سأذكرها فى السياق تثبت ذلك .
القرآن كلام مخلوق كما يرى المعتزلة , وهذا يعنى أن كلام الله ليس صالح لكل زمان ومكان بل على العكس , وذلك يرجع أن لكل مخلوق عمر محدد وليس أبديا , وكون الله هو أصل المخلوقات فلا يعني ذلك أن شرائعه وأحكامه قابلة للإستنساخ والتطبيق مع مجتمعات مغايرة زمانياً وهذا ما فطن له المسيحيون بإستبعاد وإقصاء كافة تشريعاتهم القديمة عن الفعل والتطبيق كطبيعة مجتمع مغاير لن يعيش بتشريعات قديمة .
لا يجب أن يكون القرآن دستوراً ثابتاً أبدياً تستمد منه الأمة أحكامها إلى أن يرث الله الأرض وما عليها كما يتوهم الكثيرون , فهو لا يعدو سوى فكرة ومنهج عام لذا من الخطأ إعتبار نهج محمد وتطبيقاته المرتبطة بالزمان والمكان نهج ودستور عام فلنا أن نعتنى بالفكرة العامة وننصرف عن التطبيقات فهكذا كان زمانه ولنا زماننا .
القرآن الذي أيد به الله رسوله في مجتمع بلاغي حصر وظيفته وحددها في القراءة التعبدية , كما هو واضح في قوله "ورتل القرآن ترتيلا "، مما يعكس المضمون التعبدي للقراءة بعيدا عن أحكام السلطة والدولة والمجتمع والأمة , وكون القرآن محصوراً في الوظيفة التعبدية فيحق لكل مسلم أن يصلى بالقرآن و يتعبد بتلاوته حتى وإن كان لا يفهم كلمة واحدة باللغة العربية، وهو ما يفسر لنا أننا نصلي ونتعبد بآيات نعلم مسبقاً بأن آيات أخرى قد نسختها .
مازال الكلام على لسان خالد ليكمل : قناعاتى بأن وظيفة القرآن لا تتعدى الوظيفة التعبدية ولا يمكن أن نستخلص منها أية أحكام , ولأثبت ذلك أقول أن كثير من الآيات تنحصر فى دائرة المخاطَب أو المرسل إليه في نطاق شخص أو أشخاص أو جهات محصورة في الزمان والمكان المحمدى , وكثير من أحكام القرآن نسختها أحكام قرآنية أخرى فى ذات الحقبة المحمدية لنجد أن كثير من الآيات نقرأها حتى بعد أن نسختها آيات أخرى , وكثير من الآيات لم نعد نقرأها لكنها جزء من القرآن " التاريخي" والأمثلة كثيرة سنذكرها في النقاش .
الوظيفة الأساسية للقرآن تكمن في أنه جاء حجة للرسول وتحدياً بلاغياً لمنافسيه على الزعامة الروحية حينها . إذ يكشف لنا القرآن كيف هدد الله رسوله مراراً بأن يمنع عنه الوحي , بسبب بعض تصرفاته الخاطئة كما في قوله : "ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا ". فالتهديد هنا بإنقطاع الوحي أو حجبه أو الذهاب به جملة وتفصيلاً هو تهديد غير موجه للأمة ,وإنما يخص الرسول بمفرده بسبب بعض أفعاله , مما يعني أن القرآن هبة إلهية للرسول أكثر ما هو "دستور" أبدي تسترشد به الأمة إلى أبد الآبدين , وإذا كان ذلك هو حال علاقة القرآن بالرسول فما علاقة القرآن بالأمم التالية ما بقي التاريخ وبقيت فيه .

- أنا : هل تذكر لنا أسباب إنحيازك إلى فكرة أن القرآن نص تأسيسى وليس دستوراً صالحاً لكل زمان ومكان .
= خالد : الأسباب كثيرة ومتنوعة فهناك آيات عديدة خاصة بالرسول حصراً فلا تجد لها أى أهمية لدى المسلم فحكمها خاص بالرسول , فكيف نعتبرها دستور أمة , لذا حذف هذه الآيات لن يؤثر على القرآن , كما هناك قضية خطيرة تثبت تاريخية النص ليس على مستوى أدواته وملامحه التى تخص زمانه فقط بل تجاوبه مع حدث خاص بزمانه وهو ما يعرف بأسباب التنزيل لنجد الآيات جاءت خصيصاً لمعالجة حدث ومشهد بل قول محدد , فكيف نقول أن هذا النص دستور صالح لكل زمان ومكان , علاوة أن هناك نصوص وآيات جاءت بإيعاز من الصحابة كعمر , ولتضيف لذلك أن التشريعات القرآنية خاصة بزمانها ونهجه وقيمه وذوقه ولا يصح أن نعتبرها شرائع قائمة واجبة التطبيق فى عصرنا , فالعالم المعاصر أثبت عدم جدواها بتجريمه الرق والسبى مثلا .

* آيات خاصة بمحمد حصراً . إن الله يسارع فى هواك .!
- أنا : حسنا يبدو أن لديك الكثير لتقوله وتثبته عن القرآن التأسيسى التاريخى وليس الدستورى فماذا تقدم لنا ؟.
= خالد : دعنا نعتنى فى كل لقاء بإسقاط الضوء على منحى معين , فمن الصعوبة بمكان تناول كل الآيات والإرث الدينى فى لقاء واحد وإذا كنت أعتنى برؤية عصرية للإسلام متحررة من النص التشريعى غير ملتزمة به لإقامة مجتمعات إسلامية مدنية عصرية فسأرجئ هذا بعد إثبات تاريخية النص وخصوصيته لزمانه ومكانه وأصحابه , ولنبدأ بخصوصية النص ليحق القول أننا أمام آيات معدش لها لازمة أى آيات لا تعنينا ولا تمثل أى جدوى فى حياتنا وحذفها من القرآن لن تؤثر عليه بل بالعكس ستخلصه من حرج شديد يثيره الملحدون واللادينيون بالقول أن هذه النصوص إخترعها محمد ليمرر رغباته العاطفية ومخططاته , أى أننا أمام نصوص خاصة بمحمد حصراً هو ونساءه وصحابته ولا تعنى غير المؤمنين بحكم أنها تفاعلت مع أحداث مرت به ومنحته أحكام خاصة به ولنأخذ هذه الآيات على سبيل المثال .

= خالد : آية الأحزاب 37-38 ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتّقِ الله وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولًا مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ الله لَهُ سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَرًا مَّقْدُورًا) . هذه الآية لا مجال من الإعراب ولا علاقة لنا بها فهى آية خاصة بالنبى وزواجه من زينب , فما فائدتها بالنسبة للمسلم , وكيف يستخلص منها المتشدقين بدستورية النص وصلاحيته لكل زمان ومكان فائدة مُرتجاة تفيدنا فى زماننا .
- أنا : أريد إضافة بعض النقاط عزيزى خالد لنلاحظ فكرة الإله الذى يسارع فى تلبية رغبات محمد العاطفية , فهل يمكن قبول هذا منطقياً أن نجد إله يسارع بإرسال ملاكه من سابع سماء من على بعد مليارات السنين الضوئية ليبيح للنبى بهذه الآية الشديدة الخصوصية الزواج من زوجة ابنه المتبنى ليصير الله كلى الجلالة والعظمة بمثابة مأذون شرعى , أم أن النبى أراد الزواج من زينب فألف هذه الآية ونسبها للإله حتى يحقق رغباته ويظللها بالقدسية , فما المنطق وأين العزة الإلهة فى القول يارسول الله أتخشي ان يقول الناس أن محمداً تزوج من زوجه ابنه ,فلا تخشي الناس يارسول الله واخشي الله , والله يأمرك ان تتزوج زينب ! . أيعقل أن هذا هو القرآن ورغبة ومنطق إلهى ليحق سخرية عائشة بأن الله يسارع فى هواك .!
إذا كان المبررون يقولون أن الهدف من الآية تحريم التبنى , فليُحَرِم التبنى كآية كما تم تحريم السرقة والقتل بدون الدخول فى قصص وتجارب عملية غريبة محرجة لا تعنينا , فهل لابد أن يتم تحريم التبنى من خلال تجربة نكاحية لمحمد .. القصة كلها يا عزيزى خالد تفكير إنسانى أراد أن يمرر رغبته فى الزواج من زينب فخلق قصة الوحى وجبريل القادم من سماءه السابعة ليحلل هذه الزيجة .!

= لا يعلق خالد على ملاحظاتى ليكمل : هناك آيات تخاطب زوجات الرسول حصراً , فهي آيات لا تعني سائر النساء بأي حال من الأحوال حتى يُمكن القول أنها جديرة بالإحتذاء مثل الآية التي جاء فيها : ( يا نساء النبي لستن كغيركن من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) فهى آية تمنح نوعا من التمييز الإيجابي لنساء الرسول في سياق رؤية تمايزية , فهل يجرؤ أحد أن يقول أن هذه الآية نص دستورى أم أنها معدش لها لازمة .
كذلك فى سورة التحريم1-5 ( يَا أَيهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ , قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ , وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ , إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ , عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً )
فما علاقة هذه الآية بعصرنا وما شأننا بها فهى تعاتب النبى أنه يبغى مرضاة نساءه , فما شأنى اذا كان الله سيزوجه بكراً او سائحاً , و ما دخلي اذ أسر النبي شئ الى أزواجه أم لا , وما معنى هذه الآية في كتاب يُفترض فيه أن يكون كتاب عقدي ديني .
- أنا : جيد توقفك هذا عزيزى خالد ولكن يمكنك معرفة سر تأليف هذه الآية من قبل محمد , فهناك حادثة طريفة أدت لظهور هذه الآية فيقول الطبرى في تفسيره لتلك الحادثة : ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا ، قالت : فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتقل : إني أجد منك ريح مغافير ؟ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك ، فقال : بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له ، فنزل : لِمَ تُحَرمُ مَا أَحَل اللهُ لَكَ .. إلى قوله تعالى : إِنْ تَتُوبَا . لعائشة وحفصة ، وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا لقوله : بل شربت عسلا . - المغافير : بقلة أو صمغة متغيرة الرائحة فيها حلاوة .
وفى التحريم 1( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم ). لندرك الأحداث التى أدت إلى ظهورها فعَن ثَابِت عَنْ أَنَس أَن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ أَمَة يَطَؤُهَا فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عَائِشَة وَحَفْصَة حَتَّى حَرَّمَهَا فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " إِلَى آخِر الآيَة . وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي اِبْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم ثَنَا أَبُو غَسَّان حَدَّثَنِي زَيْد بْن أَسْلَمَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَ أُمّ إِبْرَاهِيم فِي بَيْت بَعْض نِسَائِهِ فَقَالَتْ أَيْ رَسُولَ اللَّه فِي بَيْتِي وَعَلَى فِرَاشِي ؟ فَجَعَلَهَا عَلَيْهِ حَرَامًا قَالَتْ أَيْ رَسُول اللَّه كَيْف يُحَرَّم عَلَيْك الْحَلَال ؟ فَحَلَفَ لَهَا بِاَللَّهِ لَا يُصِيبهَا فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك " قَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ فَقَوْله أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام لَغْو وَهَكَذَا رَوَى عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ اِبْن جَرِير أَيْضًا حَدَّثَنَا يُونُس ثَنَا اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ قَالَ : قَالَ لَهَا " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك " وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ اِبْن عُلَيَّة عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ مَسْرُوق قَالَ آلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَرَّمَ فَعُوتِبَ فِي التَّحْرِيم وَأُمِرَ بِالْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِين رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَكَذَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَة وَغَيْره عَنْ الشَّعْبِيّ نَفْسه وَكَذَا قَالَ غَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف مِنْهُمْ الضَّحَّاك وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَرَوَى الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قُلْت لِعُمَرَ بْن الْخَطَّاب مَنْ الْمَرْأَتَانِ ؟ قَالَ عَائِشَة وَحَفْصَة وَكَانَ بَدْء الْحَدِيث فِي شَأْن أُمّ إِبْرَاهِيم مَارِيَة أَصَابَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْت حَفْصَة فِي نَوْبَتهَا فَوَجَدَتْ حَفْصَة فَقَالَتْ يَا نَبِيّ اللَّه لَقَدْ جِئْت إِلَيَّ شَيْئًا مَا جِئْت إِلَى أَحَد مِنْ أَزْوَاجك فِي يَوْمِي وَفِي دَوْرِي وَعَلَى فِرَاشِي قَالَ " أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلَا أَقْرَبَهَا " قَالَتْ بَلَى فَحَرَّمَهَا وَقَالَ لَهَا " لا تَذْكُرِي ذَلِكَ لأحَدٍ " فَذَكَرَتْهُ لِعَائِشَةَ فَأَظْهَرَهُ اللَّه عَلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى " يَا أَيّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك تَبْتَغِي مَرْضَات أَزْوَاجك " الْآيَات كُلّهَا فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّرَ عَنْ يَمِينه وَأَصَابَ جَارِيَتَهُ وَقَالَ الْهَيْثَم بْن كُلَيْب فِي مُسْنَده ثَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَبْد الْمَلِك بْن مُحَمَّد الرَّقَاشِيّ ثَنَا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم ثَنَا جَرِير بْن حَازِم عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ عُمَر قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَفْصَةَ " لَا تُخْبِرِي أَحَدًا وَإِنَّ أُمّ إِبْرَاهِيم عَلَيَّ حَرَام " فَقَالَتْ أَتُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّه لَك ؟ قَالَ " فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُهَا " قَالَ فَلَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى أَخْبَرَتْ عَائِشَة. - تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم)
هذه الآية تفك حرج النبى من نكاح ماريا القبطية وتحريمه لها ، فقد روى الدارقطني عن ابن عباس عن عمر قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم ولده مارية في بيت حفصة ، فوجدته حفصة معها وكانت حفصة غابت إلى بيت أبيها ـ فقالت له : تدخلها بيتي ، ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك ، فقال لها : لا تذكري هذا لعائشة فهي علي حرام إن قربتها، قالت حفصة : وكيف تحرم عليك وهي جاريتك ؟ فحلف لها ألا يقربها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تذكريه لأحد ، فذكرته لعائشة، فآلى لا يدخل على نسائه شهراً ، فاعتزلهن تسعا وعشرين ليلة ، فأنزل الله عز وجل : لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي ....
ألسنا أمام مشهد شديد السذاجة والتهافت أم أن الله سارع فى هوى محمد أم أن محمد من ألف الآية ليمرر حرجه بموافقة إلهية على العودة للنكاح ثانية .!

= لم يعقب خالد ليتناول آية الأحزاب 28 (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لاَْزْواجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً* وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخرةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً* يا نِسَآءَ النَّبيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً* وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً* يا نِسَآءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً* وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً* وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ) . ليقول : هذه الآية مثل سابقيها لا تضيف ولا تعنى شيئا للمسلم فهى خاصة بالنبى ونساءه وهذا يؤكد ما نصبو إليه من تاريخية النص وخصوصيته .
- أنا : هذه الآية وراءها قصة طريفة عزيزى خالد تثبت بشرية النص , وقد رواها العديد من الصحابة بصورة متطابقة نأخذ رواية يعقوب بن إبراهيم، قال:" ثنا ابن علية، عن أيوب، عن أبي الزبير، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخرج صلوات، فقالوا: ما شأنه؟ فقال عمر: إن شئتم لأعلمن لكم شأنه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يتكلم ويرفع صوته، حتى أذن له، قال: فجعلت أقول في نفسي أيّ شيء أكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم لعله يضحك، أو كلمة نحوها، فقلت: يا رسول الله، لو رأيت فلانة وسألتني النفقة فصككتها صكة، فقال: ذلكَ حَبَسَنِي عَنكُمْ. قال: فأتى حفصة، فقال: لا تسألي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما كانت لك من حاجة فإليّ ، ثم تتبع نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم، فجعل يكلمهنّ ، فقال لعائشة: أيغرّك أنك امرأة حسناء، وأن زوجك يحبك؟ لتنتهينَّ، أو لينزلنّ فيك القرآن، قال: فقالت أمّ سلمة: يا ابن الخطَّاب، أوَ ما بقي لك إلا أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين نسائه، ولن تسأل المرأة إلا لزوجها؟ قال: ونـزل القرآن (يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إنْ كُنْتنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيا وَزِينَتَهَا ...) إلى قوله (أجْرًا عَظِيمًا) قال: فبدأ بعائشة فخيرها، وقرأ عليها القرآن، فقالت: هل بدأت بأحد من نسائك قبلي؟ قال: " لا ". قالت: فإني أختار الله ورسوله، والدار الآخرة، ولا تخبرهنّ بذلك. قال: ثم تتبعهنّ. فجعل يخيرهنّ ويقرأ عليهنّ القرآن، ويخبرهن بما صنعت عائشة، فتتابعن على ذلك ".
لأسالك يا خالد ثانية هل نحن أمام مشهد شديد السذاجة والتهافت من الإله الذى يسارع فى حل مشاكل النبى العاطفية أم تاليف آية تمرر ما يصبو إليه .

= خالد : فى سورة الأحزاب 53 يقول تعالى ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا لنتوقف أمام الأذى الذى سيلحيق بالنبى من نكاح أزواجه من بعده ليتبين لنا أمام سرد تاريخى لحدث معين , ولا فائدة مرتجاة منه فى واقعنا , فماذا يعنينا من هذا المشهد فأصحابة وأحكامه غير موجودة ليحق لنا القول بأن النص تاريخى .
- أنا : أريد إضافة أن النص تأليف بشرى ولا علاقة له بالسماء فعن ابنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَة عَطَاءٍ: ( قَالَ رَجُلٌ مِنْ سَادَةِ قُرَيْشٍ: لَوْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَتَزَوَّجَتْ عَائِشَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَنْزَلَ ). فألا يثبت هذا أن هذه الآية من تأليف محمد فقد إعتراه الغيرة من قول أحدهم برغبته فى الزواج من عائشة ليسرع فى تأليف هذا النص كما يُسخف الإله الذى سارع من سابع سماء فى تلبية رغبة محمد ويجعل الله متفاعلاً مع قول هذا الأعرابى ولنسأل عن معنى أن القرآن منذ الأزل فكيف يليق وينسجم هذا مع آية توافقية !.. حسنا فلتكمل خالد .

= خالد : لا تعليق على قولك هذا فما أعتنى به أن هذه الآية وذاك الحكم ليس له معنى أو جدوى فى عصرنا بحكم أنه حالة وحكم خاص بنساء محمد علاوة على إنتفاء وجود زوجات النبى وهذا يبرهن تهافت من يقولون بأن القرآن نص دستورى .
= خالد : من الآيات التى تصيبنى بالحرج وأجدها تسئ لله ومحمد آية ( تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا ) فهى تعطى إنطباع سخيف برخصة بحبوحة جنسية مزاجية ما كان لها أن تُعلن و يتم الترخيص بها , فالله كلى العظمة والكمال والجلال يعطى محمد الرخصة فى نكاح من يشاء من نساءه فلا جناح ولا حرج إذا إبتعد وأهمل إحداهن ولم يَعدل , فترجي من تشاء منهن أي من أزواجك لا حرج عليك أن تترك القسم لهن فتقدم من شئت وتؤخر من شئت وتجامع من شئت وتترك من شئت هكذا يروى عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وأبي رزين وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم , أي لا حرج عليك يا محمد في أن تؤخر و تقدم من تشاء من زوجاتك في المضاجعة , فالأمر متروك لك و لرغبتك أما مشاعر وحاجة من ترجي أو تأخر من النساء فليست مهمه بالرغم أنه من المُفترض أن النبى قدوة وإسوة ومثال يحتذى , ولكن ليس معنى ذلك أن القرآن يمنح هذه الرخصة لكل المسلمين فكما نرى أنها خاصة بمحمد حصراً لأقول أن هذه الآية لا تعنينا ولا شأن لنا بها فحذفها لن يؤثر فى القرآن ولن تصيبه بالخلل والنقص بل على العكس ستبدد شبهة عن النبى .
مازال الكلام لخالد : كذلك آية الأحزاب 50 تصيبنى بحرج وحيرة شديدة ( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ) فهى شديدة الفجاجة والإساءة لله ورسوله معاً بهذه الرخصة التى تمنح النبى أن ينكح أى إمرأة تهب نفسها له فألا تكفيه نساءه وجواريه وألا يوجد قليل من الذوق واللباقة والتحكم فلا نرى هذه البحبوحة الجنسية المنفلتة التى يشرع لها الله من سابع سماء لتلبية حاجات محمد الجنسية الشرهة , ولكن ما يهمنا هو أن هذه الآيات لا معنى ولا جدوى لها فهى خاصة بمحمد حصراً وليست رخصة وتشريع للمسلمين .
- أنا : سأدعك لحرجك لتتأمل أكثر عزيزى خالد وسأتناول هذه الآية لإثبات أنها من تأليف محمد أيضا وندرك ذلك من الأحداث التى أدت لصدورها وهو ما يعرف بأسباب التنزيل : فيقول عَلِي بن أَحمد الوَاحِدِي ( ما ورد في نزول قوله تعالى: (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا ) قال المفسرون: نزلت حين غار بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم وآذينه بالغيرة وطلبن زيادة النفقة، فهجرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا حتى نزلت آية التخيير، وأمره الله تعالى أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة ، وأن يخلي سبيل من اختارت الدنيا ويمسك منهن من اختارت الله سبحانه ورسوله على أنهن أمهات المؤمنين ولا ينكحن أبدا، وعلى أن يؤوي إليه من يشاء ويرجي منهن إليه من يشاء، فيرضين به قسم لهن أو لم يقسم، أو فضل بعضهن على بعض بالنفقة والقسمة والعشرة، ويكون الأمر في ذلك إليه يفعل ما يشاء، فرضين بذلك كله فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما جعل الله تعالى له من التوسعة يسوي بينهن في القسمة .
كما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن بن يوسف السقطي قال: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا عباد بن عباد: عن عاصم الأحول عن معاذة، عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما نزلت ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منا، قالت معاذة: فقلت: ما كنت تقولين؟ قالت: كنت أقول: إن كان ذلك إلي لم أوثر أحدا على نفسي )، رواه البخاري، عن حبان بن موسى، عن ابن المبارك ورواه مسلم، عن شريح بن يونس، عن عباد كلاهما عن عاصم . وقال قوم: لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقهن فقلن: يا نبي الله اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ودعنا على حالنا، فنزلت هذه الآية.
أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن نعيم قال: حدثنا محمد بن يعقوب الأخرم قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا محاضر بن المودع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها كانت تقول لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها؟ فأنزل الله تعالى " ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء" فقالت عائشة: أرى ربك يسارع لك في هواك.!

= خالد : هناك آيات وأحاديث كثيرة خاصة بالنبى ونساءه حصراً ولكن سأكتفى فى هذا اللقاء بما أوردته من أمثلة لأثبت تاريخية وخصوصية النص فلا يقل أحد أننا أمام منهج وشريعة ودستور قابل للتطبيق فى كل زمان ومكان وأعدك بالمزيد من الرؤى فى جوانب شتى فى اللقاءات القادمة .
- أنا : اشكرك على هذا الحوار وأحترم رؤيتك وتوقفاتك وإن كنت أتجاوز رؤيتك لأقول أننا أمام نصوص بشرية فكراً ولحماً وإنفعالاً مما يؤكد نظريتى بأن الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت , وإلى لقاء آخر مع تأملات مسلم معاصر .

دمتم بخير.
" من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمسة وخمسون حجة تُفند وجود إله
- فى ماهية الوجود-نحو فهم الوجود والحياة والإنسان
- شيزوفرانيا-تناقضات فى الكتابات المقدسة–جزء13
- عاوز أعرف – مشاغبات فى التراث 8
- إستنساخ التهافت-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- الماركسية السلفية وعلاء الصفار
- إستنساخ آلهة البدواة-الأديان بشرية الفكر والهوى والتوحش
- فضائح وشجون ومخاطر على سواحل أوربا
- منطق شديد التهافت ولكن إحترس فهو مقدس
- إنهم ينفقون على الجن بسخاء-لماذا نحن متخلفون
- منطق الله الغريب - مشاغبات فى التراث 7
- أبشركم بإله ودين جديد .
- كيف تؤلف لك دين جديد -جزء ثانى
- كيف تؤلف لك دين جديد - جزء أول
- سؤال فى تأمل-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- تغييب السبب الرئيسى إما جهلاً أو خجلاً
- تهافت البلاغة – مشاغبات فى التراث(6)
- تصعيد ثقافات وليس صراع حضارات-فى نقد نظرية صموئيل هنتنجتون
- وهم الوجود(1)- نظرية البحث عن علاقة .
- عالم معندهاش دم ولتحذر غدرهم وخيانتهم


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - تأملات مسلم معاصر-إن الله يسارع فى هواك