كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 4868 - 2015 / 7 / 16 - 12:41
المحور:
الادب والفن
في يومٍ ما كانَ هنا الموت
( قصيدة بوليفونية متعددة الأصوات )
عذرأ حبيبتي لا وقتَ للحبِّ في زمنِ الخراب سمعتها مطمئنة فأنتبذتْ مكاناً قصيّاً الى أجلٍ غير مسمّى تحملُ عينيها لهفةَ موعدٍ سيسري قريباً يشطبُ زحاماً في الذاكرةِ , فلو تمثّلَ لي هذا الموتُ رجلاً لقتلتهُ وسيموتُ الخرابَ ويشبعُ حدَّ التخمةِ عذاباً مرّاً , هذا ما قالتهُ الأيام قبلَ أنْ يهمسَ في أذني كمْ كانوا كرماء معي دونَ ضجيجٍ يركبونَ سفينتي يصطحبونَ أطفالهم الأعزاءَ تتسلّى النساء بالحنوط ويغزلنَ الصبرَ بأناملَ رشيقة , كانَ يطلُّ علينا أكثرَ مِنْ مرّةٍ في اليومِ الواحد ويهيّىُ للسوادِ مكاناً في خزانتهِ , هياكلُ النورِ كانتْ تعي جيداً إنَّ ( نيرونَ ) حينَ أعلنها جحيماً كانَ يطهو هذا الخرابَ على مهلٍ فالطهاة أعدوا كلَّ شيءٍ للأحتفالِ على مشارفِ الموت , لكنَّ العاشق ما بالهُ ظلَّ غائباً خلفَ حكاياتِ الأنتظار ! ألا يرى كمْ هي قبيحة هذا البثور تلطّخُ ( بغداد ) تتجوّلُ في شوارعها وتأرجحُ التاريخ ! تقهقهُ عالياً فيغادرُ الكناري مِنْ غاباتِ الحزنِ يبحثُ عنْ شواطىءٍ آمنةِ , الا يسمعُ كيفَ العنّينون يملؤونَ مكبراتِ الصوت في المآذنِ ! هم يعرفونَ جيداً بأنَّ الهوادجَ أقلّتْ أبناءهم اللاشرعينَ ومنحتهم جوازاتُ سفرٍ كي لا يدخلوا مِنْ بابِ واحدةٍ , لكنَّ الأبوابَ التي فتحتها الريحَ تشابكتْ على مزاليجها أياديٍ غريبة ظلّتْ منذورةً تتحمّمُ ضماداتها بعطرِ الوطن , فبعدَ أنْ حبستُ دمعتي في سلّةِ الهدايا فاضَ الفرات يردّدُ قصيدةً أخرى مِنْ دونِ موسيقى .
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟