أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - مشهد لم يحدث في جنازة عائلية














المزيد.....

مشهد لم يحدث في جنازة عائلية


فاتن واصل

الحوار المتمدن-العدد: 4823 - 2015 / 5 / 31 - 19:52
المحور: الادب والفن
    



وقفنا في انتظار أن يؤذن لصلاة الظهر فيدخل الرجال لتأدية صلاة الجنازة على أحد أبناء العموم، والتففن نحن حول أخت الميت نواسيها ونطيّب خاطرها بكلمات نعرف كلنا أنها بلا معنى وأن لا حيلة لأحد مع الموت.
كانت سناء ابنة أخي تقف بجواري دموعها تسيل بغزارة، وأنا كنت متأكدة ان هناك سبباً آخر غير وفاة ابن عميّ هو ما يجعلها تبكي بكل هذه الحرارة. ولكن عرفناها جميعا عاطفية، وأنا بالذات لتقاربنا في العمر رغم أنها ابنة أخي.
كنت أتمنى من قلبي ألا يحضر عبد الحميد إبن اختي الكبرى وألا تراه، فمن الجائز ألا تسيطر على كلماتها وتتفوه بشيء يحرج الجميع، ولكن لا تأتي الرياح دوما بما تشتهي السفنُ فقد لمحته قادم من بعيد، يمشي ببطء كما لو كان يحاول اكتشاف الوجوه قبل أن يقترب من الجمع، وحين أصبح على مسافة أقصر رأيت شعراته البيضاء كبصمتين على جانبي رأسه أعلى أذنيه، يرتدي نظارات شمسية. صافح الرجال بوقار ثم أومأ برأسه من بعيد بأدب ملقياً علينا التحية.
لكزتني سناء بكوعها في ذراعي بقوة وقد تحولت حالة الحزن والبكاء إلى ابتسامة واسعة تفضح فرحتها برؤياه، فهمست حتى لا تسمعني إحدى السيدات الواقفات بالقرب منا:
- الحقي .. حبيب القلب وصل.
فردت بصوت يكاد لا يُسمَع:
- تصدقي وحشني موت .. أنا هاروح أسلّم عليه.
فنظرت لها بحدة وأمسكت بذراعها قائلة:
- انتي اتجننتي!! ده وقته ؟ وبعدين ده اتجوز وخلف وولاده قربوا يتجوزوا.. عاوزة منه إيه بقى ؟ مش خلاص.
أدرت وجهي حتى لا يلاحظ الواقفون كلامنا فهمست هي في أذني:
- بس بذمتك مش لسة قمر..!
مصمصت شفتي وأدرت وجهي متجاهلة ما قالت، وانصرفت عنها أتحدث مع إحدى المعزيات.. لمحته يسترق النظر نحونا.. وفجأة دون أن ألحق بها تسللت من بيننا ومشت متجهه نحوه ومدت يدها لتصافحه، فخرجت مسرعة من بين السيدات لألحق بها قبل أن تتفوه بكلمة، كما أني لم أكن متأكدة إن كانت زوجته قد حضرت معه أم لا وهي التي تعرف قصة حبهما بالتفصيل.
لم أستطع أن أوقفها فوقفت بجوارهما حتى يبدو الموقف طبيعيا.. نظرت سناء نحوه وقالت بعذوبة :
- إزيك يا عبده .. وحشتني.
ارتبك لبرهة ثم استعاد ثباته ورد محاولا إضفاء نبرة عادية على كلماته :
- أهلا سناء، إزيك وإزي أحوالك.. البقية في حياتك.
فبادرته سريعا وأنا أرقبهما وأقنع نفسي أني أمسك بزمام الأمور:
- وفي حياتك.
في هذه اللحظات كانت راجية ابنة أخي الأصغر قد لحقت بنا فصافحها عبد الحميد بود ليدلل لسناء أنها لم تعد تهمه.. كما أنه بدأ يتململ في وقفته ليظهر أنه سوف يذهب للوقوف مع الرجال.
فجأة قالت دون مواربة وبصوت مسموع للجميع وهي تنظر داخل عينيه بقصد اكتشاف المزيد:
- فاكر لما كنت بتغني لي أغنية عبد الحليم " بأمر الحب " !؟
تلفتت حولي فوجدت الجميع وكأن على رؤوسهم الطير، ينظرون نحونا باندهاش وعلى وجه الخصوص أخت الميت التي توقفت عن النحيب وهي تنظر نحونا غير مصدقة..صمت عبد الحميد ولم يبدي أي تعبير كأنها كانت تكلم شخصاً آخر، ومن بعيد لمحت أختي الكبرى أم عبد الحميد وكانت تقف بين سيدات العائلة الكبيرات وتنظر لي وهي تتميز غيظاً وبعيون يملؤها اللوم.
وماذا عساي كنت أفعل !!
كيف أستطيع الوقوف في وجه عاطفة ظلت مسجونة بقلبها كل هذا العمر..
سحبت سناء من ذراعها فمشت بجواري مستسلمة وبقت عيونها معلقة بعبد الحميد ..
أجهشَتْ بالبكاء..
نودي للصلاة فتحرك الجميع إلى داخل المسجد، وكأن الموقف برمته لم يحدث.
اقتربت هند ابنة سناء نحونا وقالت:
- ماما .. بابا بيقولك اقعدي في العربية علشان الشمس ما تتعبكيش.



#فاتن_واصل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمنية الأخيرة
- مفكرة صغيرة
- أوضة ضلمة
- عمِّي الشيخ عماد
- فيل أبيض
- طريق إلى العالم الجديد
- المفرش
- زغاريد فى طابور الصباح
- صناديق فارغة بجوار الحائط
- فنجان قهوة
- تأملات في بناء عش
- إختفاء إبنة النور
- الخروج إلى النهار
- عزيزتى العزيزة
- للخلف تقدم.
- الطين ليس كالرمال
- سقوط النجمة الذهبية
- جليسة الوهم
- الرقص على الاحزان
- كائن فيسبوكى... LOL


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - مشهد لم يحدث في جنازة عائلية