غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4855 - 2015 / 7 / 3 - 15:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هـولـوكـسـت Holocauste الشعب السوري.
هل تقرر أن يبقى شعب هذا البلد بين المطرقة والسندان.. حتى يموت نصفه.. ويهجر نصفه الآخر.. دون أن تفتح لـه أية أبواب أو نافذة بأي من دول العالم.
ما هذه المجزرة الإنسانية التي وقع فيها هذا الشعب المسالم الذي يعشق الحياة والمرح والسعادة.. حتى يــقـع بهذا الفخ الأسود ما بين داعش وداعش أو السلطة التي سيطرت على مصير البلد من ستين سنة.. صامتا.. كما تربى منذ مئات السنين " اللي بياخد أمي بسميه عمي " مرغما.. مطأطئ الرأس.. متعبا.. شائخا.. هرما.. مهددا بالموت ألف مرة في اليوم.. هاربا من الموت في اليوم ألف ألف مرة.. أينما تحرك أو تطلع إلى بقعة ضــوء.. بلا أمـل.. غير الموت على كل مفرق أو حاجز.. أو غــارة... بلا أي ذنب سوى أنه ولد في بلد عبرت على دروبه كل غــزاة التاريخ وسيافيه, بعد أن اكتشف قدماؤه قبل وصول الديانات.. أولى الحضارات والكتابة وأولى مبادئ الحكمة والمعرفة.. وخاصة اكتشاف الحياة... فاجتذب الغزاة المختلفين ومحترفي الغزو والحروب.. ومن حملوا دياناتهم الجديدة كــآلـة حــرب...
ومع هذا كنا نتخلص من الغزاة العابرين, فنتزوج منهم ويتزوجون منا.. محاولين أن نعلمهم بعضا من حضارتنا ومعرفتنا وفنوننا مقابل قبول بعض من عاداتهم وشريعتهم.. رغم أننا كنا نخسر ــ بقبولنا ــ بعضا من حضارتنا ومعرفتنا وفنوننا.. وكثيرا من أرواحنا.. لأن الغازي الذي يبقى ويستقر.. يفضل أن نبقى أقلية.. وأن نبقى أقل منه عددا.. فكنا دوما نتضاءل عددا.. ونحي السيد الغازي.. كلما مــر وعــبــر.. وأخذ معه ما يشاء من السبايا والخيرات.. شرعها بعض الغزاة وآخـرهم.. تحت تسمية " جزية "... رأيناها بأيامنا هذه.. تحت حكم آخــر الغزاة " داعــش "!!!........
مما يعني أننا, رغم كل عنتريات كتاب التاريخ ومنفخاتهم, ممن عاشوا دوما في أروقات قصور السلاطين والحكام.. كنا دوما شعوبا مغزية.. وسبايا... أو مهجرين من بلاد إلى بلاد...
وخمسة عشر قرن ما بين اجتياح خلافات العربان حتى سلاطين بني عثمان...والسنوات التي تلتها.. وما سمي استقلال البلد.. جمد التاريخ.. وجمدت كل حضاراتنا التاريخية... وبدأنا نبحث عن عوالم أخـرى بالهجرات المتوالية... حتى أن بعض الإحصائيات تعطي ــ بأشكال مختلفة ــ أن أعداد السوريين أو من أصل ســوري يفوق عدد السوريين المقيمين على الأرض السورية الحالية... دون أن ننسى أن عدد المهجرين إلى بلاد الجوار, وفي أربعة أقطار المعمورة, منذ بدء الحرب ضد سوريا وشعبها, منذ أربعة سنوات وأربعة أشهر.. تجاوز بـآخـر الإحصائيات حوالي نصف تعداد سكان ســوريـا...
النصف مهجرون... ونصف مليون ضحية. والنصف الآخر بانتظار المجهول من تقسيم وسبي وغزو وموت... والــعــالــم يسجل الضحايا ويحصي ويقيم المؤتمرات والدراسات.. ويتفرج.. كأنها مسلسلات عن احتلال القمر.. وكأنما الضحايا صور وهمية على شاشة وهمية.. وليسوا بــشــرا ولحما ودما.. وطاقات إنــســانــيــة...
أيها الصامتون المتفرجون.. أيها الغربيون.. ويا أيها الشركاء العرب.. وأعني بكم لا شركاء بالوطن أو بأية رابطة, فلا رابطة تربطني بكم.. لأنكم أول الشركاء بالجريمة وأوائل السيافين وعبيد القتلة والمجرمين.. يا عــرب الــغــدر والخيانة, كما كنتم من أقدم العصور... ماذا فعلتم ببلد مولدي... شاركتم بالذبح والقتل والصمت وصلوات وهمهات الباطن.. ضد هذا الوطن الجريح.. لأن الخيانة بـجـيـنـاتـكـم... ولن تتغيروا.. وكل من "جمع الشمل معكم" هــنــاك و هــنــا.. شريك بالجريمة.. عن عـمـد أو عن غـــبـــاء...
يا أحرار العالم ومن تبقى منهم... لماذا تصمتون عن الهولوكوست السوري؟... ولماذا لا تنتفضون بوضوح ضد مسببيه وضد من صنعه سنة بعد سنة.. وخطط لـه من سنوات عديدة... لماذا تصمتون.. ولماذا لا تتظاهرون وتقولون أنا ســوري Je suis Syrien كما تظاهرتم من أجل شــارلي يوم صرختم أنا شارلي Je suis Charlie بمئات المدن في العالم الــحــر وغيره.. أم أن حرياتكم وتظاهراتكم محصورة محدودة لشعوب.. وشعوب.. أولا تساوي ملايين الضحايا السوريين.. عشرات ضحايا Charlie Hebdo وSuper Cacher الباريسية؟؟؟!!!.........
*********
مدينة حلب السورية التجارية... مدينة حلب المقسومة اليوم ومن ثلاثة سنوات بين السلطة والمحاربين الإسلاميين المتعددي الجنسيات, من القاعدة أو جبهة النصرة وغيرهم والتي تهدم أكثر من نصفها وسبيت جميع مؤسساتها ومصانعها المشهورة عالميا ومن ثم نقلت إلى تركيا... مهددة من جديد بحملة واسعة مع آلاف المسلحين الجدد الداعمة لهذه القوات الإسلامية, التي ترفع الشعار بأنها سوف (تــحــرر حــلــب) بكاملها حتى تطبق عليها الشريعة الإسلامية.. كأيام أولى سيافين الخلافة الإسلامية... حلب التي كانت (تــتــعــايــش) فيها عشرات الطوائف... يريدون أن تطبق فيها الشريعة الإسلامية... ولهذا السبب أصبحت هذه المدينة المتهدمة المنكوبة المتفجرة, أكثر المدن السورية التي يهجرها ويهرب منها كل من يستطيع الفرار والتسلل عبر عشرات عصابات القتلة...
مدينة حلب المسجلة في التراث العالمي... أصبحت مدينة الترقب والخوف والدمار وانقطاع الماء والكهرباء وفقدان أبسط الحاجات اليومية الضرورية.. وخاصة العناية الصحية.. وما من أحد في العالم الحر أو العالم الفاسد, يصرخ انقذوا حلب.. أو أنا حلب Je suis Alep!
لهذا السبب اصرخ متسائلا ــ بوادي الطرشان ــ للمرة الألف أو أكثر.. هل تتساوى حقوق الإنسان.. حقوق البشر.. بكل مكان في العالم... آلاف السوريين يتمزقون كل يوم.. ويموتون.. ويجوعون.. ويهجرون.. ولا أسمع صوتا واضحا يصرخ Je suis Syrien كأنما موات هذا البلد حلال.. لا حسب الشريعة الإسلامية فحسب.. بل حسب كل الشرائع العالمية العرجاء الصامتة المتعامية المتآمرة... فاتحة كل الأبواب والنوافذ والخنادق والمزاريب أمام قوات الظلام الإرهابية التي تدعي أنها تحاربها..
ماكيافيل وكيسنجر يدعمان اليوم أكثر من أي يـوم آخر.. قوات الظلام.. حتى يموت الأمل.. وحتى تخنق الحياة بهذا الوطن السوري...
***********
عـلـى الــهــامـــش :
ــ القاعدة في فرنسا
Al – Qaïda en France
آخـر كتاب للخبير الدولي بالقاعدة والعديد من المنظمات الإسلامية العالمية.. اسمهSamuel Laurent والذي له العديد من الاتصالات مباشرة مع أمراء ناشطين بهذه المنظمات من سنوات طويلة, حتى داخل سوريا, يتبادلون معه معلومات موثوقة حتى يكتسبون مزيدا من الدعايات المباشرة داخل الأوساط الغربية...
وسوف يكتشف القارئ العادي, عن مدى انتشار القاعدة في الغرب عامة وفي فرنسا خاصة, ووجود خلايا نائمة وناشطة تمتلك مزيدا من الإمكانيات المادية الواسعة وتخزينات من أحدث الأسلحة والتقنيات.. وغالب أعضائها يعيشون بأشكل طبيعية منغمرين في المجتمع الفرنسي, بلا لحية ولا جلباب, ولا أي مظهر خارجي سلفي أو غيره... بانتظار إية إشارة أو أوامر من الأمير الذي يدير من سنوات حلقاتهم السرية النائمة...
وأنا عندما لفتت انتباه أصدقائي من المسؤولين السياسيين في فرنسا.. من اليمين واليسار والوسط.. عن خطورة هذه الواقعة منذ أكثر من أربعين سنة.. اتهمت بالعنصرية.. واليوم يعترفون لي بفداحة أخطائهم وإهمالهم الواضح لهذا الخطر الذي لا يعرفون كل آفاق وحلقات اتساعه و انتشاره...
إهــمــال أم غــبــاء منظم.. معتمد... تــســاؤل.. وشـكوك!!!.............
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك و هـــنــا.. وبكل مكان في العالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق وأطيب تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟