كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 15:19
المحور:
الادب والفن
مقبرةُ المدينة
( قصيدة بوليفونية متعددة الاصوات )
ألا ترى معي بأنَّ المقابرَ كلّها هادئةً لاتشبهُ مقبرةَ هذهِ المدينة ! أنظرْ كيفَ تنمو كلَّ يومٍ للآنَ تشتاقُ كثيراً لأخبارِ الحروب ! صمتها كشاهداتِ القبور فاغرة فاها لا تشبعُ أبداً , كمْ هي رحيمة تحتظنُ الوافدينَ إليها وتنادي هلْ مِنْ مزيد , يتغنّى الحفارونَ ويبددُونَ وحشةَ الأرضَ فتستبشرُ الفؤوسَ بزائرٍ جديدٍ تنكبُ تبحثُ لهُ عنْ مكانٍ بينَ مَنْ نفذتْ أيامهم , رغمَ أنّهم تركوا خلفهم ملذأت الحياةِ لمْ يشعروا كمْ هو مؤلمُ هذا الفراق , فقطْ هي الوثائقُ الشخصيّة تؤرّخُ كمْ لبثوا بيننا والذكريات تؤرشفُ أماكنهم , هجرتهم الطويلة لا يملكونَ مفاتيحَ العودةِ منها وقدْ أضاعها المستحيل , بعيداً عنْ مباهجِ الحياةِ ضبابٌ مشوّشٌ شرنقَ الضحكات , حتى المروجَ الخضراءَ مِنْ حولها ياليتَ ينابيعها تومىءُ للشمسِ ألاّ تتثاءبَ فوقَ قبورها الهامدة , ما أضيقَ دروبَ الرحيل وهي ترددُ الأنينَ ! آهٍ هنا تتوارى أسماءهم في المنعطفاتِ المفجوعةِ بالغياب , أيّها الهابطونَ إليها بعدما نخرتْ أسماؤكم الحربَ كأني أسمعُ أصواتكم تضمّدها لفافاتِ نازفةٍ , هلْ تخيّلتم أنَّ يوما ما ستبعثونَ مرةً أخرى ويهديكم هذا الخرابَ امنياتكم المسلوبةِ ؟
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟