أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - وضع متميز














المزيد.....

وضع متميز


فاتن واصل

الحوار المتمدن-العدد: 4936 - 2015 / 9 / 25 - 00:30
المحور: الادب والفن
    



أرقد على فراش بالمستشفى الاستثماري الفخم في انتظار إجراء جراحة لإزالة المرارة التي تحولت مع الزمن لكيس من الحصاوي.
وقفت أتأمل ما أصبح عليه حالي في مرآة الغرفة التي يمتلئ سطحها بفضلات الذباب، بشرتي الجافة، التغضنات والتجاعيد، شعري الأشيب، عيوني الذابلة والإنتفاخات أسفلها، ترهلات في معظم أنحاء جسدي، هذا كان حالي.. ولا أتذكر غيره يوم دخلت المستشفى.
درت بعيني في أرجاء الغرفة أبحث عن أي شيء يدعو للتأمل، لكنها خاوية من كل شيئ عدا بعض الأثاث البارد الخالي من أي لمسة جمال، تليفزيون وأريكة مكسوة بالجلد وفازات خزفية قبيحة الذوق وتلك المرآة التي تظهر الجسم بالكامل .
ذهب أبنائي منذ ساعة بعد أن دفعوا كامل تكاليف العملية مقدما وتكاليف مبدئية لإقامتي في هذه الغرفة، جميع النفقات بجانب الاكراميات التي بسببها أحظى بتلك الابتسامات البلاستيكية المفتعلة المحسوبة العدد والزمن.

لا أحد يتحدث إلي من الأطباء أو الممرضات أو يسترسل في الكلام معي عن أي موضوع كما لو كنت أقول كلاماً فارغاً أو كأني كمْ مهمل لا يُلتـَـفت اليه بما في ذلك عاملة النظافة، وكأن أحد لا يراني، فطلبت منهم أن يضعوني في غرفة يرقد فيها مرضى آخرين، حتى يتسنى لي أن أتحدث إليهم أو حتى أتوجع فيتعاطف معي من أرقد بجواره، لكنهم رفضوا بشدة وقالوا لي أن وضعي متميز فكيف أريد أن أتراجع بمستوى هذا الوضع وأصبح كبقية الناس!!. اعترضت لكن كنت كمن يهذي ولا يهتم بهذيانه أحد.

كان من الممكن أن أخرج في اليوم التالي للعملية، إذ اتضح أنها بسيطة ولكن في اتفاق خفي بين أبنائي وإدارة المستشفى، فضّلوا جميعاً ان أبقى لعدة أيام أخرى. فكان اليوم يمر علي طويلا ساعاته لا تنتهي، محاطة فيه بتلك الابتسامات اللزجة والوجوه الحجرية وعيون السمك الخالية من التعبير.. وتلك المرآة القاسية التي لا تتواني عن تذكيري من وقت لآخر بالتجاعيد.

انتصف الليل ولم أنم ولا حتى كان عندي أية رغبة في النوم رغم مرور عدة ليال دون أن أغفو ولو لدقائق.. كما كانت البرودة تملأ المكان، حين هدأت الحركة في الممر خارج الغرفة نهضت عن فراشي بهدوء ومشيت على أطراف أصابعي، خرجت متسللة دون أن تلحظني الممرضة النوبتجية التي تغفو وهي جالسة على مقعدها.
ولجت للغرفة المجاورة .. كان ضوء التليفزيون المتغير هو فقط الذي ينتشر في الغرفة، لفت انتباهي أن الغرفة ليس بها مرآة، مشيت نحو الفراش وكانت السيدة التي ترقد فوقه لازالت مستيقظة.. نظرت تجاهي بدهشة ثم ارتسمت على شفتيها ابتسامة ودودة صادقة، لمحتها كبريق نجم في سماء حالكة السواد، دعتني بحركة من يدها أن أجلس على المقعد المجاور لفراشها.. لكني صعدت ونمت بجوارها، فما كان منها إلا أن احتضنتني بحنان بالغ، وربتت بيدها على الجرح في بطني فانبعث الدفء في أوصالي وشعرت بالسكينة والراحة، بعد دقائق معدودة استغرقت في نوم عميق لم يوقظني منه إلا الممرضة التي وجدتها تقف بجوار الفراش تلكزني بيدها في كتفي وقد أضاءت نور الغرفة دون مراعاة أنها لا يجب أن تزعجني، وسألتني وابتسامة بلهاء حقيقية على وجهها:

إيه اللي جابك هنا يا حاجة ؟ انتي بتمشي وانتي نايمة؟



#فاتن_واصل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الأخير)
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الثالث عشر )
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الثاني عشر )
- والقلب يعشق سراً. ( الجزء الحادي عشر)
- والقلب يعشق سراً. ( الجزء العاشر )
- والقلب يعشق سراً . ( الجزء التاسع )
- والقلب يعشق سراً . ( الجزء الثامن )
- والقلب يعشق سراً. ( الجزء السابع )
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء السادس )
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الخامس )
- والقلب يعشق سراً. ( الجزء الرابع )
- والقلب يعشق سراً ( الجزء الثالث )
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الثاني )
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الأول )
- مشهد لم يحدث في جنازة عائلية
- الأمنية الأخيرة
- مفكرة صغيرة
- أوضة ضلمة
- عمِّي الشيخ عماد
- فيل أبيض


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - وضع متميز