أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - يسوع الثائر-4- من هو يسوع؟















المزيد.....

يسوع الثائر-4- من هو يسوع؟


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4888 - 2015 / 8 / 5 - 00:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إنها السنة الاولى الميلادية. كان هيرودوس الكبير الادومي الأب واليهودي الأم يملك على اليهودية وسط امتعاض شعبي كبير. في تلك الأثناء، كان اليهود يعيشون إحباطا دينيا، سياسيا، ثقافيا وعسكريا. كان اليهود قد أخضعوا لسلطة الرومان بعد ما يقارب المائة والخمسين عاما من الحكم الذاتي في ظل السلالة المكابية. حاول اليهود التخلص من الرومان ومن دُماهم المتمثلة بهيرودوس وسلالته مرات عديدة، إلى أن قضت المطرقة الرومانية على كل أحلامهم عام سبعين ميلاديا عندما دمّر طيطس الروماني وجيشه أورشليم وأحرقوا هيكلها. في تلك الاثناء، كان اليهود ينتظرون المسيا الذي وبحسب اعتقادهم سوف يأتي ملكا محاربا يوّحد الأمة ويطرد الغزاة. استند اليهود على نبؤة دانيال التي كتبت ما يقارب الخمسة قرون قبل الميلاد والتي حددت زمن مجيء المسيح " فاعلم وافهم أنه من خروج الامر لتجديد أورشليم وبنائها الى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون اسبوعا... وبعد اثنين وستين اسبوعا يُقطع (يُقتل) المسيح وليس له (ملك)، وشعب رئيس آت (الرومان) يخرب المدينة (أورشليم) والقدس (الهيكل)، وانتهاؤه بغمارة، وإلى النهاية حرب وخرب قضي بها". فالاسبوع عند اليهود هو وحدة قياس. الله خلق العالم في سبعة أيام. وهناك أسبوع الايام وأسبوع السنين الذي هو كناية عن سبعة سنين. في السبعة الاسابيع الاولى أي عام 445 ق.م. صدر أمر من الملك أرتحششتا ببناء المدينة وقام اليهود بتحصين أسوارها. أما الفترة الزمنية التي امتدت اثنين وستين اسبوعا من السنين (7 سنينx 62= 443) ، فقد انتهت بصلب المسيح عام 33 ميلاديا.

اقتربت أسابيع دانيال من النهاية دون ان يرى اليهود مسيحهم المنتظر يأتي على فرس محاربا. كان الرومان يمعنون في الضغط عليهم لكي يمنعوهم من الثورة ضدهم. كان هيرودوس دمية في يد الرومان وكان يضرب بعرض الحائط التقاليد اليهودية. كان مجلس السنهدرين المؤلف من سبعين شيخا يضم فئتين كبيرتين: الفريسيون الذين تطرفوا في تفسير الكتب اليهودية حتى أن فتاويهم شكلت عبئا على المواطن العادي، والصدوقيون الذين ضموا نخبة المجتمع الارستقراطي والذين كانوا أكثر ولاء للرومان من غيرهم. لم يكن الخلاف بين الفريسيين والصدوقيين سياسيا فقط، بل ودينيا أيضا. فالصدوقي لا يؤمن بالحياة بعد الموت ولا يؤمن إلا بكتب موسى الخمسة من التوراة اليهودية. علاوة على ذلك، كان اليهود منقسمين اجتماعيا أيضا: فيهود اورشليم واليهودية يتعالون على يهود الجليل والضواحي. وفي النهاية، كان الشعب يرزح تحت الاحتلال وكان عليه أن يدفع الضرائب للغزاة مما شكل عبئا إضافيا للجميع.

"في تلك الايام صدر أمر من أغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونة، وهذا الاكتتاب الاول جرى إذ كان كيرينيوس والي سورية، فذهب الجميع ليكتتبوا كل واحد في مدينته. فصعد يوسف أيضا من الجليل من مدينة الناصرة الى اليهودية الى مدينة داود التي تدعى بيت لحم لكونه من بيت داود وعشيرته ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلى. وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد، فولدت ابنها البكر (يسوع) وقمطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل" (لوقا2: 1-7). لم يكن ميلاد يسوع ليلفت الانظار آنذاك. صحيح أنه ينتمي لسلالة داود الملكية، لكن الصحيح أيضا أن هذه السلالة كانت قد اندثرت على الصعيد السياسي والديني. كان أبواه معدمين، لذلك نجده قد ولد في مذود وليس في البيت. وحدهم الرعاة، كما نقرأ لاحقا في إنجيل لوقا، قد احتفلوا بميلاده. لا شك أن ميلاد يسوع المتواضع قد ترك بصماته على حياته، فلقد أمضى عمره في خدمة الفقراء كما أنه وصف نفسه بالراعي في علاقته بأتباعه. لا نعرف الكثير عن طفولة يسوع باستثناء حادثة يتيمة قصّها لوقا يخبر فيها ان اباه وامه اضاعاه مرة في طريق العودة من اورشليم أثناء العيد. ولما طلباه وجداه في الهيكل برفقة المعلمين يسألهم ويسمعهم وكل السامعين بهتوا من اجوبته وفهمه.

لا شك ان طفولة يسوع أرخت بظلالها على حياته. فهو ولد فقيرا وعاش فقيرا. كان كل اصدقائه من الفقراء. أشاد بفضيلة الفقر على حساب الغنى. واجه الاغنياء ودان جشعهم في مراحل عدة من حياته. واكبه البر الذي اكتسبه من أمه وأبيه خلال فترة وجوده على الارض. أحب الخطاة والزناة والمنبوذين من المجتمع. ذهب إليهم، شفى أمراضهم، أطعمهم وعلّمهم مجانا. وقف يسوع الى جانب المظلوم ضد الظالم. لم يساير أو يتملق ملكا او صاحب نفوذ. ثار ضد تقاليد رجال الدين الذين ألقوا أحمالا ثقيلة على كاهل الشعب دون أن يحركوا واحدا منهم بواحد من أصابعهم. اعتمد يسوع اسلوب الحوار والمنطق في مواجهة الظلم والظالم. فضح أنانية رجال الدين و بشّر بالرحمة والرأفة. امتاز اسلوب يسوع بسرد الحكاية في إيصال رسالته الى الشعب كون الحكاية تحاكي وجدان الامي والمنبوذ أكثر من الكلام الفلسفي المجرّد من المشاعر. أما في مواجهته رجال الدين، استعان يسوع بالمنطق والكتب (التوراة) لكي يضحد زيفهم ورياءهم.

عاش يسوع ما يقارب الثلاثة والثلاثين عاما أمضى ثلاثة منها فقط في خدمته العلنية، وكانت هذه السنوات الثلاثة كافية لقلب الموازين في مجتمع حكم على نفسه بالانحطاط الادبي والاخلاقي. ثلاث سنوات كانت كافية لتهز المجتمع اليهودي الذي اتحد ضده بشخص رئيس الكهنة والسنهدرين. صلب يسوع بالاتفاق مع الرومان. كان صلبه، من وجهة نظر اليهود كافيا لضرب رسالته في العمق، لكن ما لم يعرفه الرومان واليهود ان سلاحهم في قتل يسوع ارتد عليهم. لم تمض قرون قليلة حتى أصبح الصليب شعار الامبراطورية الرومانية واصبحت كلمات يسوع تتردد يوميا في أصقاع الامبراطورية التي تهاوت في القرن الخامس الميلادي.

تحققت نبؤة دانيال دون أن يفطن لها اليهود. انتظروا ملكا على فرس، فأتاهم وديعا راكبا على جحش ابن أتان. توقعوا أن يأتي المسيح حاملا سيفا فولاذيا كي يحررهم من عبودية الرومان، فأتاهم حاملا سيف الكلمة كي يحررهم من فسادهم وشرورهم وخطاياهم. أرادوا منه أن يرسم لهم حدود مملكتهم، لكن مملكته ضاقت بها حدود السماء. طلبوه في قصور الملوك والرؤساء فلم يجدوه إلا في شوارع أورشليم جالسا قرب المنبوذين والمحتقرين يعلمهم، يشفي أمراضهم ويطعمهم. لقد أتى المسيح وما زال اليهود ينتظرون قدومه وما يزال الرومان الجدد يبحثون عنه كيما يصلبوه، فالسلطة السياسية والدينية أضعف من أن تحتمل فكر المسيح، وسبيلها للتخلص منه لا ولن يكون سوى الصليب.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسوع الثائر 3 مارتن لوثر كينغ والمسيح
- إنها الحياة 1
- يسوع الثائر 2 غاندي والمسيح
- أرجوكم،لا تكسروا زجاج السيارة!
- أتعهد بأن أحبك حتى الموت
- يسوع الثائر 1 تعريف الثورة
- قصة حب
- قاضٍ ومتهم
- يسوع المفكّر 8 - العدالة الاجتماعية
- أين أبي؟
- دفاعا عن الاسلاميين
- يسوع المفكّر 7- العدالة الاجتماعية
- يسوع المفكّر 6 - حوار فلسفي
- وداعا يا ورد
- يسوع المفكّر 5 - لقاء على حافة البئر
- يسوع المفكّر 4 - الانسان
- حبّة مانغو على رأس الرئيس
- يا أبتاه، أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون
- يسوع المفكّر 3- الانسان
- يسوع المفكّر 2- الكلمة


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - يسوع الثائر-4- من هو يسوع؟