أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - سور شرم الشيخ .. غير العظيم















المزيد.....

سور شرم الشيخ .. غير العظيم


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1355 - 2005 / 10 / 22 - 10:30
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


انفردت جريدة "الوفد"، فى عددها الصادر يوم الأثنين الماضى، بنشر خبر بالغ الغرابة، وبالغ الخطورة، خلاصته أن محافظة جنوب سيناء بدأت بالفعل بناء سور أسمنتى حول مدينة شرم الشيخ.
ثم تطرق الخبر إلى تفاصيل دقيقة عن هذا السور العازل، منها أن طوله يصل إلى عشرين كيلومترا، وارتفاعه متر ونصف المتر، وتكلفته عشرين مليون جنيه. كما أن المرحلة الأولى للسور تبدأ من رأس محمد، مروراً بمدخل شرم الشيخ، ثم يسير السور موازيا للطريق الخلفى الدائرى الذى يمر بالمنطقة الصناعية ومنطقة الحرفيين ومحطة الكهرباء، حتى يلتقى مع طريق "شرم الشيخ – دهب".
أما "الحكمة" من بناء هذا السور العازل فهى "منع بدور سيناء من التسلل إلى المدينة بهدف الحد من العمليات الإرهابية" بنص الكلمات المنشورة فى "الوفد"!
وهنا مربط الفرس ومكمن الخطورة.
فهذا التدبير معناه – أولاً – توجيه أصابع الاتهام لبدو سيناء بتورطهم فى العمليات الإرهابية.
ومعناه – ثانياً – أن مكافحة الإرهاب تتحقق باقامة هذا السور العازل الذى يحول دون دخول بدو سيناء إلى مدينة شرم الشيخ.
وكلا المعنيين خطير .. وخاطئ .. بل بالغ الضلال.
وكلا المعنيين ينطوى على خلل مروع فى معايير "التشخيص"، وينبئ – بالتالى – بأن "العلاج" الموصوف لاستئصال سرطان الإرهاب فاسد ومغشوش.
وتعالوا ندقق النظر فى هذه الافتراضات الكامنة خلف فكرة بناء السور العازل.
الافتراض الأول هو اتهام بدو سيناء بالتورط فى الإرهاب، وهذا الافتراض سخيف جداً لأنه ينطوى على تعميم لا يصح ولا يجوز.
فى حين أن بدو سيناء مواطنون مصريون شأنهم شأن باقى المصريين معظمهم مواطنين صالحين غلابة يسعون من أجل أكل عيشهم ويكدون ويكدحون ويعرقون ويحفرون فى الصخر من أجل انتزاع لقمة العيش.
وعلى ذلك فان تعميم تهمة الارهاب على بدو سيناء إساءة إلى مواطنين أبرياء، فضلا عن أنه خطأ فى الاستدلال يجعلنا ننحرف عن الطريق الذى يمكن ان يقودنا إلى اكتشاف الإرهابيين الحقيقيين، الذين قد لا تربطهم أدنى رابطة مع شبه جزيرة سيناء جغرافياً او ديموغرافيا.
ثم إن هذا النوع من التفكير، وما يتبعه من إجراءات وتدابير أمنية قمعية مؤسسة على الشك والارتياب فى الجميع، هو الذى يمكن أن يخلق الإرهاب ولا يحاربه.
والدليل على ذلك تصريحات رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف التى أدلى بها إلى جريدة "نيويورك تايمز" وقال فيها أن "الحكومة لا زالت مستمرة فى دراسة الملابسات المحيطة بهجمات شرم الشيخ الأخيرة، حيث أنها لا تتعامل معها من المنظور الأمنى فقط بل تعكف أيضاً على دراسة الأوضاع الاجتماعية فى سيناء التى يمكن أن تكون قد تسببت فى دفع بعض الشبان الصغار بالمنطقة إلى التورط فى تلك التفجيرات".
ومضى الدكتور نظيف قائلاً أن "مصر تقوم حالياً ببحث نظريتين مختلفتين بشأن من الذى يقف وراء تلك الهجمات، حيث ترى أولاهما أن الأسلوب العدائى الذى تعاملت به قوات الأمن مع السكان المحليين فى سيناء بعد تفجيرات طابا، ربما يكون قد دفع بعض هؤلاء الناس إلى الرغبة فى الانتقام، ومن ثم فانهم اقدموا على تنفيذ تلك الهجمات.
أما الثانية فتتصور أن تكون عناصر محلية لها صلة ما بجماعات ارهاب دولية مثل تنظيم القاعدة وراء هذه التفجيرات".
وأعرب رئيس الوزراء عن اعتقاده بان النظرية الأولى هى الأقرب إلى المنطق.
وأضيف إلى كلام الدكتور أحمد نظيف أن بناء مثل هذا السور العازل والذهنية الكامنة خلفه، هما أيضاً من العوامل التى قد تدفع البعض إلى التمرد "والرغبة فى الانتقام" من هذا الظلم المادى والأدبى.
وتعالوا نضع أنفسنا مكان إخواننا بدو سيناء الذين ينظر إليهم السيد المحافظ هذه النظرة المليئة بالشك، ويحول بينهم وبين الدخول إلى منطقة من وطنهم، بل هى منطقة لهم فيها أكثر مما لنا جميعا، لأنهم تربوا فيها وترعوعوا على رمالها منذ نعومة اظافرهم، وتربطهم بها مصالح معيشية وذكريات إنسانية حميمة. ومع ذلك يتم السماح لجميع خلق الله من كافة بلدان العالم ومن شتى أنحاء مصر بالدخول إليها بينما يمنع من الاقتراب منها أبناؤها الذين ولدوا فيها وامتزجوا بترابها!
ثم تعالوا نضع أنفسنا مكان إخواننا بدو سيناء وهم يرون هذا السور العازل ينتصب أمام عيونهم ليمنعهم من دخول مدينتهم شرم الشيخ، فى نفس الوقت الذى يشاهدون فيه على شاشات التليفزيون السور العازل الذى يبنيه شارون ليمنع الفلسطينيين من الاتصال ببقية وطنهم أو النظر إلى القدس.
وإذا كان من غير المستغرب أن يقيم شارون مثل هذا السور العازل باعتباره مستعمراً وغاصباً وعدواً للشعب الفلسطينى، فان من حق بدو سيناء ومن حق كل إخوانهم المصريين أن يستغربوا ان يفعل المحافظ المصرى نفس فعلة شارون فى حق أبناء وطنه.
إن الأخطر من هذا السور العازل هو العقلية الكامنة خلفه.
إنها عقلية بيروقراطية لا تنظر أبعد من موطئ أقدامها. ولا يبدع تفكيرها سوى حلول إدارية لمشاكل لا يمكن حلها حلاً جذرياً سوى بمعالجات اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية.
والعجيب ان السيد المحافظ صاحب فكرة هذا السور الغبى لم يلاحظ أن كل الأسوار التى بناها طغاة ومستبدين ومستعمرين ظناً منهم أنها ستحميهم، قد انهارت ولم تفلح فى الصمود طويلاً لأداء الوظيفة التى بنيت من أجلها.
أليس هذا ما حدث مع خط بارليف؟
أليس هذا ما حدث مع سور برلين؟
أليس هذا هو المصير الذى ينتظره سور شارون الذى أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً تاريخياً يجرده من أى مشروعية؟
إن "الوفد" على حق عندما تقول أن هذا التصرف "سوف يخلق جداراً نفسياً عازلاً بين الحكومة ومواطنيها فى جنوب سيناء أعلى من الجدار الذى تحاول بناءه، ولن يحقق أمنا لن يمنع إرهاباً".
كما أصابت عندما قالت أنه "كان مفروضاً أن توجه العشرين مليون جنيه – التى سيتكلفها بناء هذا السور – إلى توفير وظائف لأبناء سيناء أو بناء مستشفيات ومدارس لا أن يهدر المبلغ على خلق كارثة جديدة تؤدى لعزلهم .. فهذا السور لن يوقف الارهاب بل سيزيده".
أفيدونا إيها المسئولون عن جنوب سيناء وكم نتمنى أن تقولوا لنا أن كل ما قيل عن هذا السور البغيض مجر "كلام جرايد" .. لا أساس له من الصحة.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول قصيدة الحزب الوطنى .. تسد النَّفْس
- هل يطلب المصريون حق اللجوء -البيئى-؟
- لغز الكويز ينافس فوازير رمضان
- تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال سارياً -2
- الانتقال من »الملّة« إلي »الأمة« .. مقتل الطائفية
- نصف جائزة.. ونصف فرحة
- تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال ساريا
- دمج البنوك.. وتفكيك الأحزاب!
- هل المطالبة بتعديل المادة الثانية من الدستور .. حرام؟
- إطلاق سراح السياسة فى المؤسسة الجامعية .. متى؟
- مثقفون.. ملكيون اكثر من الملك فاروق -الثانى-
- كرامات الوزير المعجزة: 9 و10 يونيه في عز سبتمبر!
- لا مكان للمعارضة.. في الدولة الدينية
- !هيا بنا نلعب .. ونتعلم
- انتبهوا أيها السادة : النار مازالت تحت الرماد
- توابع هولوكوست بنى سويف
- بلاط صاحبة الجلالة فى انتظار الفارس الجديد
- ! البقية في حياتكم
- لغز وزير الثقافة وأنصاره
- لماذا حصل -الاستبداد- على تأشيرة -إقامة- في أرض الكنانة؟


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - سور شرم الشيخ .. غير العظيم