أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - من حرام يوسف إدريس إلى ليل مدريد سيد البحراوي : نصف قرن من أوهام العفة !















المزيد.....

من حرام يوسف إدريس إلى ليل مدريد سيد البحراوي : نصف قرن من أوهام العفة !


رجب الطيب
(Rajab Ata Altayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4698 - 2015 / 1 / 23 - 23:38
المحور: الادب والفن
    


من حرام يوسف إدريس
إلى ليل مدريد سيد البحراوي :
نصف قرن من أوهام العفة !

رجب الطيب

من يقرأ رواية ليل مدريد الصادرة عن دار تجليات العام 2014 لأول مرة , لن يخطر بباله مطلقا بأن هذه الرواية كانت قد طبعت قبل أكثر من عشرة أعوام , وبالتحديد عام 2003 وصدرت عن دار المدى بدمشق , كذلك من لا يعرف الدكتور سيد البحراوي كناقد من المستوى الأول في العالم العربي , سيظن بأن المؤلف إنما هو واحد من أهم الروائيين العرب , وأذكاهم , هذا الذي يكتب نصا روائيا , على هذا القدر من الطزاجة والمتعة والتشويق .
صحيح أن الرواية قصيرة إلى حدا ما , رغم أنها ليست كذلك وفق مقاييس رواية ما بعد الحداثة , أو رواية عصر ثورة الاتصالات , التي شهدت عودة شهرزاد للكلام المباح وغير المباح , لكن اندلاقها دفعة واحدة , يمكنها من الإمساك بتلابيب القاريء , فلا يتركها إلا وقد انتهى من آخر حرف منها , فهي جاءت دون قواطع أو فواصل , رغم زمنها الممتد على نحو أربع سنوات ( من سنة 1990 إلى 1994 تقريبا ) .
والراوية عبارة عن مونولوج داخلي تسرده راوية / أنثى كأنها تكتب مذكراتها أو كأنها تجلس على مقعد الطبيب النفسي فتغمض عينيها وتسرد قصة جيل بأكمله , بات يعاني من انفصام نفسي , غير خاف على أحد , خصوصا ذلك الجيل المثقف الذي ينتمي إليه البحراوي .
ولا شك أن استخدام المونولوج الداخلي بما يحتويه من بوح , ينطوي على حميمية محببة ومفضلة أو أنها باتت كذلك للقاريء الحالي , بعد أن لم يعد هناك من أسرار لأحد , أو من خصوصيات للناس , عامة الناس , وليس المشاهير منهم فقط , بعد أن باتت تلك الخصوصيات منتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي . كذلك يبدو أن المونولوج الذاتي بات أنسب أسلوب سردي للتعبير عن الذاتية وعن حالة الوحدة القائمة بين الناس بعد أن باتت الأنظمة الاجتماعية تتهاوى تباعا لصالح الفردية والذاتية كقيمة عامة .
وحيث أنها رواية المونولوج الذاتي التي تنتمي لعالم المدوّنات الروائية , وإن كان كاتبها رجل , فقد جاءت بطلتها امرأة , وكأنها تقترب من عالم الرواية النسوية التي تكتبها الروائيات العربيات المنتشرات في العالم العربي بطوله وعرضه , بين المحيط والخليج وفي المنافي , فإنه يمكن القول بأنها رواية البطل الواحد , فالقاريء بالكاد يمكنه أن يتعرف على ملامح الشخصيات الأخرى التي ظهرت في النص لتضيء بعض جوانب الشخصية الرئيسية " هناء " في عالمها النفسي الداخلي , الذي يكشف حقيقتها ومعاناتها التي لا يعرفها عامة الناس , وهي طالبة الماجستير المتفوقة والتي تذهب لمدريد لتكمل رسالة الدكتوراه , ولتبحث عن وطن متخيل أو عن ماض تليد , كملاذ من وطن يلفظ أصحابه !

لم تحضر الشخصيات الأخرى , إلا لماما , رغم أنها تحيط بالساردة / بطلة النص هناء : هاني , خالد , محمود / الزوج , حمدي , سامي , مليكة , فاطمة , دكتورة سناء , والعائلة : الوالد , الأم , صفاء ورضا .
لدرجة أن ملامح تلك الشخصيات لم يتم تحديدها , لا من الناحية الخارجية _ الخلقية ولا من الناحية النفسية .
المرأة الشرقية : خمسون عاما من الإقصاء !
لا أدري لم تذكرت " عزيزة " حرام يوسف إدريس , وأنا أقرأ سيرة حياة هناء ليل مدريد , فكما أن عزيزة التي ابتليت برجل مريض , لم يكن قادرا على القيام بواجبه تجاه زوجته التي هي على كل حال بحاجة إلى إشباع عاطفي / جنسي طبيعي , والتي كانت قد تعرضت لاغتصاب من قبل الفلاح محمد بن قمرين , الذي أستغل حاجتها لجذر البطاطا التي كانت تبحث عنها حتى تحقق آخر رغبة لزوجها المحتضر , والتي كانت سببا في موتها المأساوي , لأنها تتمتع بأخلاق لا تسمح لها بالكذب وكان ذلك بمقدورها , كذلك كانت هناء التي ابتليت بزوج مخنث , لم يعجز فقط عن القيام بواجباته نحوها , بل رفض تطليقها , فيما كانت هي وبدافع أخلاقي / ديني تحافظ على عفتها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا , فيما كان الرجال من حولها الذين كانت تبحث فيهم عن حنان الأب " عقدة أوديب " يستغلونها ويضاعفون معاناتها , بدءا من الخال خالد , الذي علمها المداعبات الجنسية وهي دون العاشرة , انتهاء بهاني أستاذها المشرف على رسالتها , مرورا بسامي العزبي المستشار الثقافي بالمعهد المصري في مدريد , وحتى بيتر أو عبد الله , كلهم كانوا " يتحرشون " جنسيا بها , وهي بين نارين : إما فقدانهم مع حاجتها العاطفية لهم أو الاستسلام لهم وهو أمر لا تطيقه ولا تقدر عليه .
هكذا كانت قفلة النص على لحظة أن خدعها هاني وهما في بلاد الأندلس , حين طلب منها أن يحضنها من الخلف , فإذا به يلجها دون رغبتها , وفي لحظة دفعتها إلى الهرب خارجا , كأنها تهيم على وجهها , لا تعرف ماذا تفعل أو إلى أين تلجأ , لتؤكد على حالة الضياع المحكمة , التي يعيشها هذا الجيل , خاصة النساء منه , اللواتي يعشن بين واقع قاهر للغاية وأفكار واقتراحات للحل عاجزة وواهمة , سرعان ما يثبت فشلها .
مشكلة الجيل متوارثة
ما أراد الكاتب قوله , رغم القص الجميل هنا _ ذلك أن كون الكاتب مثقفا وجادا , فإنه لا يكتب نصا جميلا دون مقولة روائية _ هو أن مشكلة هناء ليست شخصية ولا عابرة ولا مؤقتة , فهي متوارثة , بسبب المشاكل التي كانت بين أبيها وأمها "لم أكن أفهم آنذاك أني مريضة بعقدة أوديب واني ابحث عن رجل يعوضني غياب الأب " , ثم هي تضيف حين تتحدث عن أختها صفاء قائلة : " تزوجت صفاء بعدي بعدة شهور , وكانت مأساتها أكبر من مأساتي , لكنها كانت أقل تناقضا مني , كانت أكثر تحررا ولم تتأثر لأنها اصغر مني بالمشاكل بين أبي وأمي , كانت اقرب لأمي وكان لها أصدقاء من الجنسين , وأقامت علاقة كاملة مع ذكور " .
كذلك فأنه رغم البناء النصي القائم على سرد قصة شخصية إلا أن مشكلة هناء وكذلك حل مشكلتها لا يكون لا عبر الطبيب النفسي , الذي دفعها إلى أن تحاول هي أن تكشف ما بداخلها لتقوم بعلاج أفضل مما يمكنه أن يقدمه لها , وبعد أن تعرفت على جماعة حمدي الشاعر الثقافية والذين كانت تنفر منهم كونهم اشتراكيين , حيث قالت : " لأول مرة أنتبه إلى مشكلتي الحقيقية , انتبهت أنني أعيش حياتي كما يعيش حمدي وجيله , رغم أنني لست منهم , اكتشفت أني ممزقة داخل نفسي وفي علاقاتي مع الآخرين وان الآخرين كذلك ضائعون ص 85 أشعر مع الوقت أنني اقترب من حمدي نفسيا وهو كذلك , لكني لا أشعر أن هذا الاقتراب يعني الحب . علاقتي مع حمدي أعادت لي اتزاني " .
المعاناة النفسية التي تعرضت لها هناء , وهي نموذج لأية امرأة عربية أو مصرية , عادية , لا طموح لها إلا أن تعيش بشكل طبيعي وان تعتز بعروبتها , وصلت بها إلى حدود الانفصام , فها هو هاني أستاذها وحبيبها , يعلق على رسالة الماجستير التي كان لها فيها التعويض عن كل الإقصاء الذي تعرضت له :
: واضح أن لديك انفصاما في الشخصية يمنعك من تكوين رأي عملي متسق ومتكامل ص 92


ملاحظات في البناء وعلى السرد :

نقطة الضعف الأساسية تتمثل في لغة الساردة التي تكاد تتطابق مع لغة الكاتب ( لم تفلح هنا محاولة اعتبارها مختلفة عن جيلها _ كانت تنظر لزملائها على أنهم أولاد أو أطفال , كذلك محاولة إضفاء فكرة التدين بشكل عام على الشخصية على عكس طبيعة الكاتب الليبرالية ) في إقناع الناقد , بأن البطلة على هذه الدرجة من الثقافة , طبيعة البطلة الساردة كانت تظهر بين فينة وأخرى حين كانت تنزلق لغة الروي للهجة الدارجة المصرية .
ربما أن الكاتب سيد البحراوي , والذي حرص على أن يسلم قياد السرد لبطلته التي كانت من جهة سيدة أو فتاة مصرية عادية , لهجتها العامية كما حال كل المصريين عالية مقابل العربية الفصحى التي يتقنها الكاتب , أربكت قليلا النص , لذا جاءت هناك أخطاء إملائية وحتى نحوية , نحيلها للراوية وليس للروائي , كذلك كان هناك حشو إنشائي , ربما كان الهدف منه إزالة الفواصل بين النص والواقع , أو فتح ضفاف النص ليندلق تماما بين يدي القاريء , وكمثال محدد نشير إلى تضمين مقاطع النصوص الشعرية لمجدي الجبالي ولصديقه الذي رثاه , وكان هو شاعر مثقف يعيش على هامش الحياة المتحولة باتجاه المنحدر بقوة , كذلك مقاطع الحديث السياسي لسامي العزبي حين حدثها _ أي هناء _ عن السلطة الفلسطينية وعن مفاوضات الفلسطينيين مع الإسرائيليين !



#رجب_الطيب (هاشتاغ)       Rajab_Ata_Altayeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تكون النسخة الثالثة من - أراب أيدول - هي الأخيرة ؟ !
- كاباريهت حازم كمال الدين : الكتابة على وقع الحنين للوطن !
- صلاة الحياة
- القصيدة المحرمة
- الرواية الفلسطينية في الشتات ( 3 _ 3 )
- الرواية الفلسطينية في الشتات ...
- الرواية الفلسطينية في الشتات ( 1 _ 3 )
- الحق في الرحيل : رشاقة النص السردي وحداثته !
- فلتغفري : مدونة القلق الحداثي روائيا !
- غزة : الكف الذي يناطح المخرز
- جنسية معتز قطينة : السؤال الوجيه لا يبني نصا روائيا !
- الرواية / الوثيقة التاريخية !
- الأجنبية : حين تتحول اليوميات الى نص !


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - من حرام يوسف إدريس إلى ليل مدريد سيد البحراوي : نصف قرن من أوهام العفة !