الاعتقاد فى الخرافة

صفوت فوزى

الحوار المتمدن-العدد: 4905 - 2015 / 8 / 23 - 18:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

جرب مرة أن تسأل أحد معارفك أو أصدقاءك : هل تعتقد فى الخرافات ؟
ستكون الاجابة بالقطع لا . لكن الحقيقة أننا ما زلنا نتمسك ببعض الخرافات التى لا ترقى الى مستوى الحقيقة أو تقترب منها ، ولكنها اذ تتستر تحت ستار العادات أو التقاليد أو الدين ، تصبح واقعا فى حياتنا .
وهاكم بعض الخرافات التى يؤمن بها البعض :
1- امسك الخشب : أصل الخرافة أن القدماء كانوا يعتقدون أن الأشجار هى أماكن لسكنى الآلهة . لذا فقد كانوا يلجأون اليها ، يحيطون بساقها ويقرعون عليها فى دقات متتالية لطلب أو تمنى أمر ما من الآلهة . كما كانوا يعتقدون أن فى مسك الخشب والقرع عليه وقاية للانسان من شر الأرواح الشريرة التى تحيط به . فصوت القرع على الخشب يشوش على سمع الأرواح الشريرة فلا تنتبه لما يذكر عن الانسان من مديح أو اطراء فلا تغار منه أو تسعى لايذائه .
2- تعليق حدوة الفرس على باب البيت أو السيارة : يعود تاريخ استخدام حدوة الفرس كوقاية من الشر الى أيام الاغريق والرومان الذين كانوا يتفاءلون بتثبيت حدوة الفرس فى مقدمة وعلى أبواب كل مقتنياتهم وأملاكهم وسفنهم . وقد كان الاغريق والرومان يقدسون الخيل فاتخذوا من حدوة الفرس رمزا لتفائلهم وخاصة أنها كانت تصنع من الحديد الذى كان يعتقد أنه يطرد الأرواح الشريرة . فضلا على أن الحدوة كانت تثبت فى قدم الحصان بسبعة مسامير ، وسبعة هو رقم الكمال .
وقد كان الاغريق والرومان يحرصون على بناء معابدهم وبيوتهم بأبواب ونوافذ هلالية نصف دائرية تشبه حدوة الفرس ، اعتقادا منهم بأن هذا الشكل النصف الدائرى يمنع الشر ويحفظ الانسان من الأرواح الشريرة .
3- خرافات متعلقة بالزواج : من أكثر الخرافات ذيوعا فى كثير من البلاد . فقد نجد مثلا فى أثناء اتمام مراسيم الزواج أم العروس أو أم العريس تمسك بخيط وابرة وتقوم بحياكة طرف طرحة العروس بطرف سترة العريس لتوكيد اتحادهما ولحفظهما من الحسد والعين الشريرة ، ويشترط فى هذه الخرافة أن تكون الابرة جديدة والخيط لم يستعمل قبلا .
وهناك خرافة أخرى تحتم أن يكون فى استقبال العروسين على عتبة بيتهما الجديد شخص يمسك برغيف من الخبز الساخن يفتحه على رأسيهما اعتقادا بأن فى ذلك بركة لأيامهما وتحصينا لحياتهما من العين الشريرة .
وكذا خرافة نثر الملح على العروسين أو فى سبوع المولود فالملح فى المعتقد الشعبى يشير الى الحفظ من الفساد والحفاظ على العهد والوقاية من العين الشريرة ( بيننا وبينهم عيش وملح ) .
4- الدخول بالقدم اليمنى : ويرجع أصل الخرافة الى اعتقاد القدماء بأن الأرواح الشريرة تسكن الجانب الأيسر من جسم الانسان والأرواح الخيرة تسكن الجانب الأيمن منه . لذا فقد كان الدخول الى أى مكان بالقدم اليمنى فيه تشريف بدخول الآلهة والأرواح الخيرة مع الانسان .
5- شاى وقهوة بدون فقاقيع : يحرص البعض على شرب الشاى أو القهوة بفقاقيع الهواء التى تتجمع على سطح الكوب اعتقادا منهم أن هذه الفقاعات هى بشير خير وبشرى بتسلم مبلغ من المال ، فى حين يؤمن آخرون بأن فقاعات الهواء هذه ماهى الا نذيرا بوجود شخص حسود ، ولا يقدمون على شرب الشاى أو القهوة الا بعد التخلص من هذه الفقاعات أولا .
لماذا يؤمن الناس بالخرافة ؟
1- الخوف من المجهول أو الشعور بالعجز : فى المجتمعات القديمة كان خوف الانسان البدائى من الظواهر الطبيعية وما ينتج عنها من دمار وعجزه عن الفهم ما جعله يعزى هذه الظواهر الى قوى غيبية ومن هنا نشأ التفسير الخرافى . أما فى عصر العلم فان العجز الاجتماعى ( عدم القدرة على التحكم الواعى فى مسار المجتمع وفى القوى التى تسيطر عليه ) هو الذى يسمح باستمرار هذا النوع من التفكير .
2- عدم الاستقرار النفسى والاقتصادى للمجتمعات ، يدفع كثير من الناس الى التمسك بأهداب الخرافات ظنا أن فيها ضمانا للأيام وأمانا للمستقبل .
3- الخرافة مريحة: هو احنا لسة هانفكر ..يميل كثير من الناس الى الاتباع والتقليد لأنه أسهل كثيرا من اعمال العقل والتقصى والبحث ، ومن هنا ينتشر التفكير الخرافى كلما انخفض مستوى التعليم والثقافة والوعى والنضج النفسى ، وكلما ازداد التوتر العقلى والاضطراب النفسى .
4- الخرافات مخدر عقلى : المريض الذى أغلقت أمامه أبواب الشفاء ، يلجأ الى الدجال الذى يطلق البخور ، ويذبح الدجاجة السوداء وينثر تراب المقابر على عتبة الدار ....الخ .فهذا العمل الهمجى يبدو فى عينيه أفضل من لاشئ . والشاب المفتون الذى خاب حبه وانكسر قلبه ، يستسلم لمشعوذ مخبول فيسلمه ( حجابا ) عليه نبش كالكتابة يجعله رفيق نومه وصحوه ، ويخفيه كالكنز الثمين قى طيات ملابسه ، فهذا العمل السخيف يبدو فى عينيه أفضل من لاشئ .
5- الخواء الروحى : عندما تكون روح الانسان خاوية من كل القيم النبيلة والأفكار الخلاقة يصبح أكثر ميلا وانقيادا لهذه الخرافات .
-------------------------

#صفوت_فوزى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات