أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أم الزين بنشيخة المسكيني - لن تجنّ وحيدا هذا اليوم في جمالية الخطاب الواصف














المزيد.....

لن تجنّ وحيدا هذا اليوم في جمالية الخطاب الواصف


أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 29 - 23:45
المحور: الادب والفن
    


لن تجنّ وحيدا هذا اليوم...

في جمالية الخطاب الواصف

بقلم: حاتم التليلي محمودي

أبعد من الخطاب الواصف، وأقرب إلى الهدم، أو الكتابة كتيّار كهربائي في مسلك التجاوز، بما يعني التحوّل من سرد المغامرة إلى مغامرة الكتابة في ضوء عملية نقدية خرجت من أسرها لتصبح بدورها إبداعا قابلا للقراءة، وهو تحوّل يدفع بالنصّ الرّوائي إلى البحث عن نفسه في مرايا النّقد بعد أن خلق مراياه الخاصّة، ذلك أنه بات كتابة على الكتابة، وممارسته ضرب من ضروب التنظير لتلك الممارسة. فالنصّ نصّان، تكمن ممارستهما ضمن نسيج في غاية التعقيد، يفصح عن التجربة الإبداعية وما يمكن القول عنها نقديا أو نظريا في ذات الزمن المحفوف بلحظة الكتابة.
"لن تجنّ وحيدا هذا اليوم"، رواية لا يمكن مقاربتها إلا من جانب آخر، ذلك أنها تتبع مسلكا جديدا في عالم الكتابة، الأخرى، المسكونة بروح العصر الذي أطاحت أبعاده آخر حصون اليوتوبيا، وانفلتت عن الأزمنة المجرّدة/المطلقة، لتقيم حذو القلاع المنهارة على شفا النسبية، حيث آخر الجنائز للكتل البشرية التي قوّضت مركزيتها الاذلالات العلمية، وآخر وعد أنطولوجي للإنسانية التي أصابتها الفلسفة المعاصرة بجراحات متعددة منذ الإعلان عن موت الإله مع نيتشه وأفول الإنسان مع ميشال فوكو.
ثمّة روائية/ أم الزين بنشيخة المسكيني، تخوض تخوم الصراع مع أبطال راويتها، تبتلي بغوائلهم، وتشفى حين تكتب بوعي عن سيرتها وهي تكتب ذلك الابتلاء ، وتلك هي سمات الرّوائي المعاصر في مسلك الميتا-لغة، أي أن يكتب المنجز الإبداعي في حضرة المقولات النظرية، وأن يجمع بين الكتابة وما يجب أن يكتب حول تلك الكتابة، وأن تأتي الرواية محفوفة بسيرة الإبداع والتأمل النقدي في ذات اللحظة، وأن تتقاطع فيها الأزمان، زمن الكتابة وما قبله وبعده، وفي هذا كلّه يسمح للروائي أن يضمّنها سطرا يتحدث فيها كيف ترك أحد أبطاله يلهث في الحبر/ في سطر ما من فقرة ما في الرواية، بينما اتجه هو إلى البحث عن بطل جديد في الشارع أو في مقهى أو ربّما في مسيرة شعبية ضخمة، بغية أن يثري به أحداث روايته، وربّما تنقلب الرواية لتسرد حكايات أخرى غير متوقعة فتصاب بخلخلة على مستوى بنيتها، ذلك أنها مدفوعة بهاجس المؤلف، فنرى فعلا كتابيا يقوم على الازدواجية والانفصام، يروي في متونه أكثر من خرافة وحكاية، بينما تظلّ الشخصيات معلّقة بين حضور وغياب، وفي أحيان أخرى تثور على مؤلّفها فتغيّر مصيرها كتابيا، وهنا تعلو جمالية الخطاب الروائي، إنّه ذلك التوغّل في الأثير والمعقّد بغية الإطاحة بالمطلق المتعالي.
ثمّة ضرب من الاختراق المتبادل بين الإبداع والنقد، حلول في الميتا-نصّية، تجاوز للسّائد الإنشائي والشكلاني، انتماء للسياق الفلسفي/ البنيوي القائل بأن الإنسان بات واقفا على شفا جرف هار، يعيش تحت مقصلة الشكّ بعد أن زلزل يقينه القديم، فاقدا لمركزيته التي بنيت على وهم الأفضلية والادعاءات الزّائفة، ورواية "لن تجنّ وحيدا هذا اليوم" كانت وفيّة لروح المعاصرة، ذلك أنّها عكست عدم اقتناعها بكلّ القيم التقليدية وحاولتها تسميمها بنزعاتها التدميرية.
ثمّة أيضا مغالطة وجب دحضها، وهي أنّ النظرية الأرسطية عقيدة متعالية، ولكنّها ببساطة تبقى مجرّد تصوّر جمالي قابل للتخطّي، يقابله تصوّر جمالي جديد مع الميتارواية، ألا وهو الوعي كقضيّة تمليه الأبعاد السوسيوثقافية، وكاختيار تتشكّل تجلّياته من مقوّمات عديدة، أهمّها الرّوائي الذي أصبح هو موضوع ما يكتبه، والقارئ في وضعية المفارقة عبر اندماجه في النصّ الرّوائي وابتعاده في الآن نفسه، وهي ضرب من اللعب، يقوم على المشاركة في الفعل الانجازي للرواية، وعلى التأويلية في الخروج من أسر القراءة الواحدة كما كان محدثا مع الكلاسيكيين.
وثمّة أيضا أبعد ممّا ذهب إليه "جيرار جينات" في تعريفه للميتا-نصّية بوصفها ذلك الجمع بين نصّ وآخر يتحدّث عنه ، ذلك أن هذه الرواية لم تشتغل على التناص فحسب، ولم تكتف بالتجويف الأدبي ولا حتّى بتقنية الرواية داخل الرواية فقط، وإنما سارت في مسلك أكثر تعقيدا ممّا نعتقد، وما وصفها بالميتا-رواية إلا مجازفة محفوفة بالمخاطر، إذ أننا نقحمها في دائرة محاولين القبض على عوالمها دون أن ندرك إنها قد تتجاوز ما ذهبنا إليه، فهي لم تعد تكتب مغامرة ما وإنّما تروي مغامرة الكتابة في حدّ ذاتها، ممّا يجعلها تحفل بلعب نقدي في ضوء العملية الإبداعية بما يمكن أن تعنيه لفظة "ميتا" من تضمين وتجاوز، الأوّل يندرج ضمن ما ذكرناه سلفا في تخوم الميتا-نصّية، أما الثاني فهو أبعد من ذلك، ومن شأنه فتح عالم الرواية عن أجناس فنّية أخرى .
ومن هنا تكون المحصلة الجمالية قائمة وفق وظيفتين، الأولى جمالية تدرك طبيعة الخطاب داخل الرواية وكيفية اشتغاله، أما الثانية فمعرفية وقوامها مساءلة جلّ التصورات الجمالية التي تشرّبت منها الرواية.



#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا شيء يشجّعك على أن تبقى واقفا - من روايتي -لن تُجنّ وحيدا ...
- حلم يتشرّد ...
- تراود الحرف على التعب ..
- ما الذي يحدث على عتبة - الله الاسلامي - ؟
- أي رحيل يشبه رحيلهم ؟...
- أضناها القرنفل ذات مساء ..
- شهقة الياسمين
- تضاريس على قلق...
- العنف و الهوية
- جاء يؤجّل قتله ليلة أخرى ... الى روح الشهيد شكري بلعيد في أر ...
- كم ثمن الحريّة ؟ أو في امكانيات ابداع المستقبل ..
- القتل التكنوقراطي
- تنام خارج أحلامها ...
- يبيعون الأصفاد بالحلوى ..
- عائد من موته الى موتنا ..
- قتلوه خوفا من صوته فقتلهم بموته ..
- شهادة وفاة حكومة لم تعرف الطريق الى القبر ..
- يغتالون حلما و يصنعون دولة
- هل أنت من الصالحين أم من الفاسدين ؟ ..
- االعشق الشعبي..


المزيد.....




- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...
- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أم الزين بنشيخة المسكيني - لن تجنّ وحيدا هذا اليوم في جمالية الخطاب الواصف