|
عقراوي أنا لم أخلق للتجارة بل للتنوير !
عبدالله مطلق القحطاني
باحث ومؤرخ وكاتب
(Abduallh Mtlq Alqhtani)
الحوار المتمدن-العدد: 4941 - 2015 / 9 / 30 - 21:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نمت البارحة متأخرا واستيقظت قبل قليل ، أي أنني أيضا استيقظت متأخرا على غير العادة ، فأنا ممن ينام مبكرا ويستيقظ مبكرا رغم أنني لست مرتبطا بعمل أو دراسة تستوجب الاستيقاظ مبكرا ،
تأخرت ليلة البارحة وأنا أضع اللمسات الأخيرة على المشروع الذي قررت أن أبدأ به مرحلة جديدة من حياتي وهي المرحلة الأخيرة كما أعتقد ، ففي الأيام الماضية وهي أيام إجازة عيد الأضحى ولازالت الإجازة مستمرة الرسمية حتى صباح يوم الأحد القادم ، ومنذ أيام وأنا أفكر في مشروع تجاري بسيط أمارسه ليس حبا بالتجارة أو سعيا وراء المال كما يحلم الكثيرون ، فطرق المال الكثير وبأقصر الطرق بالنسبة لمن هو مثلي ليست بالطرق الصعبة أو العويصة ، بل هي أسهل من شرب الماء لو أردت ،
بل إنما قررت أن أشغل وقتي بأمر آخر غير الكتابة تنويرا للعقول ، وذلك بعد أن أحبطت بضربات إحباط مميتة وتهميش وتجاهل وتقليل شأن من أحدهم ، وكنت قد عزمت على أن أمارس التجارة برأس مال بسيط بشيء أعلمه وخبرته ، وهي الأجهزة الكهربائية المنزلية ، والمستعملة منها على وجه الخصوص مما أفقهه ولدي الخبرة الكافية بمثل هذا النشاط التجاري ، إلا أنني ما لبث أن عشت صراعا آخر داخليا مؤلما ،
فأنا لم أخلق للتجارة ، وليس من عادتي الإستسلام أبدا ، بل عشقي للمنافسة والتحدي والإبداع هو سبب كل بلوة تجرعت مراراتها علقما مرا ، ودفعت أثمان باهظة لذلك ، نعم الثبات على المبدأ ، وما أراه من صواب رأي ديدني طوال عمري منذ سنوات الدراسة الأولى ، وقد دفعت ثمن ذلك باهظا كما سبق لي وفي مناسبات عدة ذكره ، العناد والثبات على ما أراه من صواب رأي أو موقف أو قرار خصلتان لم أتركهما لحظة من حياتي ، ناهيك عن شغف المنافسة وعشق التحدي ولذة الصبر والصمود ، كل ذلك جعلني في الأيام الثلاثة الماضية أعيش ساعات من الصراع الداخلي ، مع كثرة تفكير للبحث عن مخرج ، نعم هو بالنسبة لي وبحالتي مخرج ، وقطعا لن يفهم ويتفهم علة قولي هذا إلا من تملكته هواية الكتابة وشغف الاطلاع والقراءة ، وعام في بحور البحث بلهفة شديدة ، تخرجه من مرحلة العقل والتعقل إلى مرحلة أخرى تخالفهما ، ويخيل للآخرين والحالة هذه أن صاحبها قد فقد عقله ،
في ساعات صراع البارحة الأخيرة استحضرت ذكرى حياة وعمل وعزيمة وإصرار وقوة إرادة المرحومة أمي الغالية رحمها الله ، تلك المرأة العظيمة والصلبة والشجاعة ، ذات الإرادة القوية والفولاذية ، التي كسرت قيود المجتمع تجاه المرأة وعمل المرأة ، وخروج المرأة وسفرها طلبا للعمل والتجارة ، المرأة التي وبشجاعة خلعت عباءة التخلف والرجعية والظلام والنظرة الدونية للمرأة وعمل المرأة ، وفي بيئة متشددة ومتطرفة ، ناهيك عن بداوة متجذرة وعادات وتقاليد بالية لكنها راسخة في عقول وأذهان الكثيرين من المتخلفين ، ومتى ؟! ، في أوج عصور التخلف والظلام وسطوة الدين المسيس وحظوة رجاله وخاصة رجال الهيئة الدينية أي جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أي الشرطة الدينية كما تعرف في الغرب ،
في تلك الحقبة الحالكة السواد ، والأسوأ تشددا ، تحدت أمي الغالية رحمها الله الجميع والظروف وكسرت القيود وخلعت عباءة التخلف والظلام والتشدد ، وبإصرار وعزيمة وإرادة خرجت للعمل والسفر والتجارة ، فأصبحت من رائدات عمل المرأة قبل عقود ستة وفي أوج ازدهار ونفوذ وحظوة وسيطرة رجال الدين على كل مفاصل حياة المجتمع ، سافرت للكويت مرارا ومرات كثيرة لاستيراد بضائع متجرها ولوحدها ، مارست البيع لاحقا في بسطات النساء في الأسواق العامة ، ترصدتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مرارا ، واعتقلت لأيام مرارا ، إلا أنها بقيت لآخر لحظة في حياتها رحمها الله ثابتة على مواقفها من عمل المرأة وخروجها وقيادتها للسيارة - بالمناسبة أمي وكذلك جدتي لأمي كانتا بارعتين في قيادة السيارات الضخمة أي صهاريج الماء ، لأنهما كانتا من جذور بدوية ، والبدو يملكون الأغنام والتي كانت بحاجة وباستمرار للماء -
المهم البارحة استحضرت مثل هذه الذكرى الخالدة والعطرة ، فقررت مواصلة المشوار والجمع بين الأمرين ،
أي أن أمارس التجارة وبذات الوقت أواصل درب البحث والقراءة والكتابة ، وتفتح ذهني لنشاط تجاري هو في حقيقته مشروع تثقيفي وتنوير معا ، قررت أن أبحث منذ اليوم عن محل ومتجر ودكان في موقع لا بأس به على شارع عام وحيوي ، وبأجرة سنوية معقولة ، ويكون نشاطه خاصا ببيع الأدوات القرطاسية من دفاتر وأقلام وجميع ما يباع في المكتبات القرطاسية التجارية من أدوات متعلقة بالطلاب ، وأيضا وهو الأهم : سأخصص قسما آخر لبيع وشراء الكتب المستعملة القديمة وربما المخطوطات ، مشروع بدايته صعبة لكن رأس ماله موجود ،
وطالما الإرادة مع الإصرار موجودة فالنجاح مصيره كما كانت تردد أمي الغالية رحمها الله .
#عبدالله_مطلق_القحطاني (هاشتاغ)
Abduallh_Mtlq_Alqhtani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ختامه مسك : الموسيقى علاجنا !
-
في هذه الحالة يمكن إنسانية مكة كالفاتيكان !
-
عقراوي أنت نجحت بما عجز عنه الظلاميون !
-
عذرا خادم الحرمين الشريفين لن أخاطبك بسيدي
-
كوارث الحج سوء إدارة أم عقليات أم موروثات ؟
-
أنا مثلي الجنس ألحقوني يامشائخ من الفواحش والدواعش !
-
ياحكومة ياطاهرة بسبورت لأحج لبارات أوروبا !
-
كسوة الفاتيكان للبشر وكسوتنا نحن للحجر !!
-
آخر من ينتقد هو أنت رزكار عقراوي !
-
الإسلام والسياسة ومستقبل الردة في الخليج !!
-
الشريعة الإسلامية والمجتمع الدولي والسعودية
-
هل نحن بحاجة لدعاة للإسلام أم للمبدعين ؟!
-
مسيحي أسلم فكرمه الملك وأنا لو كفرت ؟!
-
شبابنا المراهق بين داعش والهيئة والتهميش !
-
الخليج بين العلمانية وولاية رجال الدين والسياسة
-
معاقو الرافعة مليون ريال ومعاقو التعذيب كلاب
-
الفاتيكان إطعام بشر ومكة توسعة حجر !
-
سؤالان إلحاديان عن رافعة مكة والهجرة !
-
أفنان القاسم للتنوير والدراسات الإنسانية
-
التنوير بين أفنان القاسم وواشنطن !
المزيد.....
-
اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة
...
-
خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض
...
-
تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل
...
-
“toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة
...
-
فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات
...
-
“العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج
...
-
الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق
...
-
أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم
...
-
رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|