أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - الأجنبية : حين تتحول اليوميات الى نص !















المزيد.....

الأجنبية : حين تتحول اليوميات الى نص !


رجب الطيب
(Rajab Ata Altayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4577 - 2014 / 9 / 17 - 21:21
المحور: الادب والفن
    


الأجنبية : حين تتحول اليوميات الى نص !
تطارد التمييز الذكوري في مخدع الزوجية !
في أحدث أصداراتها , تجرب الروائية العراقية , المقيمة في أوروبا , عالية ممدوح , كتابة فصول من السيرة الذاتية , عبر مقاطع , أشبه باليوميات , لم تحددها وفق مرحلة زمنية محددة , ولكن أرتباطا بفكرة " الوطن " واللجوء , ورغم ان أجراءات الحصول على الأقامة في فرنسا , بعد تعذر الحصول على الجنسية , والتي جعلت منها " أجنبية " مقيمة , كانت محور النص , او تلك الأوراق / اليوميات , إلا أن انفتاح الذاكرة , على مصراعيها , جعل كل فكرة " الوطن " والأنتماء اليه , محل مراجعة , بل واُكثر من ذلك , ان السرد المتتابع , رغم تعرجه , يثير في النهاية السؤال : هل من الضروري أن تكون المرأة أجنبية في بلد آخر , أم أنه يمكنها ان تكون كذلك وهي في وطنها , ثم ما هو الوطن حقيقة ؟
يبدأ النص , أو اليوميات , التي على كل حال , ترتبت وفق تسلسل , كان بعضه منطقيا , أي ان مجموعة المقاطع التي تحدثت عن الأجراءات الأدارية والقانونية من أجل الحصول على اللجوء الأنساني , ومن ثم على الأقامة , كانت متتابعة في سردية تصاعدية , وصولا لنجاح الكاتبة في الحصول على الأقامة بعد مشقة وعناء , وقد بدأ النص , منذ لحظة أستدعائها من قبل القنصلية العراقية في فرنسا , لتبليغها , برفع زوجها عليها دعوى بالنشوز , الى ان حصلت على تلك الأقامة , لكن الجزء الأكبر من أوراقها كان يعود بها الى " الأعظمية " مسقط رأسها , الى سنواتها التي عاشتها في بغداد , ثم في بيروت , وبعد ذلك في المغرب , وكأنه كان مقدرا لجيلها " اللجوء " والرحيل من بلد لآخر , في رحلة نفي لمعنى الوطن , الذي يعني الأستقرار والهدوء .
لقد أستعاضت الكاتبة في الواقع بمجموعة من الأصدقاء , الذين كانوا يحيطونها بالود والحب , ويفعلون من أجلها , كل ما يمكنهم القيام به , من أجل ان يكون بمقدورها ان تواجه المعاناة اليومية , المحفوفة بالخوف الدائم , والناجمة عن مركب القهر , المتمثل بأحوال الوطن , بما فيه من تمييز ذكوري , ومن ثم ببيروقراطية الغرب , وأصراره على الحصول على كل الأوراق الأصلية العديدة , حتى يتم التعريف على الشخص , ومن ثم منحه , صك الأقامة .
وفي السياق , تنجح الكاتبة كثيرا , بيومياتها , التي تبدو للوهلة الأولى , أنها يوميات عادية , يمر بها كل مواطن أو مواطنة من مواطني الشرق الأوسط , في رصد الخوف الكامن في قعر ذاتها , والذي معه , ترتعد فرائصها , من كل عارضة , يمكن ان تفرض عليها الرجوع " للوطن " , حيث توحي الكلمات والفواصل والحروف , بقدرة غير محدودة للزوج على أجبارها على العودة , والطاعة , تنفيذا للقرار القضائي بأعتبارها " ناشزا " يتوجب أعادتها لبيت الطاعة الذكوري .
وإذا كانت المعاناة في الوطن , تدفع من يعانون من الأغتراب فيه الى هجرته , والتوجه , في الأغلب الى الغرب حيث الحرية والحقوق الأنسانية , إلا أن اللجوء , الذي يجعل منك " أجنبيا " ليس الا خيار من يلجأ من الرمضاء بالنار , وما من ملاذ لعالية ممدوح بالذات , إلا اللغة , حيث وجدت ذاتها , او وجدت فيها وطنها , الذي تحقق عبره ذاتها ووجودها وكرامتها الأنسانية , ليس فقط لأنها " تحققت " من خلال اللغة العربية , وبعد ان كتبت عدة نصوص روائية , أستثنائية , ولكن لأنها أيضا أكتشفت حين كانت تخضع لدروس تعلم اللغة الفرنسية , انها ل تحبها , وانها فاشلة جدا في تلك الدروس , " تعلم اللغة الفرنسية يستفزني تماما _ أغلاط الضمائر والأفعال , تبدو لي كل أستاذة جنرالا حربيا _ بيوت المعلمات , أخبر صديقاتي عن كل هذا الأرهاب اللغوي الذي وقعت تحت أسره _ الأليانس " .
الرفض على طريقة غاندي !
لعل عالية ممدوح بشخصيتها الوادعة , والتي عاشت شبابها مناضلة يسارية كما معظم أبناء وبنات جيلها , قد وجدت في هذة الأوراق , التي ليست بالضرورة ان تكون قد كتبت كيوميات , أي انها كانت تكتب وفق الرزنامة اليومية , في أجندة الوقت , بل هي أرادت ان تفتح للذاكرة , حتى تصد " حالة الأغتراب " التي وصفتها , بكونها أجنبية , ليس هنا فقط , بل ومنذ او ولدت , وتيتمت من جهة الأم وهي في الثالثة , ولأنه الأب الشرقي لا يعوض أبناءه حنان الأم , خاصة أذا كن بنات و فقد وجدت في جدتها " وفيقة " تعويضا عن الأثنين , لعل عالية وجدت في هذة التقنية في الكتابة وسيلة لتتحرر من درامية النص الروائي , ومن محدداته , التي تحيط بالبناء الروائي وتطور الشخصيات , لتترك للذاكرة ان تسجل ما تتذكره و والذي عادة ما يكون أهم ما تحتفظ به , وفقط أن تتبع خيط " الأغتراب " الموازي للشعور بكونها اجنبية , هو ما ربط بين هذة المقاطع السردية .
ومنذ ان كانت في صبية صغيرة , كانت هذة طبيعتها , ينتباها الغضب , وتمارس الرفض ولكن على طريقة غاندي , أي الرفض السلبي ," كنت أقول نعم لكل طلب , لكن لا أنفذه , يافعات طائشات كنا , محاطات بنساء جد واقعيات , جدتي لغتها قرآنية , عمتي توقفت عند المتوسطة , ( يبدو ان جدتها توفيت عام 66 ) أبي البوليسي الأول الذي واجهته , توفي وانا على اعتاب السادسة عشرة _ بيت الجحيم " , هكذا تسمي البيت الذي نشات فيه , وشهد طفولتها .
اللجوء الى اللغة
وكما تستند الى أسلوب الرفض السلبي و هي تقاوم غيرتها وأغترابها , وجدت عالية ممدوح ضالتها في اللغة والكتابة , منذ ان كانت تعيش حياتها مع زوجها , حيث كانا متوافقين في كل شيء , وعملا معا في مجلة الفكر المعاصر , الى ان نجحت رواياتها التي كتبتها تباعا , ولخصت فيها حياتها , بعد ان فشلت نماذج العائلة وكذلك نماذج الأوطان التي عاشت فيها , بدءا من بيت الأهل , بيت ابيها في المعظمية , مرورا ببيت زوجها , وحتى ان أبنها وحفيدها , لا يعشان معها , ولم تكن بغداد , بيروت , الرباط , وحتى باريس , الا بيوتا عابرة , فقط وحدها اللغة التي شيدت لها رواياتها " المحبوبات " هي من حفظت لها وجودها وكينونتها , " حياة المرء بالضبط هي رزمة من الأوراق , تعلمت الحسنة الثانية من وجودي هنا كأجنبية , وهو الأستنساخ ص 55 " . وهي على قدر ما سدرت عن بيوت : من بيت الطاعة الى بيت العمر , مرورا ببيوت عديدة , مثل بيت نهلة , بيت الجحيم , بيت بلقيس ( حيث تروي واقعة جمعتها مع محمود درويش ونزار قباني , حين دعتها صديقتها وجاراتها في بيروت , بلقيس الراعي , زوجة نزار للغداء , وكان دوريش مدعوا ايضا ) , بيت القانون الفرنسي , بيوت المعلمات , بيت القرد العاري , بيت الغبار الناعم , بيوت الأصدقاء , بيت الخوف العتيق , بيت هيلين , بيت الجارة , بيت النوم , بيت اللسان , البيوت الألكترونية , بيوت الألات , بيت البوعزيزي , بيت الثمالة , بيت أبي , بيت المرضى , الى بيت النمل , مرت عالية ممدوح في فصول التاريخ , هائمة , تبحث عن ذاتها , فلم تجدها إلا في بيت اللغة !
معارضة دائمة :
لم تعترض فقط عالية ممدوح على الأجراءات المعقدة التي " تذبح " طالبي اللجوء الأنساني , فقط , ولكنها أيضا اعترضت على ما يسمى بقانون الأندماج , والذي " يفرض " على طالبها تعلم اللغة , وبعد ذلك العادات والتقاليد , ولا يأخذ بعين الأعتبار حق الأنسان في الأحتفاظ بلغته , وثقافته , وأشيائه الخاصة , " بدا لي ما يسمى بقانون الأندماج نوعا من الأذى الجسدي والروحي لي شخصيا _ يتيمة اللغات " , وهكذا بقيت " أجنبية " هنا في بلاد النور , كما كانت هناك في بغداد , التي كانت تعتبر مدينة الدنيا قبل ألف عام , تماما كما هي نيويورك عام 2000 " لنغير أوطاننا , أدونها دون لعثمة ,الأجنبية كنت هناك وما زلت هنا في فرنسا ص 93 _ في الدرجة الصفر من الوطن " . هكذا تقدم عالية ممدوح أضافة للمكتبة , نصا مفتوحا ومنفتحا , ربما بتأثير الربيع العربي , وثورة الأتصالات , وجملة من الأفكار , التي تجعل من أنتماء الأنسان , دون حواجز او محددات , مفتوحا على الأفق الأنساني , ليدرك بانه ليس المكان هو السبب الوحيد لأغترابه , ولكن جملة من المحددات السياسية والأجتماعية , التي لم تكتمل , بأبعادها الأنسانية الكاملة , ولا في اي مكان , بعد .



#رجب_الطيب (هاشتاغ)       Rajab_Ata_Altayeb#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجب الطيب - الأجنبية : حين تتحول اليوميات الى نص !