أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بير رستم - المجتمع المدني بين الثقافي والسلطوي















المزيد.....


المجتمع المدني بين الثقافي والسلطوي


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 1575 - 2006 / 6 / 8 - 08:16
المحور: المجتمع المدني
    


في الفترة الأخيرة كثر الجدال في مسألة باتت قضية الساعة والشارع العربي ومن ضمنها شارعنا السوري ، وضمن سلسلة هذه المقالات والحوارات والردود ، مقالة للسيد يوسف الجندي وردت تحت عنوان }نقد عالماشي .. ويسألونك عن " الروح " { . وذلك في العدد 8 >1531 < الأحد
15 نيسان / 2001 من جريدة " صوت الشعب " والتي تصدرها الحزب الشيوعي السوري . ليدلوا هو الآخر برأيه في تلك القضية .
بداية كنا نرجو أن يقف السيد يوسف ولو قليلاً ليلتقط أنفاسه قبل أن يكيل التهم والشتائم في وجه جماعة المجتمع المدني ، ولكن يبدو أن الأستاذ في عجالة من أمره ووقته أثمن من أن يقف ويناقش " أولئك الأوباش من أصحاب المجتمع المدني " . وسوف نحاول أن نكون أكثر موضوعية ونبتعد قدر الإمكان عن دائرة الاستفزاز والتي تجرنا إليه مقالته المذكورة .
وكما قلنا في البداية فإن كلمة " نقد عالماشي .. " . هي نوع من الاستهزاء وفي الآن ذاتها استفزاز لكل من نادى بمفهوم المجتمع المدني أو وقع على " الوثيقة الأساسية " . واقتباسه لجملة " قتلتنا الردة .. قتلتنا أن يكون الواحد منا يعمل في الداخل ضده " . إنها لغة وخطاب الإدانة المسبقة وتخوين الآخر . وبداية لم يوضح لنا الأستاذ إلام يقصد بالردة ، فهل القصد انه كان هناك مجتمع مدني في سوريا لفترة ما ثم أجهض أو برهن على فشله والآن هناك بعض " الأوباش " يحاولون أن يعيدوا عجلة التاريخ إلى الوراء . أم يقصد بالردة التحول عن مسار التجربة الاشتراكية في البلد ؟! .
وهنا نريد أن نوضح له مفهوم الردة والذي يرتبط بالتاريخ الإسلامي وتحديداً ما بعد وفاة " الرسول " واستلام أبي بكر الصديق للخلافة والتي دفعت ببعض القبائل العربية لأن تمتنع عن دفع الجزية أو الضريبة لبيت مال المسلمين دون أن يرتدوا عن العقيدة والدين الإسلامي ومع ذلك فسر على أساس الارتداد " الردة " وبذلك برروا لأنفسهم ؛ أي أصحاب القرار والسلطة في الخلافة الإسلامية " الحق " لشن حرب هوجاء ضد أولئك " المرتدين " . فهل نفهم من الأستاذ أن هؤلاء مثل أولئك وعلى أصحاب القرار في السلطة السورية أن تشن على هؤلاء حرباً كالتي شنت في أيام أبي بكر إقتداءً بالمثل الأول .
وإمعاناً في الاستهتار والاستهزاء بأصحاب المجتمع المدني يورد جملة من المفاهيم والمصطلحات لا تمت إلى " روح " الموضوع بشيئ , على الرغم أن للمقالة عنوان فرعي وهو " ويسألونك عن الروح " . فهو يكتب مثلاً : [ مفهوم المجتمع المدني + الأهلي والمتداول حالياً كبسكويت كتاكيت والذي صار له " زلم " هو شكل للهجوم الفكري الأيدلوجي الطبقي على الماركسية .. ] وأيضاً [ في نقدنا لهؤلاء " العباقرة " إنما نتسلى " وعالماشي " لأن الفكر البرجوازي هو فكر مهزوم باختلافه .. ] وهناك الكثير الكثير .
إن أولى الملاحظات هي تلك النبرة الحاقدة والعدائية ولم أقل السوقية لأنني وعدت في البداية أن لا ننجر إلى دائرته الاستفزازية . ثانياً لم يدع أحد من أولئك " الأوباش " بأنه " زلمة "ليضعها بين قوسين وبذلك ينفي عنهم هذه الصفة ولا أعتقد أنه بقي " زلم " في عصرنا . وثالث تلك الملاحظات هي روح " العنتريات والفتوات " والتي تفوح من خطابه مترافقة بذات متضخمة ؛ [ في نقدنا لهؤلاء " العباقرة " إنما نتسلى " وعالماشي " ] ، تدعي لنفسها العبقرية وذلك عندما ينفي تلك الميزة عن الغير ولا أعتقد أنه أحداً يحترم نفسه يقوم بكيل المديح لذاته المتورمة ، وأيضاً لا داعي لأن نذكر " الأستاذ " أنه من ضمن الذين وقعوا على بيان الألف وغيره ، نخبة من خيرة مثقفي البلد ، بينهم مفكرون وكتاب وأساتذة جامعيون تتخرج على أياديهم كوادر فكرية ، مهنية ، علمية وربما يكون ، وللأسف ، يوسف الجندي أحدهم . وأخيراً إذا أردت التسلية فهناك أشياء كثيرة لتتسلى بها بعيداً عن البلاد والعباد .
ولا يكتفي بالرد على ما يصرح به جماعة المجتمع المدني بل هو يحلل ويفسر " حتى ما يضمروه " ، طبعاً حسب منطقه ومنهجه ، ولو اكتفى الرجل بهذا لقلنا " كفانا شره واكتفى " ولكن وإمعاناً في التحريف والتشويه فهو يحدد قيم وعقيدة الآخر ، بل إنه يحكم إن كان صادقاً في مبادئه ونواياه أم لا فيكتب : [ إن كل كلمة يكتبها أنصار المجتمع المدني مضمرة بعد حتى أو معلنة هي عداء مكشوف ومموه بآن واحد ضد الماركسية ، بل إن بعضهم يزاود فيعتبر نفسه ماركسياً .. ] . وهنا يذكرني الأستاذ بحادثة أخرى في التاريخ الإسلامي ، وذلك عندما شرع بعض فقهاء المسلمين بتكذيب الآخر في إسلامه وعدم صدقه وصفاء نواياه في اعتناق العقيدة وذلك أيام حكام الجور في العهد العباسي لسبب واحد فقط ، كما تذكرها كتب التاريخ ، وذلك بقصد سلب اكبر قدر ممكن من رؤوس الأموال عن طريق الجزية ولكي لا تجف ينابيع الأموال عليهم ، وهنا نسأل ألا يشبه هذا ذاك وماذا يريد الجندي وأي نسبة له في هذا؟ وسؤال آخر يتبادر إلى الذهن ، لما يدعي هؤلاء " البعض " الماركسية في زمناً أصبحت فيه الماركسية " أفيوناً للكثيرين " إن لم نقل للأغلبية الساحقة وممن ولمن ؛ لأولئك الذين كانوا يتشدقون ليل نهار بالمقولات الفلسفية لكل من ماركس وأنجلس ولينين .
سؤال آخر نطرحه على " الماركسي " يوسف الجندي ، لما يحكم بهذه العقلية التي تدعي لنفسها امتلاك الحقيقة المطلقة وتدين الآخر على ذاك الأساس ، وأين هو من " روح "الماركسية والتي إحدى مقوماتها الأساسية الدياليكتيك وحوار الآخر وليس شتمه بألفاظ يخجل حتى " أبن السوق " ويترفع عن قولها للآخر الذي ينافسه على بضاعته ، وكأمثلة نورد مما يلي : [ وفي نقدنا لهؤلاء " العباقرة " إنما نتسلى " وعالماشي " ] و [ فإنهم يماثلون ، إما عن غباء أو عن مكر ، يتغابى بين البنية .. ] .وأيضاً ، وذلك عندما يستعين بمقولة للمفكر الماركسي البارز مهدي عامل وهي قد جاءت في موقع وسياق آخر تماماً : [ إن النقد ضد هؤلاء الأوباش .. ] ، فهذه اللغة غير مقبولة أساساً إن كان لمهدي عامل أو غيره . وأخيراً وليس آخراً ، عبارته والتي تخلو من أي قيمة أدبية – فكرية أو أخلاقية وذلك عندما يقول : [ .. فأي تضليل وأي مكر يمارسه بعض فلاسفة المجتمع المدني الحميري ] . هنا طفح الكيل تماماً وأعتقد أنه من الواجب أ، يحاكم " الأستاذ " نفسه ولا أقول مقاضاته وملاحقته قضائياً هو وأيضاً جريدة " صوت الشعب " وهذا حق طبيعي لأي إنسان أو جماعة تهان كرامتهم الشخصية .
ولنترك محاكمتهم جانباً وللتاريخ ، ولكن هذا الذي ينكر على جماعة المجتمع المدني مفهوم الديمقراطية ويسأل : [ كيف ترى جماعة المجتمع المدني الديمقراطية ؟ ما أسسها أو قل جوهرها الطبقي ؟ ] . فنسأل بدورنا : هل هذا هو مفهوم الطبقة العاملة ، إن صدقنا ادعاءهم بأنهم يمثلون الطبقة العاملة ،للديمقراطية . بحيث تجعل الفئات والشرائح والطبقات الأخرى " أوباش وحمير " فقط كونهم يختلفون معك . وهنا نذكر الأستاذ بأن المثقفين ينتمون إلى الفئة أو الطبقة البرجوازية ، وفهمكم كفاية . ولا أريد أن أكرر بأنني أتحاشى لغة الأستاذ " الأكاديمية " في السب والشتم .
وبعد طرحه للسؤال حول مفهوم الديمقراطية يعطي هو الإجابة نيابة عن جماعة المجتمع المدني وهي إجابة مبتورة ومؤولة تأويلاً خاطئاً وذلك ضمن عملية تكريس التشويه والتزييف المقصودين ، فيكتب : [ جماعة المجتمع المدني " الأحرار " – أنه يرى الحرية كبيرة على هؤلاء الأوباش " لذلك يضعها بين أقواس – يرون الديمقراطية في استقلالية المجتمع " نسبياً " عن الدولة " الشمولية " { حرية المنتديات والجامعات ودور النشر وحرية تشكيل الأحزاب والنقابات واستقلالية الاتحاد الرياضي العام - هذه من عنده وذلك إمعاناً في الاستهتار – عن الدولة .. الخ } أي بصريح العبارة يطالبون بديمقراطية ليبرالية .. ] . ونحن نقول بأن جماعة المجتمع المدني نادوا بهذه الأمور , ولكن هذه المطالب هي جزء وجزء مبتور ومحرف عن السياق الكلي فلما لم يقل الحقيقة كاملة . ولكي نوضح للقارئ هذه المسألة ، نقتطع من الوثيقة الأساسية ل " لجان إحياء المجتمع المدني " جملة المطالب والتي رأوا فيها
( " مقدمات ضرورية للإصلاح السياسي " للبلد ، ألا وهي :
1- وقف العمل بقانون الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية وجميع القوانين ذات العلاقة ، وتدارك ما نجم عنها من ظلم وحيف ، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ، وتسوية أوضاع المحرومين من الحقوق المدنية وحق العمل بموجب القوانين والأحكام الاستثنائية ،والسماح بعودة المبعدين إلى الوطن .
2- إطلاق الحريات السياسية ، ولا سيما حرية الرأي والتعبير ، وقوننة الحياة المدنية والسياسية بإصدار قانون ديمقراطي لتنظيم عمل الأحزاب والجمعيات والنوادي والمنظمات غير الحكومية ، وخاصة النقابات التي حولت إلى مؤسسات دولتية فقدت كلياً أو جزئياً الوظائف التي أنشئت من اجلها .
3- إصدار قانون ديمقراطي يكفل حرية الإعلام ووسائله وتنوعها .
4- إصدار قانون انتخاب ديمقراطي لتنظيم الانتخابات في جميع المستويات ، ليكون البرلمان مؤسسة تشريعية ورقابية حقاً تمثل إرادة الشعب تمثيلاً فعلياً ، ومرجعاً أعلى لجميع السلطات وتعبيراً عن عضوية المواطنين في الدولة ومشاركتهم الإيجابية في تحديد النظام العام فإن عمومية الدولة وكليتها لا تتجليان في شيئ اكثر مما تتجليان في المؤسسة التشريعية وفي استقلال القضاء ونزاهته .
5- بسط سيادة القانون على الحاكم والمحكوم .
6- إحقاق حقوق المواطن الاقتصادية المنصوص على معظمها في الدستور الدائم للبلاد ومن أهمها حق المواطن في نصيب عادل من الثروة الوطنية ومن الدخل القومي ، وفي العمل المناسب والحياة الكريمة , وحماية حقوق الأجيال القادمة في الثروة الوطنية والبيئة النظيفة ، فإنه لا معنى لتنمية اقتصادية واجتماعية إن لم تؤد إلى رفع الظلم الاجتماعي وأنسنة شروط الحياة والعمل ومكافحة البطالة والفقر .
7- إن الإصرار على أن أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية تمثل القوى الحية في المجتمع السوري وتستنفذ حركته السياسية , وأن البلاد لا تحتاج إلى اكثر من " تفعيل " هذه الجبهة ، سيؤدي إلى إدامة الركود الاجتماعي والاقتصادي والشلل السياسي ، فقد ألفت هذه الأحزاب نفسها واقعياً في السلطة وباتت جزءاً عضوياً منها وعاملاً من عوامل عطالتها وانعزالها عن الشعب . فلا بد من إعادة النظر في علاقتها بالسلطة ، وفي مبدأ الحزب القائد للدولة والمجتمع ، وأي مبدأ يقصي الشعب عن الحياة السياسية . – واعتقد أن هاهنا يكمن بيت القصيد والذي دفع أمثال السيد يوسف ليكيلوا الشتائم لجماعة المجتمع المدني .
وبعد فإننا من منطلق الإسهام الإيجابي في عملية البناء الاجتماعي ، وفي عملية الإصلاح ، نتداعى وندعو إلى تأسيس لجان إحياء المجتمع المدني، التي هي استمرار وتطوير لصيغة " أصدقاء المجتمع المدني " علنا نسهم ، من موقع المسؤولية الوطنية ، ومن موقع الاستقلال ، في تجاوز حالة السلبية والعزوف ، والخروج من وضعية الركود التي تضاعف تأخرنا قياساً بوتائر التقدم العالمي ، وعلنا نخطو الخطوة الحاسمة التي تأخرت عقوداً في الطريق إلى مجتمع ديمقراطي حر سيد مستقل ) .
وبعد كل هذا وذاك ويأتي أحدهم ليكتب : " أي بصريح العبارة يطالبون بديمقراطية ليبرالية برجوازية بدون لف أو دوران " . نعم يا سيدي فإن كانت وكما تدعي أنت بأن " الديمقراطية الليبرالية البرجوازية " سوف تحقق لي – وهنا أقصد كمواطن وليس كفرد – فأهلاً بها دون لف أو دوران وما العيب أن أكون موطناً أتمتع بكل هذه الحقوق وحتى في الجانب الاقتصادي كما رأينا في البند رقم / 6 / والذي تناسى " الأستاذ " ، مع جملة ما تناساه من مطالب وحقوق ينادي بها أصحاب المجتمع المدني ، من أن يضيفه إلى خطابه المبتور والمحرف تماماً ، وبالتالي ندرك من منا يقرأ قراءة " تجريدية فارغة وانتقائية " . ولنفترض أنهم فعلاً ينادون بديمقراطية ليبرالية برجوازية ولكن كما رأينا فإن أحد البنود الأساسية ، والتي يطالبون بها ألا وهي البند رقم / 4 / ، يؤكد على أنهم مع " انتخابات ديمقراطية في جميع المستويات وليكون البرلمان مؤسسة تشريعية ورقابية حقاً تمثل إرادة الشعب تمثيلاً فعلياً ومرجعاً أعلى.."
فهل يرفض الجندي يوسف ، عفواً يوسف الجندي أن تكون هناك انتخابات حرة وديمقراطية وأن يكون البرلمان ممثلاً فعلياً وحقيقيا ًلإرادة ومطالب الشعب السوري ومن ثم له كل الحرية في اختيار نمط الإنتاج والحياة . أم إنه هنا أيضاً وكما فعل مع جماعة المجتمع المدني سيفاجئنا بإحدى اجتهاداته العبقرية ليقول لنا بان الشعب مجموعة من الأوباش والغوغاء لا يعرفون أين تكمن مصلحتهم وعلى الرعية أن تخضع لأوامر الراعي ، فالسلطة أدرى بمصلحتهم وحقوقهم وواجباتهم وطريقة تفكيرهم .. الخ . ثم ، وبعد أن تحقق " لي " الديمقراطية الليبرالية الحقوق ، فإن بقي شيئ وحققه الأستاذ
و " جماعته " فسوف أكون لهم من الشاكرين .
ويضيف الأستاذ : " إنها- أي ديمقراطية المجتمع المدني – لا تمس وسائل الإنتاج الاجتماعية ذات الملكية الفردية ( علاقات الإنتاج ) حيث يحق للفقراء المنتجين لفضل القيمة أن يصرخوا سياسياً كيفما شاؤوا ولكنهم يبقون فقراء .." . نعم يا سيدي إننا فقراء وعمال ومذلون أيضاً ولكن لا تقمعنا وتسد أفواهنا ، دعنا نصرخ على الأقل إننا فقراء ، فهذه أيضاً باتت من الممنوعات في الأنظمة الشمولية والتي تكرس قلمك للدفاع عنها عندما تكتب : " وجماعة الخير المدني ، ربما عن غباء ، يتناسون تدويل رأس المال . فالتدويل السابق جر الأمم إلى بوتقة التمزق الداخلي ( الإنفصالات القومية ) حتى في المراكز الإمبريالية الأوربية وهاهو الآن - أي التدويل – يجر تمزيقاً في قلب كل أمة على وجه الأرض ويحاول تفكيك الدول الوطنية .. " .
إذا كان يتباكى على الدول الاشتراكية ونص اشتراكية والتي شهدت في العقد الأخير مجموعة تمزقات فعلية ، فكان حرياً به أولاً مراجعة حساباته ولينظر في أسباب انهيار التجربة الاشتراكية نتيجة تراكم السلبيات وعدم قدرة تلك الأنظمة على المنافسة وإلا لتم مواجهتنا بالسؤال : لما لم تنهار الدول الغربية في هذه المنافسة – الصراع . وأرجو أن لا يفهم ، من هذا ، على أنه دفاع عن النهج الرأسمالي . ولكن علينا أن الحقائق بموضوعية ومن باب
" الاعتراف بالخطأ فضيلة " ومبدأ " النقد والنقد الذاتي " . ثم موضوع ( الانفصالات القومية ) وتباكيه مرة أخرى على الأنظمة الشمولية في قمعها لإرادة الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها – وأعتقد أنه مفهوم ماركسي ، لينيني لا غبار عليه – وتمسكه " بالدولة الوطنية الشمولية " ألا يستحق منه وقفة ولو سريعة بدل أن ينقد لجان إحياء المجتمع المدني ( وعالماشي ) .
وعندما يرمي كرة الثلج " قالب بوظ " في حضن المجتمع المدني وذلك عندما يورد مثال تركيا والذي قال البعض من جماعة المجتمع المدني
" بنموذجيته في العالم الإسلامي " وهي نمذجة نسبية وليست بمفهوم النمذجة والمثال الأعلى ، وهم بالتأكيد لا يقصدون ذلك . فلأن النموذج التركي يعتبر
" الأفضل " مقارنة مع الآخر الشمولي وإن كان له العديد والعديد من العيوب والسلبيات من اضطهاده للأكراد وحرق قراهم وممارسة سياسة الإبادة ضدهم . كما سبقت وقامت بمذابح ضد الشعب الأرمني واعتقال وملاحقة قوى اليسار وتمركز رؤوس الأموال والسلطة في أيدي مجموعة من العسكر وأصحاب الشركات والنفوذ .. الخ .ولكن رغم هذه النواقص والسلبيات فإن تركيا تتمتع بهامش ديمقراطي لا بأس به مقارنة مع العالم الإسلامي ، فهناك الصحافة والثقافة الكردية حيث أنها تطبع وتنشر علناً في تركيا ، حتى للحزب المذكور نفسه وله – أي لحزب العمال الكردستاني – العديد من مراكز الثقافة والفنون وحتى المسرح وباللغة الكردية ، تقوم بفعالياتها وأنشطتها إلى جانب تلك الصحف والدوريات . فهل يمكن لنا أن نقارن .
ثم لما ينكر على جماعة المجتمع المدني حقيقة بات الجميع يتداولونها ألا وهي مسألة " العالم الإسلامي " ليكتب : " وهو برأي البعض أفضل نموذج في ( العالم الإسلامي ) – أي تركيا – ولا ندري إن كان هناك عالم مسيحي ( مراكز وأطراف دينية ) وبوذي ووثني وبعد قليل سندخل في الأنثربولوجيا الدينية والعرقية " . إنني أستغرب تماماً من أن احدنا يعيش ضمن هذه " القرية الالكترونية " ويتعامل مع أحدث المفاهيم والتقنيات ومن ثم يستنكر مثل هذه العبارة ، إلا إذا كان الرجل يريد أن يصم أذنيه وعينيه عن كل ما يعرض على شاشات التلفزة . نعم ياسيدي نحن ومنذ أزمنة غابرة " داخل الانثربولوجيا الدينية والعرقية " وهي إحدى أهم المحاور التي حركت وتحرك المجموعات الأثنية العرقية وإلا بما تفسر حروب الصليبيين على الشرق الإسلامي – رغم اعترافنا بأطماعهم العسكرية والاقتصادية – وأيضاً بعثات التبشير . وفي أيامنا ، تلك الحروب والمعارك التي تدور بين السيخ ( البوذيين ) ومسلمي الهند ومثال أندونيسيا وجيش تحرير جنوب السودان والحروب الطائفية في لبنان و.. الخ . فإن لم تكن حروباً دينية مئة بالمئة فهي في إحدى وجوهها حروب بين عالم مسيحي وآخر مسلم أو بوذي أو .. الخ . إلى ماهنالك من أديان وعقائد . فإن كنت تعيش خارج التاريخ فهذا أمر يخصك وحدك ولكن بشرط أن تنزوي وتكتفي بكهفك المعزول .
وعندما يذكر مثال إسرائيل ويكتب : " وإذا كانت إسرائيل يا جماعة الخير – عفواً – المجتمع المدني أفضل نموذج للتنمية والتحديث النسبيتين .. فلماذا لا تؤخذ إسرائيل قدوة في ذلك ونقامر .. " . ونحن نسأله بدورنا إن كان هذا الاجتهاد له فلماذا لا يأخذ هو بالنموذج الإسرائيلي ، أما إذغ كان يجتهد بدلاً من جماعة المجتمع المدني فأعتقد بأنه لم يكلف من قبل أحد من الذين وقعوا على الوثيقة . إنه بذكره هذا المثال كمن يصطاد في الماء العكر ويقول للسلطات السورية وتحديدا ًللأمن السوري ؛ عليكم بهؤلاء الخونة كي تزجوهم في غياهب السجون فهم لا يستحقون أفضل من ذلك . وبالتالي ينفي عنهم وطنيتهم ويحتكرها لذاته المتورمة . أما لما لم يذكر جماعة المجتمع المدني النموذج الإسرائيلي فأعتقد أنه نتيجة مجموعة عوامل ونستطيع أن نوجزها في :
أولاً كون العرب وإسرائيل في حالة حرب – كلامياً على الأقل – ويعتبر النموذج الإسرائيلي معادياً بكل معاني الكلمة وقد حملت وأشبعت بما يكفي لأن يحرق كل من ينادي بنمذجتها ، هذه من ناحية الأثني القومي ، أما العامل الآخر فإنه كون النموذج التركي هو ضمن " العالم الإسلامي " – والذي ترفضه كمصطلح – فكراً وعملاً ، رغم ادعائه العلمانية ، فهو أكثر قبولاً من النموذج الآخر ، اليهودي الإسرائيلي . والشرط أو المانع الثالث ، وربما الأكثر حساسية ، هو عدم الاعتراف بتفوق الآخر – الإسرائيلي ، فاعترافنا ذاك يجرنا إلى أن نعترف بضعفنا وتخلفنا وهذا ما نرفضه تماماً . وإذا أوّل موقفنا هذا على أساس إنه استسلام للواقع والآخر ، فالخطأ في التأويل وليس خطأنا.
وأخيراً نسأل القارئ – وهنا لا نسأل الأستاذ يوسف الجندي – من منا صاحب "التنظيرات الوقحة " وبالتالي عليه إن ينعته بمثل هذه الصفات من " وبش وغبي .. " . وبقي أن نطلب من " الأستاذ " أن يعطينا رقم الحساب أو أي إشارة أخرى نستدل من خلالها أن جماعة المجتمع المدني يتقاضون المال والرواتب : ( .. يسألونك عن المجتمع المدني فقل لهم إنه جزء من رأس المال المالي الصهيوني وما .. وذلك لأن مؤسسات المجتمع المدني هي بالتحديد الطبقي الفئات الوسطى والصغيرة " قطاع الخدمات " وكم في هذه الفئات مرتشون ، محدثو نعمة ؟ فخلف مراكز الأبحاث مال وفير فاغرف يا مدني كما تشتهي وأكتب كما " نريد " ! ) . وبالتالي لكي " نغرف نحن أيضاً كما نشتهي " لأنه وبالتأكيد سيفهم أننا " كتبنا كما يريدون " وليس كما نريد . أم أنه يرمي التهم اعتباطياً وأصبح من اختصاص البعض في البلد أن يصبغوا وينعتوا الآخرين وفق أهواء ومصالح وإملاءات " من هم فوق " على " عباد المجتمع المسكيني " ولم نقل المدني لكي لا يتحسس " الأستاذ " مرة أخرى ، وبذلك يقلبون الحقائق والتعابير والأوصاف . فبدل أن يكتب " فاغرف يا مسؤول كما تشتهي " هاهو يحرفها ويكتب " فاغرف يا مدني كما تشتهي " . ثم أن الشرائح والطبقات الاجتماعية ، عندا هذا الرجل ، تنقسم إلى نظيفة وغير نظيفة دون أي اعتبار لخصوصية وأخلاقيات الفرد أي كان انتمائه الطبقي أو الاجتماعي .
كلمة أخيرة :
أرجو من هيئة تحرير جريدة " صوت الشعب " نشر ردنا في نفس الزاوية والتي نشر فيها مقال السيد يوسف الجندي وذلك كي تعبر عن أسمها كونها " صوت الشعب " أولاً ، وثانياً تكون بهذا قد برهنت فعلياً أنها مع " الرأي والرأي الآخر " وبذلك تكرس إحدى المهمات الأساسية للإعلام ألا وهي حريته وديمقراطيته . وثالثها كوننا نعتبر أنفسنا " جماعة المجتمع المدني " من أبناء هذا الشعب وأتمنى أن لاتكون الجريدة هي الأخرى تقذف التهم جزافاً ، وبالتالي تسلبنا إحدى حقوقنا الطبيعية ألا وهي حق المواطنة وإننا من أبناء الشعب السوري . ورابع هذه الأمور لكي لا نضطر ونرسل ردنا إلى " الآخرين " وخاصة الجرائد التي تصدر من خارج الوطن ، فتكون فرصة لأمثال " الأستاذ للنيل " من انتمائنا لهذا الوطن .

بير رستم
جنديرس 18/ 4 / 2001




#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن وقضايا
- قضية وحوار
- تحية حب للأخضر العفيف
- الخطاب العربي والقضية الكوردية


المزيد.....




- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...
- مميزات كتييير..استعلام كارت الخدمات بالرقم القومي لذوي الاحت ...
- تقاذف الاتهامات في إسرائيل يبلغ مستوى غير معهود والأسرى وعمل ...
- غورغييفا: 800 مليون شخص حول العالم يعانون من المجاعة حاليا
- الأمن السعودي يعلن اعتقال مقيم هندي لتحرشه بفتاة ويشهر باسمه ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بير رستم - المجتمع المدني بين الثقافي والسلطوي