أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - مزيدا حول الأصوليّة الإسلامية و الإمبرياليّة و النظرة الشيوعية الثوريّة للمسألة















المزيد.....



مزيدا حول الأصوليّة الإسلامية و الإمبرياليّة و النظرة الشيوعية الثوريّة للمسألة


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4867 - 2015 / 7 / 15 - 21:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مزيدا حول الأصوليّة الإسلامية و الإمبرياليّة و النظرة الشيوعية الثوريّة للمسألة

ناظم الماوي – جويلية 2015
----------------

" كان ماركس قبل كل شيء ثوريا. "
إنجلز ، " خطاب على قبر كارل ماركس "

-----------------

" إن الثورة الشيوعية تقطع من الأساس كل رابطة مع علاقات الملكيّة التقليديّة ، فلا عجب إذن إن هي قطعت بحزم أيضا ، أثناء تطوّرها ، كل رابطة مع الأفكار و الآراء التقليديّة ."
ماركس و إنجلز - " بيان الحزب الشيوعي"

-----------------------
" ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولّي عهدها تاريخيا ضمن النظام الإمبريالي . و هذان القطبان الرجعيان يعزّزان بعضهما البعض ، حتى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنك ستنتهى إلى تعزيزهما معا . "

بوب أفاكيان – " التقدّم بطريقة أخرى" ، جريدة " الثورة " عدد 86 ، 29 أفريل 2007 .





لقد أنف لنا الخوض فى الموضوع فى مناسبات سابقة و بوجه خاص فى كتاب " آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية - ردّ على مقال " ضد الأفاكيانية " " و مقال " إسلاميّون فاشيّون، للشعب و النساء أعداء و للإمبريالية عملاء " المنشورين على موقع الحوار المتمدّن . و الآن قد مرّ على نشر الكتاب الجدالي ضد آجيث دفاعا عن الخلاصة الجديدة للشيوعية ما يناهز السنتين و تفرض علينا تساقطات الأحداث السياسيّة و العمليّات الإرهابيّة فى البلدان العربيّة خاصّة و فى العالم عامة ، العودة إلى تفحّص المسألة من عدّة زوايا أخرى علّنا نوضّح أكثر طبيعة الأصوليّة الدينيّة و مدى خطأ المواقف الشبيهة بموقف آجيث من القضيّة و كذلك الموقف الشيوعي الثوري الذى ينبغى أن يتّخذه المناضلون و المناضلات فى سبيل الثورة الشيوعية و تحرير الإنسانيّة .
1- ماذا أثبتت السنتين الماضيتين ؟
مثلما رأينا فى الجدال ضد آجيث ، يدافع بعض الماويين الذين يمكن أن ننعتهم ببقايا الماضي عن خطّ أنّ الأصوليّة الدينيّة جزء من جبهة الشعوب المناهضة للإمبريالية . و قد فنّدنا هذا الإدّعاء بالأدلّة القاطعة و البراهين الساطعة من التاريخ و الواقع إلى سنة 2013 و اليوم بوسعنا أن نرصد أمثلة أخرى تصبّ فى خانة دحض ترّهات آجيث و من لفّ لفّه .
فيكفى مثلا النظر إلى ما آلت إليه المفاوضات بين طالبان فى أفغانستان و نظام جمهوريّة إيران الإسلاميّة للتأكّد من أنّ الإمبرياليّة و الأصوليّة الإسلاميّة يتقاربان و يتّحدان ضد مصالح الشعوب وقد يعقد الإسلاميّون الفاشيّون فى هذين البلدين صفقات مع الإمبريالية فضلها يواصلون خدمة مصالحهم على حساب جماهير الشعوب و جماهير النساء . فيتواصل التعاون بينهما بعد فترات فُرقة بلغ النزاع بينهما أحيانا القتال المسلّح كما هو الحال فى أفغانستان .
و ليتذكّر القرّاء أنّ الإمبرياليّة العالميّة و مخابراتها هي التى ساعدت الخميني على الإستيلاء على السلطة سنة 1979 و إجهاض سيرورة نضال شعبي متصاعد ، و أنّ الإمبرياليّة الأمريكيّة و عملاءها فى الباكستان و افغانستان هم الذين أنشأوا حركة طالبان و موّلوها و سلّحوها كما موّلوا و سلحّوا لسنوات طويلة قاعدة بن لادن قبل نشوب إختلافات بينهما . و الأدلّة على ذلك كثيرة و موثّقة تاريخيّا و من أكثر من مصدر و منها إعترافات مسؤولين سامين فى دولة الولايات المتّحدة الأمريكيّة .
وفى تركيا ، وظّفت الطبقات الحاكمة و الإمبريالية الإسلاميين الفاشيين لإدخال نفسِ جديد على جهاز الدولة و تمرير إصلاحات لازمة للسير الجيّد لشؤون دولة الإستعمار الجديد و مواجهة التحدّيات الكبرى أمامها . و فى المدّة الأخيرة ، عندما رغب رجب طيّب أردوغان توسيع سلطاته و مزيد أسلمة المجتمع بما قد يضرّ بالتوازنات التى لا تريد الطبقات الحاكمة و الإمبريالية المساس بها ، أخذت الإمبريالية و جزء من القوى المتحالفة معها فى تركيا تعمل على تقليم أضافره بمعنى محاصرة مشاريعه حتّى لا تتجاوز النطاق المرسوم له . و مقال إيشاك باران فى " أخبار عالم نربحه " بتاريخ 9 جوان 2015 تحت عنوان " الفائز فى الإنتخابات البرلمانية التركية : الأوهام الديمقراطيّة " ترجمة شادي الشماوي ( موقع الحوار المتمدّن ) يشرح ذلك شرحا جيّدا .
وعربيّا ، بارز هو الدور الذى نهض به حزب الله اللبناني فى المساهمة فى الوقوف مع نظام الأسد السوري اللاوطني و اللاديمقراطي و اللاشعبي ضد التحرّكات الشعبيّة فى بداية الإنتفاضة و تاليا مشاركة فرق مسلّحة تابعة لذلك الحزب اللبناني فى معارك على عدّة جبهات . هذا من ناحية ، و من الناحية الأخرى ، كانت جليّة موالاة الفرق الأصوليّة الإسلاميّة السوريّة للسعودية و تركيا و الإمبرياليّة الأمريكية و حتّى البعض منها للكيان الصهوني حسب تصريحات مسجّلة لأفراد منها . و المعطيات السمعيّة البصريّة و المكتوبة المثبتة لذلك تعدّ بالعشرات إن لم تكن بالمئات .
و فى العراق ، أرست الإمبريالية الأمريكية نظاما أصوليّا إسلاميّا حليفا لها ما إنفكّت تدعمه وهو ما إنفكّ يخدم مصالح الطبقات الرجعيّة و مصالح الإمبريالية العالمية . و تمتّعت داعش ، الدولة الإسلاميّة، المعارضة الآن للنظام المدعوم أمريكيّا ، فى بداياتها ، بدعم أمريكي وهو أمر لا ينكره الكثير من المسؤولين السامين فى الولايات المتّحدة الأمريكيّة نفسها .
وفى مصر ، وجدت الطبقات الرجعيّة والإمبريالية و الصهيونيّة فى الإخوان المسلمين ( وهم ثمرة مؤامرات الإمبريالية الأنجليزية و هذا موثّق جيّدا تاريخيّا ) أفضل حليف بعد أن إضطرّ مبارك إلى مغادرة سدّة الحكم فأشركوهم فى الدولة و سلّموهم بعض مقاليد الحكم مؤقّتا ( و إحتفظ الجيش بسلط حاسمة) وبذلك توصّلوا إلى إخماد لهيب الغضب و الغليان الشعبيّين المطالبين بإصلاحات عدّة . و حينما سعى الإخوان المسلمون إلى تجاوز حدود اللعبة أي الحدود التى رسمت لهم ، و إستعادت أجهزة الدولة جاهزيّتها و عافيتها و أعاد الجيش تنظيم صفوفه و ترتيب أموره ، وقع تنظيم إنقلاب و أُبعد الإخوان عن السلطة ليعاد تركيز نظام مبارك القديم بوجوه جديدة نسبيّا .
هذه إذن فى المدّة الأخيرة و فى الأساس حقائق جانب أو مظهر ديناميكيّة الوحدة و الصراع بين الأصوليّة الإسلاميّة و الإمبريالية ، مظهر الوحدة بوجه خاص أمّا المظهر الآخر فنتطرّق له فى النقطة التالية .
2- و ماذا عن التناقضات و النزاع بين الأصوليّة الإسلاميّة و الإمبريالية ؟
صحيح أنّ للإمبريالية تناقضات مع مجموعات أصوليّة إسلاميّة و لكنّها تناقضات فى صفوف القوى الرجعيّة و ليست تناقضات عدائية إستراتيجيّا و هي لا تخرج عن إطار النظام الإمبريالي العالمي .
و للأصوليّة الإسلاميّة تناقضاتها و سيرورتها و ديناميكيّتها الداخليّة فهي تعبير أساسا عن فئات رجعيّة تحاول فرض مشروع رجعيّ على طول الخطّ ، مشروع نظام أوتوقراطي إلاّ أنّها ككلّ القوى السياسيّة تنشط على أرض واقع الصراع الطبقي و حيث يلتقى مشروعها و يتقاطع مع مصالح الطبقات الرجعيّة المحلّية و الإمبريالية العالميّة قد يجرى تيسير تحويله إلى واقع و حيث يتضارب مع تلك المصالح تُعلن عليه الحرب مؤقّتا و تظلّ الضغوطات السياسيّة و المفاوضات المباشرة و غير المباشرة وسيلة لوضع هذه القوى المنتفضة مؤقّتا ضد الإمبرياليّة لعدم تمكينها من نصيبها من سلطة الدولة الرجعيّة فى موضع القبول بقوانين لعبة النظام الإمبريالي العالمي .
و بهذا الصدد معبّر جدّا هو مثال طالبان . فبادئ ذى بدء بين الإمبرياليّة و الأصوليّة الإسلاميّة وُجدت وحدة ثمّ فُرض الصراع و الآن تتجهان إلى التوصّل إلى مساومة تضمن وحدة جديدة . و الشيء نفسه يمكن أن يقال عن النظام الإسلامي الإيراني الذى ينزع إلى عقد صفقة مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة يستفيد منها الجانبان .
و فى مصر ليست المرّة الأولى التى ينشب فيها صراع بين الإخوان و النظام العسكري القائم هناك كما ليست المرّة الأولى التى يتحالف فيها النظام مع الإخوان ( بأشكال متنوّعة فى ظلّ حكم السادات و كذلك فى ظلّ حكم مبارك ) . و من غير المستبعد أن تواصل الدولة المصريّة سياسة الضغط تجاه الأصوليين الإسلاميين من إخوان و فرق جهادية أخرى رافعة السلاح لتعيدهم إلى حضيرة العمل فى الحدود المرسومة لهم إقتصاديّا و إجتماعيّا و سياسيّا و ثقافيّا . و مثلما أنّ الدولة الرجعيّة المصريّة فى حاجة إلى الصراع معهم فهي فى حاجة إليهم أيضا ، فى حاجة للوحدة معهم كورقة تستخدمها عند اللزوم لتأبيد الإستغلال و الإضطهاد الرجعي و الإمبريالي .
و لا ظلّ للشكّ كذلك فى أنّ الأصوليّة الدينيّة ستسعى جهدها بشتّى الطرق لبلوغ هدف إقامة دول تيوقراطيّة سواء كان ذلك عبر المشاركة فى الحكم كما حصل فى السودان أو بقوّة السلاح كما تحاول ذلك داعش . و لا ننسى أن الحرب إستمرار للسياسة بطرق أخرى ، دمويّة كما أكّد لينين و ماو تسى تونغ من بعده و بالتالى طبيعة الأهداف السياسيّة و طبيعة القوى السياسيّة التى تقف وراء البندقيّة و مشروعها المجتمعي و كذلك مدى تحقّقه و إن جزئيّا أو قابليّة تحقّقه عمليّا و تنازلات المتنازعين ، تحدّد مدى إستمرار هذا النزاع المسلّح بين القوّتين الرجعيّتين .
3- و ماذا عن مصالح الجماهير الشعبيّة فى ما سمّاه آجيث " جبهة الشعوب المناهضة للإمبريالية " ؟
ليس بوسع الإمبريالية و الأصوليّة الإسلاميّة ، فى السلطة أو خارجها ، إن كانا فى وحدة أو كانا فى نزاع و صراع أن يخدما مصالح الشعوب . و واهم مثل آجيث من يعتقد أنّ الأصوليّة الإسلاميّة قادرة على خدمة مصالح الشعوب .
من أفغانستان إلى المغرب الأقصى مرورا بالباكستان و أندونيسيا و العراق و سوريا و فلسطين و اليمن و مصر و ليبيا ... ، هل خدمت الأصوليّة الدينيّة مصالح الجماهير الشعبيّة ؟ لا . أبدا .
لم تخدم مصالح الجماهير الشعبيّة بل بالعكس ذادت عن مصالح فئويّة رجعيّة أو عن الطبقات الحاكمة الرجعية و عن الإمبرياليّة .
و حتّى فى البلدان الإمبريالية و على سبيل المثال فى الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، هل وقفت الأصوليّة الدينيّة المسيحيّة إلى جانب مصالح الجماهير الشعبيّة ؟ لا . أبدا . إنّها كما ذكرنا فى جدالنا ضد عبد الله خليفة :
" منذ سنوات ، يهدّد هؤلاء الفاشيين حقّ النساء فى الإجهاض و بالفعل تمكّنوا بالعنف المباشر و منه الإغتيالات و بواسطة قرارات سلط عليا و محاكم من إغلاق عدّة مصحّات كانت تقدّم هذه الخدمات كما يهدّدون العلم و الفكر النقدي إذ هم يهاجمون العلماء و المنهج العلمي و نظرية التطوّر و يضغطون لجعل الأساطير الدينية تدرّس فى المدارس و الجامعات ..."
(" عبد الله خليفة يشوّه الماويّة و يقدّم النصح للرجعيّة - ردّ على مقال " الماوية تطرّف إيديولوجي"، الحوار المتمدّن ) .
و ليسأل أنصار تقدّمية و وطنيّة و ديمقراطيّة...الأصوليّة الإسلاميّة الجماهير الشعبيّة فى العراق و سوريا ، أيّ تقدّم و أيّة وطنيّة و أيّة ديمقراطيّة جلبها هؤلاء الفاشيّون بتلويناتهم إلى نساء العراق و نساء سوريا مثلا ؟ لقد جلبوا لهنّ التشييئ و العبوديّة و تحويلهنّ إلى سلعة تشترى و تباع .
و ليسأل أنصار الفاشيين المتجلببين بجلباب الدين و معاداة أمريكا ، الجماهير فى مصر و ليبيا ، أي حقوق و مكاسب للعمّال و أيّة معاداة للإمبريالية و الصهيونيّة كرّسها الأصوليّون وهم يمسكون بمقاليد الحكم ؟ قمعوا العمّال و فقّروهم و عانقوا الإمبريالية و الصهيونيّة و ركعوا أمامهما الركوع كلّه .
وليتجرّأ انصار الأصوليّة الإسلاميّة ممّن يصفون أنفسهم باليساريين على سؤال الشيوعيين الإيرانيّين عن التعامل الديمقراطي و الوطني و التقدّمي معهم من لدن نظام جمهوريّة إيران الإسلاميّة ؟
فى كتاب " جمهوريّة إيران الإسلامية : مذابح للشيوعيين و إستغلال و قمع و تجويع للشعب " ، نعثر على جملة وثائق للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) ترجمة شادي الشماوى – بموقع الحوار المتمدّن - تفصّل المجازر المرتكبة فى حقّ المناضلات والمناضلين و تبيّن مدى إرتباط إقتصاد البلاد بالنظام الإمبريالي العالمي .
من منظور شيوعي ثوري ، فى عصرنا ، عصر الإمبريالية والثورة الإشتراكيّة ، ما تحتاجه المستعمرات و المستعمرات الجديدة هو ثورة الديمقراطيّة الجديدة كما إرتآها ماو تسى تونغ ( مع اخذ التغيّرات فى الأوضاع العالمية و المحلّية و تبعاتها التكتيكيّة و الإستراتيجيّة و الدروس المستخلصة من تجارب البروليتاريا و الحركة الشيوعية العالمية بعين الإعتبار ) بقيادة البروليتاريا و حزبها الشيوعي و إيديولوجيّته الشيوعية كجزء من الثورة البروليتاريّة العالميّة بتيّاريها ( الثورة الإشتراكيّة فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية ) . والسؤال المحوري هنا هو : فى أيّة تجربة ؛ و أي بلد ؛ ساهمت الأصوليّة الإسلاميّة فى إطلاق العنان لقوى الثورة المرجوّة و خطت أشواطا نحوها أو فيها أو حتّى عبّدت الطريق لها ؟
و لا حتّى فى فلسطين و لبنان قامت بذلك ، ناهيك عن البلدان الأخرى . إنّ هذه القوى رجعيّة لطبيعتها و برنامجها و مشروعها المجتمعي و المصلح الطبقية التى تمثّلها ليس بوسعها بالتالى لا تحرير المرأة و لا إنجاز الإصلاح الزراعي و لا المضيّ إلى النهاية فى مقاومة الإمبرياليّة و الصهيونيّة و الرجعيّة العربية . إنّها بالعكس تضطهد النساء و تستعبدهنّ و تخنق الجماهير الشعبيّة و تفقّرها و تسحقها و تكيل الضربات و تنظّم الإغتيالات و المجازر فى حقّ الشيوعيين .
ما بيّنته التجارب شرقا و غربا هو أنّ أفضل ما تقدّمه هذه القوى للبشريّة عموما هو قطع الرؤوس و اللهو بها ، و بيع و شراء النساء و نهب البلاد و العباد و بثّ سموم العنصريّة و تقسيم المجتمعات على أسس عرقيّة و قبليّة و دينيّة و طائفيّة .
مجمل القول ، كشف الواقع فى المدّة الأخيرة أكثر فأكثر أنّ هذه الأصوليّة الإسلاميّة ليس بمقدورها أن تضطلع بدور تقدّمي فى عصرنا هذا . و فى الحقيقة هي تمثّل قوى رجعيّة تقف حاجزا أمام الثورة الديمقراطية الجديدة و الثورة الإشتراكية كتياري الثورة البروليتاريّة العالميّة الكفيلة لوحدها بوضع قطار تحرير الإنسانيّة على السكّة المؤدّية إلى الشيوعية على الصعيد العالمي ( مع التنبيه إلى أنّه لا حتميّة فى بلوغ الشيوعية و كلّ ما يفيده ذلك على ضوء التجارب التاريخيّة للبروليتاريا العالمية و التلخيص النقدى العلمي الذى أنجزه بوب أفاكيان و أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية ) .


4- الأصوليّة الإسلامية فى تونس :
مفيد للغاية هو الحديث عن الصراعات بهذا المضمار فى تونس لسببين إثنين أوّلهما أنّ الماويين قد عرفوا منذ عقود الآن صراع خطّين بهذا الصدد و ثانيهما أهميّة التحالفات مع الأصوليّة الإسلامية و العمليّات الإرهابيّة هناك .
فالخطّ الذى بات آجيث زمرا له فى صفوف الحركة الماويّة العالميّة و الخاص بالموقف المساند للأصوليّة الدينيّة ، قد خبرته الحركة الماويّة فى تونس منذ ثمانينات القرن العشرين و كانت تداعياته مدمّرة .
فقد ظهر خطّ سُمّي بالتصفوي حينها فى صفوف الماويين إنفصل و أتباعه ليشكّل تيّارا إنقسم هو ذاته إلى إثنين بعد سنوات و إنقسمت مجدّدا منذ أكثر من سنة المجموعة التى ظلّت تدّعى الماويّة و هي فى الحقيقة ترفع راية الماويّة لتسقطها كما حلّلنا نقديا فى كتابنا " ضد التحريفية و الدغمائيّة ، من أجل تطوير الماويّة تطويرا ثوريّا " ( مكتبة الحوار المتمدّن ) .
عُرف الخطّ التصفوي الذى لا تزال المنظمة الشيوعية الماويّة تدافع عنه بإعتباره الإخوان المسلمين ( النهضة التى فرّخت كافة أرهاط الفرق الأصولية الأخرى و التى أوجدها و رعاها فى البداية نظام بورقيبة نفسه قصد محاربة اليسار) فى تونس وطنيّين و معادين للنظام و الإمبريالية إعتمادا على قراءة مثاليّة شكليّة تنطلق من كون فى فلسطين هناك جماعات إسلاميّة تقاتل ضد الصهيونية و الإمبرياليّة الأمريكية ومن ثمّة وصفت بالوطنيّة و سحبت هذه الصفة على كافة الأصوليين الإسلاميين . و إلى المدّة الأخيرة لا زال بعض دعاة هذا الخطّ الذى يلتقى فى الأساس مع طرح آجيث يفتخرون بلا خجل بدعمهم الكلّي واللامشروط للإخوان المسلمين فى ثمانينات القرن الماضي و تسعيناته حين تعرّضوا للقمع من قبل نظام بن علي .
وقد طمس دعاة ذلك الخطّ من مدّعى الماويّة الجوهر الرجعي للأصوليّة الدينيّة و الأدهى أنّهم أغرموا بالإسلاميين الفاشيين إلى درجة ترويج أفراد قريبين منهم أوإنشقّوا عنهم أدبيات الإسلاميين و التراث الإسلامي و رموزه عوض الدعاية للتراث الشيوعي و المكاسب التاريخية للحركة الشيوعية العالمية و لنضالات الشيوعيين الثوريين عبر العالم ، على جميع الجبهات .
و قد ترافق هذا إنحراف هذه المجموعة و تلك التى إنشقّت عنها قبل عقود من الآن مع السقوط فى القوميّة البرجوازية و الدفاع المستميت أيضا عن التجربة الناصريّة فى مصر و النظام السوري و نظام القذّافي فى ليبيا لعقود . بإختصار بدعوى الوطنيّة تذيّل مدّعو الماويّة هؤلاء للأصوليّة الإسلاميّة و للقوى القوميّة و أهملوا الشيوعية إيديولوجيّة و موقفا و منهجا و هدفا فحقّ عليهم وصف التصفويين .
و قد عرّت مجريات الأحداث السياسيّة فى سوريا و ليبيا و مصر و فى السنوات القليلة الأخيرة فى تونس مدى خطل هذا الخطّ التصفوي فعلا . فقد بدت جليّة عورة النهضة وهي فى السلطة و ما عاد بإمكان المتذيّلين لها الدفاع عن وطنيّتها خاصة و أنّها مارست سياسات رجعيّة لا وطنية و لاديمقراطية و لا شعبيّة لا غبار عليها عالميّا وقوميّا و محلّيا و قمعت الجماهير الشعبيّة و هاجمت بكلّ قوّتها الحقوق الدنيا للنساء و سعت لفرض تطبيق الشريعة و ما تعنيه من قوانين رجعيّة و لا إنسانيّة .
و مع ذلك ، لا يزال أفراد من بقايا هذا الخطّ رغم إفتضاح أمر حماس شعبيّا و علاقاتها بالنهضة التى إستغلّت الشعب و إضطهدته ، يهلّلون لذلك التنظيم الإخواني فى غزّة و ينشرون وهم أنّه إنتصر فى الحرب فى صائفة 2014.
الواقع يصرخ بأنّ الأصوليّة الإسلاميّة رجعية إلى النخاع و عميلة للإمبريالية و التصفويّون يطلقون حناجرهم عن عمى و بمثاليّة لا يحسدون عليها بأنّها وطنيّة . فى كتابنا " ضد التحريفية و الدغمائية ، من أجل تطوير الماويّة تطويرا ثوريّا " ( الحوار المتمدّن ) ، أفردنا فصلا لنقد أطروحات هؤلاء التصفويين و مماّ خطّ قلمنا ملخّصا ما حلّلناه :
" نتبيّن إذن أنّ خطّ المنظّمة [ المنظّمة الشيوعية الماوية ] إيّاها تجاه الإسلام و الإسلاميين الفاشيين خطّ تحريفي يميني مثالي ذاتي و إنتقائي يشوّه الماويّة و يرفع رايتها ليسقطها فهو ينظّر لخطّ و يكرّس خطّا يتذيّل لل" حركة الإسلامية " و يتذيّل للبرجوازيّة الوطنية التى تحوّلت إلى برجوازية كمبرادورية و يدوس واقع و حقائق أنّه فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية لم يعد هناك أي دور تقدّمي للدين بما هو إيديولوجيا وأداة رجعيّين فى يد الطبقات المستغِلّة وهو حجر عثرة أمام تقدّم الثورة الإشتراكية بتيّاريها و أمام المشروع الشيوعي و تحرير الإنسانيّة من كافة أنواع الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي ؛ و أنّ الإسلاميّين فاشيّون و للشعب و النساء أعداء و للإمبريالية عملاء . "
و لم يقف تبييض وجه الإسلاميين الفاشيين والتذيّل لهم عند هذه المجموعة و مشتقّاتها من مشوّهى الماويّة بل طال كذلك عدّة قوى ماركسيّة مزيّفة من فرق اليسار الإصلاحي منها على سبيل المثال حزب العمّال التونسي ( سابقا حزب العمّال الشيوعي التونسي ) الذى تحالف ، قبل عدّة سنوات ، فى ظلّ حكم بن علي ، مع النهضة فى إطار تحالف 18 أكتوبر جاعلا منها قوّة ديمقراطيّة و وطنيّة و موهما الناس أنّها غيّرت برامجها و رؤيتها لعدّة قضايا وهو أمر يجافى الحقيقة . و قد أثبتت الوقائع تاليا مدى سقوط هؤلاء اليساريين الإصلاحيين فى الأوهام الديمقراطية البرجوازية جرّاء قراءتهم التحريفية لطبيعة النظام و طبيعة هذه القوى الدينيّة الظلاميّة .
و هذه القوى الأصوليّة التى إدّعى و يدّعى الإصلاحيّون من اليسار أنّها ديمقراطيّة - وهي ليست كذلك نظريّا و عمليّا حسب ما كشفته الوقائع اليوميّة - هي الأم التى فرّخت فرقا صارت تقوم بأعمال يندّد بها منافقو النهضة على أنّها إرهابيّة و الحال أنّهم من الذين مدّوها بأسباب القوّة فمكّنوا عناصرها من الدعاية للجهاد و السفر إلى سوريا و ليبيا و التدريب العسكري و تهريب السلاح و متّعوها بحمايتهم حينما كانوا فى أعلى هرم السلطة . و قد أعلن الأمين العام السابق للنهضة فى بداية حكم النهضة و الترويكا ، ونقصد رئيس الوزراء الأسبق حمّادى الجبالي ، على الملأ أنّ هدفهم هو " الخلافة " أي ذات المشروع الأوتوقراطي للفرق المصنّفة حاليّا إرهابيّة .
و تدلّل تجربة الصراع الطبقي فى تونس فى السنوات الأخيرة على أنّ هناك مظهران فى علاقة الأصوليّة الإسلاميّة بالإمبريالية . فقد إتّفقت الإمبريالية الفرنسيّة والأمريكية و الطبقات الرجعيّة المحلّية على تشريك الإسلاميين الفاشيين فى سلطة الدولة و سلمّوهم جزءا من السلط فى إنتظار إعادة ترتيب بقيّة البيت الرجعي . و لا تعدو صفقة حكم النهضة على رأس الترويكا كونها تحالفا واضحا بين الإمبريالية و الطبقات الرجعية و الأصوليّة الدينيّة . و إثر الإنتخابات البرلمانية و الرئاسيّة الأخيرة تواصل التحالف لكن بشكل جديد حيث تحالف صراحة حزب نداء تونس المدعوم فرنسيّا و أمريكيّا مع النهضة ليتقاسما السلطة فى مستوى مجلس نواب الشعب و الحكومة .
و تبقى هناك مشكلة النزاع و الضغط على الفرقة أو الفرق الحاملة للسلاح ، بالمفاوضات أو بالقوّة المسلّحة أو بالمراوحة بين الإثنين – عسكري و سياسي - لإعادتها إلى سواء السبيل للتمكّن من إستخدامها عند الحاجة أو سحقها إن لم تقبل بحدود اللعبة التى رسمتها الإمبريالية و الدولة و الطبقات الرجعيّة .
و هكذا لم يساعد خطّ التحالف مع الأصوليّة الإسلاميّة و التذيّل لها على التقدّم فى مقاومة الإمبريالية و الرجعيّة و الإعداد لمتطلّبات الثورة الديمقراطية الجديدة ، بل على العكس من ذلك ساهم أيّما مساهمة فى تشويه الماويّة و الشيوعية عموما و تعزيز الأصوليّة الإسلاميّة و القوى الرجعيّة و الإمبريالية .
و إلى ذلك نضيف بضعة كلمات عن العمليّة الإرهابيّة فى أواخر جوان فى تونس – سوسة حيث قتل أصولي إسلامي بدم بارد تماما قرابة الأربعين شخصا من السائحين فى الأساس و جرح عديد الآخرين .
و يهمّنا فى سياق الموضوع الذى نحن بصدده أن نجيب قبل كلّ شيء على سؤال : هل خدمت هذه العمليّة " جبهة الشعوب المناهضة للإمبريالية " ؟
إستهدفت العمليّة عددا من السائحين الذين كانوا يقضّون عطلة فى نزل على شاطئ سوسة . و ما من شكّ فى أنّ قتل أناس جالسين على الرمل أو يسبحون فى البحر لكونهم من سكّان بلدان أخرى ، ينمّ عن عمل إجرامي يغلّف بغلاف ديني و قناع مقاومة الإمبريالية و هو فضلا عن ذلك عمل عنصري وجّه ضد الأوروبيّين بلا تمييز. الإجرام العنصري لا يساوى بأيّ معايير أو مقاييس ماركسية مقاومة للإمبريالية . وقد يساوى ذلك بمقاييس دينيّة و عنصريّة رجعيّة .
و نسترسل لنؤكّد أنّ اليسار الإصلاحي بهذه المناسبة واصل رحلة الهرولة بين التحالف مع الإسلاميين الفاشيين والإرتماء بأحضان الديمقراطية البرجوازية و فى حال تونس ديمقراطية دولة الإستعمار الجديد. فبعد التحالف مع النهضة الذى مرّ بنا ذكره نلفى حمّه الهمّامي ( الذى قام بتنازل مبدئي آخر مقرف شيوعيّا فأعلن إسلامه منذ أشهر لغايات إنتخابيّة ) قبل سنوات يقود الجبهة الشعبيّة ليتذيّل لحزب نداء تونس و السبسي الذى عمل تحت إمرة بن علي و معه و الذى يلقى الدعم كلّه من الإمبريالية الفرنسية و الإمبريالية الأمريكية ، ضد حكم النهضة و الترويكا . و ها هو اليوم ، إزاء العمليّة الإرهابيّة ، يصرخ و يعلن أنّه بطل من أبطال و فرس من فرسان الوحدة الوطنية لمقاومة الإرهاب .
و فى الوقت نفسه ، إستغلّت الطبقات الرجعيّة العمليّة لتمضى فى سياساتها المخطّط لها منذ مدّة لتمكين الولايات المتحدة و فرنسا من حضور عسكري مدروس فى البلاد بدعوى محاربة الإرهاب و لتستجدي قروضا عالمية و يطلب محافظ البنك المركزي من المواطنين التبرّع لصندوق تمويل محاربة الإرهاب و لتمنح الدولة رؤوس الأموال الناشطة فى القطاع السياحي تسهيلات و قروض كشفت أنّ بكاء الحكومة و دموع تماسيحها بانّ البلاد على حافة الإفلاس محض كذب على الذقون لتركيع الإحتجاجات الشعبيّة و لتطالب بسلم إجتماعية و بغلق أفواه معارضة الحكومة اللاشعبية و أعمالها و تجرّمهم بسهولة .
حتّى وهي تحارب على طريقتها ( الباعثة على الضحك أحيانا لعدم جدّيتها و إعتمادها على ترويج أكاذيب سرعان ما يكتشف خداعها ) الفرق الإرهابيّة ، كانت حكومات النهضة فى الماضي القريب و حكومة النداء – النهضة حاليّا يستفيدان من العمليّات الإرهابية . فقد لاحظ الكثيرون فى البلاد أنّه كلمّا وجدت النهضة نفسها فى مأزق سياسي إلاّ و جدّت عمليّة إرهابيّة تحوّل الإنتباه عن سياسات حكومة الترويكا الرجعيّة و تمكّنها من الدعوة إلى الوحدة الوطنيّة و وضع حدّ للإحتجاجات الإجتماعيّة . و على خطى تلك الحكومات تسير الحكومة الحاليّة التى تستثمر الوضع لإبتزاز المواطنين و تلجيم المعارضة .
و مرّة اخرى ، نخلص إلى أنّ سياسة التحالف مع قوّة من القوّتين اللتين عفا عليهما الزمن – الإمبريالية و الأصولية الدينية – عادت بالوبال على مصالح الطبقات و الفئات الشعبية و خرّبت النضال الشيوعي الثوري . لم يخدم الخطّ التحريفي الشعب و جبهة مناهضة الإمبريالية و التقدّم بالثورة البروليتارية العالمية بل خدم أعداء الجماهير الشعبية و عزّزهم و ساهم فى تأبيد الأوضاع القائمة و النظام الإمبريالي العالمي . الإمبريالية و الأصوليّة الإسلامية جزء كبير من المشكل و ليس أيّا منهما جزءا من الحلّ .
بماذا نفسّر هذا الإنحراف الخطير و القاتل ؟
قاتلا كان هذا الإنحراف فى التجربة الإيرانيّة لسنة 1979 و ما تلاها حيث ساندت أحزاب و منظّمات تقول إنّها ماركسية بشكل أو آخر الخميني فكانت من أولى ضحاياه و مجازره الجماعيّة لمّا أمسك بالسلطة . و كان قاتلا بدرجة أقلّ فى تونس حيث تمّ إغتيال زعيم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد ، شكرى بلعيد ، الذى كال المديح للقرآن و دافع كمحامى فى المحاكم عن الإسلاميين الفاشيين الذين جعلتهم نصوص من الأعداد الأولى من مجلّة حركة الوطنيين الديمقراطيين التى كان يقودها بلعيد قبل تأسيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد ، أناسا ديمقراطيين ...
و شهيرة هي ملاحظة حمّه الهمّامي زعيم حزب العمّال التونسي الإصلاحي قلبا و قالبا و مفادها " لمّا كانوا بالسجون و كنّا ندافع عنهم ، كنّا أبطالا . و اليوم و قد صعدوا إلى السلطة صرنا كفّارا " .
و مثلما أكّد مو تسى تونغ :
" إنّ الأمور فى العالم معقدة تقررها عوامل مختلفة . فعلينا أن ننظر إليها من جوانب مختلفة لا من جانب واحد فحسب. "
( " حول مفاوضات تشونغتشينغ " ( 17 أكتوبر – تشرين الأوّل – 1945) ، المؤلفات المختارة ، المجلد الرابع .)
و يعزى هذا الإنحراف الخطير و القاتل فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية فى تقديرنا لأكثر من سبب مباشر و غير مباشر قد تسبق أو ترافق جزئيّا أو كلّيا هذا الإنحراف وقد تتجمّع يعض هذه الأسباب أو جميعها لدى منظّمة أو حزب و الدراسة و البحث الخاصّين للسيرورة التاريخية لتطوّر المنظّمة أو الحزب وحدهما الكفيلين بتحديد الأمور بالدقّة اللازمة . و نكتفى فى هذا المقال بعرض سريع لهذه الأسباب الستّة التى تترجم فهما و خطأ أو ترتبط بشكل أو آخر بفهم و خطإ تحريفيين مناهضين لروح الشيوعية الثورية :
أ - بدلا من توجيه نظر الحركة الثوريّة نحو المستقبل بناءا على تحليل المشكل الملموس تحليلا ملموسا و تشخيص الداء و الدواء و النضال من أجل الحلّ مع جعل الماضي ( التقدّميّ منه و هو قليل عادة ) يخدم المستقبل كما يجب على الشيوعيين الحقيقيين فعل ذلك ، يركّز أنصار هذا الإنحراف الخطير و القاتل على توجيه نظر الجماهير و المناضلات و المناضلين نحو و توحيدهم على أساس ، الماضي فى جانبه الأصولي اليميني الرجعي و نحو الإنغلاق فى نظرة قوميّة ضيّقة تهمل الأممية البروليتاريّة فيغالطون أنفسهم و غيرهم و بهذا يمسون حقّا و بوجه من الوجوه من بقايا الماضي لا من طليعة المستقبل .
ب - و فى علاقة بهذا ، القبول بالفكر و الثقافة السائدين يعنى القبول بأفكار الطبقات السائدة وهي طبقات رجعيّة متحالفة مع الإمبرياليّة . و القبول بنظرة الطبقات السائدة للعالم بتعلّة أنّ الجماهير العريضة قابلة بها و أنّها جزء من الهويّة الوطنيّة يساوى عدم النهوض بالواجب الشيوعي و عدم نشر النظرة الشيوعية للعالم على أوسع نطاق ممكن و يعنى بالأخصّ وفق لينين فى كتابه المنارة " ما العمل ؟ " " تقديس العفوية " . و يفضى هذا الخضوع الذليل أمام العفويّة و تقديسها الذى يطعن فى الصميم حقيقة أنّ الوعي الشيوعي لا ينتج عن التجربة و الصراع المباشرين اليوميّين للعمّال بل كما قال لينين " ياتيهم من الخارج " أي بفضل النضال الشيوعي و حقيقة أهمّية النضال على الجبهة النظرية التى كثّفها لينين فى جملة " لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثورية " إلى تقوية الإيديولوجيا الرجعية ، ألم يقل لينين سنة 1902 أي قبل قرن و أكثر من يوم الناس هذا :
" إنّ كلّ تقديس لعفويّة حركة العمّال [ فما بالك بالطبقات الأخر – كاتب المقال ] ، كلّ إنتقاص من دور " عنصر الوعي " ، أي دور الإشتراكيّة – الديمقراطيّة [ لنقرأ الشيوعية – كاتب المقال ]، يعنى - سواء أراد المنتقص أم لم يرد ، فليس لذلك أقلّ أهميّة – تقوية نفوذ الإيديولوجية البرجوازية على العمّال . " (" ما العمل ؟ " ، فقرة : تقديس العفويّة . " رابوتشيا ميسل " – التشديد فى النصّ الأصلي ) .
و إن برهن موقف مساندى الأصوليّة الإسلاميّة على شيء فإنّما يبرهن على أنّ مقدّسو العفويّة هؤلاء لم يفقهوا شيئا من أو يتعمّدون تشويه ما قاله ماركس وإنجلز فى " بيان الحزب الشيوعي " :
" إن الثورة الشيوعية تقطع من الأساس كل رابطة مع علاقات الملكيّة التقليديّة ، فلا عجب إذن إن هي قطعت بحزم أيضا ، أثناء تطوّرها ، كل رابطة مع الأفكار و الآراء التقليديّة ."
ت - يشوّه محرّفو الشيوعيّة الفهم الماركسي للدولة مفهوما و وظيفة كما شرح ذلك لينين فى " الدولة و الثورة " و الحاجة إلى تحطيم الدةل القديمة و بناء دولة جديدة ثوريّة على أنقاضها . و يخفقون فى إستيعاب أو يتناسون الدروس التاريخيّة و واقع أنّ دولة الإستعمار أو دولة الإستعمار الجديد التى تنشئها الإمبريالية و الطبقات الرجعيّة المحلّية دولة يستطيع العمل فى إطارها و تعزيزها و إعادة إنتاجها ما يسمّون بالليبراليين أوالديمقراطيين والعسكريين الفاشيين و الأصوليين الإسلاميين و حتّى الماركسيين المزيّفين .
و تقريبا لهذه الحقيقة من أذهان القرّاء نذكر مثال السودان حيث قام الجيش بإنقلاب و مسك السلطة منذ سبعينات القرن الماضي خدمة للطبقات الرجعيّة المحلّية و الإمبريالية العالمية و عندما إحتاج إلى التراجع خطوة صغيرة إلى الوراء إستخدم الأصوليين الإسلاميين و على راسهم حسن الترابي و وضعهم فى الواجهة و لمّا تطلّبت مصلحة دولة الإستعمار الجديد إستبعاد الترابى و جماعته تمّ فعل ذلك . و نردف هذا المثال بمثال ثاني من الهند أين فى أكثر من ولاية منها أندرابراداش فى وقت معيّن ، وضعت الرجعيّة الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي ) فى السلطة ليقاتل و يقتل الماويين هناك الذين يخوضون حرب الشعب لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة كجزء من الثورة البروليتارية العالمية .
و مثال ثالث له دلالة كبرى هو مثال إيران حيث لم تشيّد دولة جديدة ثوريّة و لم تحطّم الدولة القديمة نتيجة إنتفاضة 1979 بل ظلّت أعمدتها الأساسيّة قائمة ( الجيش و الشرطة و البيروقراطية الإدارية ) و أدخلت عليها بعض التعديلات و أضيف إليها الحرس الثوري – بزدران – و حوّلت المحاكم للعمل وفق الشريعة الإسلاميّة .
و نحن نضع اللمسات الأخيرة لهذا المقال تناهى إلى مسامعنا خبر أنّ جمهوريّة إيران الإسلامية و " الخمسة إضافة واحد " أي الأصوليّة الإسلامية الإيرانية و القوى الإمبرياليّة العالمية و على رأسها الإمبريالية الأمريكية التى لعقود طويلة إعتبرتها إيديولوجيا النظام الإيراني " الشيطان الأكبر " قد أمضوا إتفاقا قيّمه المسؤولون الإيرانيّون و الأوروبيّون و الأمريكيّون على أنّه إنتصارا تاريخيّا و إتفاقا جيّدا و فاتحة عصر جديد ليس لإيران فحسب بل للشرق الأوسط بأكمله . و من ثمّة ، عاد الوفاق بين الرجعيّة الإيرانية و الإمبريالية الأمريكيّة أساسا، بعد النزاع حلّ الوفاق ، بعد الصراع حلّت الوحدة بين الرجعيين من الفئتين اللتين ولّى عهدهما . و ليس هذا المثال لا الأوّل و لا الأخير عن مثل هذه العلاقة بين الفئتين اللتين ولّى عهدهما .
لقد لخّص ريموند لوتا هذه المسألة على أحسن وجه حين قال فى إطار نقاش الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية و طبيعة المجتمع السوفياتي سنة 1983 :
" ليست الدولة أداة محايدة و لقمة سائغة يمكن أن يُفرض عليها و يضغط عليها لتعمل لمصلحة هذه الطبقة أو تلك ... الدولة هيكلة إجتماعيّة موضوعيّة يتحدّد طابعها ليس بالجذور الطبقيّة للأشخاص الذين يقودونها بل بالتقسيم الإجتماعي الخاص للعمل الذى هي إمتداد له وبعلاقات الإنتاج التى يجب عليها أن تخدمها و أن تعيد إنتاجها " ( ريموند لوتا ، " حقائق الإمبريالية – الإشتراكيّة مقابل دوغما الواقعيّة المنافقة : ديناميكيّة نشكيلة الرأسماليّة السوفياتيّة " ، ص 40-41 الذى صدر ضمنه هذا المقال بالأنجليزية و رابط المقال على الأنترنت هو
.(http://www.bannedthought.net/USSR/RCP-Docs/SUSoSI/SUSoSI-Lotta-Main.pdf
إنّ مقاومة الإمبرياليّة و لو بالسلاح لا تعنى الثوريّة فهناك إصلاحية مسلّحة عرفتها أمريكا اللاتينيّة و فلسطين و الهند إلخ و الإسلاميّون الفاشيّون إصلاحيّون عامة و إصلاحيّون مسلّحون أحيانا . و الماركسيّون المزيّفون الذين يساندون الإصلاحيين هم أنفسهم إصلاحيّون عن وعي أو عن غير وعي و ليسوا بصدد النضال من أجل تحطيم الدولة القديمة و إنشاء دولة جديدة ثوريّة و هدفها الأسمى الشيوعية على الصعيد العالمي .
ث - و يحرّف أنصار الأصوليّة الدينيّة المفهوم الماوي للجبهة المتّحدة و يهيلون الكثير من التراب على طبيعة البرجوازية الوطنيّة المزدوجة كما فسّرها جيّدا ماو تسى تونغ فى مؤلّفاته و أثبتها المسار التاريخي للثورة الصينيّة . و لكي يبرّروا موقفهم الرجعي من الأصوليّة الإسلامية خرج علينا – مزيّفو الماويّة فى تونس مثلا – بأطروحة أنّ الأصوليّين الإسلاميين يمثّلون البرجوازيّة الوطنيّة دون أيّة دراسة أو بحث أو دليل و إثبات . و لكنّ من يمتلك أدنى إطلاع على كتابات ماو تسى تونغ و الواقع الراهن محلّيا و عالميّا ، يدرك أنّ جبهتهم المشوّهة للماويّة تضمّ قوى رجعيّة مناهضة للبرنامج الأدنى و البرنامج الأقصى للثورة الديمقراطيّة الجديدة كجزء من الثورة البروليتارية العالمية و هدفها الأسمى الشيوعية على النطاق العالمي . و الماويّة الحقيقيّة من جبهتهم الرجعيّة براء.
ج - و تتكشّف جليّة المثاليّة الذاتيّة التى تجعل فى عصرنا ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ، من قوى أصوليّة دينيّة رجعيّة البرنامج و الأساليب و الرؤية إلى العالم قوى وطنيّة أو ديمقراطية أو تقدّميّة و تجعل من الدين مكوّنا ضروريّا لمقاومة الإمبريالية فى حين أنّه أداة وإيديولوجيا بيد الطبقات الرجعية. إنّ مساندى الإسلاميين الفاشيين يحلّون النوايا و الأفكار المسبّقة محلّ الواقع الملموس الذى يجب أن يحلّل تحليلا ملموسا كما أوصانا لينين لنتمكّن من فهمه فهما علميّا و تغييره تغييرا ثوريّا من وجهة نظر علم الشيوعية .
ح - يقينا انّ هؤلاء المحرّفين للماركسية يشكُون من مرض عضال لطالما عانت منه الحركة الشيوعية العالمية و قد شخّصه بوب أفاكيان فى خضمّ تطويره للخلاصة الجديدة للشيوعية بما هي شيوعية اليوم التى قطعت مع أخطاء الماضي و تمسّكت بمكاسب التجارب التاريخية للبروليتاريا العالمية و الحركة الشيوعية العالمية و أعادت إرساء علم الشيوعية على أسس علميّة أرسخ من أجل خوض الصراع الطبقي على كافة الجبهات بسلاح شيوعي ثوري حقّا راهنا و إنجاز ما أفضل مستقبلا . و هذا المرض العضال هو " الحقيقة السياسية " . معالجين هذه المسألة الفلسفيّة المتّصلة بالأبستيمولوجيا او نظرية المعرفة و كيفيّة بلوغ الحقيقة ، كتبنا فى نص " إسلاميّون فاشيّون ، للشعب و النساء أعداء و للإمبريالية عملاء " :
" يحتاج تغيير العالم تغييرا ثوريّا إلى تفسيره تفسيرا علميّا و تحتاج الحركة الثورية التى تهدف إلى تغيير العالم إلى نظرية ثورية تنهض على الحقائق التى منها تنطلق و على أساسها تبنى الممارسة الثورية . و متى أفلتت الحركة الثورية الحقيقة من يديها أو تجاهلتها ، لن تستطيع لا تفسير العالم و لا تغييره ، لن تستطيع لا فهم الواقع و لا صياغة سياسات و خطّ ثوريين يرشدان الممارسة الثورية . و الممارسة لن تكون ثورية إن هي إعتمدت على الأوهام أو أنصاف الحقائق . و مثلما أكّد ماو تسى تونغ ملخّصا عقودا من تجربة الثورة البروليتارية فى الصين و حول العالم ، صحّة الخط الإيديولوجي و السياسي أو خطئه هي المحدّدة فى كلّ شيء .
والحقيقة الموضوعية نكتشفها أو نبلغها بالدراسة و التمحيص و التحليل الملموس للواقع الملموس ، لا بنسج الأوهام و التفاسير الماورائية و إلصاق أفكار مسبّقة بالواقع أو بإعتماد تأويلات ذاتية له أو قوالب جاهزة . الشيوعيون الماويون الثوريون ، الماديون الجدليون حقّا يبحثون عن الحقيقة فى الواقع الموضوعي و يقرّون بها ويعترفون مهما كانت ( و إن كانت حقيقة مُرّة و مؤلمة ) ، أمّا المثاليون الميتافيزيقيون و التجريبيون و الدغمائيون و الإنتقائيون و البراغماتيون ... فيتجنّبون البحث عن تلك الحقيقة الموضوعية التى هي وحدها الثورية حسب كلمات لينين و يعوّضونها بأوهام أو تأويلات ذاتية أو أنصاف حقائق إلخ.
و متصدّيا لنزعة قويّة حتى فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية ، تاريخيّا و راهنا ، نحو الدغمائية و الأداتية و البراغماتية ، أكّد بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية، سائرا على خطى ماو تسى تونغ ،على ضرورة إجراء قطيعة عميقة وشاملة مع هذه النزعة فى المقاربة و المنهج الشيوعيين من أجل إرساء علم الشيوعية على أسس علمية أرسخ فقال :
" كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية ". ( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره " ، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005).
وفى موضوع الحال ، موضوع الإسلاميين الفاشيين ، يلاحظ بيسر أن الكثير من البرجوازيين الليبراليين و من " الماركسيين " و" التروتسكيين " وقلّة من " الماويين " عربيّا و عالميّا إعتمدوا صنفا أو آخر من المثالية الميتافيزيقية ليجعلوا من الإسلاميين الفاشيين ديمقراطيين و من عملاء الإمبريالية وطنيين و ليتذيّلوا لهم و ليضمّوا أعداء الشعب إلى صفوف الشعب و يتغاضوا عن إستعباد الإسلاميين الفاشيين للنساء أو يقبلوا به جزئيّا أو كلّيا بدعوى أولوية الصراع ضد الإمبريالية أو الصهيونية و ما إلى ذلك من حجج تضليلية تخدم فى آخر المطاف الرجعية و الإمبريالية و الصهيونية . "
-----------------------
ممّا تقدّم نستشفّ أن الواقع أثبت و لا يزال يثبت أن أطروحات آجيث و أشباهه و أتباعه بصدد الأصوليّة الإسلامية إنحراف بيّن و جلي ّ عن علم الشيوعية و هو إنحراف يميني خطير و قاتل و أنّ لهذا الإنحراف اليميني صلة وثيقة بتحريف علم الشيوعية فى ما يتعلّق بالدولة و الجبهة المتّحدة و الهدف الشيوعي و الصراع الإيديولوجي و أهمّية النظريّة و المثالية و " الحقيقة السياسية " .
لقد حلّل بوب أفاكيان أفضل تحليل طبيعة الصراع بين الأصوليّة الدينية و الإمبريالية على النحو التالى : " ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولّي عهدها تاريخيا ضمن النظام الإمبريالي . و هذان القطبان الرجعيان يعزّزان بعضهما البعض ، حتى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنك ستنتهى إلى تعزيزهما معا . "
( بوب أفاكيان – " التقدّم بطريقة أخرى" ، جريدة " الثورة " عدد 86 ، 29 أفريل 2007 .)
و هكذا تقتضى السياسة الشيوعية الثوريّة حقّا عدم الإلتحاق بأي من هتين القوّتين اللتين عفا عليهما الزمن و بذل قصارى الجهد للتقدّم بطريقة أخرى ، للتقدّم بالمشروع الشيوعي الثوري بأساليب شيوعية ثوريّة .
و دعونا ننهى هذا المقال بدعوة إلى نقاش المقارنة الآتى ذكرها :
لاحظنا فى جدالنا السابق ضد آجيث أنّ هذا الأخير دافع ، على غرار الكثير من الدغمائيين الآخرين صلب الحركة الشيوعية العالمية ، بإستماتة عن تكتيك الجبهة العالمية المتّحدة ضد الفاشيّة التى يعتبرها أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية خطأ فادحا و قد أسهبنا فى تفسير خلفيات خطل تكيتيك تلك الجبهة المتحدة . لقد دافع آجيث عن تحالف الحركة الشيوعية العالمية مع الديمقراطية البرجوايّة أي مع الإمبريالية فى شكل دولة ديمقراطي برجوازي ضد الفاشيّة البرجوازية أي الإمبريالية فى شكل دولة فاشيّة برجوازية أثناء الحرب العالمية الثانية رغم انّ ذلك يتعارض مع الإنهزامية الثورية اللينينية و رغم أنّ نتائج ذلك التكتيك المناهض للينينيّة كانت جدّ وخيمة على الثورة البروليتارية العالمية .
و الآن فى حال الأصوليّة الإسلامية و الإمبريالية ، يريد آجيث و أمثاله جرّ الشيوعيين إلى التحالف مع القوى الإسلاميّة الفاشيّة ضد ما يمكن أن نسمّيه ديمقراطية برجوازيّة إمبريالية .
الظاهر أنّ الوضع أثناء الحرب العالمية الثانية و راهنا إنقلب رأسا على عقب فى أذهان الدغمائيين و المثاليّين و لكن الخطأ الخطير و القاتل واحد قديما و حديثا . و نسرع إلى الشرح فنقول : فى كلتا الحالتين أهدر شيوعيّين طبيعة الدولة القائمة الطبقيّة أكان شكلها ديمقراطي أم فاشيّ و أنّه ينبغى الإطاحة بها و إنشاء دولة الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات أو المستعمرات الجديدة سابقا ( ما فعله عن صواب ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني فى الصين ) و دولة إشتراكية فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية سابقا ( ما تجاهل القيام به الشيوعيون فى أوروبا مثلا ) .
دوس تكتيك الجبهة المتّحدة للإنهزامية الثورية التى دعا إليها لينين و مارسها أثناء الحرب العالمية الأولى ( و هي من الأشياء التى من دونها موضوعيّا ما كانت توجد ثورة أكتوبر ) شبيه نوعا ما بدوس دعوة التحالف مع الأصوليين الإسلاميين للتكتيك الشيوعي الثوري المقترح من قبل بوب فاكيان ألا وهو التقدّم بطريقة أخرى ، طريقة شيوعية ثوريّة ضد القوّتين اللتين عفا عليهما الزمن ، و الذى يمكن أن يعدّ بشكل من الأشكال تعبيرا آخر عن الإنهزاميّة الثوريّة اللينينيّة .
فى ثلاثينات القرن الماضى ، بدعوى ديمقراطية الإمبريالية الفرنسيّة و الإنجليزية و الأمريكية التى صيّروها بعصا سحريّة مناهضة للينينيّة " تقدّميّة " و صدر نداء ديمتروف وستالين و قيادة الحركة الشيوعية العالمية حينها للتحالف مع الإمبريالية عوض تكريس الإنهزاميّة الثوريّة و الإطاحة بالدول البرجوازيّة الإمبريالية . و اليوم بدعوى وطنيّة الأصوليّة الدينيّة التى صيّرت بعصا سحريّة أيضا بمعنى ما " تقدّمية "، تصدر الآن دعوة للتحالف مع الإسلاميين الفاشيين عوض الإطاحة بهم و بالإمبريالية بإعتبارهما قوّتين عفا عليهما الزمن و بناء دول جديدة ثوريّة تواصل النضال فى سبيل المضي على درب إنشاء عالم آخر ، عالم شيوعي ضروري و ممكن و مرغوب فيه ...

======================================



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماو تسى تونغ منظرّ ماركسي لامع أم - صاحب فقر نظري - ؟ - عبد ...
- الماوية و الدين - - عبد الله خليفة يشوّه الماوية و يقدّم الن ...
- من مكاسب الثورة الماويّة فى الصين - - عبد الله خليفة يشوّه ا ...
- ماو تسى تونغ قومي أم أممي ؟ - عبد الله خليفة يشوّه الماوية و ...
- دور الفرد فى التاريخ بين الفهم المثالي و الفهم المادي -- عبد ...
- فيما يشترك مقال السيد عبد الله خليفة و مقال السيد فؤاد النمر ...
- مقدّمة و خاتمة - عبد الله خليفة يشوّه الماوية و يقدّم النصح ...
- تحرير البروليتاريا و الإنسانيّة جمعاء : إن لم تناضلوا من أجل ...
- كيف يسيئ - الستالينيون - / البلاشفة / البلاشفة الجدد الخوجيي ...
- من الخلافات التاريخية بين ستالين ماو تسى تونغ ( تشويه فؤاد ا ...
- - الستالينية - و الماوية ( تشويه فؤاد النمري للماوية 9/7 )
- لنناقش وثائق أصدرها أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية بمناسبة ا ...
- نضال ماوتسى تونغ ضد الخروتشوفية ( تشويه فؤاد النمري للماوية ...
- الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى : فشلت أم حقّقت إنتصارات ...
- الماوية و الفلاّحون ( تشويه فؤاد النمري للماوية 9/4 )
- ملاحظات سريعة بصدد منهج فؤاد النمرى ( تشويه فؤاد النمري للما ...
- النقد و النقد الذاتي و ذهنيّة التكفير لدى فؤاد النمرى ( تشوي ...
- تشويه فؤاد النمري للماوية – ردّ على مقال - ماو تسى تونغ صمت ...
- مقدّمة كتاب - حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية
- خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي والسياسي يشوّه علم الشيوعية .


المزيد.....




- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - مزيدا حول الأصوليّة الإسلامية و الإمبرياليّة و النظرة الشيوعية الثوريّة للمسألة