أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - حسن صبي : مضاد حيوي ضد التحرش !














المزيد.....

حسن صبي : مضاد حيوي ضد التحرش !


رجب الطيب
(Rajab Ata Altayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4936 - 2015 / 9 / 25 - 16:13
المحور: الادب والفن
    


حسن صبي : مضاد حيوي ضد التحرش !

ليلة القدر , واحدة من الروايات العربية الجميلة , التي كانت سببا في تقديم الروائي المغربي الكبير الطاهر بن جلون للقراء العرب , خاصة في المشرق العربي , لما فيها من رشاقة سردية , ومن مفارقة قائمة على أساس التمييز الذكوري المتوارث , بل والمترسخ في ثقافتنا بين الذكور والإناث .
ليست ليلة القدر وحدها , التي تناولت هذه المفارقة , بل أن عشرات الأعمال الإبداعية , الأدبية والفنية تعرضت بشكل أو بآخر لهذا الأمر , وقدمت شخصية البنت في ثوب ما يسمى بالدارجة " حسن صبي " أي البنت التي تظهر كولد , أو الفتاة التي تخفي أنوثتها , وحتى المرأة التي تظهر بمظهر " أخت الرجال " في عالم ذكوري , يرى في الأنوثة ضعفا أو مستوى أقل , وأحيانا يرى فيها عورة , لابد من إخفائها وقمعها , حتى لا تجر على صاحبتها المشاكل والويلات . ما السر في أن كثيرا من أشعارنا وأغانينا تغزلت في الفتاة أو المرأة كما لو كانت " ذكرا " ووصفتها بالغزال ؟ !
" رمش عينه اللي جرحني رمش عينه " , " قولولوه الحقيقة ", حبيبي والله لسة حبيبي ,,,, . لم ير العاشق حبيبته في رشاقة الغزال وفي جمال القمر , وفي روعة الورد ؟ !
أيا يكن السبب الظاهر على السطح من وراء تحول البنت إلى " حسن صبي " , حيث يمكن القول بان بنتا تكون وحيدة بين أخوة ذكور يمكن أن تعيش عالمهم , فلا تعرف معنى الأنوثة , ويمكن القول بان امرأة ترملت مثلا , أو فتاة تيتّمت ومن ثم اضطرت إلى أعالة أخوتها بعد وفاة أبيها , وإلى أن تتحول إلى " رجل " البيت , لكن بالرغم من نجاح المرأة , الفتاة , أو البنت في الظهور بمظهر الرجل , خاصة لو كانت بنيتها الجسدية لا تظهر خصائص الجسد الأنثوي من الصدر للأرداف , أو اكتناز الشفاه , دقة الأنف , اتساع العيون أو دقة الحاجب , إلا أن ذلك قد يكون على صعيد المظهر الخارجي , أو ما يبدو للناس .
أما ما يتعلق بداخل البنت , الفتاة , أو المرأة من طبيعة وشعور , عواطف وحتى غرائز , لا يمكن إخفاءها إلا بالقمع , وهكذا يمكن القول بان " حسن صبي " إنما هو شخصية عصابية بكل معنى الكلمة , لا يمكن أن يكون شخصية سوية ولا بأي حال , فان لم يسقط في حالة الانفصام , لابد أن يعاني من مشاكل نفسية لا حدود لها , ومن معاناة كبيرة , خاصة حين يضطر إلى إخفاء مشاعره وعواطفه عن الآخرين , وخاصة عمن يحب .
أما حين يقع حسن صبي في غرام ولد , شاب أو رجل , ماذا يمكنه أو ماذا عساه أن يقول أو يفعل تعبيرا عن مشاعر الحب تلك , التي يعتبر البوح بها أو بجزء منها , تنفيسا لها وتحررا من الضغط الناجم عن وجودها !
غالبا ما يكون , بل ربما في أحيان كثيرة , على الأقل , يكون اختيار البنت أو الفتاة أو المرأة للبس شخصية حسن صبي , محاولة لصد هجوم العالم الذكوري على المرأة التي لا يراها , إلا أنثى فقط وطوال الوقت !
وبذا يمكن القول بان حسن صبي يمثل مضادا حيويا , أو واقيا أو حافظا لمناعة البنت , الفتاة أو المرأة تجاه هجوم الذكور , الذي يقف حائلا دون تحقق الطموح الإنساني لها , في عالم ذكوري , لا يوفر الفرص المتساوية بين الذكور والإناث في العمل أو التحقق الإبداعي .
كثير من هؤلاء الفتيات , اللواتي يدخلن عالم الذكورة , بمفردهن , حيث يضطررن إلى العيش بعيدا عن الأسرة في المدينة التي تتوفر فيها كل فرص النجاح والتحقق , يواجهن موجات متلاحقة من التحرش , في الشارع والعمل , ويزداد هذا الهجوم لو كانت المرأة قد تعرضت لتجربة زواج فاشل , دون أن تنجب أطفالا , لذا تضطر بعضهن للبس شخصية حسن صبي , كحصن يحقق لهن بعض الطمأنينة .
لا يحق للنساء في مجتمعاتنا العربية / الشرقية أن تخترن حياتهن بمفردهن , ولا أن تنلن نصيبهن من الفرص , مثل أشقائهن الذكور , فالولد , الشاب أو الرجل مسموح له أن يعيش بمفرده , أن يعمل وحدة وان يختار من يحب , وحتى أن يمارس الحب قبل أو دون الزواج ,
وهذه بالقطع أمور غير مقبول بها للفتاة والمرأة العربية , التي تضطر , حين تقتنع هي بحقها المتساوي مع الرجل في أن تمارس هذا الحق , ولكن في أضيق مجال ممكن , ووفق أقصى درجات السرية والكتمان , وهكذا تنتقل عمليا من معاناة لأخرى , من معاناة بشكل محدد إلى معاناة بشكل آخر , ويبقى حسن صبي واحدا من خياراتها الأكثر انتشارا , ولو إلى حين , وتبقى شخصية " حسن صبي " ملهما أزليا إن كان بشكل تراجيدي أو حتى كوميدي للعديد من الأعمال الإبداعية : الأدبية والفنية !
وكم من فتاة سعت لتعلم بعض مهن أو رياضات الرجال التي تتطلب قسوة أو قوة عضلية , مثل قيادة السيارات أو الشاحنات , الميكانيك أو النجارة , المصارعة , الكاراتية أو الجودو , وكم من فتاة تعرضت في الصغر لتحرش أو لمحاولة اغتصاب , كرهت بسببها وعلى أثرها الرجال جميعا , ووجدت صعوبة في حب أحدهم , فضلا عن الارتباط به , لكن حسن صبي يظل بين تلابيبه يحتفظ بأنوثته رغم ما يبديه من تحفز واستعداد للانقضاض على كل من تسول له نفسه بأنتهاش تلك الأنوثة , إلى أن يلتقي بمن يقدر أنوثته حق قدرها , فتتحول معه إلى قطة وديعة وتمنحه حبا لم ير مثيلا له في حياته !


( رجب الطيب )
رجب أبو سرية
[email protected]



#رجب_الطيب (هاشتاغ)       Rajab_Ata_Altayeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كولاج فتحية النمر : لوحة سردية مبهرة !
- شارع المحاكم : قصة حب بالأبيض والأسود !
- حواء في دبي : الكتابة على إيقاع نبض القلب !
- في قلبي أنثى عبرية : التعايش غير ممكن بين المتدينين !!
- من حرام يوسف إدريس إلى ليل مدريد سيد البحراوي : نصف قرن من أ ...
- هل تكون النسخة الثالثة من - أراب أيدول - هي الأخيرة ؟ !
- كاباريهت حازم كمال الدين : الكتابة على وقع الحنين للوطن !
- صلاة الحياة
- القصيدة المحرمة
- الرواية الفلسطينية في الشتات ( 3 _ 3 )
- الرواية الفلسطينية في الشتات ...
- الرواية الفلسطينية في الشتات ( 1 _ 3 )
- الحق في الرحيل : رشاقة النص السردي وحداثته !
- فلتغفري : مدونة القلق الحداثي روائيا !
- غزة : الكف الذي يناطح المخرز
- جنسية معتز قطينة : السؤال الوجيه لا يبني نصا روائيا !
- الرواية / الوثيقة التاريخية !
- الأجنبية : حين تتحول اليوميات الى نص !


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - حسن صبي : مضاد حيوي ضد التحرش !