أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - كاباريهت حازم كمال الدين : الكتابة على وقع الحنين للوطن !















المزيد.....

كاباريهت حازم كمال الدين : الكتابة على وقع الحنين للوطن !


رجب الطيب
(Rajab Ata Altayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4617 - 2014 / 10 / 28 - 21:35
المحور: الادب والفن
    


رغم أن حازم كمال الدين المسرحي والروائي العراقي , مقيم خارج العراق منذ نحو ثلاثين سنة , ورغم انه غادر العراق قسرا , إبان بطش نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسن بالمعارضة العراقية , خاصة الشيوعية منها , ورغم انه يمكنه أن يزور كل دول الدنيا , إلا أن حنينه لوطنه ما زال مقيما قي نفسه , وحيث انه ما زال غير قادر على زيارة العراق والإقامة فيه , لذا لجأ إلى حيلة المسرح والإبداع , المتمثلة في استحضار العراق إليه !
العنوان يحيل إلى غير ما هو مألوف من المعنى :
لقد أستحضر كمال الدين في روايته الثالثة , المنشورة حديثا عن دار فضاءات في الأردن , حيث تمثل عمان له اقرب نقطة للعراق , وريما كان هنا يرغب جدا في أن تطير حروفه إلى وطنه المحروم منه منذ سنين طويلة , أستحضر آخر صورة للعراق في مخيلته , والمخيلة ساكنة , تحتفظ عادة بآخر صورة , وكانت بالنسبة لحازم صورة قاسية , صورة المعتقل , الذي انطوى على قضم أصبع يده , وهرس أصابع قدميه , لكن الذاكرة أيضا تحفظ صورة مقروءة , وحيث هي ذاكرة مثقف , فهي ممتلئة على آخر صورة للاحتلال الأمريكي لأعظم عواصم الدنيا في الألفية الأولى . ورغم أن خبرة وتجربة كمال الدين المسرحية كانت تتسلل في النص الروائي بما لا يغفل عنه قارئ فطن , وتشي بما في المسرح من خصوصيات وسمات , مثل الحركة والإيقاع , الأمر الذي وشى به الكاتب نفسه , حين وسم نصه ب " كاباريهت " , ولم يقصد أن فضاء الرواية أو أن أحداثها تدور في ملهى ليلي , مثل فيلم " كباريه " على سبيل المثال , بل قصد أن فضاءه إنما هو فضاء معبأ بالحركة , والتي هي مرادف الحياة ونقيض السكون والموات !
تقنيات ما بعد الحداثة :
من الممكن القول بثقة بأن رواية " كاباريهت " فيها روح المسرح , رغم قلة عدد الشخصيات فيها , ورغم أن الحوارات أيضا تكاد تكون قليلة , ولكن من قال بان المسرح الحديث الذي يعمل فيه وينظّر له كمال الدين في بلجيكا , هو مسرح النص , العربي / الشرقي التقليدي , والمسرح الحديث في أوروبا صار مسرح بانتوميم , ومسرح الجسد بامتياز , الذي قلما تجد فيه نصا أو حوارا أو كلاما , لكن , كما أشرنا , نقصد الإيقاع والحركة , هذا من جهة ومن جهة أخرى , فأن الكاتب أعلن في النص نفسه , رفضه للتجنيس الأدبي , أو على الأقل الأشكال التقليدية في الكتابة. كذلك يمكننا القول بأن خطوط السرد في هذا النص الروائي كانت عبارة عن مستويين سرديين _ كما في معظم النصوص الروائية _ وهما خط سرد الراهن الروائي , المتابع بأحداثه للسارد , أو بطل النص , أو حتى شخوص النص ,والذي يشكل الزمن الروائي , والخط الثاني هو خط السرد المتابع لأحداث مختزلة في الذاكرة , والتي هي عادة قد وقعت قبل البدء بكتابة النص , وهكذا يمكن القول بأن الخط السردي الأول كان خط شخصية السارد _ داليا رشدي , فيما كان خط السرد الثاني هو المرتبط بشخصية زوجها سندباد .
الخطف : فجيعة الاحتلال الأمريكي
منذ البداية وفي المفتتح بالذات , تقول الساردة , أنها تسعى لكتابة رواية , وأنها قبل أن تشرع في كتابة النص خطفوا زوجها سنة 2007 , هذه الواقعة إذا ذات دلالة وتأثير على الساردة ( هنا يمكن ملاحظة أن كثيرا من الكتاب الروائيين بدأوا منذ وقت يكتبون على لسان سارد مؤنث , ربما لمجاراة مرحلة ما اسميه بمرحلة الثقافة المؤنثة , أو كإعادة اعتبار لأهم ساردة في التاريخ _ شهرزاد ) , المهم _ أن حادثة الخطف , كان يمكن أن تكون بؤرة النص , ومركز الحكاية كلها , وكان بذلك يمكن بناء نص روائي , حتى لو كان من طبيعة " الأكشن " لكن ذلك لم يحدث , فقد آثر الكاتب أن يرصد تحولات شخصية الساردة / البطلة , وليس شخصية سندباد التي ظلت غائبة / حاضرة , ولم يعرف في نهابة الأمر مصيرها , وكأنها ترمز للعراق نفسه , الذي بات مخطوفا بفعل الاحتلال الأمريكي له , وما أحدثه من تحولات في المجتمع العراق وصلت بالأمر إلى أن يشي الصديق , علاء الدين بصديقه سندباد , من أجل الفدية , وهي واقعة انتشرت فعلا في عراق ما بعد صدام حسين , بسبب انهيار الدولة , وانعدام الأمن الشخصي والجماعي .

حين يتحول المتخيل إلى واقع !
رغم أن الكاتب حاول التأثير على القاريء , من خلال تقديم نص غير تقليدي , قال في بدايته أنه مقطّع إلى فصول , ليس من الضرورة قراءتها بالتتابع , وهذا فعلا ما يحدث في الواقع ,حيث عادة ما نكون نحكي قصة , ثم نتحول فجأة إلى أمر اعتراضي , ثم نعود للقص مجددا وهكذا , لكن في حقيقة الأمر , فأن ترتيب الفصول , كما جاء في الكتاب المطبوع , كان أمرا ضروريا , لمتابعة النص والإحاطة به بشكل جيد , رغم ذ لك , فانه يمكن القول بان قراءة واحدة لا تكفي نصا مثل هذا النص الذي يهجس بالقول , ويرتعش بالمفارقات . وحيث أن كتابة النص _ على ما يبدو جاءت , على وقع الحنين للوطن , فأن احتواءه على مفردات اللهجة العراقية , جاء جميلا ورقيقا للغاية , ويبدو أنه تحقيق , لما أعتدت على قوله _ من انك أنت في النص كما أنت في الواقع _ فأن رقة ودماثة حازم كمال الدين الشخصية قد ظهرت في لغة هذا النص , حيث لا يمكنك أن تقرأ مفردات اللهجة العراقية على أجمل وأرق ما يكون , كما في هذا النص . وقد كان حب الكاتب للعراق واضحا من خلال احتفاظ ذاكرته بتفاصيل المكان العراقي , خاصة في بغداد بحاراتها وأسواقها وشوارعها , ثم بما صارت عليه من " تقطيع " تحدثه الحواجز , والاختلافات الطائفية , حيث يمكن الخطف أو حتى القتل على أساس تلك الخلفية , تقرأ خارطة العراق وأحداث النص كما لو انك تقرأ نصا خياليا من شدة غرابة تلك الصورة , التي صارت مفجعة تماما .
دلالة استحضار الشخصيات التاريخية
داليا رشدي , هو أسم البطل المركزي , والسارد في نفس الوقت , وهي الشخصية التي تخفّى وراءها الكاتب على أي حال , ثم هناك شخصيات أخرى أساسية , أهمها سندباد وعلاء الدين , زوجا داليا , والصديقان الحميمان , وطرفا المفارقة , حين ذهبا في مهمة للمنطقة الخضراء , ومن ثم اختفى سندباد _ ليس في مهمة بحرية كما هو حال الشخصية الأسطورية _ لكنه اختفى مخطوفا , من قبل جناة يبحثون عن المال عبر الفدية التي تم دفعها أكثر من مرة , ومن ثم تكون المفارقة /الفاجعة , حين تكتشف داليا بأن من وشى بزوجها الأول المختطف , أنما هو زوجها الثاني , الذي تزوجته بعد ذلك , أي علاء الدين الصديق المقرب لسندباد , فتقوم , بدافع من الوفاء الأخلاقي وحسب , بدفن علاء الدين حيا .
كان ذلك رغم أن داليا لم تكن تحب سندباد , بل وإنها بعد نحو ثلاثة عشر عاما , فكرت في خلعه , وحتى في التحول الجنسي , بعد أن كرهت جنس الرجال , وكان لهذا أسبابه الخاصة بها كونها وحيدة أبويها , والعامة نتيجة ذكورية المجتمع العراقي . ما يهم في هذا الجانب هو دلالة الأسماء , المستوحاة من حكايا ألف ليلة وليلة , فسندباد كما هو معروف رحالة , جاب البحار للاتصال بالعالم الخارجي , فيما علاء الدين , كان صاحب المصباح السحري , الذي يحقق له كل ما يريد دون أن يبذل جهدا !
استحضار الشخصية لدرجة ممارسة الحب معها !
روح المسرح ظهرت مجددا , حين قامت داليا باستحضار شخصية سندباد , وهي موظفة قسم الأضابير في مصلحة حكومية , كان أبوها أوصاها بالقراءة , ورغم أن سندباد المتشكل أمامها , كما لو كان شخصية مسرحية , لم يكن بمواصفات الشخصية الأسطورية _هنا ربما كانت هناك محاولة لقراءة التاريخ المتخيل من زاوية أخرى , وربما كانت هي أقرب لشخصية سندباد الزوج _ أو ربما كان الدافع النصي أو الدرامي هو الاستجابة للحاجة العاطفية / الجنسية لداليا , التي رغم عدم حبها لسندباد , وعدم معاشرتها لعلاء الدين , أولا لأنه لم يفعل ذلك , احتراما لذكرى صديقه , ثم لاكتشافها انه الواشي بزوجها الأول , ورغم قمعها لجنسها كأنثى , إلا أن الحاجة الطبيعية تبقى حاضرة , وربما هذا ما أراد قوله الكاتب في هذا النص المفتوح , والذي يمكن أن يذهب به بعيدا .
كلمة أخيرة
بتقديري إن أجمل فكرة كانت في النص هي استحضار شخصية سندباد من قبل داليا , لدرجة ممارسة الحب معه , بين الملفات وعلى طاولة المكتب , في القبو , وإضافة إلى واقعة الخطف , التي كان يمكن بناء نص روائي آخر عليها , فانه يمكن بناء نص روائي آخر , أيضا على أساس فكرة تحضير الشخصية بدافع تحقيق الشوق والرغبة , في مواجهة القمع والكبت , لدرجة التوحد معها , كما لو كانت موجودة فعلا وحقا , وهذا ما يحدث كثيرا في حياتنا كشرقيين عموما , نمارس العادة السرية مثلا , بسبب الكبت الجنسي , ونقبّل صور من نحب من الغائبين عن أنظارنا شوقا واشتياقا لهم , ونرسم صورا متخيلة لوطن يعيش فينا ولا نعيش فيه .




#رجب_الطيب (هاشتاغ)       Rajab_Ata_Altayeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاة الحياة
- القصيدة المحرمة
- الرواية الفلسطينية في الشتات ( 3 _ 3 )
- الرواية الفلسطينية في الشتات ...
- الرواية الفلسطينية في الشتات ( 1 _ 3 )
- الحق في الرحيل : رشاقة النص السردي وحداثته !
- فلتغفري : مدونة القلق الحداثي روائيا !
- غزة : الكف الذي يناطح المخرز
- جنسية معتز قطينة : السؤال الوجيه لا يبني نصا روائيا !
- الرواية / الوثيقة التاريخية !
- الأجنبية : حين تتحول اليوميات الى نص !


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - كاباريهت حازم كمال الدين : الكتابة على وقع الحنين للوطن !