مفاهيم وقضايا (3) الإسلام.. والمقدس!!

بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)

الحوار المتمدن-العدد: 4872 - 2015 / 7 / 20 - 16:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

لما ليس بمقدور الفكر الإسلامي الخروج من دائرة الماضي وعن تأثير زمن الرسالة و"السلف الصالح" والذي يعود لألف وخمسمائة عام من يومنا وعصرنا، حيث تجد "المسلم الحقيقي" يجاهد إلى الإقتداء بذاك الزمن فكراً وأخلاقاً وممارسةً، بل ويحاول أن يجبر الآخر، "إن أستطاع إلى ذلك سبيلاً"، وذلك للخضوع لثقافة وأخلاق ذاك العصر والمرحلة التاريخية.. وبالتالي فلا بد من أن هناك أحد العوامل والمسببات الموجبة والتي تجعل المسلم خاضعاً ومجبراً للتمثل بذاك الزمن والإقتداء به حيث الرسالة والنبوة وزمن الصحابة وهم في ذلك يصلون إلى حد "التقليد الأعمى" لتلك المرحلة الدينية في رسم ملامح حياتهم الخاصة والعامة؛ حيث تجد الواحد منهم يجاهد لكي يتمثلهم في كل شيء وحتى في المأكل والملبس.

وبقناعتي وبحسب قراءتي للقضية فإن هناك سبباً واحداً لا غير وارء هذه العقلية في التمثل بالماضي؛ ألا وهي مسألة "المقدس" حيث وبدخول محمد إلى مكة وتحطيم الأصنام التي كانت في الكعبة وسيطرة الجيوش الإسلامية على الواقع الحياتي وبشكل نهائي بحد السيف وكذلك من خلال هيمنة فكرة الوحي والنصوص والآيات القرآنية كمرجعية فكرية تشريعية مطلقة ومن دون منازع له، فإن النص القرآني ذاته قد تحول إلى "صنم جديد" من خلال "فكرة التقديس". وهكذا تم إخضاع كل المفاهيم والأخلاقيات والعرفان والفكر إلى الركوع للنص القرآني، بحيث بات عائقاً أمام أي حراك في المجتمع، إن كان على الصعيد الفكري أو القيمي والإجتماعي.. وهكذا؛ الوقوع في فخ التقليد والتكرار والتمثل ومن دون السماح بالتجديد، حيث كل "جديد بدعة والبدعة زندقة وفي النار" وبالتالي البقاء في مستنقع الماضي وبكل عفونته وزنخه وروائحه الكريهة. بكلمة أخرى؛ إن الذي يضع فوق رأسه سقفاً لا يمكن له أن يرى النجوم وللأسف فإن النص القرآني هو السقف الفكري للمسلم ولا يقدر على الخروج منه، بل هو يجده منبع كل الفكر والعلوم والثقافات؛ حيث الآية "اليوم أكملت لكم دينكم" هي وضعت السقف النهائي.

بما معناه؛ فإن النص القرآني عند المسلمين _ليس مرجعاً دينياً فقط_ بل بات مصدر كل الفكر والعلوم، بما فيها علومنا الحديثة وفي كل المجالات، حيث الرب عالمٌ بكل الأمور وهو ومن خلال النص القرآني نقل علمه لنا وما علينا إلا أن نفك تلك الشيفرة لكي نستنبط تلك العلوم التي تختزنها وتختزلها النص القرآني بين دفتيه وبالتالي التنكر لكل الفكر البشري وعلى الأخص المتأخر منه والذي كان سبباً في عصر النهضة بأوروبا وكل العلوم الحديثة والثورة الفكرية الثقافية لعصرنا.. وهكذا فإن عقلية لها هذه القناعات الفكرية، بالتأكيد ستكون كارثية وليست فقط نائمة وخاملة؛ حيث تعتقد بأن كل شيء قد بعث له من خلال الرسالة والنص القرآني _والذي هو كامل ومقدس ولا يأتيه الباطل_ بل هو "يختزن كل العلوم" وكذلك فإن الله قد "سخر" لهم الآخرين وذلك من خلال إنتاجهم التقني المعرفي الحديث حيث يضعون كل نتاجهم الفكري والتقني في خدمة المسلمين _هذه هي فكرة الكثيرين من المسلمين لما ينتجه ويبدعه الفكر الأوربي الحديث_ وبالتالي فإن هكذا عقل وعقلية أخذت لنفسها الراحة الأبدية، لن تجد من الغرابة في أن تحول (أسطورة جلجامش) إلى حقائق تاريخية مطلقة.

#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل