أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - فنجان قهوة














المزيد.....

فنجان قهوة


فاتن واصل

الحوار المتمدن-العدد: 4188 - 2013 / 8 / 18 - 02:33
المحور: الادب والفن
    


الصباح .. كنت أقف فى الشرفة حين مر، طويل القامة بانحناءة خفيفة فى أعلى ظهره ـ فى الحقيقة أطول من الصورة التى اعتدنا عليهاـ أنفه طويل شعره وشاربه أشيبين بالكامل ، على وجهه ابتسامة وله طلة مهيبة بعيون واسعة لها حدة عيون الصقر و إن كانت الابتسامة تضفي على ملامحه طيبة رغم هيبته، يرتدي قميصا أبيض اللون واسع بنصف كم ، وبنطلونا رماديا وساعة يد بأستيك جلد أسود، يتحرك بهدوء بين لفيف من الناس- يتركون إنطباعا بانهم- قصار القامة، يدورون حوله ويتزاحمون ليحتموا- من وهج شمس الصباح - في ظله الضخم ، رفع عينه نحو الشرفة ، إستبد بي وجل للوهلة الأولى وخوف لكني بادلته الابتسامة بمثلها وبجرأة لم اعهدها فى نفسي سألته :
- إلى أين ؟
فرد بود :
- رايح أقعد ع القهوة
دعوته لكي يحتسي فنجانا من القهوة لدينا .. ضحك ورد بصوت هادئ لكنه حاسم :
- وحتعرفي تعمليها ؟
وكأني سقطت فى هوة سحيقة انحبس صوتي لحظة أن فكرت أن هناك إحتمال لقبوله الدعوة وفى أن هذا قد يكون إختبارا حقيقيا لي وقلت بصوت مرتعش :
- حضرتك شرفنا وجرَّب .
صعد الثلاث درجات فى السلم التى تفصل شرفة الكابينة الصغيرة التى نسكنها -كل سنة للتصييف - عن الشارع الذى يعج بالناس الراغبين في الصعود معه لكن بإشارة منه أبقاهم فى إنتظاره، جلس بارتياح على الكرسي الأسيوطي العتيق والذى تآكلت أخشابه وكلحت ألوان وسائده من كثرة تعرضه للشمس، لكن لم يفقد أصالته التى تزداد مع القدم، أسند ساعده على مساند الكرسي ونظر الى يمينه ويساره بحثا عن طفاية ،ثم أطفأ السيجارة التى كانت بين أصابعه ونظر للأفق والابتسامة لا تفارقه .
قبل ان أدخل الى المطبخ لصنع القهوة لمحت مسحة الحزن الشهيرة التى نعرفها جميعا تكلل الابتسامة الهادئة.. سألته بأدب وأنا احاول ان أستجمع ثبات ساقاي المرتعشتان:
- قهوة حضرتك ايه .
رد ببساطة :
- سادة
كنت فى منتهى الارتباك ولا اعرف سببا فالرجل يتصرف بتواضع وبساطة شخص عادي لا يليقان بتاريخه، وهذا لا يشعرني إلا بمزيد من الاضطراب ، أسرعت الى المطبخ الصغير محدود المساحة ثم نظرت حولي أبحث عن البن و " كنكة " القهوة والملاعق ..!! وكأني ذهبت لمطبخ فى بيت غير بيتنا ، لا أعرف طريق أى شئ، ثم بعد دقائق مرت دهرا من التوهان والدوران حول نفسي وجدت ما أبحث عنه فى مكانه..!!
كما لو كنت أمر فى إختبار صعب، أستعيد طريقة صنع القهوة فى ذهني مرات ومرات، أقوم بتحضير الصينية وأختار فنجان ، أنظر له بإمعان وأديره فى يدي خوفا من خدش أو شرخ ، أغسله عدة مرات، أشعل البوتاجاز ثم أطفئه وحين أبدأ فى إعداد القهوة أكتشف اني نسيت نوع القهوة التى طلبها ..!!
- هل قال عالريحة ؟ أم سكر زيادة !! لأ لأ قال سادة .. لأ عالريحة .. أخرج أسأله تاني ؟ عيب يعني معقول رئيس جمهورية يطلب طلب وأنا لا أركز فى طلبه وأجري كالحمقاء دون ان أقوم بنقش طلبه فى عقلي وقلبي !! ما هذا الغباء .
والآن إذا خرجت وسألته عن قهوته مرة أخرى سيظن أني أستهتر بالشرف الذى منحني إياه أو قد يضيق ويقرر ان يمضي دون ان يشرب القهوة ويندم أنه منحني ثقته.
ماذا أفعل ؟ هل أعد كل انواع القهوة واخرج له بها كالبلهاء ليختار ؟ وكيف سيرضى بعد ذلك ان يتذوقها.. اكيد سيظن أني مجنونة أو غير مقدرة للمسئولية.
أعددت فنجانا على الريحة ولا أعرف لماذا خمنت ذلك ولكن حين صببته فى الفنجان ، كان الوجه مخترقا بدائرة سوداء ..!! الوجه غير مكتمل .. هل سأقدم قهوة بدون وجه .. سيقول أننا لم نتعلم الاتقان لأبسط الأعمال.
شعرت بضيق تنفس ومادت بي الأرض ومن شدة الخجل شعرت أن أطرافي تتجمد ولا أقوى على تحريكها لعمل القهوة او حتى الخروج لسؤاله .. قررت أن أعد ثلاثة أنواع من القهوة حتى لو إستغرقت وقتا اطول من المتوقع، خرجت حاملة الصينية لكن راعني ما وجدت عند خروجي، السيسي يجلس على الكرسي الأسيوطي بدلا منه مرتديا زيه العسكري وفى إنتظار القهوة.
فتحت عيني مفزوعة على صوت زوجي يوقظني قائلا :
- مالك !!
سألت وانا بين النوم واليقظة:
- تفتكر لسة عندنا بن.



#فاتن_واصل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في بناء عش
- إختفاء إبنة النور
- الخروج إلى النهار
- عزيزتى العزيزة
- للخلف تقدم.
- الطين ليس كالرمال
- سقوط النجمة الذهبية
- جليسة الوهم
- الرقص على الاحزان
- كائن فيسبوكى... LOL
- منافسة بدون منافس
- تعليمنا جهل وأمية
- لماذا يكره الله المرأة ..!!
- المرأة ، مواجع 8 مارس
- لدغة الاستلاكوما
- الشرطة تريد تغيير الشعب
- سيناريو ما بعد جمعة بنى سلف
- أيها الرجل .. سأتهمك باغتيالي
- قانون المطيرى للجوارى موديل 2011
- إعادة التدوير.. ومنال الشريف


المزيد.....




- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - فنجان قهوة