أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عروة الأحمد - غداً نلتقي .. غورنيكا سوريّة مجنونة














المزيد.....

غداً نلتقي .. غورنيكا سوريّة مجنونة


عروة الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4875 - 2015 / 7 / 23 - 14:37
المحور: الادب والفن
    


في منفىً لا يتجاوزُ طابقين مرميّين في إحدى زوايا بيروت؛ رسمَ الكاتب "إياد أبو الشامات" تضاريسَ اللوحة الأصعب لصراعنا، وفي أجساد تشبهنا؛ وتقطن -مؤقتاً- ذلك المنفى؛ جَسَّدَ المخرج "رامي حنّا" حُلْكَةَ أيَّامنا.

غداً نلتقي - عملٌ يشرحُ للمشاهد العربي -قبل السوريّ- ما عجزتْ نشراتُ الأخبار، والأفلام الوثائقية، والسيناريوهات الدراميّة السَّابقة عن شرحه؛ لأنه يعودُ إلى أصلِ الحكاية، ضارباً بعرضِ الحائط خلافاتنا الأيديولوجيّة وتفاوتنا الطبقيّ، وصراعنا الفكريّ، وموضّحاً ماهيَّة الخلل العميق في بنيتنا وتربيتنا وظروف نشأتنا.

أصلُ الحكاية التي تقول بأنَّ:
"وردة" كانت تغسلُ ضحايا الموتِ البطيء مُذْ جاءَت إلى هذه الحياة، ولمَّا تغسلُ دماء الشتات والحرب..
وبأنَّ "جابر" انسانٌ، وله حقّه في اتّخاذ الموقف الذي يرتضيه مما يحدثُ في سوريا..
وبأنَّ "محمود" لم يشأ الاحتضار، وأطلق في رأسه رصاصة الرحمة لمّا شعر باقتراب أجله.

إنَّ تفاوتَ الثقافة وتباين اللغة لدى شخصيّات العمل كان أشدّ ما ميّزه، بالإضافة إلى حياديّة النصّ، وذكاء طرحه للقواسم المشتركة المؤلمة التي تجمع السوريين على اختلافهم.
نعم؛ فالألمُ هو القاسم المشترك الأكبر لنا جميعاً في هذه الحرب، وهذا ما يفسّر إعجاب كلا الطرفين "المُتعارِضَين" بالعمل..
لقد كان الكاتبُ أميناً بحقّ، وأبدع في صياغة نصٍّ يعجُّ بالقلق؛ صاخبٍ بضجيجِ الصمت،وكم كان المخرج ماهراً في إيلاء الصمت الاهتمام الأكبر في حربٍ مجنونةٍ لا نملك أمامها لغةً أبلغَ تعبيراً من الصمت.
غداً نلتقي.. أشبهُ بغورنيكا سوريّة اللون والرائحة؛ لخَّصتْ في بوحها القاتم حكاية الشتات السوريّ الذي لم يستثنِ أحداً من أهل هذه البلد.

هذه التراجيديا التلفزيونيّة التي ارتكزت على "لوكيشن" واحد في أغلبها؛ قدّمت لنا الأداء المسرحيّ بصورةٍ سينمائية أخّاذة، وبرمزيّةٍ عالية مكثّفة.وبرأيي إنها مخاطرةٌ هستيريّة في سوق رمضان خاضها ثلاثة مجانين هم كاتب هذا العمل"إياد أبو الشامات"، ومنتجه "إياد النجار"، ومخرجه "رامي حنا"، والذين تربّع عملهم المُعْتِم الصورة؛ الصامت؛ ذو الأداء الـ"ستانسلافسكيّ"، والعبث الـ"درويشيّ".. على عرش الدراما العربيّة لهذا الموسم.

عملٌ تلفزيونيّ أولى لغة الجسد اهتماماً ما بعده اهتمام بدءاً من انحناءة أبي عبدو، وطراوةِ رُوحِ محمود؛ مروراً بتجهّم جابر، وعنفوان غيفارا؛ واضطراب حداقي الغامض؛ انتهاءً بترنّح وردة البريء.
لقد كانوا جميعهم لوحةً جسديّة واحدة مفعمةً بالأحاسيس.
كما أنّ البناء الدراميّ للشخصيّات كان محكماً بعناية، وهذا يعلّله مشاركة المخرج في البناء الدراميّ، وكأنّ دور "محمود" قد تمّت صياغته لعبد المنعم عمايري وحده دوناً عن غيره، وكذلك أدوار كلّ من وردة - كاريس بشار، وأبو ليلى - تيسير ادريس، وأبو عبدو - عبد الهادي الصَّباغ..
توزيع الأدوار واختيار الممثلين موفّقٌ جداً، كان "حنّا" كمن يدبّ الروح في الأجساد.
الموسيقى التصويرية في هذا العمل، والإضاءة الخافتة المدروسة، والديكور البسيط الشاحب الألوان، والماكياج الملائم للظرف المأساويّ؛ كلّ ذلك جعله أقربَ إلى الكمال.


-إياد أبو الشامات: إن كان هذا السيناريو الأوَّل لك؛ فماذا تركت إلى ما بعد؟!
-رامي حنا: شكراً لجنونك، ولروح الطفل الحاضرة ما وراء الصورة..
-كاريس بشار: يليقُ بالابتسامة الخجولة لوردتنا أقصى النجاحات.. كنتِ سفيرتنا، وموطنَ جُرحنا الحيّ..
-عبد المنعم عمايري: شكراً لمن أعاد اللغة لعينيك اللتين غاب بريقهما طويلاً.. يا سيّد التعبير..
-مكسيم خليل: كان بركانك حاضراً في عينيك.. كنت حقيقياً جداً، وأميناً في تأدية ما يخالف قناعتك..
-عبد الهادي الصباغ: جبلٌ كبيرٌ من المشاعرِ أنت، وأستاذٌ في لغةِ الصمت..
-تيسير ادريس: كاركتر ساحر.. وممثلٌ لذيذٌ جنونه، ووجهٌ أمني النفس ألا أشتاقه بعد هذا العمل..
-ضحى الدبس: ما أجمل انفجارك في لحظات الذروة الدراميّة؛ وما أصدق تصعيدك قُبَيل الوصول إليها!
-سوسن أبو عفار، محمد حداقي، فوزي بشارة، علي كريّم، نظلي الرواس، فاتن شاهين، جابر جوخدار، ميار الكسان.. كنتم جميعاً مبدعين.
-ورد وهبي: نحنُ أمام موهبةٍ لا تقلّ شأناً عن كلّ من ذكرتهم ولم أذكرهم من طاقم عمل غداً نلتقي.


أسرة غداً نلتقي..
وضعتم أنفسكم أمام مُطَالبةٍ دائمة بما هو أجمل؛ كما وضعتم الباقين أمام مقارنةٍ قاسيّة، وتحريضٍ بالغ الصعوبة.. فغداً نلتقي!



#عروة_الأحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السوريّة المُختطَفة ما بين إعلام النّظام ومعارضيه!
- الإسلام ما بين مطرقة داعش وسندان شارلي ايبدو
- سوريا بين مطرقة الأسد وسندان المعارضة
- ماذا بعد خطاب الأسد الأخير ؟
- أيام في بابا عمرو للروائيّ عبد الله مكسور
- منظرو السياسة السوريون : أشخاص في المكان الخاطئ وفي الزمن ال ...
- لله ثم للتاريخ : الشبيحة السنة في سوريا هم الأكثر تعداداً
- تشكيل الشبكة السورية من أجل الديموقراطية
- الجيش الحرّ والأزمة في سوريا
- الأسد سيفرّ هارباً وما يحدث في دمشق سيؤدي إلى تنظيم الجيش ال ...
- الجيش السوري الحرّ ومستقبل الثورة السورية
- العنف الثوري .. مطلباً شعبياً
- ما بين سوريا إسلاميّة أو علمانيّة ينام الإخوان هانئين
- خطاب الأسد الأخير تاريخيّ وهو الأفضل في خطاباته حتى اللحظة
- أزمة المحروقات في سورية واللعب بالنار .
- ثورة المرأة العربيّة : ثورة اجتماعيّة جاءَت بعد صمتٍ دامَ آل ...


المزيد.....




- سيرسكي يكشف رواية جديدة عن أهداف مغامرة كورسك
- الأفلام السينمائية على بوصلة ترمب الجمركية
- الغاوون:قصيدة (وداعا صديقى)الشاعر أيمن خميس بطيخ.مصر.
- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عروة الأحمد - غداً نلتقي .. غورنيكا سوريّة مجنونة