أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بير رستم - لوثة الكتابة















المزيد.....

لوثة الكتابة


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 1691 - 2006 / 10 / 2 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


لماذا الكتابة وما الحاجة إليها، ما هي الدوافع والمسوغات التي دفعت بالعقول الأولى إلى إيجاد هذا الاختراع المذهل والمدمر بنفس الوقت، ولما أضطر أولئك إلى لغة للتفاهم عبر أبجدية كتابية ولم يتم استعاضتها ببدائل أخرى وهم الذين أبدعوا الرسومات الأولى بل الرقصات الكهنوتية ليتم التعبير من خلال حركات الجسد، كما في رقص شرقي مجنون، عن مكنونات النفس ولواعج الفؤاد. عند تتبع الخط البياني لسيرورة التاريخ البشري سوف نكتشف بساطة الأشياء والحقائق وإن الإنسان ما زال يبحث عن إجابات لهذه الحقائق، بعد أن أولها وزاد من تعقيدها، وها هي واحدة من تلك الحقائق البسيطة والتي دفعت أول شاعر ليبدع أبجديته ويبوح بمكنونات قلبه لحبيبته ويصف لنا جمال ديارها.
الينابيع الأولى دائماً تكون نقية ومياهها لم تتلوث بعد ولكن وعندما نبتعد عن المنابع وتكون هناك عقود وعقود تفصلنا عن هذه الينابيع الأولى فإن الزمن كفيل بتحويل تلك الجداول الصافية إلى سيل جارف يحمل معه كل أوساخ الرغبة وهكذا هي في اللغة ولغة الحب أولها؛ فمع ارتكاب الخطيئة الأولى فقدت هذه اللغة عذريتها ونقاءها ودخلت دائرة الشهوة واللهاث بعد أن نسيت لون السماء الأزرق ومارست العري في حانات العربدة والمجون. لكن دائماً هناك جداول تدهشنا بنقائها وكأنها خارج السرب، تغريك أن تتعرى لتلامس نقائها روحك وهي تحتضنك وتحتضن أفكارك وأحلامك.
إن قراءة مجموعة "ذكريات من الثلج" تعيدنا إلى تلك الينابيع الأولى من حيث نقاء الروح والكلمة؛ فهي تطير بعيداً عن لهاث الجسد وتحاول أن تغوث في أعماق أبجدية الروح الأولى، دون أن تنسى إنها أسيرة الواقع والممكنات والزمن، وعندما تكتشف بأن كل محاولاتك هي للعبث فأنت مجبر أن تلجأ إلى الصمت والانزواء في عتمات الجسد بعد تعب الانتظار في محطات الخيبة؛ "وما أكثر المحطات والنساء" لتحمل صخرتك السيزيفية "كما حمله سيزيف الهرم" وأنت تودع خريف العمر، فقدرك إنك شاعر وعليك أن تمشي إلى الحب وتعانقه كما يعانقك "الوقت.. في خطوط لوحة" ولا أن تصطدم به لتفتح بذلك "شرفة في الغيمة البعيدة" و"يسيل دم الحب.. في عروق الكلام".
وأعلم إنك سوف تكتب "للبنفسج.. قصيدة شوق وأحزان المدينة"، عن العشق "في لحظة الوداع" و "عن امرأة مزقت أوراق شعرك" وأنت على موعد مع رياح الشمال، لكن لن تستطيع "أن تسبق ظلك" حين تبدأ الشمس بسحب أذيالها لـ"تختفي وراء الأفق البعيد" ويبدأ الليل بـ"نثر سواده في شرفات الصمت" وتحمل من جديد أشعارك المبعثرة لـ"تعود إلى المنفى حيث ثورة الأشواق" واجترار الذكريات والخيبة وتنتقل من حالة لأخرى إلى أن يلف الجسد "رعشة الشتاء" وأنت في بحثك الأبدي عن صديقتك الصغيرة وأنت تبذر الحب والعشق دون أن تحصد إلا رياح الشمال، لتبقى "الملك المخلوع" على عرش لم تتوج يوماً عليه ولم يبقى لك إلا أن تركض "وراء نعش وحدتك" الأبدية "مبتور اليدين".
إنها "رحلة البنفسج" في بحثها عن "الخبز والحرية" والهوية المهتوكة على قارعة الطرقات، إنها رحلة البحث عن "سرير دافئ" وصدر حنون لتكون استراحة محارب نبيل، خرج من صفحات تاريخ القرون الوسطى، بعد أن أجهدته محاربة طواحين الهواء وملوك الظلام لكن ليجد أخيراً "كيف تغتال الفراشات" في "احتراق الصمت" حيث صمت القبور وصمت الآلهة فيغمغم في نفسه؛ "هل من نهاية لرحلة البنفسج" هذه. لكن لا إجابات، هناك أسئلة وأسئلة؛ الرفاق يسألون عن مزكين: "هل من عودة لها بعد الغياب!" دون أن يدركوا أنهم بسؤالهم هذا يثيرون "الغبار في الأفق" لكن الشاعر وحده يعلم؛ إنه حينما "تزهر المواعيد" على شفاه مزكين فسوف تعود من رحلتها الأخيرة.
فسطر أيها القلم عن "أسطورة الزيتون" و"أنفض عن جبينك غبار التعب" فلا مجد بعد مجد الحرية يذكر، ولكم أن تقيدوها "كما تقيدون العجائز والأطفال.. من معاصمهم" لكن عندما تزهر الزيتون "وتنضج السنابل على شفاههم" عندها فقط سوف ترون إن هذا القيد فد أصبح "مفتاح النهار" ولن نرثي حينئذ "أحلامنا الندية" بل ستبدأ "ثورة النساء" برواية ملحمتها في أسطورة الزيتون عن إنهدام جدران رجولتكم العفنة وأيام "جوع القحط الملعون" ولن ترتل سورة النساء عندما تكون على "موعد مع انبلاج الشمس.. والولادة".
لكن "ما تزال هناك بقايا أغنية.. على شفاهها"؛ إنها حالات، وهي وإن تمردت على الآلهة لكنها ستبقى أسيرة عشقها للعطاء في رعشة الروح وستلد من بين أناملها "نهنهات تحترق بوجل" لتسطر "ذكريات من الثلج" على محراب الجسد "في دهاليز المساء". وعندها سوف تنساب إليك كلمات أغنية روكا.. تحمل معها "رائحة الظلام" لتداعب "خطوط يديك" وأنت تحلم "أ ن تقطف الأنجم من.. شعرها، أن تقتل عويل الأبجدية على شفتيها والأهم.. أن تعدم جنونك في محراب عينيها، لتدفنه في المعبد المقدس.. لالش".
وستعود من رحلتك الأخيرة وأنت تركض حافي القدمين، "ملغياً شوارع المدينة لتمتص المسافات" إلى "نبع الحنان"؛ حيث الدفء والأمان ورائحة التنور و"خبز القمح" بعد تعب السنين وغدر الأيام ومحطات الخيبة في انتظار عودة الغائبين والمطرودين والمنفيين لتسأل من جديد: أماه "من سيحرث السماء بأنامله من بعده؟؟؟ من يمشط شعر طفلته..؟؟؟" بعد غيابه وتختنق الأجوبة في ضجيج "المدينة الحالمة" حيث لحظات الرعشة في أماسي الشتاء الباردة وأنت تنتظر بزوغ الشمس لتزيل الصدأ عن الروح.. وتولد من جديد في محراب "إنعتاق الأنثى" من القدر؛ حيث "زمن الصمت وتمردات.. الهذيان".
وأخيراً نقول؛ إن النص الجيد هو الذي يقدم لنا قراءات متعددة وبالتالي تأويلات متعددة، ونعتقد أن النص الذي بين يدين يحاول أن يطرق أكثر الممرات الوعرة، وهو أن يقدم نصاً جميلاً ودون تنميق لغوي أو ادعاءات ثقافية: كأن يحشو النص بكل جغرافية وتاريخ العالم بحيث يترنح النص تحت أسماء الآلهة والتاريخ الديني الأسطوري وفلسفته العقيمة للحياة والوجود. ففي هذا النص، يحاول الشاعر "جوان سرفراز" وحسب قراءتنا له أن يقدم لنا الفكرة والإحساس بأقل الطرق التواء ولكن دون أن يفقد نصه لذة الشعر و.. تبقى الكلمة الأخيرة لذوق المتلقي وثقافته وإحساسه بدور الكلمة.



#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن الإنقلابات
- حزب العمال الكردستاني بين -دار السلم والحرب-
- المخاض والولادة(بعد 11 سبتمبر)
- الأوطان أم الأوثان
- الخطاب العربي والقضية الكردية- 7
- حوار مع الكاتب الكردي بير رستم
- قراءة في منهاج البارتي
- إعلان دمشق والمسألة الكوردية
- القيادات الكورية والقراءات السياسية
- المجتمع المدني بين الثقافي والسلطوي
- وطن وقضايا
- قضية وحوار
- تحية حب للأخضر العفيف
- الخطاب العربي والقضية الكوردية


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بير رستم - لوثة الكتابة