غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4861 - 2015 / 7 / 9 - 14:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مــريــام أنــطــاكي Myriam Antaki...
صــورة ســـوريـــة...
الكاتبة السورية الرائعة المتكاملة والتي تكتب بالفرنسية.. تحدثت من يومين على راديو Europe 1 الفرنسية عن كتابها الرائع الذي يحمل العنوان التالي La Rue de l’ange شــارع الــمــلاك الذي يروي بروعة وجمال قصة مدينة دمشق وتاريخها, والذي يعود لآلاف السنين قبل المسيحية. بأقل من ساعة حملت هذه المرأة السورية كل الانتباه إلى سوريا وتاريخها... ألف مرة أفضل من خطابات وبيانات وتصريحات وزارتي الإعلام والثقافة السورية.. خلال السنوات العديدة الماضية حتى اليوم...
كتاب رائع... وكاتبة رائعة كاملة.
تعرفت على هذه السيدة السورية الرائعة الكبيرة, في مدينة ليون أثناء محاضرة تاريخية مشرقية سورية باللغة الفرنسية.. دعتها لإقامتها عمودية مدينة ليون, بمناسبة مهرجان التحضير لتوأمة مدينة ليون وحلب.. حضرها آنذاك بسنة 1999 محافظ مدينة حلب المشهور محمد مصطفى ميرو, والذي كان عائدا مع وفد حلبي تجاري من زيارة للولايات المتحدة الأمريكية... شاركنا بها آنذاك بعض السوريين الذين شكلنا أولى نواة للرابطة الثقافية الفرنسية السورية... وقد لاحظنا بشكل واضح الفرق الثقافي والاجتماعي والعلاقاتي والتهذيبي.. ما بين شخصية السيد مــيــرو البدائية البعيدة عن اللياقة والديبلوماسية والذوق.. وشخصية السيدة أنطاكي أثناء محاضرتها.. إذ أنه قاطعها أثناء محاضرتها وأراد تصحيح بعض المعلومات التاريخية, مؤكدا بشكل بعيد عن أية صحة تاريخية أو علمية معلوماته التي لا ترتكز على أي شـيء, سوى رغبته بالمداخلة ولفت الانتباه بأشكال متعددة مترددة بعيدة عن الأصول والتهذيب.. رغم جهله التام باللغة الفرنسة.. وكان يتدخل بواسطة مترجم لبناني باريسي, أوفدته له السفارة السورية في باريس.. مما أدى إلى إحراجنا وإحراج السيدة المحاضرة اللائقة بأشكال لافتة للنظر أمام مضيفينا من المسؤولين الفرنسيين.. ومنها إصراره على وجــود الإسلام قبل المسيحية في سوريا!!!... ولما علمت بعد عدة أشهر أن حافظ الأسد عينه رئيسا للوزراء.. كدت أصعق من هذا النبأ من تعيين هذه الشخصية الجاهلة.. بهذا المنصب الذي يحتاج آنذاك, وسوريا تمر بحقبة حساسة, إلى شخصية سياسية مثقفة مرنة عالية الذكاء والمرونة... ولكن لما مرت الأشهر والسنين القليلة التي ترأس فيها هذا الرجل رئاسة الوزارة مرتين متواليتين.. وقرأنا وسمعنا تفاصيل مغامرات هذا المسؤول التجارية الشخصية والعائلية.. تأكدت كما كنت أحلل من سنوات بأن حافظ الأسد لا يرغب حوله أو بقربه.. أي شخص كامل ذكي سياسي مفكر بالسلطة... لأنه يحذر جدا من شخصيات الكمال والذكاء وذوي التفكير الصحيح.. حتى لا يخالف أحد رأيه بأي يوم.. بأي شكل من الأشكال.. وان تبقى غيوم الفساد دوما هي الشريعة السائدة.. بكل قواعد الدولة وأهرامها...
صــور وذكريات من الماضي.. ومن التاريخ... وإهمال وغباء... أوصلتنا إلى المــأساة التي تعيشها اليوم سوريا وشعبها... حتى وصلنا لخلافة داعش التي فجرت الخراب والفظائع ونشرت شريعة العتمة والموت بنصف الأرض السورية... ومريام أنطاكي برونق كتابتها الفرنسية اليوم, من الكتاب السوريين النادرين اليوم, ممن تبقى من الأنتليجنسيا السورية.. وبوجه كل جبروت الإعلام الغربي الذي لا يساير على الإطلاق الخط السوري الحالي الرسمي.. وبلاغتها التاريخية ولغتها الفرنسية الجيدة الأنيقة الدقيقة الكاملة, تبذل كل قواها وإلى أقصى الأبعاد متحدثة عن كتابها La Rue de l’ange حتى تعطي عن سوريا وشعبها وتاريخها أحلى الصور التذكارية الجميلة الحضارية الخالدة... بأسلوب يمكن أن يفهمه الغربيون...
لذلك بعد خمسة عشر عام أجدد لهذه السيدة احترامي لشخصها وشخصيتها.. وأشكرها وأرفع لها قبعتي لكل ما أعطتني بهذه المقابلة مع محطة Europe 1 من فخر واعتزاز.. مجددة أملي بالمرأة السورية هناك وهنا التي تبقى آخر أمل.. ورغم فظائع داعش وإرهابها التي تملأ وتشغل كل صفحات الإعلام الرئيسية... بأنه لا بــد لــســوريـا أن تقاوم الموت واليأس والعواصف والمؤامرات وتنهض وتحيا.. هي التي عرفت خلال أكثر من ثلاثة آلاف سنة أقسى النكبات والغزوات والاغتصابات.. وانتصرت للحياة وعاشت واستمرت... وبأمثال السيدة الكبيرة ميريام أنطاكي.. سوريا لا بد أن تــحــيــا...
*********
عــلــى الــهــامــش :
ــ الــمــيــاديــن
أطلقت محطة الميادين اللبنانية هذا الأسبوع, كلما ختمت نشراتها الإخبارية المكثقة عن اليمن (السعيد) هذا الـشــعـار :
" امــتــنــا تــســتــحــق الــســلام "
وليسمح لي مسؤولو هذه "المحطة الذكية الإبداعية الإعلانية" أن أضيف على شعارها :
" كل الأمم, وكل الإنسانية, تستحق اليوم أكثر من أي يوم آخر.. السلام والعيش بلا كراهية وأحقاد وحروب "...
ولننظر بمرآة التاريخ.. أو ليس بيننا وبين شعوبنا العربية والإسلامية, جماعات كبيرة تعتقد وتؤمن أنها أفضل أمة عند الله.. وأن من حقها أن تكره الآخر وتحقد عليه وتكفره وتعتبر حياته أرخص من نملة على الأرض.. لا قيمة لها.. وأن فصل رأسه عن جسده, فعل طبيعي يقربه من جنات الله وما فيها من ملذات موعودة...
أو ليس الخطأ فينا وفي تفسيراتنا للدين وقوانينه التي نحرفها على الأرض يوما إثر يوم, لترضي غرائزنا بالسيطرة على الآخر.. مبتعدين بعناد وجهل وجهالة عن كل حقيقة حقيقية... ولا تؤمن سوى بالحرب والقتل شريعة...
إذن لتنادي "الميادين" وأصحابها ومفكروها وصانعو تجارات إعلامها السياسي والاجتماعي والديني.. بسلام العقول " وغــســلــهــا " بالعالم العربي والإسلامي, قبل أي شــيء.. حتى نوقف المجازر والتقتيل وتوجيه الأطفال وتعليمهم وتدريبهم على سهولة قتل الأسرى... حينها قــد يبدأ السلام بين بعضنا البعض.. وبعدها نستطيع مطالبة الآخر أن يتعلم مثلنا مبادئ نــشــر السلام...
أعرف أن ما أطلب عميق الصعوبات, لأن الحرب في جذورنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا وعنترياتنا وأشعارنا وخطاباتنا الدونكيشوتية الخشبية والتنكية... وفي كتب مدارسنا... ولكن على الأقل يمكن أن نصححها في كتاباتنا وفي كتبنا ومدارسنا.. ونغسل عقول أجيالنا اليافعة الجديدة... وحينها.. وحينها قد يبدأ بصبوص أمل بتغيير العقول.. وقد تبدو آمال ونظرات جديدة تعشق الحياة.. وليس الموت... من يدري؟؟؟... من يدري؟؟؟....................
ــ بادرة إعلامية جديدة
لأول مرة منذ الاعتداء الإسرائيلي الرهيب على قطاع غــزة بتاريخ الثامن من تموز 2014, والذي تسبب بقتل الفي فلسطيني.. أطفال, نساء, شيوخ, ورجال, غالبهم من المدنيين الأبرياء, وتفجير أكثر من نصف بيوت القطاع, ومتاجره وصناعاته.. مشددا الحصار والتفقير والتجويع المبرمج... تجرأت محطة تلفزيونية فرنسية من القطاع الخاص, بتقديم برنامج من عدة دقائق عن حياة الغزاويين وصعوبة معيشتهم البعيدة كل البعد, عن أبسط الشروط الإنسانية, بالإضافة إلى تحقيق موسع من قبل رئيس رابطة أطباء بلا حدود MSF, بفرعها الأمريكي Jason Coneعلى صفحات موقعMédiapart الفرنسي منتقدا بحدة ووضوح شراسة التعدي والاحتلال الإسرائيلي الذي لا يترك أي مجال إنساني بسيط لمعيشة بسيطة للغزاويين, وعدم التزامات السلطات الإسرائيلية بأي من قرارات الأمم المتحدة... كالعادة...بصمت إجرامي من الدول المهيمنة على مجلس الأمن...
بادرة إعلامية جديدة.. أراها بوسائل الإعلام الفرنسية لأول مرة... وهل هذا يعني أن الضمير العالمي بدأ يتحرك داخل تابوته, حيث دخل بخدر وصمت من عشرات السنين... وهل يمكن أن تصل هذه البادرة الضميرية الغربية المفاجئة للمساعدة لإيــجــاد حــل للنكبة السورية التي تدوم من أربعة سنوات وأربعة أشهر حزينة مريرة؟؟؟!!!...
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان في العالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأطيب وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فـرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟