أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - الاصول الشرعية لسرقة المال العام




الاصول الشرعية لسرقة المال العام


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 29 - 12:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يشترط سيد قطب في المسروق الذي يقام فيه الحد ان يكون في مكان مغلق ,او بتعبير الفقهاء : (ان يكون محرزا وان ياخذه السارق من حرزه , ويخرج به عنه ) ( د .نصر حامدابو زيد : نقد الخطاب الديني ) – ط 3 – 2007 – المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – المغرب و بيروت – لبنان ).

وهذا معناه انه لايعد سارقا يقام عليه الحد كل من يهرب من البلاد بعد ان يستولي على اموال بعض المواطنين , او يحصل على قروض من البنوك , مادامت هذه الاموال لم تكن محرزة .وثمة شرط آخر اشد خطورة , كما يؤكد على ذلك ابو زيد , وهو الا يكون للسارق في المال المسروق نصيب , اي ان يكون المال مملوكا ملكية خاصة للمسروق منه ,وبديهي ان هذا الشرط لايتوافر في بيت مال المسلمين , او الخزانة العامة للدولة , فكل من يستولي على بعض هذا المال العام , او كله , لايقام عليه الحد , لان له ( نصيبا فيه فليس خالصا للغير ( كتاب الصحوة الاسلامية : يوسف القرضاوي ).

( وهكذا ينحصرمجال تطبيق حد السرقة على النصابين وصغار اللصوص , وهذا هو الاسلام الذي يطرحه الخطاب الديني على الناس , ويبشرهم بانه قادر على حل مشكلات الواقع ) ( نصر حامد ابو زيد : نقد الخطاب الديني ).

يتمسك الخطاب الديني المعاصر بالشكليات , مهدرا كليات الشريعة ومقاصدها . فالعبادات عند كثير من المتكلمين والفلاسفة وعلماء اصول الفقه تهدف الى تحقيق نفع الناس ومصالحهم ,ذلك ان الانسان هو الغاية وهو الهدف .

لكن بعض العلماء فصلوا بين العبادات والمعاملات ,واخرجوا العبادات من مجال المقاصد والمصالح , وهذا هو الخطاب الديني المعاصر , ويطلق على اصحابه في التراث اسم ( المحققين )تمويها بان الاجتهاد الاخر ليس صائبا , وان اصحابه ليسوا من المحققين .

يقول يوسف القرضاوي في كتابه ( الصحوة الاسلامية ):

( وانا مع المحققين من علماء المسلمين في ان الاصل في العبادات هو التعبد بها دون نظر الى مافيها من مصالح ومقاصد ,بخلاف مايتعلق بالعبادات والمعاملات .. فلا يجوز ان يقال : ان انفاق المال على فقراء المسلمين , او على المشاريع الاسلامية النافعة , اهم من فريضة الحج , او ان يقال : ان التصدق بثمن هدي التمتع والقران في الحج اولى من ذبح النسك الذي تعظم به شعائر الله .ولا يجوز ان يقال : ان الضرائب الحديثة تغني عن الزكاة ثالثة دعائم الاسلام , شقيقة الصلاة في القران والسنة المطهرة ) .

اليقين الذهني والحسم الفكري

ان الخطاب الديني لايتحمل اي خلاف جذري , وكيف يحتمل الخلاف الجذري وهو يزعم امتلاكه للحقيقة المطلقة ؟
يصر الخطاب الديني انه جهة الاختصاص الوحيدة والذي يحق له تفسير القران والشرائع واصدار الفتاوى . وبناء على هذه الحقيقة يخرج الخطاب الديني من اطار التطرف الاراء المتشددة التي يتبناها الشباب في مجال الغناء والموسيقى والفنون التشكيلية وغيرها .

مما يخالف اجتهاد د . نصر حامد ابو زيد وعددا من العلماء البارزين في هذا العصر , لكنه يتفق مع العديد من علماء المسلمين , متقدمين ومتاخرين ومعاصرين . والواقع ان الكثير من المتطرفين يستندون الى آراء فقهية لها جذور في التراث الاسلامي .

ويدخل في هذا الكلام حول التزام المراة للحجاب او النقاب , واطلاق اللحية للرجال , ولبس الجلباب بدل القميص والبنطلون , وتقصيره الى مافوق الكعبين , والامتناع عن مصافحة النساء وغيرها .

فالخطاب الديني يزعم امتلاكه وحده للحقيقة لايقبل من الخلاف في الراي الا ماكان في الجزئيات والتفاصيل , ولكن الخلاف اذا تجاوز السطح الى الاعماق احتمى الخطاب الديني بدعوى الحقيقة المطلقة الشاملة التي يمثلها ,ويلجا الى لغة الحسم واليقين والقطع , وهنا يذوب الغشاء الوهمي الذي يتصور البعض انه يفصل بين الاعتدال والتطرف , بحسب قول ابو زيد .

يقوم الخطاب الديني برد مشكلات المجتمعات الاسلامية المعاصرة الى عوامل خارجية كالصهيونية والاستعمار الغربي , حيث يتم تحميل حركة المد الاستعماري الاوربي مسؤولية تخلف العالم الاسلامي , متجاهلا لحقيقة ان تخلف العالم الاسلامي كان امرا واقعا سهل لحركة الاستعمار مهمتها في تعميق هذا التخلف .

يقوم الخطاب الديني بتحويل اوربا وامريكا الكافرة الى شيطان رجيم !. الخطاب الديني يفصل بين جانبي الحداثةالغربية التقنية والفكرية . فهو ياخذ بالحداثة التقنية كالسيارات الحديثة والحواسيب والهواتف الذكية و لكنه يحرم الاخذ من الحداثة الفكرية , واصما اياها بالجاهليةالكافرة .

وهكذا يكون على المسلم المعاصر ان يحيا بجسده في الحاضر معتمدا على اوربا والولايات المتحدة في تحقيق واشباع حاجياته المادية , وان يحيا بروحه وبعقله مع الماضي الاسلامي التليد , حيث يتم تكريس هذا الوضع المتخلف لواقع المجتمعات الاسلامية باسم الاسلام ذاته , وذلك ان الخطاب الديني لايطرح افكاره تلك بوصفها اجتهادات , وانما يجزم ان اطروحاته تمثل الحقيقة المطلقة .

اخلاق البرجوازية الطفيلية الرثة في المنطقة الخضراء

عودة الى مقالنا السابق والمعنون (الاحتجاجات الشعبية بين الذكورية المفرطة والطواطم المقدسة ) والمنشور على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=482332

قلت في نهاية المقال مامعناه , ان اغلب السياسيين في المنطقة الخضراء في بغداد من فئة البرجوازية الطفيلية الرثة , يمتازون بالفصل بين الاخلاق والسياسة , والفصل بين الاخلاق والدين , والدمج بين الدين والسياسة , والفصل بين الاخلاق والدين من جهة وبين الجنس من جهة اخرى .

ان اعطاء شرعية سرقة المال العام والخاص يستند الى فتاوى علماء وشيوخ , استعرضنا بعضهم من امثال الشيخ يوسف القرضاوي وسيد قطب وهنالك الكثير غيرهما . وربما هنالك من علماء الشيعة من يفتي بنفس الفتاوى .

انها فتاوى تقوم على اعطاء الشرعية للسرقات الكبيرة ومحاكمة اللصوص الصغار. فتاوي تعطي شرعية للسرقة وللقتل وللكذب . هنا يمارس هؤلاء الفقهاء والعلماء والبعض من السياسيين في المنطقة الخضراء للفصل التام بين الاخلاق والدين والفصل التام بين الاخلاق والسياسة .

فالسياسةعندهم بلا اخلاق ,لايهم قتل المواطن البسيط والفقير مادام قتل المواطنين يبرربقائهم في السلطة . كما لايهم ان يمارسوا التدين وان يضع الوزير والمدير العام القران الكريم على مكتبه كذلك سجادة الصلاة .وان يطلق لحيته مقابل شرعية سرقاته للمال العام .

جذور ظاهرة الحواسم في العراق

يطلق على الذين قاموا بسرقة البنوك ووزارات الدولة العراقية بعد الاحتلال الامريكي للعراق في نيسان 2003بكلمة ( حواسم ) , وتعني اللصوص .
نجد كثير من هؤلاء الحواسم قد ذهب الى الحج او العمرة , ويعطي لك التبريرات عندما تواجهه بالسؤال بان اموالك مال حرام , يجيبك ان سرقة الدولة حلال . انه فصل تام بين الاخلاق والدين

مسك الختام :

لقد اصبحت ثقافة الحواسم هي الطاغية اليوم في الشارع العراقي بعد ان انحسرت القيم والاخلاق العربية والعشائرية واخلاق وقيم الاسلام التي بشر بها القران الكريم .انها ثقافة الحواسم , ثقافة المليشيات , حيث يجد من لاسند له سندا بالا نتماء الى هذه المليشيات .حيث نجد ايضا الفصل التام بين الاخلاق والدين ..

اللهم جنب بلادنا شر الحواسم ..آمين .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتجاجات الشعبية بين الذكورية المفرطة والطواطم المقدسة
- في نقد الخطاب الديني
- شغب سياسي ومؤسساتي
- الخطاب الديني والخطاب السياسي ومابينهما من تماثل
- من فصوص كتاب الحكمة والسياسة والدين
- هل يمكن للنساء ان يكن قوامات ؟
- بين عقود الزواج والعلاقات الحرة
- تقديس ثورة 14 تموز 1958 ورموزها
- التجربة اليابانية عند نصر حامد ابو زيد
- محنة نصر حامد ابو زيد
- من طروس الحكمة
- محنة التنويريين العرب
- قريش وتجنيد الاحابيش
- المدارس المختلفة في تفسير فكر الرسول بولس - ج 3 والاخير
- الصعاليك وجيش الاحابيش في مكة
- ومضات من عالم الحكمة
- نتائج التحول الى فلسفة اللغة
- اتهامات باطلة ضد الرسول بولس
- من اسس المسيحية :يسوع ام بولس ؟
- المدارس المختلفة في تفسير فكر الرسول بولس - ج2


المزيد.....






المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - الاصول الشرعية لسرقة المال العام