زيارة الطبيب النفسي_علامة صحة أم مرض؟

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 4877 - 2015 / 7 / 25 - 10:56
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

اعرف نفسك_العبارة الشهيرة قبل ألفي عام وما تزال تدور في العقول والقلوب عبر العصور والثقافات المختلفة.
معرفة النفس_معرفة الآخر وجهان لعملة واحدة. ليست عملية سهلة كما نعرف جميعا, لكنها غير مستحيلة.
بموازاة الدور الأساسي للطبيب النفسي ووظيفته المتوارثة, مساعدة المتعالج على إدراك هويته الخاصة ومعرفتها وتقبلها.
مثل بقية أشكال الحياة ميزتها التطور وماهيتها ربما. بدوره موقف الطبيب النفسي يمر عبر أطوار وأدوار محددة مع بدء المعالجة (الحوار) إلى خاتمته السعيدة أو المحزنة.
طور الطبيب_المرآة بدء السيرروة وختامها ويشكل البداية والنهاية معا وبنفس الدرجة.
* * *
يختلف الموقف من السلوك بحسب الجهة:
1_ وجهة نظر الفاعل
2_ وجهة نظر الملاحظ
_الفاعل يعزو السلوك إلى البيئة والعوامل الخارجية والموضوعية, غالبا, خصوصا في البدايات.
_ الملاحظ يعزو السلوك لأسباب داخلية, ويستنتج صفات شخصية خلال ذلك.
توجد علاقة بالفعل مع القول المأثور(من يعدّ العصي ليس كمن يتلقاها)_ الهوة بين النظرية والممارسة.
* * *
رهبة_الكلمة المناسبة للتعبير عن الموقف العام من الطبيب النفسي.
مزيج الخوف والشك والاحترام, كل ذلك ضمن هالة من الغموض المثير.
يتبادر إلى الذهن على الفور اسم فرويد_ عندما تلفظ عبراة الطبيب النفسي.
والمفارقة أنه حتى اليوم_ الموقف العلمي الصارم(الأكاديمي) من فرويد والتحليل النفسي على حاله من الغموض والتشكك, مع الفخر الضمني بتلك المعرفة المبهمة.
بعبارة أوضح, فرويد ونظرية التجليل النفسي بمجملها خارج المعايير العلمية المضبوطة, شبه يقارب التطابق مع النظرية الماركسية, في تقديسهما للعلم وسعيهما الدؤوب للحصول على بركات المؤسسة العلمية والأكاديمية بالتحديد واعترافها.
وهو ما لم يحصلا عليه زمانهما ولا لاحقا.
العلم نقيض الغموض....الغموض الذي يسحر العقول في النظريتين_ وفي الخيال عموما.
* * *
الموقف الشعبوي والشعبي ايضا من الطبيب النفسي يتوافق إلى حدّ_ مع الموقف العلمي؟
_ إدعاء مضمر يحمله التحليل النفسي ايضا للقارئ أو للمتعالج: عليك الثقة بي والمجيء إلى العيادة أو قراءة هذا الكتاب أو المقالة لتتعرف على اللاوعي, ثم تسيطر عليه وتقوده, وتصل إلى حياة سعيدة وآمنة ومفهومة.
تشلركه بقية التوجهات العلاجية النفسية أو الروحية بوعد السعادة_ أو على الأقل تسريع عملية الوصول إلى السعادة والرضا.
_يتشارك الطبيب النفسي بالدور( الموقع والموقف) المتعالي والخاص وغير المحدد بوضوح, مع الكاهن والشامان والساحر والفيلسوف والشاعر...., يوجد إدعاء مضمر أنهم يتكلمون باسم الحقيقة_ أو بما يتجاوز تجربتهم الشخصية وكلامهم أو صوتهم الخاص والشخصي.
الحقيقة_ التي لا نستطيع نحن الآخرون( العاديون) معرفتها أو الوصول إليها إلا بمساعدتهم ومن خلالهم.
هم الجماعة والنخبة التي تحوز معرفة الحقيقة وتستطيع منحها ونقلها لآخر( مريض أو غير الواعي).
* * *
يمكن تشبيه الطبيب النفسي بالطبيب الجراح, لجهة الدور الاجتماعي المتنامي الذي يلعبه كلاهما.
ومن ناحية المتعالج أو المستهلك _ بالمعنى المفتوح للعبارة, وما يتوقعه بعد المعالجة والشفاء, والوصول إلى موقف الوعي والحب.
بنفس الدرجة المزدوجة تشكل الجراحة حالة خاصة جدا في العلاج. زوار العياة هم إما يائسون أو مترفون, ولا يوجد توسط في الطب الجراحي إلا ما ندر.
بدورهم زبائن المعالجة النفسية يتواجدون فقط في الطرفين الأقصيين_ قرب أحد القطبين.
متى يفكر أحدنا بزيارة الطبيب النفسي؟
_ عندما تراودنا أفكار انتحارية أو رغبات صريحة بقتل شخص آخر أو بعدما تقع علينا الكارثة بشكل شخصي أو....
_ أو عندما نربح الجائزة الكبرى بدون توقع, أو قبل الدخول في امتحان مصيري في حياتنا.
عدا ذلك, نقنع أنفسنا (وربما نكون على حق) أننا نعرف ما يعرفه الطبيب النفسي بأحوال العقل والفكر والمشاعر.
* * *
الوضع الحالي للعلاج النفسي يشير إلى درجة تطور الفرد والمجتمع_ على السواء.
الالتباس الحاصل في (دور المعالجة النفسية) يتركز في الحدود الوسطى للصحة العقلية_ العاطفية, وفي الحدود الوسطى للهرم الاحتماعي غالبا.
ما يزال الجهل والانكار(الحل بالانكار) يسودان هذا الحيز الواسع في المجتمع, وبشكل فردي يتحمل اغلبنا آلام الاكتئاب أوالهوس_ المرافقتان للتغيرات الحدية في الأوضاع المعيشية أو في الأدوار الاجتماعية, خوفا من لقب مريض نفسي.
* * *
التطور في الجراحة التجميلية خاصة لجهة تغير نوعية المتعالجين حول القطبين( كارثة أو ترف).
من ضحايا الحوادث والكوارث الشديدة بتطرف, او على النقيض في الأوساط الفنية, خصوصا نجوم الطرب والتمثيل, يشير ولو بشكل ضمني إلى تغير في التفكير وفي المشاعر أيضا, ربما يبرر التفاؤل بمستقبل أفضل لعلاج النفس _ عبر تقليص الهوة بين الضفتين....بين الأصحاء جدا وبين الأصحاء. بيننا.

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل